موريتانيا والانتخابات الرئاسية

تعيش موريتانيا الاَن لحظات ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام القادمة من أحداث متعلقة بالانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 21 من يونيو /حزيران القادم، تلك الانتخابات التي يقاطعها قطاع كبير من الطيف السياسي المعارض. حيث قام منتدى المعارضة الموريتانية المكون من مجوعة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني باصدار بيان يعلن فيه رفضه المشاركة في الانتخابات، والتي يعتبر أنها غير توافقية وتفتقر لأدنى أبجديات النزاهة. على نفس المنوال سار حزب التحالف الشعبي التقدمي لتقتصر لائحة المترشحين على خمسة أسماء أغلبها مقرب من النظام – شهدت اللائحة انسحاب أحد المترشحين – في ظل غياب تام للأحزاب المعارضة.

كان للمدونين والنشطاء على الشبكة رأي في هذه الانتخابات، فقد دشنوا عدة حملات داعية لمقاطعتها؛ منها حملة بعنوان #انتخبوا_الحفار في محاولة منهم للسخرية من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي قال في لقاء تلفزيوني أنه لا يملك سوى حفار يحفر به للفقراء مجانًا من أجل مساعدهم، وذلك بعد الاتهامات التي وجهتها له المعارضة بأن له أعمال مشبوهة وأنه أصبح من أثرياء القارة بسبب نهبه لثروة الدولة الموريتانية، وهو ما اعتبر المدونون أمر مثير للضحك، ففساد الرئيس الموريتاني واضح للعيان. وقد غرد وكتب المدونين والنشطاء الموريتانيين بكثافة على الوسمم #انتخبوا_الحفار. 

تصميم ساخر من ترشح الرئيس الموريتاني

تصميم يسخر من ترشح الرئيس الموريتاني نشره الناشط أحمد فال أحمد على صفحته على فيسبوك

كتب المدون والكاتب الموريتاني عباس أبراهام حول ضياع الحد الأدنى من الديمقراطية وتقزيمها في موريتانيا ونجاح الرئيس الموريتاني في تفريغها من أي قيمة.

إنه الآن أمرٌ رسمي: نجح الجنرال عزيز وسياقه الاقتصادي-السياسي في مهمته التاريخية. قوّض الحد الأدنى من الديمقراطية عندنا. أليس تقويضاً للديمقراطية إقامة انتخابات رئاسية بلا تنافسية؟ أليس تقويضاً للديمقراطية أن تنتقل زعامة المعارضة من شخصيات تاريخية نضالية إلى ما دون ذلك بالنصف (على الأقل)؟ أليس تقزيماً للديمقراطية تحول النقاش السياسي من نقاش البرامج إلى نقاش الهوية والأشخاص؟ أليس تقزيماً للديمقراطية بزوغ، بل سيادة، القضايا الوهمية في التكفير والتسفيه والحركات “المجتمعية” الخاوية من أي برنامج سياسي.

الانتخابات الرئاسية الحالية أثارت النقاش حول عودة قوية للطرح القبلي وطغيان المبادرات الداعمة المبتذلة وانتشار ثقافة التطبيل والنفاق وغياب البرامج الواضحة الطموحة. نشر المدون الحسين ولد محمد عمر على مدونته  لائحة بهذه المبادرات في محاولة منه لأرشفتها ،حتى يذكر أصحابها بنفاقهم حسب وجهة نظهره.

أما الناشط محمد عبد الرحيم فقد سخر من الشباب الذين يحاولون التسويق للنظام وتصوريه على أنه نظام مصلح عبر مجموعة من الحجج التي لا تقنع حتى أنفسهم.

يحاول ذلك الشاب “المثقف” أن يقنع نفسه قبلنا أنه على مسار صحيح، يحاول جاهدا أن يظهر وعيه بمختلف مكونات اللعبة، ينسى أو يتناسى أنه بيدق محدود الحركة وأن البيدق في بداية اللعبة هو الضحية وأن أفضل البيادق هو ذاك الذي تتخلى عنه الرقعة لكي تستعيد قطعة أعلى شأنا، يحاول ذلك الشاب الحلو الجميل أبو عيون جريئة أن يطلع الشمس على الجانب الذي كانت بالأمس القريب تشرق منه ويحاول أيضا أن يرينا فضائل الأعمال في ذلك الرجل الذي كان بالأمس نقيض الأمل وهو اليوم كل الأمل! 

تحدث المدون والكاتب محمد الأمين ولد الفاضل عن خيبته في المجلس الدستوري وعن عملية تزوير في التزكيات الممنوحة لأحد المترشحين للرئاسيات وقبول المجلس الدستوري  ملف المرشح “المزور”.

لم أكن أنتظر خيرا من المجلس الدستوري بتشكيلته الحالية، ولكني لم أكن أتوقع بأن التزوير والتحايل على تزكيات العمد والمستشارين البلديين سيصل في ظل هذه التشكيلة الحالية للمجلس إلى ما وصل إليه.لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد رغم أننا قد تعودنا في موريتانيا أن يكون أكثر الناس جرأة على انتهاك الدستور هم أولئك الذين يسهرون على حمايته، ففقهاء القانون الدستوري هم في العادة أول من يصدر بيانات التأييد والمساندة للانقلابات، والمجلس الدستوري هو نفسه الذي كان قد وصف انقلاب السادس من أغسطس بالحركة التصحيحية يوم تنصيب الرئيس الحالي، وسيعترف فيما بعد الرئيس نفسه، وفي لحظة “صفاء”، بأن ما حدث في السادس من أغسطس كان انقلابا عسكريا، وبأنه أي الرئيس  لم يكن رئيسا شرعيا من قبل انتخابات يوليو 2009.
تأتي الانتخابات الرئاسية الموريتانية بعد حالة من الشد والجذب بين النظام والمعارضة وبعد سيطرة الاحتجاجات الشعبية والمطلبية على المشهد الموريتاني وبعد انتخابات تشريعية قاطعتها أغلب تيارات المعارضة الموريتانية. تلك الانتخابات التي وُجِّه لها سهام الانتقاد واُتّهم النظام بتزويرها لصالحه. وتأتي كذلك مقاطعة المعارضة للانتخابات الرئاسية بعد دخولها مع النظام في حوار النظام انتهى بالفشل بعدما اتهمت المعارضة النظام بأنه يصر على تنظيم انتخابات أحادية وغير توافقية ورفضه لتقديم أي تنازلات.
وقد دعت المعارضة جماهيرها إلى النزول إلى الشارع في الرابع من يونيو من أجل التعبير عن رفض هذه الانتخابات وافشالها لكن النظام يقول بدوره أن المعارضة تخاف فقط من صناديق الاقتراع وأن مقاطعتها غير مهمة.

1 تعليق

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.