هذا المقال جزء من تغطيتنا الخاصة العلاقات الدولية وشئون الأمن.
اجتاح انهيار ثلجي يوم 7 من أبريل/ نيسان، 2012 معسكر للجيش الباكستاني في قطاع جاياتري، 30 كم غرب نهر سياشين الجليدي، مودية بحياة أكثر من 130 شخص، أغلبهم من العسكريين. سلطت تلك الكارثة الضوء مرة أخرى على الصراع المستمر لفترة طويلة بين الهند وباكستان حول منطقة نهر سياشين الجليدي، أو ما يطلق عليه عادة “أعلى ساحة قتال في العالم.”
الصراع المجمد
اشتبك كلا الجيشين في صراع عسكري منذ 1984 على ارتفاع يبلغ 22,000 قدم فوق مستوى سطح البحر، في درجة حرارة تنخفض عن 60 درجة مئوية. تم الاتفاق حول وقف إطلاق النار عام 2003 لكن الصراع استمر حتى يومنا هذا، مما يجبر كلا البلدين على نشر قواتها وإعداد معسكرات بشرية ومحطات في تلك المنطقة القاسية. في حين يقول بعض المحللين والنقاد أن تلك الحرب عقيمة لا فائدة منها ولا نفع لها، أكد بعض المحللون الآخرون على الأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة في السياسة الطبيعية لكلا البلدين.
بين الحين والآخر، يعبر كلا الطرفان عن رغبتهما في الانسحاب وإجلاء القوات من منطقة سياشين. مع ذلك، بعد حرب كارجل عام 1999، التي شهدت تسلل من جانب قوات باكستان إلى الجانب الهندي عند خط الحدود، نتج عنه تعزيز الهند لقواتها وقررت التراجع عن قرار انسحاب القوات حتى توقع باكستان وتوافق على خط حدودي على أرض الواقع يحدد المواقع الحالية للقوات .
كان قلق الهند حول أنه إذا ما لم يتم هذا الاتفاق، ربما ترتكب باكستان نفس الأمر – أي تسلل القوات – مرة أخرى. علاوة على ذلك، كانت الهند قلقة حول احتمالية التعرض لغارة من قبل الصين لذلك كانت متردده حول التخلي عن امتيازاتها التكتيكية والاستراتيجية المتمثلة في التحكم في سلسلة جبال سالتورو.
بطء محادثات نزع السلاح
في يونيو/ حزيران 2005، وأثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج إلى معسكر سياشين في بارتابور، خاطب القوات وقال أنه حان الوقت لجعل سياشين “رمزاً للسلام” من خلال المفاوضات السلمية، كما أكد على أنه لن يكون هناك إعادة رسم للحدود نتيجة لذلك. بينما جرت بعض النقاشات والأحاديث بين البلدين منذ ذلك الحين، لم يحدث تقدم كبير تجاه حل الصراع.
لكن الانهيار المأساوي الذي حدث مؤخراَ قاد السلطات الباكستانية إلى الإصرار على عودة العسكريين ونزع السلاح من المنطقة بعد الإشارة إلى الثمن الذي دفعته كلا البلدين من ضحايا وأموال.
كتب رافيل واصف، مدون باكستاني:
عند انفجار قنبلة، كل ما نسأل عنه هو الخسائر؛ نشعر بالأسى، نناقش الأمر، يلخص هذا نقاشنا. مهما يكن هذا الأمر، منحة أم لعنة للبشرية – ننسى كل هذا مع مرور الوقت ونمضي في حياتنا نحو يوم آخر. لكن اليوم، في هذا الوقت، لن أنسى فحسب. لماذا جنودنا هناك في المقام الأول؟ لماذا نستمر في إنفاق الأموال بهذه الكثافة لحماية كتلة من الثلج، بلا فائدة أو نفع منها ولا يوجد من يسكنها، غير الجنود الذين يحمون المكان من الدخلاء؟
مرة ثانية، تبدأ المحادثات بين البلدين، وبرغم تحذير وزير الدفاع الهندي أيه. كيه أنتوني من توقع أي اختراق “درامي” إلا إذا تقبلت باكستان الاتفاق، المخطط المرسوم، الحدود الخاصة بتمركز القوات على سلسلة جبال سالتورو. عبرت باكستان من ناحيتها عن خيبة الأمل تجاه عدم جدوى تلك المحادثات.
في موقع مقالات باكستان، تحدثت الكاتبة والمدونة الباكستانية نازيا نظر حول شعورها عن تراجع كلا الجانبين وامتناعهما عن التوصل إلى حل عملي:
الإجابة بسيطة. يعتبر مناخ الدعاية وعدم الثقة سبب هذه القضة وسبب عرقلة الحلول السلمية بشكل مستمر. للأسف، يعتبر الناس في الهند هذه القضية رمز للفخر والبسالة بينما في باكستان يعتبر الأمر من تداعيات العدوان الهندي، ويتوجب الرد عليه بنفس القوة.
بناء الثقة
مع ذلك، تعتبر حقيقة اتفاق الطرفان على استمرار المفاوضات والمحادثات في مناخ ودي خطوة في الاتجاه الصحيح في دنيا المفاوضات الثنائية والعلاقات العابرة للحدود. يعرض المدون الهندي شاشانك باشكار بعض الاقتراحات بخصوص طرق يمكن أن تكون حلول للمضي قُدماً. كتب:
يمكن وضع حدود وفق خط الحدود الحالي ويمكن وضع كاميرات مراقبة لمراقبة أية اختراقات. ويمكن لكلا الطرفين الإبقاء على معسكراتهم في أماكن معينة للتدخل السريع في حالة وجود أي اختراق للاتفاقية من أي من الطرفين. كما أن وجود كاميرات يساعد على توثيق الأدلة للمجتمعات الدولية. فالمطلوب الآن هو بناء وعرض الثقة من كلا الطرفين والتوصل لحلول منطقية للحفاظ على الأرواح وحياة الجنود.
تعقد الجولة القادمة من المفاوضات والمحادثات بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية يومي 4 و5 من يوليو/ تموز. وعلى المستوى الوزاري تعقد غالبا في أغسطس/ آب. مع ذلك، ننتظر لنرى إذا ما سيبقى كلا الطرفين متمسك بوجهة نظره – إذا كان الأمر كذلك، ستظل منطقة سياشين محل نزاع دولي بين الهند وباكستان ويستمر الصراع. ويبقى التحدي لإيجاد طريقة للخروج من هذا الصراع الجليدي بحل مرضي للطرفين.
يمكنكم زيارة مدونة الشبكة للمزيد.