- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

تحطيم الأسطورة الإعلامية للحوثيين في اليمن الذي دمرته الحرب

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, السعودية, اليمن, احتجاج, الأعراق والأجناس, تاريخ, حروب ونزاعات, سياسة, صحافة المواطن
The logo of Ansar Allah commonly known as Houthis. Photograph taken from their official Twitter account where we read  a Quranic verse''O ye who believe! Be ye helpers of Allah (ansar allah) ".The flag says, "God is Great, Death to America, Death to Israel, Curse  the Jews, Victory to Islam'. [1]

شعار أنصار الشريعة المعروفة باسم الحوثيين. صورة مأخوذة من حسابهم الرسمي على تويتر وعليها آية من القرآن الكريم “يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله”. تقول الراية، “الله أكبر، الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسلام”.

خلال أزيد من 10 سنوات، ومنذ القيام  بتمرّدهم [2]  ضد الحكومة اليمنية، بدأ الضوء يسلّط على الحوثيين. فمنذ عام 2004 والقوّات الحكومّية تقاتل المليشيات القبليّة في الشّمال، والتي تقول إنها تدافع عن نفسها من الظّلم.

لقد ارتفعت وتيرة الصّراع الدّائم لأكثر من عقد من الزمن في الأشهر الأخيرة عندما لم يحترم الحوثيّون الشّق الخاص بهم في “اتفاق السلام والتعاون الوطني” [3]، ودخلوا إلى العاصمة صنعاء ليسيطروا على مباني ومؤسسات رئيسية فيها، وليضعوا الرئيس الحالي عبد ربّه منصور هادي تحت الإقامة الجّبرية [4].

الآن، وبينما تقوم المملكة العربية السّعودية بعمليّة عسكريّة [5] في اليمن لطرد الحوثيّين، تنجذب العديد من وسائل الإعلام إلى الوضع الراهن.

ولكن بما أن الأغلبية الشيعية المسلمة المتمثّلة في إيران تساند الحوثيين [6] والأغلبيّة السّنية المسلمة المتمثّلة في المملكة العربية السّعودية تلقي عليهم القنابل، اتّخذت الصّحافة طريقة سهلة لتقّدم فيها الصّراع على أنّه نتيجة لانقسامات دينيّة بين اثنين من المذاهب الرئيسّية في الإسلام. هذا بالإضافة إلى تقديم قناة الجزيرة الحوثيين على أنّهم شيعة [7].

لكن الواقع أكثر تعقيدًا مما تبيّنه هذه الثواني.

ليس كل الحوثيّين مسلمين شيعة

عمومًا، يُقصد بالحوثيّين [8] عائلة أو عشيرة يمنيّة، لم تكن طائفة ولا مجموعة دينيّة. ثم قامت حركة ثورية تدعى أنصار الله [9] باتّخاذها اسمًا لها، بعد مقتل مؤسّسها وقائدها حسين بدر الدين الحوثي [10] في 2004، الشّيء الذي أطلق التّمرد الحوثي. وهناك جدل حول عدد الأعضاء والمقاتلين في صفوفهم.

المدونة اليمنية أطياف الوزير [11] أشارت في تدوينة تحت عنوان “إنه ليس صراعًا بين السّنة والشّيعة أيّها الأحمق”، إلى كون الحوثيّين لا ينتمون كلهم إلى الطّائفة الزيديّة، الشّيعية:

While no statistics have been collected on the composition of Ansarullah, commonly known as Houthis; it is believed that many of their members are Zaydi but also come from various religious schools of thought in Shi’a and Sunni Islam, including Ismaili, Shafiʿi, and Ja’afari. Many Sunni tribesmen and soldiers have also joined the Houthis and fight along their side. In fact, prominent Shafi’i leaders like Saad Bin Aqeel [12], a Mufti of Ta’iz, are amongst Houthis’ leaders and in fact presented a Friday sermon at one of the sit-ins prior to their advance into the capital.

بالرغم من غياب إحصائيات حول تشكيل أنصار الله، المعروفون باسم الحوثيّين؛ يُعتقد أن العديد من أعضائهم هم من الزيديّين بالإضافة إلى انتمائهم إلى مذاهب شيعيّة وسنيّة مختلفة، بما في ذلك الإسماعيليّة والشافعّية والجعفريّة. وانضم العديد من السنّة والجنود أيضًا إلى الحوثيّين للقتال إلى جانبهم. ومن بين القادة الشافعيّين البارزين هناك سعد بن عقيل [12]، مفتي تَعز، الذي ينتمي إلى القادة الحوثيّين حيث ألقى خطبة الجّمعة في واحدة من الإعتصامات التي شهدتها العاصمة.

وينتمي بدر الدين الحوثي إلى الطّائفة الزّيدية [13]، بالإضافة إلى الرئيس اليمني السّابق علي عبد الله صالح [14]، الذي كان يحكم اليمن عام 2004 وهو تاريخ أوّل تمرد لهم.

ويدعم الوزير هذا الرّأي “ليس كل الزّيديين حوثيّين”. وكان أكاديميون زيديّون مشهورون ومراكز دينية قد انقسموا بحسب مواقفهم المتعلقة بالحوثيين.

ويشرح الصّحفي البريطاني اليمني أبو بكر الشماحي [15] عن الطائفة الزّيدية بشكل معمّق:

Zaydism (Zaydiyyah) is a school of thought within Shia Islam. It is named after Imam Zaydi Bin Ali, who was killed in an uprising against the Ummayyads. Although it was once found in places such as Iran and North Africa, Zaydis are now only found in significant numbers in Yemen. A Zaydi Imamate ruled many parts of northern Yemen for 1000 years, up until the last Imam was overthrown in 1962. Traditionally, places like Sana’a, Dhamar, Hajja and Amran are Zaydi, and the heartland is Sa’dah. A common saying referring to the Zaydis is that they are “the Sunnis of the Shia, and the Shia of the Sunnis”, indicating that there is not a huge difference doctrinally between Zaydis and Sunnis (or at least it has been perceived that way).

تعتبر الزّيدية مذهبًا فكريًا في الإسلام الشيعي. تحمل اسم الإمام زيد بن علي، الذي قُتل في الثّورة على الأمويين. بالرغم من انحدارهم من أماكن كإيران وشمال إفريقيا، إلا أنّهم يوجدون الآن بأعدادٍ مهمّة في اليمن. وحكمت الزّيدية جزءًا كبيرًا من الشّمال اليمني خلال 1000 عام، حتّى أطيح آخر أئمّتهم عام 1962. فأماكن من قبيل صنعاء وذمار وحجّة وعمران تعتبر زيديّة حيث المركز هو صعدة. هناك قول مأثور عنهم يصفهم بأنّهم “سنة الشيعة وشيعة السنة”، في إشارة إلى عدم وجود اختلاف مذهبي كبير بين الزّيديين والسنّة (أو على الأقل، هكذا يُنظر إلى الأمر).

ومازال موقع عرب نيوز [16] يعطي أكثر من سياق [17]، يبرز فيه تقارب الطائفة الزّيدية والسنيّة:

While they are called “Fivers” because they accept the first four Imams recognized by Twelvers and Isma‘ilis (“Seveners”) and recognize Zayd ibn ‘Ali as the rightful successor to his father ‘Ali Zayn al-‘Abidin while other groups recognize his brother Muhammad al-Baqir, they do not then insist that all rightful imams must descend from Zayd. In fact, the Zaydi doctrine of the Imamate differs enormously from other Shi‘a. The Zaydi legal school is very similar to that of Abu Hanifa in Sunnism, and some have listed Zaydi law as a “fifth school” of Sunnism, except for the doctrine of the Imamate.

بالرّغم من تسميتها “المخمّسة” بسبب قبولهم بالأئمّة الأربعة الأولين المعروفين عند فرع “الإثني عشريّة” والإسماعيليّة (“السّبعية”) إلّا أنهم يعترفون بزيد بن علي كوريث شرعي لأبيه علي زين العابدين، بينما تعترف مجموعات أخرى بأخيه محمد الباقر، فهم لا يصرّون على وجوب انحدار الأئمّة الشرعيين من زيد. وبذلك، يختلف المذهب الزّيدي في الإمامة بشكل كبير عن باقي الشّيعة. فمدرسة الفقه الزّيدية تشبه إلى حدًّ كبير مدرسة أبو حنيفة لدى السّنة ويشير البعض إلى القانون الزيدي بأنه “المدرسة الخامسة للّسنة، ما عدى المذهب الخاص بالإمامة”.

ويشّكل الزّيديون ثلث سكان اليمن تقريبا [18].

Mass demonstration in the province of Dali in the south of Yemen, calling for disengagement from the north on February 19, 2010. Photo by rashad1. Copyright Demotix

مظاهرة حاشدة في محافظة الضالع في جنوب اليمن، للمطالبة بالإنفصال عن الشمال في 19 فبراير / شباط 2010. تصوير: rashad1. حقوق التأليف والنشر Demotix.

قبائل أو طوائف؟

ينتمي الرّئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح [14]، الذي بدأ الحوثيّون تمردهم ضد حكمه، إلى قبيلة الأحمر وهي خليط بين مسلمين من السّنة والشّيعة. بيد أن كلًا من القائد الحوثي الأخير بدر الدّين الحوثي وصالح هما من الشيعة.

وهو ما يعني بأن التّفرقة القبلية تساهم بدورها في الصّراع. يقول مايكل كولينز دن، رئيس تحرير Middle East Journal [19] في موقعه [20]:

President ‘Ali ‘Abdullah Salih is himself a Zaydi, as is a considerable part of his power base. He comes from a small tribe in the larger Hashid tribal confederation. The Hashid and the other big Zaydi confederation, the Bakil, used to be referred to as the “wings of the Imamate” when Zaydi Imams still ruled in what was then North Yemen.

إن الرّئيس علي عبد الله صالح زيدي، إلى جانب جزء كبير من هيئة النّاخبين. فهو ينحدر من فرع صغيرة ضمن كونفدرالية من قبيلة حاشد. وحاشد أيضًا جزء من كونفدرالية زيديّة كبيرة تسمّى بكيل، دائمًا ما يشار إليهما بأنّهما “أجنحة الإمامة”، عندما كان الأئمّة الزّيديون مازالوا يحكمون ما كان يُعرف باليمن الشّمالي.

ويبدوا الشماحي [21] متفقًا مع هذا الرأي:

For one, the al-Ahmars are traditionally Zaydi, just like the Houthis. I can’t vouch for the religious identification of each individual Ahmar, but I’d say that many of their tribal fighters will still, at least loosely, identify as Zaydi. Ali Abdullah Saleh, who fought 6 wars against the Houthis, was also Zaydi. So is this Zaydi on Zaydi fighting? A Zaydi civil war?

أولا، إنّ الأحمر زيديّون شأنهم في ذلك شأن الحوثيّين، بينما لا أستطيع أن أجزم في الهوّية الدّينية لكل واحد من الأحمر، لكنني أستطيع القول بأن مقاتلي القبائل معروفون، على الأقل بشكل عام، كالزّيديين. وعلي عبد الله صالح، الذي شن 6 حروب على الحوثيّين، هو أيضًا زيدي. إذن، هل هي حرب بين الزّيديين فيما بينهم؟ أم هي حرب أهليّة زيدية؟

أما الوزير [22] فيشرح الأمر بطريقته:

[…] if this was a sectarian issue, Saleh (who is technically Zaydi) would not have engaged in six wars with the Houthis from 2004 – 2010. It appears that today’s former enemies have formed a temporary alliance. This indicates that these conflicts are political in nature.

[…] إذا كان الأمر يتعلّق بقضيّة طائفيّة، فصالح (الذي هو تقنيًا زيدي) لم يكن ليشن 6 حروبً على الحوثيين بين عامي 2004-2010. يبدو أن أعداء الماضي قد شكلوا تحالفًا مؤقتًا. وهو ما يشير إلى أن الصّراع ذو طابع سياسي.

لقد أشار الوزير إلى المساعدة المزعومة التي يقوم بها الرئيس السابق صالح، المعزول بعد أكثر من ثلاثة عقود في الحكم، خلال ثورة 2011 في اليمن، لصالح معارضيه السابقين [23] وذلك في محاولة منه إلى القضاء على الحكومة.

بالإضافة إلى علاقة الحوثي الشخصّية [24]مع الجّمهورية الإسلامية الإيرانية، الشيء الذي أعطى طابعًا طائفيًا للصّراع في اليمن.

موازين القوى

وهنا بيت القصيد. فجزء من الصّراع في اليمن يقع بين الحوثيّين، (قبيلة وليس طائفة دينيّة)، وقبيلة الأحمر. حيث يتوافر كليهما على أعضاء وحلفاء سنة وشيعة. واثنين من قادة هاتين القبيلتين هم من الشّيعة. مع اختلاف بسيط، ففي الوقت الذي يُقيم أحدهم علاقات شخصيّة مع إيران اتجه الآخر إلى فعل الشّيء نفسه لكن مع السّعودية. وبالنّسبة لما هو ايديولوجي، فهناك تجاذب بين شيعة اليمن وسنّة السّعودية أكثر منه مع شيعة إيران.

والآن يبدو أن صالح والحوثيون الذين يتزعّمهم حاليًا عبد الملك الحوثي [25] يعزفون اللّحن نفسه، الشيء الذي يدل على توحّد قبائل وطوائف حتّى هذه اللّحظة. أمّا الدّم اليمني لهؤلاء جميعًا  فمازال يراق [26].