ها قد مر ما يقارب الأسبوع على إدلاء الروس بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، ما ترك متسعًا من الوقت أمام شيوع اتهامات بتزوير واسع النطاق. يبدو أن الكشف الأهم عن سير العملية الانتخابية قد جاء على يد المدون والفيزيائي سيرجي شبيلكن الذي نشر إحصائيات توحي بتزوير حوالي نصف الأصوات التي ذهبت إلى الحزب الحاكم روسيا الموحدة.
ويقول شبيلكن، الذي سبق له نشر إحصائيات مشابهة عن تزوير واسع لانتخابات 2011، أن نسبة الاقتراع الحقيقية أقل بـ11 بالمئة من النسبة الرسمية المعلنة، ما يعني ببساطة فبركة ملايين الأصوات. (وفق تحليل شبيلكن لبيانات الانتخابات، يخالف أداء حزب روسيا الموحدة يوم الأحد الماضي الفرضيات الأساسية التي يستعين بها علماء السياسة لتعريف الانتخابات الحرة والنزيهة).
في يوم التصويت، توفرت أدلة معنوية عديدة على نظرية شبيلكن بفضل جهود الصحافيين الذي غطوا الانتخابات من مختلف مراكز الاقتراع في روسيا. على سبيل المثال، أجرت وكالة رويترز استطلاعًا عشوائيًا لأحد عشر مركز اقتراع، حيث أوفدت مراسليها إلى وسط روسيا وغربها لإحصاء الناخبين ورصد أي خروقات.
ويوثق تقرير رويترز، وعنوانه “ناخبون أشباح وأصوات مهربة يشيران إلى تجاوزات في الانتخابات الروسية“، عدة مخالفات منها إدلاء ناخبين بأكثر من صوت إضافة إلى شكوى ضد عدّاد ميكانيكي استعان به أحد الصحافيين بدعوى كونه “جسمًا ذا طبيعة إشعاعية”.
في 22 سبتمبر/أيلول، قرر المدون الروسي المقيم في الولايات المتحدة ألكسندر كيريف مقارنة نتائج التصويت في مختلف دوائر مدينة أوفا بهدف قياس الأثر المحتمل لاستطلاع رويترز. وجد كيريف صلة بين تواجد المراسل جاك ستبز (الذي اتهم بكونه جاسوسًا أمريكيًا رغم أنه بريطاني) في مركز الاقتراع رقم 62 وبين النتائج التي تختلف بشكل كبير عن نتائج باقي مراكز الاقتراع في المنطقة.
في منشور على موقع LiveJournal تحت عنوان “كيف أنقذ جاسوس أمريكي أصوات سكان قرية باشكورستانية“، يوضح كيريف عبر رسم بياني (ورسم كاريكاتوري لجاسوس) أن مركز الاقتراع رقم 62 يقع في واحدة من دائرتين في مدينة أوفا كانت فيهما نسبة الإقبال دون الثلث. ما يزيد من غموض الموضوع أن حزب روسيا الموحدة نال هناك دعمًا أقل من أي مكان آخر، بينما فاز حزب يبلوكو الصغير والمعادي للكرملين بـ20 ضعف عدد الأصوات التي حازها في سائر دوائر أوفا.
(عناوين الأعمدة أدناه من اليسار إلى اليمين: نسبة الإقبال، روسيا الموحدة، الحزب الديموقراطي الليبرالي الروسي، يابلوكو، الحزب الشيوعي، روسيا العادلة. يمثل كل صف بعد صف عناوين الأعمدة مركز اقتراع مختلف.)
لطالما كانت الإحصائيات عرضة للتأويل، ولعلّ نتائج مركز الاقتراع رقم 62 ما هي إلا نشاز قياسًا بالاتجاهات التي سادت عملية الاقتراع. أما في حال لم تكن النتائج نشازًا، فمن الممكن أن أحد مراسلي رويترز قد نجح في فضح حقيقة الانتخابات في روسيا.