- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

“المتطرفون في كل مكان”أين أخطأنا جميعًا؟

التصنيفات: صحافة المواطن, مدونة مجتمع جلوبال فويسز
كلنا متشابهون ولكن مختلفون - تصوير آندرس آدرمارك على فليكر. مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي النسبة الثانية. [1]

كلنا متشابهون ولكن مختلفون – تصوير آندرس آدرمارك على فليكر. مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي النسبة الثانية.

في أول شهرين من العام الحالي، شهدنا هجومًا على مسجد في السويد [2] أدى إلى إصابة 5 أشخاص؛ الهجوم على المجلة الفرنسية شارلي إبدو [3] الذي تسبب في 11 حالة وفاة؛ 60 هجومًا على مساجد ومسلمين في فرنسا [4]؛ إطلاق نار [5] في ولاية كارولينا الشمالية حيث قتل ملحد متعصب 3 شباب مسلمين؛ احتراق واحد من أكبر المراكز الإسلامية في هيوستن [6]؛ إطلاق النار وجرائم القتل في الدنمارك [7] بواسطة شاب يبلغ من العمر 22 عام في أعادة لخطوات هجوم شارلي ابدو.

وفي جريمة الكراهية الأخيرة، عمل إرهابي واضح، ارتكبه مواطن أمريكي يبلغ من العمر 21 عام، ديلان روف قتل 9 أشخاص [8] في كنيسة تاريخية للأمريكيين الأفارقة في ولاية كارولينا الجنوبية.

النتيجة التي يمكن استخلاصها هى: حرب بين الأديان. قد يكون هذا هو الرد السهل والأكثر شهرة. الرد المتوقع من المتطرفين اليمينيين، المتطرفين اليساريين، المتطرفين المسلمين، المتطرفين المسيحيين، الملحدين المتعصبين وكل المتطرفين الآخرين من شيكاجو إلى كوالالمبور. في الدنمارك ومنذ سنة 2008 هناك حرب عصابات دائرة بين اليمين المتطرف والمهاجرين. مجموعة من الأفراد بمشاعر متطرفة يفرضون علينا إيقاع حياتنا، بالإضافة للتغطية الإعلامية أيضًا. إنهم يقررون لنا متى نخاف ومتى لا نخاف. هم الأفراد الذين وجدوا الحل في التطرف والذين يتجاهلون الحياة. الشئ المهم الذي نحتاج أن نسأل أنفسنا عنه هو لماذا وجد هؤلاء الناس السبب للعيش طبقًا لمثل هذه الأفعال والمعتقدات؟ مرة أخرى نحن نخاطر بسبب التعامل مع التداعيات بدلًا من الأسباب الحقيقية، في حين أن موجة العنف تأخذ ضحايا جدد معروفين وغير معروفين.

إن ضحايا المتطرفين من المجموعات المختلفة السياسية والدينية والعرقية هم جميع المختلفين عنهم. المجتمع مجروح، لكن الرصاصات التي تسببت في مقتل وإصابة العديد من الأشخاص قد مزقت كل من مراقب من الخارج. بفضل التغطية الإعلامية المطولة التي نتلقاها أثناء مشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف، قوة الأفكار المتطرفة ترتفع أكثر. ويبدو أن الأنبياء. يطالبون بالرحمة، والتعدي على الحقوق وفشل الحوار. عندما نضيف ذلك إلى خيبة الأمل في المجتمعات بأكملها، وبؤس الأحياء المعزولة في جميع أنحاء أوروبا، والسياسات الخارجية لدول الغرب في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتصوير الواقع كما لو أن عالم كامل من الناس ينتظرون في الشارع المجاور ليقتلوك، تزداد حدة المخاوف والشعور باليأس. إذا كنت تعتمد فقط على التغطية التلفزيونية لمتابعة ما يحدث حول العالم، فإنها غالبًا ما تترك لك انطباعًا بأن نهايته قادمة – ليست كتلك التي في 2012 – لكن نهاية حقيقية حيث يقتل الناس بعضهم بعضًا، وتنتشر الكراهية على نطاق واسع ولا يوجد اختيار آخر من أجل البقاء، غير قيام كل دولة بنصب جدران عالية حول أراضيها.

كيف سمحنا للمتطرفين والمتشددين أن يقرروا لنا حياتنا؟

بعد عام 2001 وما تلاه من حروب في أفغانستان والعراق، يبدو وكأن العالم قد انقلب رأسًا على عقب. سقوط الأنظمة القمعية في تلك البلدان نتيجة للتدخل الأجنبي أثار المجموعات التي كانت -حتى ذلك الحين- مستبعدة عن المشهد وغير مسموعة  لكي تظهر في الصورة. من المتشددين في الشرق الأوسط، إلى بقايا اليمين المتطرف في أوروبا وروسيا وأمريكا. اليوم قد وقع عالمنا أسيرًا في أيدي الأفكار المتطرفة. المعتدل يحتضر حيث كل شخص لديه رأي مخالف، وكل الذي يحاول زرع الاتزان في واقعنا الفكري الزائف، يُهاجم بوصفه من مؤيدي الجهاد أو أي أيديولوجية أخرى.

الهدف الرئيسي لأي شخص ممن نظّموا هجومًا ليس الضحايا، ولكن الناس وراء شاشة التلفزيون. هدف الإرهاب – بغض النظر عن لونه وتبعيته – هو كل واحد منا، كل شخص سوف يشاهد نشرات الأخبار المسائية لكي يحصل على نسبة جديدة من الخوف والحزن.

وقد تم إطلاق مبادرة منذ شهرين في العالم العربي والإسلامي لتشجيع المجتمع على يتجاهل أفعال الجهاديين من الدولة الإسلامية (داعش). والمقصود من الحملة هو رفض العرض العام لإراقة الدماء، وضد توزيع رسائلهم التي تعد – وفقًا للكثيرين – ترويجًا لأفكار المنظمة. يعتقد الكثيرون من هؤلاء الذين انضموا لهذه الحملة أنه إذا كانت وسائل الإعلام لا تناقش الدولة الإسلامية كثيرًا، فإنه لن يتم متابعة أهداف هذه الجماعة المتمردة بسهولة، لأنه يجب علينا ألا ننسى أن كل منظمة إجرامية تسعى للانتباه وتريد أن يتم ذكر وجودها بوضوح.

ومن المشكوك فيه، ما إذا كانت هذه الحملة فعّالة وما إذا كانت لن تؤدي إلى اللامبالاة وعدم الحساسية تجاه مشاكل التطرف في الشرق الأوسط. ولكن هناك المزيد والمزيد من الإشارات التي تُوضح أن مجتمعات الدول الإسلامية متعبون من مطالب الدولة الإسلامية والإجراءات التي لا تحترم حق الحياة للمسلمين، بل وحق الحياة لأي شخص على الإطلاق ممن قد أصبحوا ضحاياهم. شهد الأردن احتجاجات حاشدة ضد الدولة الإسلامية. في ليبيا تم إحراق مقر أنصار الشريعة. في اليمن ثارت احتجاجات ضد الجماعات المختلفة التي تمزق البلاد. في سوريا حملة ضد الدولة الإسلامية – والتي قد بدأها السكان المحليين في محافظات الرقة ودير الزور – حققت نجاحًا ملحوظًا على نحوٍ متزايد. إن هذه الاحتجاجات لم تحصل على التغطية اللازمة والكافية، ولكن بالمقابل على يقين من أنك قد شاهدت تقارير من النيجر، حيث ظهرت مظاهرات تدعم هجوم تشارلي ابدو.

جرائم القتل الجماعي والمشاهد الدموية تُمرض – والأهم من ذلك – تثير الرعب. إنها لخرافة أن المجتمع الإسلامي ليس ضد التطرف، ولكن عندما يختطف هؤلاء المتطرفون أقاربك من الصعب أكثر أن يكون لك رد فعل. كثير من الناس في الأردن تخوّفوا من نتيجة التفسير السياسي للدين. هذا الخوف هو ظاهرة ممتدة تاريخيًا، لقد حان الوقت لكي يفهم الناس العاديين مدى الاستخدام السياسي للدين. يتضح بشكل متزايد للنشطاء في الشرق الأوسط أن الفروق بين الأنظمة والمتطرفين قليلة في حين أن هدفهم الوحيد هو الناس العاديين. الناس الذين كانوا يوضعون في الصف الأول بنية واحدة، أن يُرى من أين يأتي العدو مثلما كان الأمر في الحرب العالمية الثانية. في هذه الطريقة يتم استخدام المجتمعات بأكملها بواسطة السياسيين المتطرفين، والمسلحين المتطرفين والمفكرين المتطرفين لقيادة حروبهم وكل شخص يقف بينهم هو ضحية محتملة من الأضرار الجانبية.

والهجمات، كتلك التي في الدنمارك ضد منتقدي الإسلام المتطرف أو كتلك التي في الولايات المتحدة ضد المسلمين، والتي قام بها ملحد متعصب سوف تستمر حتى يتم تنفيذ القرارات. ليس للإدانة أي تأثير إذا كانت لا تحقق التغيير. التعدي على الحقوق والحرية الشخصية كإجراء – وهو جزء من حملات مكافحة الإرهاب – لن يأتي بأي إيجابيات. طلب اعتذار جماعي من كل المسلمين ليس مقبولًا وليس له أي تأثير بغض النظر عن تصاعد التوتر، تمامًا كما أنه من غير المعقول أن نطلب اعتذار جماعي من كل ملحد أو مسيحي لأن بضعة أشخاص قد ارتكبوا أعمال عنف. أنا لا أعتقد أن أصدقائي مذنبون بسبب تصرفات ستيفن هيكس، أندرس بريفيك أو الإخوة كواشي. ما هو مطلوب في هذه اللحظة هو جبهة فكرية ضد المتطرفين. ما هو حاسم هو الأغلبية الصامتة التي سوف تقف ضد التطرف وسوف تُظهر أنه لا يتفق مع الواقع، الذي فيه الدعات والأبطال الوطنيون الذين يحملون البنادق في أياديهم هم فقط من لديهم رأي.

الحل ليس بيد السياسيين في مجتمعنا، فقد أثبتوا فشلهم منذ بداية خطواتهم الخاطئة التي لم يكن لها تأثير حتى الآن. من الممكن أن نتوقع فقط من الناس العاديين أن يطفئوا الحرائق القومية والتطرف بمعناه الديني. الرد على التطرف ليس بمزيد من التطرف، لأن تلك الأفكار تعزز بعضها البعض. هناك بديل وهو بعدم السماح للمتطرفين أن يملوا علينا حياتنا اليومية.