تلت العمليات العسكرية الفرنسية في مالي، المسماة عملية سرفال [بالعربية] التي بدأت في 11 فبراير/ شباط 2013، تقدم الجماعات الإرهابية نحو العاصمة باماكو. وبالرغم من إشادة عدد كبير من الشعب المالي والمراقبين الخارجيين، تعتبر تلك العملية انحرافاً عن سياسة عدم التدخل التي يتبناها الرئيس الفرنسي هولاند نحو القارة الإفريقية. [جميع الروابط بالفرنسية والإنجليزية ما لم يذكر غير ذلك]
لمشاهدة العمليات العسكرية الخارجية في مالي في خريطة أكبر
خريطة جوجل التفاعلية للأزمة في مالي من جون أفريك
يتساءل فرانسيس دالانسون لماذا لم يثير التدخل الفرنسي في أفريقيا الاحتجاجات حول العالم:
Bizarre, bizarre… L’intervention française au Mali ne dérange personne alors que des actions américaines similaires soulèveraient des tempêtes de protestation… De l’avantage de ne pas être une super puissance.
هذا عجيب…لم ينزعج أحد من التدخل العسكري في مالي بينما نفس التدخل لو كان عن طريق الولايات المتحدة لتسبب في عاصفة من الاحتجاجات.. ربما تلك أحد المميزات عندما لا تكون القوة العظمى.
وينقل من الصحيفة التشيكية ليدوف نوفيني ما يلي لتعزيز رأيه:
Les Français sont intervenus plus de 50 fois en Afrique depuis 1960. Ils ont combattu au Tchad, dans la guerre non déclarée avec la Libye, protégé les régimes de Djibouti et de République Centrafricaine des rebelles, empêché un coup d’état aux Comores, sont intervenus en Côte d’Ivoire. Que ce soit pour préserver des intérêts économiques, protéger les ressortissants français ou démontrer le statut de grande puissance du pays, les locataires de l’Élysée, de gauche comme de droite, ont fréquemment manifesté leur penchant pour les actions unilatérales. … Pourtant personne n’a jamais protesté. … Si les États-Unis intervenaient avec une telle véhémence, il y aurait des protestations interminables en Europe. Et les ambassades américaines verraient défiler des diplomates fâchés, à commencer par les Français.
تدخلت فرنسا عسكرياً نحو أكثر من 50 مرة في أفريقيا منذ عام 1960. فحاربوا في تشاد، واشتركت في الحرب مع ليبيا، وساندت الأنظمة في جيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى من المتمردين، ومنعت الانقلاب في جزر القمر، وتدخلت في ساحل العاج. وكثيرا ما أبدى نزلاء قصر الإيليزيه عن ميلهم للمواقف أحادية الجانب، سواء للحفاظ على المصالح الاقتصادية، أو لحماية الرعايا الفرنسيين، أو حتى لاستعراض القوة الفرنسية التي لم تخر بعد. ولكن…لم يعترض أحداً قط. لو… كانت الولايات المتحدة تدخلت بنفس الطريقة، لنتج ذلك عن سلسلة من الاحتجاجات بأوروبا. ولرأت السفارات الأمريكية الدبلوماسيين الغاضبين مقتحمين الأبواب، بدءاً من الدبلوماسيين الفرنسيين.
ويوضح التالي التسلسل التاريخي لتلك التدخلات (العدد كبير ولكن على عكس ما ذكرت الصحيفة التشيكية، هناك أقل من 50 تدخل فرنسي في أفريقيا). ويستند هذا التسلسل على مقالتين: واحدة عرضاً كتبه نسطور نجامبولا لجريدة أول دافريك، والأخرى لجان باتريك جرومبيرج لجريدة الدروز إنفو. ويضيف جرومبرج أن معظم التدخلات الفرنسية في أفريقيا كانت داخل أراضي استعمرتها آنفاً:
عام 1964 هبطت القوات الفرنسية في ليبرفيل، الجابون بعد محاولة الانقلاب على النظام في ذلك الوقت.
من 1968 وحتى 1972، ساهمت القوات الفرنسية في المعركة ضد التمرد في منطقة تبستي في شمال تشاد.
في 1978 بزائير (المعروفة الآن بجمهورية الكونغو الديموقراطية)، قام 600 من جنود الفيالق الفرنسية باقتحام مدينة كولويزي في الجنوب الشرقي من أجل مساعدة الآلاف من المواطنين الأفارقة والأوروبيين المهددين من قبل متمردي كاتانجا. وقد جاءت المهمة استجابة للمساعدة التي طلبها الرئيس موبوتو سيسي سيكو من أجل مساعدة بلاده. ونتجت هذه المهمة عن مقتل خمسة من الجنود، ولكنها سمحت بإجلاء 2700 من الأجانب.
في 1979 في جمهورية أفريقيا الوسطى، قام جنود المظلات الفرنسيين بإطاحة الإمبراطور جان بيدل بوكاسا أثناء العملية باراكودا.
من 1983-1984 في تشاد، قامت فرنسا بالعملية مانتا المكونة من 3000 جندي لمواجهة المتمردين التي تساندهم ليبيا.
وبعد سنتين دشنت فرنسا عملية عسكرية مكونة في الأساس من هجمات جوية تحت اسم “العملية إيبيرفيير” في أعقاب هجمات ضد الحكومة.في 1989 وصل 200 جنديٌ فرنسي إلى جزر القمر بعد اغتيال الرئيس أحمد عبد الله وتولي المرتزق الفرنسي بوب دنارد السلطة وأجبروهم على مغادرة البلاد.
في 1990، أرسلت باريس جنود لألجابون في ليبرفيل وبورت جنتل لتعزيز القوات الفرنسية بعد اندلاع أحداث الشغب. وقد سمحت هذه العملية بإجلاء حوالي 1800 من الأجانب للبلاد.
تمكنت القوات الفرنسية والبلجيكية في 1991 في زائير (والمعروفة الآن باسم جمهورية الكونغو الديموقراطية). من إجلاء الأجانب بعد اندلاع أحداث الشغب والنهب التي اجتاحت البلاد.
وساعدت القوات الفرنسية المقامة بدجيبوتي في عام 1991 أيضاً متمردي أفار في تجريد الجنود الإثيوبيين الذين عبروا الحدود من أسلحتهم في أعقاب الإطاحة بالرئيس منجيستيو هايل مريم في إثيوبيا.
وقامت القوات الفرنسية والبلجيكية في عام 1994 بإجلاء المواطنين الأوروبيين أثناء المذابح التي استهدفت مئات الآلاف من التونسيين علي يد رواند هوتس. بعد ذلك في نفس العام نفذت القوات الفرنسية بالتعاون مع القوات الأفريقية، “عملية تركواز”، التي وُصفت بالمبادرة الإنسانية، في زائير وشرق رواندا.
وفي 1995 تورط الف رجل في عملية ازاليا التي أنهت محاولة أخرى لبوب دينار للإطاحة بسعيد محمد دجوهار رئيس جزر القمر.
في 1996 أمنَت عملية الماندين في جمهورية أفريقيا الوسطى حياة المواطنين الأجانب، ومكنت إجلاء 1600 شخصاً بعد تمرد الجيش ضد الرئيس أنج فيليكس باتاس. وفي العام التالي في 1997، دشنت عملية عسكرية فرنسية ضد المتمردين في بانجي، خاصة بعد مقتل جنديين فرنسيين.
وقام حوالي 1200 جندي فرنسي بعملية إنقاذ للمغتربين الأفارقة والفرنسيين أثناء القتال بين قوات الكونجو والقوات
الموالية لقائد الجيش دينيس ساسو نجوسو، الرئيس الحالي لجمهورية الكونجو.باشرت القوات الفرنسية عام 2002 عملية ليكورن لمساعدة الغربيين لحصار الانتفاضة التي قسمت ساحل العاج إلى منطقتين.
أمنت عملية أرتيميس في إيتوري، زائير (جمهورية الكونغو الآن) عام 2003 ووضعت حد للمجازر في ذلك الوقت. وتبع ذلك نشر 2000 من قوات حفظ السلام، 80% منهم من الفرنسيين.
دمرت القوات الفرنسية القاعدة الجوية الصغيرة في ساحل العاج بعدما قصفت الحكومة قاعدة فرنسية عام 2004.
في عام 2008 عزز التدخل الفرنسي نظام حكم الرئيس إدريس ديبي وتم إجلاء الأجانب أثناء اعتداءات المتمردين من السودان.
وفي مارس/ آذار 2011 في ليبيا كانت للقوات الفرنسية الصدارة في قصف قوات القذافي بعد تصويت الأمم المتحدة للتدخل في ليبيا لحماية المدنيين المحاصرين أثناء التمرد ضد القذافي. تولي الناتو إدارة العملية في مجملها في 31 مارس/ آذار، حيث ساعدت العملية المتمردين في هزيمة قوات الحكومة وتولي الحكم.
رجحت القوات الفرنسية مع قوات الأمم المتحدة كفة الميزان لصالح أواتارا أثناء الحرب الأهلية في ساحل العاج. اندلعت هذه الحرب بعد رفض لورانت جبابو الاستقالة وقبول نتيجو الانتخابات التي أعلنت الاساني أواتارا رئيساً للبلاد.
بعد ذلك قررت فرنسا التوقف عن القيام بدورها ك “الشرطي الخاص بإفريقيا”: عندما رفضت التدخل مجدداً في شئون جمهورية أفريقيا الوسطى عندما واجه الرئيس فرانسوا بوزيز -الرئيس السابق للجيش الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس أنج فليكس باتاس في 15 مارس/ آذار 2003- انتفاضة المتمردين. لم تكن فرنسا تعلم أن الأحداث في مالي ستجبرها على التدخل:
قذفت القوات الفرنسية عام 2013 المتمردين الإسلاميين بعدما حاولوا توسيع قاعدتهم في إتجاه العاصمة باماكو بمالي. وقد حذرت فرنسا مسبقاً أن التحكم في شمال مالي من قبل المتمردين يشكل خطراً على أمن أوروبا.
ودشنت فرنسا في نفس الوقت عملية لقوات الصاعقة في الصومال في محاولة لإنقاذ الرهينة الفرنسي الذي احتجزته مليشيات الشباب المالية للقاعدة. وقتلت المليشيات الرهينة في نهاية الأمر.