كان من المفترض أي يكون 24 أغسطس للعام 2008 تاريخ بداية الدراسة في ذلك العام بالنسبة للطلاب في مدارس غزة، ولكن بدلاً من ذلك كان أسبوع إضراب، بدعوة من نقابة المعلمين التابعة لحركة فتح، احتجاجاً غلى تدخل حماس في التعليم. في هذا المقال، يشرح لنا مدون، وهو طالب مدرسي في نفس الوقت، وجهة نظره حول الصراع السياسي المؤثر في العملية التعليمية.
في قطاع غزة الذي يقع تحت سيطرة حماس، تعتبر نقابة المعلمين أحد الكيانات القليلة التي ما زالت تدعم فتح، ومدعومة من محمود عباس والسلطة الفلسطينية في رام الله. دعت النقابة إلى إضراب في الأسبوع الأول من الدراسة للاحتجاج على نقل العديد من المعلمين، التي تم تفسيرها على أنها محاولة من حماس لوضع عناصر لهم مكان هؤلاء المعلمين. أصبح المعلمون بين المطرقة والسندان، بين حماس التي تحكم قطاع غزة، وبين السلطة الفلسطينية في رام الله، التي تدفع رواتبهم. تم تهديدهم بقطع رواتبهم أو فصلهم في حالة كسر الإضراب، أو إذا قبلوا الترقية (التي تشير إلى ولائهم لحماس)؛ ولكن في حالة الإضراب فإنهم يواجهون الفصل أيضاً ولكن من حماس. وبينما نفت حماس سياسة الاستبدال، قامت الحركة في ناحية أخرى في احضار مئات من المعلمين الجدد؛ قدر وزير التعليم في حكومة حماس أن ألفين من المعلمين تم استبدالهم.
المدون، الذي يطلق على نفسه اسم متشرد، تلميذ في خان يونس، جنوب قطاع غزة، ويشرح ما جرى في أول أسبوع في الدراسة:
- شو.. رايح بكرة ع المدرسة ؟
– لأ ، الأسبوع الأول إضراب للمعلمين
– والله؟ مين حكى .. ولشو الإضراب ؟
– إتحاد المعلمين أقرّ بإضراب مشان اللي بتعمله حماس بالتعليم
– أها.. و شو بتعمل حماس بالتعليم ؟
– نقل أساتذة ثانوية للإبتدائية وتعيين مدراء منها وفصل واعتقال و و
” الحالة الظاهرة : الظهور دون إتصال “بصراحة أنا في حيرة من أمري ، من أين أبدأ وأنا لا أعرف بذات الوقت أين سأنتهي بموضوع غير واضح الأفق بتاتا … أنا طالب ثانوية عامة “توجيهي” ، وكغيري من الطلاب في أول يوم دراسي 24 / 8 كانت المدرسة قبلة لنا في ذاك اليوم ، وأقولها بصدق.. لا تحملني إلا رغبة إلى مدرستي التي ألفتها ، ومعلمين وزملاء أحببتهم و عايشتهم سنين ، اعتادوا علينا واعتدنا عليهم وكأننا “أسرة واحدة” ، وربما تكون هذه الكلمة مستهلكة جدا بوسائل الإعلام وبتنحكى
كثير .. بس أنا بعنيها فعلا
تفاجأت بأرض الواقع لمّا وصلت المدرسة ، على ما يبدو إنه الإضراب حقيقي وناجح بنسبة كبيرة ، وهذا الشيء لمسته من وجود 5 معلمين فقط في مدرسة طاقمها التعليمي يتكون من أكثر من 20 معلم ، نظرت يمينا ويسارا .. كانت المدرسة فارغة إلا من عدة طلاب و “أناس غرباء” ، ظننت في البداية أنهم المعلمين الجدد ، لم أهتم بالأمر فعلا و .. مشيت للبيت عائدا ، ولم أرجع إلى هناك إلا بعد أسبوع .. أي بعد إنتهاء فترة الإضراب الرسمية حسب نقابة المعلمين – فرع رام الله !
عرفنا فيما أن شرطة الحكومة المقالة اعتقلت مدير مدرستنا و فصلته ، ومنعته من ممارسة أي وظيفة في سلك التعليم وهو حتى أمس كان في مستشفى “ناصر” بخانيونس ولا أبالغ بحديثي عندما أقول أنه كان في حالة أشبه بـ “إنهيار عصبي” عندما زرناه أنا ومجموعة من الأصدقاء ، وحالته النفسية أسوأ مما كنت مهيئا نفسي لأن أراه ، كان مديرا لا يختلف اثنين على حكمته في إدارة مدرستنا لأكثر من 6 سنوات ، وكان مستوى المدرسة طوال السنوات الماضية من أفضل المستويات على مستوى دائرة خانيونس ، سواء بمجال التعليم أو بمجالات رياضية أو أخرى ..إلتزمنا بالمدرسة منذ 1/9 بشكل رسمي رغم المفاجآت التي تصدمنا منذ ذلك الحين وبشكل يومي ، بعضها “على سبيل المثال” : مدير مدرسة يحمل مسدسا و موظف من “الأمن الداخلي” يجوب ممرات مدرستنا بين الحين والآخر يتقن التحديق في عيوننا ، معلمين جدد أغلبهم متخرجين من كلية “الشريعة” ! وأحدهم حضر لنا كـ مدرس للرياضيات يطلب منا تحضير أول 20 صفحة من الكتاب في أول يوم لنا ! ، كانت المفآجأت أكبر من أن نستوعبها بهذه السرعة ، هل حقا يجب أن نتعامل مع الأمر كواقع ونبدأ بالتعايش فيه ؟ لا نعرف .. خصوصا في ظل المعركة الطاحنة بين نقابة رام الله و حكومة غزة ، فتلك .. تمدد الإضراب يوما عن الآخر وتهدد بقطع الرواتب ، وهذه تزيد المجاكرة و تتقن فنّ لي الأيدي جيدا ، و لا شيء سوى المزيد من التطوير بأساليب الردح والجرح والقدح ، ونحن؟ بين مطرقة رام الله وسنديان غزة نصلي لله أن ينظر في أمرنا قليلا
و في الوقت الذي ينبغي فيه أن نكون قد قطعنا شوطا كبيرا بهذا المنهج دسم المحتوى ، لكم يا أصدقاء تلخيصا لما درسناه وتعلمناه في الأيام الماضية .. حتى هذه اللحظة :
– تعلمنا كيف يكون إنتهاء الدوام مع بدايته في صبيحة كل يوم
– تعلّمنا جيدا كيفية الجلوس في الفصل بهدوء تامّ دون وجود معلم لعدة حصص
– درسنا أيضا أن هذا المعلم قطع راتبه أما ذاك فليس بعد
في الحقيقة .. تعلمنا أشياءً كثيرة ، بيد أننا ما زلنا نفتقد الهداية لشيء يدق ناقوس الخطر في عقولنا ، الشيء الوحيد الذي نهتم لمحاولة معرفته في هذه الضياع الذي يعصف بنا كطلاب :
أين نحن من كل هذا ؟!