أيها المسلمون لا داعي للاعتذار: حملة أنا تشارلي

Screen shot 2015-01-08 at 3.06.15 PM

صورة مأخوذة من صفحة فيسبوك الخاصة بالصحفي أحمد شهاب الدين

قمت بالمشاركة بالحمة التضامنية على الانترنت #أنا_تشارلي، ولا زلت أدعم المحاولات المبذولة من قبل أي شخص لتسليط الضوء على أهمية حرية التعبير.

لم أكن يومًا من كبار المعجبين بتشارلي إيبدو، ولكن أظن أن لديهم الحق لنشر مايريدون نشره، بالنسبة لي هذا أمر غير قابل للنقاش. إذا كان هناك مايزعجك اكتب عنه، اشتك، افعل شيئًا، هذا من حقك. لن أكون أقل اهتمامًا برأيك إن كنت ترى أنه رسم المسيح أو النبي “محمد” هو أمر مهين. الشعور بالإهانة لا يعد حقًا ولكنه خيارك.

إلى جانب انزعاجي الكبير من الهجمات المرعبة، أزعجني جدًا السؤال المطروح: لماذا لا يدين المسلمون هذه الهجمات؟.

الجواب هو إنهم يقومون بإدانتها ولكن على الأغلب أنكم تتجاهلونهم. المسلمون مثل الكثيرين غيرهم- باستثناء النازيين الجدد الذين يستمتعون بذلك-، قاموا بإدانة الإرهاب منذ اليوم الأول، والذي بدأ بالنسبة لمعظم الغربيين في 11 أيلول/ سبتمر 2001.

ما علاقة أن تكون مسلمًا بهذا؟ إن كنت مسلمًا، فأنا أفهم الحاجة للقيام بذلك نظرًا للبيئة التي تعيش فيها. في كل مرة يتحرك بها مسلم في مكان ما في الغرب، يدين “أخوته المسلمون” في الغرب والشرق الأوسط ماقام به، هذا السيناريو حصري للمسلمين، ولا يخص المسيحين أو حتى اليهود. كيف نستطيع “نحن” التواصل مع “العالم الإسلامي”؟ لماذا لايكون “العالم الإسلامي” أكثر تسامحًا؟ فقط انظر إلى هذه الأسئلة وصياغتها.

أرجوكم، أوقفوا هذه الأسئلة.

لا يوجد شيء اسمه “العالم الإسلامي”، تمامًا كما لايوجد ما اسمه “العالم المسيحي” أو “العالم اليهودي” أو حتى “العالم البوذي”. هنالك عدد لانهائي من المجتمعات المسلمة في العالم، بشكل يماثل ما تشكله الكائنات البشرية التي لها نفس الدين، ولكن هنالك فروق بين الدول والثقافات والأفراد. هنالك إسلام استرالي، وهنالك إسلام فرنسي وهنالك إسلام سعودي، وإسلام ماليزي. حتى أنه هنالك إسلام صيني (هل يمكنك أن تصدق ذلك!؟)- حقيقة مضحكة: علاء الدين كان مسلمًا صينيًا. ما الحوار الذي تتصور أن يحدث بين صوفي تركي ووهابي سعودي مع شيعي اثنا عشري إيراني؟ في البداية سيكون هنالك حاجة لمترجم ليتمكنوا من التفاهم سوية، ولكنني أستطيع أن أؤكد لك كملحد، ستجد الكثير لتتحدث عنه مع الصوفي ومع الاثنا عشري مما ستجده مع الوهابي. أو حتى مع بعضهم البعض. في الحقيقة، لدي شعور أن الوهابية السعودية التي تتمركز في مملكة النفط المفضلة غربيًا هي أكثر فكر إسلامي كريه في التاريخ الإسلامي، فالوهابية هي أكبر تهديد لحوار الحضارات. 

هل عليّ أن أعتذر عن دعم إرهاب الدولة من قبل زملائي الملحدين سام هاريس وكريستوفر هيتشينز؟ هل سيسألني الملحدون “لماذا لا تقوم بإدانتهم؟” كم من المسيحين عليهم الاعتذار عن الإرهاب الذي يقوم به جيش الرب المقاوم في أوغندا باسم المسيحية؟ كم من المسيحيين عليهم الاعتذار عن إطلاق النار الذي تم على معبد السيخ ويسكونسين -الإرهابي كان يظن أنهم مسلمون-؟ لماذا يراها المسيحيون أمورًا سياسية لا دينية بينما الأمر ليس كذلك بالنسبة للمسلمين؟

يُصاب نتنياهو بالنشوة عندما يضرب الإرهاب الغرب – فهو يعرف كيفية استغلال ما يحدث في السياسة العامة – ويمهد حديثه بتعبير “نحن كيهود” في كل مرة يُقتل الأطفال في غزة. أكثر من 500 طفل قتلوا في غزة خلال خمسين يوم الصيف الماضي- والذي اسماه “كلام فارغ“. هل كان يمكن لابن لادن أن ينجو لمجرد أن يدعي أن أحداث 11/ 9 مجرد “كلام فارغ”؟ هل أقوم بمراسلة أصدقائي اليهود الأمريكان في كل مرة يقوم بها هذا النازي الجديد بإلقاء خطاب عنصري (كل خطاباته كذلك)؟ هل أقوم بمراسلة ذلك الرجل الأوغندي الذي التقيته في رحلاتي وأطلب منه أن يتحدث باسم المسيحيين الأوغنديين؟

غير منطقي. هذه السخافة الجماعية. العقوبة الجماعية.، والتلاعب الجماعي بـ 1.6 مليار شخص يتبعون الدين الإسلامي. هنالك الكثير من أتباع #اقتلوا المسلمين #kill muslims والكثير منهم أمريكيون، ليسوا أوربيون. لما علينا أن نناقش موضوع “هل الإسلام دين سلام؟” نقاش ليس من الضروري أن يتضمن عدد من المسلمين حتى؟ ماهذا السؤال؟ ألم تقم بالإجابة عنه بنفسك عمليًا؟. القاسم المشترك الوحيد بين كل هذه المناظرات ليس الإسلام نفسه وإنما كراهية الإسلام.

وأي نقاش يتضمن الحط من قدر الإرث التاريخي، ليس تاريخي، الدين هو عدم التفكير. فكر كم من المهين سماع كلمة “المسلمين المعتدلين” لوصف كل مسلمي العالم وكأنهم أقلية في بحر العالم المجنون. تخيل لدقيقة، ماذا يعني أن تكون مسلمًا في الغرب بعد أحداث 11/9.

أتذكر اليوم الذي قام به القذر المدعو أندرسون بيهرنج بريفيك بقتل 77 شخص في 22 تموز / يوليو 2011. كنت قد وصلت لتوي إلى مدغشقر للقيام بمشروع والتقيت بإيريك، نرويجي من بيرغن. لم يجري بيننا أي حديث حول خطورة مسيحيي النرويج – كان بريفيك مسيحي – لقد فهمنا ماحصل كما هو: الإرهاب، واضح وبسيط، بمنطقه الداخلي الفاسد. جريمة ذات أبعاد لا توصف لا تتطلب إدانة خاصة من قبل “المسيحيين المعتدلين”- لم نطلب من أصدقائنا المسيحيين في كينيا أن يعتذروا! هل قرأت بيان بريفيك؟ للأسف أنا قمت بقراءته ووجدت أنه عبارة عن خرافات لليمين الصهيوني المتطرف، إسلامو فوبيا ومعاداة الماركسية، وليست المسيحية. أوروبا تعرضت للغزو من الإسلام! كم من الأوروبيين مضطربين عقليًا في قلوبهم؟ أشاهد أفلام يوتيوب بشكل عشوائي تتحدث عن الإسلام وأرى التعليقات التي يحصل عليها المسلمون. ولكن في المقابل من السهل نسيان ماقام به بيرفيك؟! بينما لا يتم نسيان ماقام به المسلمون، يجب تذكيرهم كل يوم بأنه يوجد شخص يدعي أنه مسلم ويقوم بأشياء باسم الإسلام. شكرًا لله أنه لا يتم ربطي بالملحدين المجانين، وإلا لما كنت انتهيت من ذلك.

قتل بريفيك 77 شخصًا في النرويج ولم يقم أحد بسؤالي كذكر أبيض من المسيحيين النرويجين ما إن كنت أريد استنكار ماحدث.

للتوضيح، فإن ذلك ليس دفاعًا عن الإسلام ولا هجومًا عليه. فكلا الأمرين يتعامل مع مفاهيم غامضة جدًا ويعزل الأمور عن سياقها بطريقة تشوه المعنى. كلمات مثل “الإرهاب” “التسامح” يصبح لها معنى فقط عندما يملك ” الآخر” تصور عنها، وليس عندما نكتفي بالحديث عن “نحن”. ما الإسلام الذي يجب أن ندافع عنه/ نهاجمه؟ ما هو الإسلام؟ هل هو إسلام القرن الـ21؟ إسلام أوروبا؟ فرنسا؟ السعودية؟ مصر؟ تركيا؟ ماليزيا؟ الصين؟ أستراليا؟ هل هو إسلام طارق رمضان؟ مهدي حسان؟ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ؟ رحمي ياران؟ هل يمكن أن نضعهم جميعًا ضمن تصنيف وحد؟ هل بإمكاننا وضع 1.6 مليار شخص ضمن فئة واحدة؟ بالنسبة لي ليس لدي أدنى فكرة كيف يمكن القيام بذلك، ولم أقرأ أي مقال لأي شخص تمكن من ذلك. الإسلام موجود في المجتمع، ضمن سياقه الخاص، زمانه الخاص، مؤيديه ومعارضيه.

هذا نقد للعبة خطيرة جدًا لا يستفيد منها سوى الأثرياء الذين يعيشون في مأمن من تداعيات الكراهية الطائشة. سيتم نتيجة لهذه الكراهية مهاجمة بائع الطعام في الشارع وليس مفتي السعودية، فالمفتي يستطيع القيام بما يحلو له “لاتنسى: النفط!”. سيتحمل نتيجة هذه الكراهية المسلم التونسي الفقير المهاجر وليس المستثمرين المسلمين في قطر. هذا الأمر خطير للغاية، لا أستطيع أن أؤكد على خطورته بشكل أكثر، فلعبة تصنيف الناس ضمن “الآخر!” لن تنتهي وهذا بالضبط ما تريده النازية الجديدة. وكما قال معلق تلفزيون فرنسي يجلس إلى جانب مفتي محلي: هذا ليس مجرد هجوم، إنه فخ!. دعونا لا نقع في هذا الفخ. هذا الهجوم الإرهابي هجوم إرهابي ونحن ندينه، نطلب منهم الاعتذار والتعبير عن أنفسهم.

جوي أيوب من لبنان، يغطي أخبار فلسطين، لبنان والشرق الأوسط لصالح الأصوات العالمية ويدير مدونة Hummus for thought، حيث نشر هذا المقال. يسعى لدفع زملائه الملحدين للتحدث علنًا ضد جميع أنواع التمييز بما في ذلك الذي يطال المؤمنين. يمكنكم متابعته على تويتر joeyAyoub@

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.