- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

في وقف إطلاق النار: السوريون يعيدون إحياء ثورتهم السلمية

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, سوريا, احتجاج, حروب ونزاعات, حقوق الإنسان, سياسة, صحافة المواطن
لقطة مأخوذة من فيديو على <a href="https://www.youtube.com/watch?v=dK89j9uDvio">يوتيوب</a> لمظاهرة في سقبا بريف دمشق. تقول اللافتة:"سوريا جميلة لكنها أجمل دون الأسد" [1]

لقطة مأخوذة من فيديو على يوتيوب [2] لمظاهرة في سقبا بريف دمشق. تقول اللافتة:”سوريا جميلة لكنها أجمل دون الأسد”

في منتصف شهر شباط / فبراير من العام الجاري اتفقت أمريكا وروسيا على وقفٍ تام لإطلاق النار في سوريا بدئ بتطبيقه في الدقائق الأولى ليوم 27 شباط/ فبراير واستثنيت منه جبهة النصرة وداعش. وعلى الرغم من الشكوك الكبيرة بمدى صلابته، إلا أن هذا الاتفاق، الذي يدخل أسبوعه الثاني، لم يحقن دماء السوريين فحسب بل سمح للآلاف في سوريا بسماع تغريد العصافير والنظر للسماء للمرة الأولى منذ فترة طويلة. ولم يكن صمود هذ الاتفاق هو المفاجأة الوحيدة للعالم، بل خروج السوريين بالآلاف معيدين إحياء ثورتهم السلمية بمئات المظاهرات التي عمت المناطق المحررة في سوريا.

انتشرت التدوينات والتغريدات والفيديوهات التي تنقل مشاهد من هذه المظاهرات عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي. ولعل من أبرز الفيديوهات التي نشرت على يوتيوب ذلك الذي ينقل مظاهرة في سقبا وهي أحد المناطق في ريف دمشق التي تعرضت لقصف كثيف وبشكل متواصل من قبل النظام. يختتم الفيديو بأطفال سقبا يهتفون “الشعب يريد إسقاط النظام”، تماماً كما فعلوا منذ خمس سنوات مضت.

وذلك الذي يظهر أهالي درعا، وهي المدينة التي أشعلت فتيل الثورة السورية ونالت نصيبها من القصف والقتل والترهيب، ينشدون الحرية في مسرح بصرى الشام ويحوّرون بعض الأهازيج الشعبية الدارجة في الجنوب السوري لتعكس وعيدهم لبشار الأسد الذي اعتبروه خائناً وتصميمهم على الاستمرار بالثورة.

وقد عمت المظاهرات العديد من المناطق السورية الأخرى من حلب إلى أتارب ومعرة النعمان وتلبيسة وجرجناز وسراقب واعزاز ونصيب ودير العصافير وغيرها. وفي هذا الفيديو من مظاهرة الضّمير يوم الجمعة 4 آذار/ مارس يقوم مصور الفيديو بالتعليق شارحاً بأنها “جمعة الثورة مستمرة” ما يعيد إلى الذاكرة بدايات ثورات الربيع العربي المحملة بالأمل. كما يتحدث المعلق عن خروج الأهالي للمصالحة بين فصائل متنازعة ما يعكس درجة من الوعي السياسي والاجتماعي الذي لم تغيره سياسات الأسد الوحشية.

وفي حلب التي عانت، وما تزال، من قبل جميع أطراف النزاع خرج الأهالي إلى الشوارع رافعين رايات الحرية وإسقاط النظام منشدين على أنغام أغنية (Jingle Bells): “علو الصوت، علو الصوت. يا بدنا حرية يا أما منموت” وأيضاً: “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد، سوريا لينا وماهي لبيت الأسد”، وهتفوا: “سوريا وِحدة”. ويلاحظ في الفيديو حضور نسائي خجول في المظاهرة.

وهكذا عادت أصداء أصوات السوريين تتردد كما كانت قبل القصف الممنهج الذي استمر لسنوات حيث ردد المتظاهرون عبارات الاحتجاج ذاتها من “الشعب يريد إسقاط النظام” إلى “الموت ولا المذلة” و “يلعن روحك ياحافظ” وغيرها التي تؤكد على وحدة سوريا. قد يدفع هذا بالنظام السوري إلى إعادة النظر في سياساته العسكرية القائمة على الإبادة والتي كلفته وحلفاءه المليارات والتي يبدو بأنها غير ناجعة في رد الشعب السوري عن مطالبه.

وفي سياق الهدنة وخروج الشعب إلى الشوارع مجدداً غرد مستخدم تويتر جيمس صدري متحدثاً عن العلاقة بين وقف إطلاق النار وخروج المظاهرات السلمية:

عندما يتوقف القصف، تعود المظاهرات: “2011 حتى 2016 ومازلنا نريد الحرية”

في حين غرد حساب المجموعة الإخبارية الرقة تذبح بصمت عن مظاهرات يوم الجمعة 4 آذار/ مارس قائلاً: “مازلنا نريد الحرية”

مازلنا نريد الحرية. مظاهرات اليوم ضد بشار الأسد

وقد كان من اللافت في صور المظاهرات التي تم تداولها غياب الأعلام السوداء لداعش وغيرها من التنظيمات المتشددة مما قد يعيد رسم الصورة العامة عن الثورة السورية عموماً والسوريين خصوصاً، والتي ساهمت وسائل الإعلام التقليدية بنشرها، والتي تصور السوريين على أنهم إرهابيون متشددون وتروج فكرة غياب أي صوت معتدل في سوريا وتحول من تبقى من المطالبين بالثورة إلى إسلاميين مطالبين بدولة دينية.

على الرغم من القيمة الثمينة لوقف إطلاق النار هذا، وهو الأول من نوعه منذ بداية الثورة السورية من خمس سنوات، بما يحميه من أرواح سورية وما يحمله معه من بوادر أمل بحل ربما قريب في ظل مناخ من التشاؤم طال أمده، تبقى الأزمة السورية أحد أعقد أزمات الربيع العربي وأكثرها دموية وتبقى الشكوك قائمة حول شكل الحل ووقته.