هل مصر تحب المصريين؟

من خلال قراءتي اليومية للمدونات، لاحظت نبرة واضحة بين الشباب المصريين، فالكثير منهم يتساءل إذا كان يحب مصر أم لا، وهل تحبهم مصر أم لا. وبما أنني سيدة مصرية، أحب أن أقول أن هناك سوء فهم بعد الأحداث اليومية التي نسمع عنها كل يوم. بالرغم من إنه على مر السنين لا أعتقد إنه كان يوجد إحباط واختناق للشباب مثل الذي يوجد في هذا العصر. ومع الأسف تتسع الفجوة بين الأحلام والحقيقة، وتدريجياً تعمق الشعور بالضياع وكراهية البلد. كتبت Tigress، مدونة مصرية، مقالاً بعنوان “أنا لا أحب مصر“:

اصبح لي سنوات الآن أدافع عندما يهاجم أحد مصر.. أقول بحرارة: ليس العيب في البلد، إنما هي ضحية ساكنيها..[…]
ولكنني مؤخرا استسلمت للإرهاق…أنا مرهقة من هذه البلد.. ثم أدركت أن الوطن هو الأرض وما عليها.
وقد أكملت مقالتها وهي تدعي أن الحل الوحيد هو أن تحدث كارثة!!:
أحيانا أفكر إنه ربما من الأفضل أن يبتلينا الله بغزو يحررنا وينظف البلد.. ثم أنفض رأسي من بؤس الفكرة . ثم أقرر إننى سأنسحب وأتقوقع وأصبح وحدة منفصلة ناجحة.. ثم أدرك إنني أحلم …لا يمكن الانفصال عن الوطن.
وأنهت مقالتها باعتراف منها أنها لم تعد تحب مصر بعد الآن:
في لحظة نادرة من الصراحة والوضوح .. اعترفت لنفسى بأسوأ اعتراف في حياتي
اعترفت إننى رفعت يدي… وتوقفت عن الإيمان بمصر!
كان Egyptoz، مدون مصري، يعمل في أوروبا لمدة عام ثم جاء في زيارة إلى القاهرة لمدة يومين. كتب مقالاً آخر عن إحساسه عند عودته، والصدمة الثقافية التي أحسّ بها:
يومين في القاهرة ومش قادر أستحمل دقيقة واحدة في المدينة العشوائية دى…و بصراحة ما كنتش حاطت أمل كبير يعنى… لما أرجع أجازة أسبوعين تلاتة لمصر بعد ما عيشت أكتر من سنة في أوروبا…عاوز أرجع أقول قد إيه…مصر حلوه…

الزحام على كبرى السادس من اكتوبر في القاهرة – تصوير Davness_98 تحت رخصة المشاع الإبداعي

تساءلت علياء، فتاة مصرية تدرس بالجامعة في بيروت، “هل مصر تحبني؟ هذا هو السؤال“:

I still love Egypt but I am just angry at what it has become, you can be angry at the people you love but you can never hate them.

لازلت أحب مصر لكني غاضبة مما وصلت إليه، يمكنك أن تغضب ممن تحب ولكن لا يمكنك أن تكرهه أبدا.

اقتَبَسَت سطراً من شعر ، وهو شاعر مصريّ / فلسطينيّ، عنوانه “يسألون إذا كنت أحب مصر”.  كتب البرغوثي هذا الشعر بعد أن رحل من مصر لمدة 20 يوماً بعد أن اشترك في مظاهرات ضد الاحتلال الأمريكي للعراق فيقول:
قالولي بتحب مصر؟ قلت مش عارف
أنا لما اشوف مصر ع الصفحة بكون خايف
توضح علياء شعورها قائلة:

My country and its citizens treat themselves as second level humans […]. So do I love Egypt? I asked myself that before and now I am asking myself again, well my answer is: Does Egypt LOVE ME?

بلدي وشعبها يعاملون أنفسهم كآدميين من الدرجة الثانية. فهل أنا أحب مصر؟ كنت أسأل نفسي هذا السؤال والآن أسأل نفسي ثانية، وإجابتي كانت: هل مصر تحبني؟

وفي جانب التعليقات في مقال علياء، علق هشام بأن المشكلة في المصريين وليس في مصر:

I think about relating our problems in terms of Egyptians not Egypt. Our country in terms of many things is to be loved but what Egyptians do since many decades is what to be questioned.

أعتقد أن المشكلة تخص المصريين وليس مصر. إن بلدنا محببة لأسباب كثيرة ولكن ما يفعله المصريون لعصور طويلة هو ما يستحق أن يُسأل بشأنه.

وأيضاً سراج، مواطن ليبي عاش في مصر لفترة طويلة، كتب مقالاً يصف فيه شعوره تجاه مكان شعر إنه بيته بعد فترة قصيرة:

Does a place grow old ?! this is one of the questions that have kept me awake in the hot and humid nights during my last visit to Egypt. Between Alexandria and Cairo I was trying to find my own Egypt and I have failed. To be out of your place is to be in exile but is there a word of being out of your home.
I might have had a home in Egypt once but now all I have is hotel room.

هل يمكن لمكان أن يكبر في السن؟ هذه إحدى الأسئلة التى جعلتني متيقظ في إحدى الليالي الحارة والرطبة خلال زيارتي الأخيرة لمصر. كنت أحاول أن أجد مصر ما بين القاهرة والإسكندرية لكننى لم أستطع. أن تكون خارج مكانك هو أن تكون في منفي لكن هل يوجد وصف لأن تكون خارج بيتك؟ كنت أمتلك بيتاً في مصر لكن كل ما أمتلكه الآن هو غرفة في فندق.

وفي مقالة محيرة تعسة لكنها إيجابية كتبت Mermaid مقالاً بعنوان “مصر، العسل المر“. بعد زيارتها للإسكندرية. في هذا المقال تتحدث عن تجربتها المختلفة في مصر. إحدى أجمل لحظاتها التى قضتها كانت في آخر رمضان:

في رمضان اللي فات، رحت المسجد متأخرة فاضطريت أصلي برة قاعة السيدات مع ناس كانوا متأخريين برضه. ماكنش المكان مفروش للصلاة وللأسف ماكنش معايا مصلية. الست اللي قدامي لما شافت إني هاسجد على البلاط، رجعت المصلية بتاعتها لورا بحيث إني أقدر أسجد عليها وهي سجدت على كيس بلاستيك.
و قد ذكرت أيضاً حادثة لطيفة عن رجل ساعدها في معرفة الاتجاهات عندما ضلت الطريق في وسط البلد وبعد ذلك علقت على يوم آخر قائلة:
كل يوم باسوق مسافات طويلة بحكم مكان شغلي. كل يوم أعصابي بتتحرق في السواقة من ناس بتكسر عليا أو ناس ماشية بمزاجها من غير ما تراعي قواعد المرور أو حتى قواعد الذوق. كل يوم أعصابي بتتشد وأنا باسمع الدين بيتسب في الشارع… شتايم بتخليني أتمني إني أكون مابسمعش.

بعض العاملين ينتظرون الإفطار في الساعة السادسة قبل أن يعودوا إلى منازلهم، تحت منزل الكوبري. والأكل مدعم من قبل ثري مصري – تصوير Jay Galvin تحت رخصة المشاع الإبداعي.

وتكمل واصفة:

الناس ديه كلها من نفس البلد.. نفس البلد الحلوة.. القذرة. البلد اللي لسة بتدي خير… وبتاخد عمر وشباب ولادها. […] البلد الزحمة الملوثة… واللي الصبح بدري بتبقى أجمل مكان ممكن الواحد يمشي فيه. البلد الدوشة.. اللي ساعة المغرب في رمضان الأذان بيبقى مالي الشوارع الفاضية المسالمة. البلد اللي بتخلف ناس بتاكل حق ناس… وناس سايبة فطارها في رمضان ونازلة تدي بلح ومية وتمر هندي للناس اللي في الشارع اللي مالحقتش الفطار في بيتهم.

بادعي ربنا إن كرهي مايخلنيش عامية عن الحاجات الحلوة اللي فيها.

سواء كان هذا شعوراً عاماً أو مجرد شعور مشترك من أفراد، فالكثير يتفق على أن مصر اليوم ليست كمصر التى يقرأ عنها المصريون في كتب التاريخ، أو يسمعون عنها في الأغاني الوطنية في الراديو والتليفزيون.

1 تعليق

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.