اليزيديون في خطر الإبادة بعد تمدد الدولة الإسلامية في شمال العراق

مسلحون يرفعون علم الدولة الأسلامية مستبدلين العلم الكردي

مسلحون يرفعون علم الدولة الإسلامية مستبدلين العلم الكردي، الصورة عن تغريدة من حساب يعتقد بإرتباطه بالدولة الإسلامية @nynwa_news

تم انقاذ آلاف اليزيديين بعد أن تقطعت بهم السبل في جبال شمال العراق بحسب مسؤولين في الأمم المتحدة. فمنذ 3 أغسطس/آب، حُوصر عشرات آلاف اليزديين رجالاً ونساءً وأطفالاً في درجات حرارة حارقة.  توفي أربعون طفلاً على الأقل بسبب العطش في حين تهدد المجاعة 25 ألف آخرين.

اليزديون هم أقلية قومية دينية أُجبروا على الهروب من منازلهم من بلدة سنجار التاريخية الواقعة على حدود إقليم كردستان المتمع بالحكم الذاتي والحدود العراقية السورية بعد أن قام مسلحوا تنظيم الدولة الإسلامية (أو ما يعرف بداعش) بهزيمة القوات الكردية يوم الأحد.

اليزيديون مثل الأقليات الأخرى في العراق هدف لعمليات الاختطاف والتعذيب من قبل مسلحي الدولة الإسلامية. الدين اليزيدي يحمل أوجه من الديانة الزرادشتية القديمة. ويعتبر العديد من العراقيين اليزيديين “كعبدة للشيطان” بسبب وجود رواية الملاك الهابط في ديانتهم المشابهة لقصة الشيطان في الديانات الابراهيمية.

بينما يقوم مسلحوا المجموعة السنية المتطرفة “الدولة الإسلامية” بالسيطرة على المزيد من البلدات في غرب وشمال العراق، مسيطرة بالتالي على مايقارب ربع مساحة العراق في الأشهر القليلة الماضية، أُجبرت الأغلبية الشيعية والأقليات المسيحية واليزيدية على الهروب من منازلهم أو مواجهة خطر التصفية.

 معركة الدولة الإسلامية مع “الكفار”

لم ينجح كل الرجال والنساء اليزيديون بمغادرة سنجار في الوقت المناسب. حيث أفادت بعض مواقع الأخبار الكردية بمقتل 100 إلى 2000 شخص. أجرى موقع رووداو الإخباري مقابلة مع لاجئين إيزيديين حيث قالوا أن عدد من قتلوا 300 شخص. وقالوا أن 500 امرأة وفتاة تم نقلهن الى الموصل ليبعن كسبايا. 

هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدولة الإسلامية تفريغ المنطقة من أناس تعتبرهم “عديمي القيمة” أو “كفار”, حيث فعلوا شيئًا مماثلاً مع المسيحيين الآشوريين في مدينة الموصل التي تعد ثاني أكبر مدينة في العراق بعد بغداد، والتي سيطروا عليها في العاشر من يونيو/حزيران وكذلك التركمان الشيعة في القبة وشيرخان، والتي سيطروا عليها منذ 23 يونيو/حزيران. حتى إن بعض المسيحيين الآشوريين والتركمان الشيعة الذين هربوا، كانوا يبحثون عن لجوء بين اليزديين في سنجار.

إن هذا النمط يبدو نفسه في كل الحالات. فما أن تسيطر الدولة الإسلامية على منطقة حتى يبدأوا بتخيير أهلها بين إخلائها أو التحول إلى الإسلام أو مواجهة الإبادة. ويعتبر قصف المناطق المقدسة للشيعة والسنة والمسيحيين واليهود واليزيديين من الأحداث الشائعة جدًا.

يكتب أيوب نوري على موقع رووداو الكردي:

Shingal [Sinjar] is occupied by a group that has no business being there. Do they hope to convert the local population to Islam? Do they hope to stay forever? It is impossible. The Yezidis have held on to their beliefs for 4,000 years. They have resisted, defied and survived the first Islamic conquest and hundreds of years of subsequent persecution and degradation at the hands of their neighbors. They will not give up now. Like the people of Leningrad during World War II, they would rather resist not five days but five years than descend the mountain and submit to the will of a radical group that commits a massacre wherever it goes.

[…] The people of Leningrad withstood a siege by Hitler’s forces that lasted almost three years until they saw their enemy defeated. The Yezidi Kurds will also see the backs of their enemies and will sooner or later return to rebuild their homes and shrines. But why to sit and watch them die? Young men from every corner of Kurdistan have taken up arms and are now fighting for Shingal. The whole world should do the same.

شنكال [سنجار] محتلة من مجموعة ليس من شأنها أن تكون هناك. هل يأملون بتحول سكانها المحليين للإسلام؟ هل يأملون أن يبقوا إلى الأبد؟ هذا مستحيل. لقد تمسك اليزيديون بمعتقداتهم لمدة 4000 سنة. لقد قاوموا وتحدوا ونجوا من الغزوا الإسلامي الأول والملاحقة والاضطهاد من  جيرانهم خلال مئات السنوات التي تلت. لن يستسلموا الآن، مثلهم مثل سكان مدينة ليننغراد خلال الحرب العالمية الثانية. هم يفضلون أن يقاوموا ليس لخمسة أيام فقط بل لخمس سنوات على أن ينزلوا من الجبل ويخضعوا لرغبة المجموعة المتطرفة التي تعمل المجازر أينما حلت. لقد صمد سكان ليننغراد ضد حصار قوات هتلر لمدة ثلاث سنوات حتى رأوا عدوهم مهزومًا. سيرى اليزيديون الكرد هزيمة أعدائهم قريبًا، وعاجلًا أم آجلاً سيعودون ليبنوا منازلهم وأضرحتهم. لكن، لم الجلوس ومشاهدتهم يموتون؟ بدأ المئات من الشباب في كل زواية في كردستان بالتطوع وحملوا السلاح ليحاربوا من أجل شنگال. يجب على العالم أن يفعل المثل.

الدولة الإسلامية (داعش) كانت جزءاً من تنظيم القاعدة في العراق. لكن الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة انفصلا رسميًا منذ شهر فبراير/شباط 2014. بعد أن تحدت الدولة الإسلامية الأوامر المتكررة بقتل عدد أقل من المدنيين في سوريا. ومنذ العاشر من يونيو/حزيران، تمكنت الدولة الإسلامية من السيطرة على خمسة حقول للنفط في العراق. ويشير بعض الخبراء ان الدولة الأسلامية ربما ستأخذ مكان القاعدة كأكبر مجموعة متطرفة ذات تأثير في العالم. المجموعة تسيطر على ثلث سوريا وربع العراق, بمساحة تعادل تقريبا مساحة المملكة المتحدة.

 القوات الكردية تتحدى الدولة الإسلامية

احتلال سنجار كان النكسة الكبرى الاولى للقوات الكردية التي تدافع عن شمال العراق من تقدم الدولة الإسلامية. 

وفي وقت كتابة هذا المقال، تخطط القوات الكردية لهجوم مضاد. وقد أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قواته الجوية بمساندة القوات الكردية. المالكي الذي كان على خلاف مع القوات الكردية التابعة لإقليم الحكم الذاني بكردستان العراق في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث لم يتقبل سيطرتها على مدينة كركوك المجاورة للموصل والغنية بالنفط بعد سقوط الموصل بيد الدولة الإسلامية.

وفي بيان أُصدر في السادس من أغسطس/آب من حساب يعتقد أنه يعود للدولة الإسلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، أدعت المجموعة أنها سيطرت على سد الموصل الإستراتيجي في شمال العراق، وأقسمت أنها سوف تواصل هدفها لأنشاء خلافة إسلامية تكسر الحدود بين العراق وسوريا. المجموعة تسيطر على أراضي مهمة في منطقة حدود كردستان والعراق وكردستان وسوريا. 

اليزيديون في خطر

“مورِسَ التمييز ضد اليزيديون لعدة قرون وكانوا متهمين دوماً بأنهم يعبدون الشيطان”

وفي مقابلة مع الواشنطن بوست، قال حجي غندور، وهو برلماني عراقي يزيدي “عانينا في تاريخنا من 72 مجزرة جماعية ونخشى أن تكون سنجار الثالثة والسبعون”. 

حسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 200 ألف يزيدي هربوا من عدة قرى شمال العراق، يتخذ 147 ألف منهم من إقليم الحكم الذاتي في كردستان كملجأ، لتصبح بذلك أكبر وأسرع عملية لجوء تمت منذ عدة عقود. يُذكر أن العراق يسكن فيه حوالي 500 ألف يزيدي.

كبار السن من اليزيديين كانوا الأكثر تأثرًا أثناء عملية النزوح من جبل سنجار والمناطق المجاورة. غردت دونتيلا روفيرا مستشارة فرع الاستجابة للأزمات الكبرى في منظمة العفو الدولية قصة أحد هؤلاء الذي استطاع النجاة: 

العراق: مشيت عشر ساعات وهربت من هجومين لداعش على قريتي، قال لي رجل ثمانيني من سنجار، والآن هذا هو منزله.

صور لليزيدين الذين وصلوا الى جبل سنجار التقطت من قبل وكالة فرات للأنباء، أو ANF وأعيد نشرها على موقع صحيفة الجارديان البريطانية.

ونشرت الدولة الإسلامية بياناً باللغة العربية على تويتر، مصحوب برابط يشرح تفاصيل “غزوتهم”. الرابط احتوى على أكثر من 40 صورة عنيفة، ولكنها لسبب ما حذفتها.

الرابط في هذه التغريدة يشير الى اليزديين بوصفهم “مرتدين” وأحدى الصور تظهر رجلًا مقتول، وحملت الصورة تعليقا مقتبسا من سياق آية في القرآن الكريم.

فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب

اليزيديون ينادون: أوقفوا الإبادة الجماعية

فيان دخيل، العضوة اليزيدية في البرلمان العراقي والعضوة في التحالف الكردستاني، انهالت بالبكاء في اليوم الخامس من أغسطس/آب، مناشدة البرلمان لإيقاف الإبادة الجماعية: 


نداؤها بطلب المساعدة تمت الاستجابة له من الأمير تحسين سعيد “قائد اليزيديين في العالم” ونشر في الوكالة الدولية الاشورية الاخبارية :

I ask for aid and to lend a hand and help the people of Sinjar areas and its affiliates and villages and complexes which are home to the people of the Yazidi religion. I invite them to assume their humanitarian and nationalistic responsibilities towards them and help them in their plight and the difficult conditions in which they live today.

أطالب بالمعونة ومد يد المساعدة لأهالي مناطق سنجار والقرى والمجمعات والمناطق التابعة لها كوطن لأهل الديانة اليزيدية. وأدعوهم ليمارسوا مسؤولياتهم الأنسانية والدولية تجاههم ومساعدتهم في محنتهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها اليوم.

إن عدم استجابة العالم وخصوصًا العالم العربي لم تمر بدون ملاحظة. يغرد المدون العراقي اللبناني الساخر كارل شاروا:

هل ترون كل هذه التغريدات من الأخوة العرب يعبرون فيها عن غضبهم على مايجري لليزيديين الكرد في العراق؟ لا؟ أنا أيضاً لا أراها.

وأطلقت الناشطة اليسارية الإسرائيلية اليزابيث تسوركوف على ما يحصل “وصف الإبادة جماعية في عصرنا”:

إبادة جماعية في عصرنا @basildabh: مشرّع عراقي إيزيدي: “المئات من الناس يُذبحون”

وتعجب المؤرخ المختص بدول الجنوب فيخاي براشاد من دور السعودية من هذه الفوضى:

أريد أن أرى الملك السعودي يخرج ويقول للدولة الإسلامية أن يتركوا المجتمع اليزيدي يعيش بسلام، أو على الأقل تركهم يغادرون المنطقة.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.