أطلقت مجموعة من الناشطين والأكاديميين من أوكرانيا وروسيا وروسيا البيضاء وكازاخستان وأذربيجان الجمعة الماضية منصة “سبتمبر“، وهي موقع على شبكة الإنترنت، يأملون منه أن يكون منبرًا للحوار اليساري بين دول الاتحاد السوفييتي السابق. وقد انبثق المشروع من مبادرة “Commons” في أوكرانيا، ومبادرة “Pravsvet” في روسيا البيضاء، وغيرها من المبادرات الإقليمية اليسارية، والتي تهدف إلى تقديم رؤية انتقالية حول يساريّة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وسيضم الموقع مقالات بأقلام كتّاب من جميع دول المنطقة.
تقول أليونا لياشيفا، وهي محررة على منصة “سبتمبر” وطالبة دكتوراه بجامعة ميلانو بيكوكا ،أن غياب الأصوات اليسارية القوية في أوكرانيا وغيرها من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق كان واحدًا من الدوافع الرئيسية وراء هذا المشروع. كما تقول أيضًا أن الخطاب العام يهيمن عليه التيار والسياسة اليمينية، مما همّش الأفكار اليسارية “ففي أوكرانيا، على سبيل المثال، هناك آراء ليبرالية ويمينية حول الحرب في الشرق، ولكن لا شيء من اليسارين. لما لا؟”
وتقول صفحة “About Us” على موقع منصة “سبتمبر”:
Во многих постсоветских обществах сегодня происходят активизация ультраправых движений, заражающих наши страны ксенофобией, неолиберальные реформы, умножающие бедность, и территориальные споры, ведущие к кровопролитию. Эти явления редко сопоставляются друг с другом и рассматриваются в межрегиональной перспективе. Такие глобальные тренды как влияние новых технологий на общества также редко подвергаются анализу в контексте постсоветского пространства.Сентябрь нацелен на заполнение этих пробелов посредством выстраивания связей и диалога поверх государственных границ и даже линий вооруженных конфликтов.
In many post-Soviet societies we have seen the birth of far-right movements that infect our countries with xenophobia, as well as neoliberal reforms that increase poverty and territorial disputes that lead to bloodshed. These phenomena are rarely discussed together and are observed in an inter-regional perspective. Global trends like the influence of new technologies on society are also rarely the subject of analysis in the context of the post-Soviet space. September aims to fill this space by building connections and dialogue across state borders and even across lines of armed conflict.
شهدنا في كثير من المجتمعات ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ولادة الكثير من الحركات اليمينية المتطرفة التي حولتنا إلى بلاد كارهة للأجانب، فضلًا عن الإصلاحات الليبرالية الجديدة التي أدت لزيادة الفقر والنزاعات الإقليمية التي أودت إلى سفك الدماء. ونادرًا ما نوقشت كل هذه الظواهر معًا وقد لوحظ ذلك في كثير من الأقاليم بالمنطقة. إن الاتجاهات العالمية مثل تأثير التقنيات الحديثة على المجتمع أيضا نادرًا ما تخضع للتحليل في سياق عالم ما بعد الاتحاد السوفياتي. وتهدف سبتمبر إلى ملء هذا الفراغ من خلال بناء العلاقات والحوار عبر حدود الدول، وحتى عبر خطوط النزاع المسلح.
تبرز منصة سبتمبر شعارها بشكل فج فتقول “إنه ليس أكتوبر بعد، لكنه قريب”، ملمحةً إلى ثورة جديدة مرتقبة. ومع ذلك، لا تحمل لياشيفا وزملاؤها أية مشاعر تعاطف مع النظام الشمولي الذي جاء إلى السلطة في أكتوبر 1917. كما تقول، أن ارتباط اليساريين بالاتحاد السوفييتي يشكل مشكلة لليساريين المعاصريين: “عندما تتحدث عن اليسار هنا ، فإن الناس ينسبونك إلى الشيوعيين القدامى والاتحاد السوفياتي. وهذا ليس ما نحن عليه … نحن لا نريد أن يكون هناك نجمة حمراء على موقعنا الإلكتروني “.
إن منصة سبتمبر، والتي تم تمويلها ذاتيًا، ستغطي عدة موضوعات تتراوح بين السياسة المعاصرة والنظرية السياسية للعلوم والتعليم. ويوجد حاليًا 18 شخصًا في هيئة التحرير بالإضافة إلى شبكة من المساهمين في جميع أنحاء المنطقة، والتي تأمل لياشيفا لها أن تتسع.
وفي الوقت الراهن تم تدشين منصة سبتمبر فقط في روسيا، على الرغم من أن المحررين قد وضعوا خطة لترجمة النصوص من المنشورات ذات الميول اليسارية مثل Jacobin وOpen Democracy. فإن المشاركات الحالية على الموقع تشمل “الليبرالية الجديدة بالسمات الروسية،” لإيليا ماتفيف و “ضباب” الحرب الهجينة ‘: لماذا من الخطير أن تفكر بشكل هجين، ” لفلاديمير أرتيوخ.
وفيما عدا إعطاء صوت للأفكار اليسارية، فإن لياشيفا تعتقد أن منصة سبتمبر لديها الفرصة لتغيير طريقة تفكير الناس في الغرب وفي المنطقة بخصوص دول الاتحاد السوفييتي السابق:
We understand that there are numerous commonalities and interconnections among the post-Soviet countries, in terms of economic interdependence and cultural commonalities. For example, even after two years of war, Ukraine's biggest trade partner is Russia (if we are not counting the EU as one country), and Russia's political and military presence is overwhelming in the region. This creates a basis for structural interconnectedness of the area, which is either ignored in [the West] or subsumed under more general categories of ‘post-socialism’, ‘transitional economies’, etc. If we want to know how to act in these circumstances, we need to have a clear shared idea of what is actually happening. But at the same time we do not dream about any sort of ‘pan-Eurasian’ unification on this post-Soviet basis, and do not have any Soviet nostalgia.
نحن نفهم أن هناك العديد من القواسم المشتركة والترابط فيما بين بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، من حيث الترابط الاقتصادي والقواسم الثقافية المشتركة. فعلى سبيل المثال، حتى بعد عامين من الحرب، فإن أكبر شريك تجاري لأوكرانيا هي روسيا (وذلك في حالة إذا ما لم نعتبر الاتحاد الأوروبي دولة واحدة)، والوجود السياسي والعسكري الروسي في المنطقة ساحق. مما يخلق أساسا للإرتباط الهيكلي للمنطقة، والتي إما تم تجاهلها في [الغرب] أو إندرجت تحت فئات أكثر عمومية من ‘ما بعد الاشتراكية'، أو ‘الاقتصادات الانتقالية، وإذا أردنا أن نعرف كيف نتصرف في هذه الظروف، فإننا بحاجة أن يكون لدينا فكرة مشتركة واضحة لما يحدث في الواقع. ولكن في الوقت نفسه نحن لا نحلم بأي نوع من توحيد “القومية الأوروآسيوية” على هذا الأساس بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وليس لدينا أي حنين إلى الماضي السوفييتي.
يوافق فلاديمير أرتيوخ، وهو محرر في منصة سبتمبر وطالب دكتوراه في جامعة أوروبا الوسطى في بودابست، لياشيفا الرأي فيقول إنه يريد للمشروع أن يتحدي الأطر المعينة الموجودة والتي فرضها الغرب عليهم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. ومع ذلك فهو يرى منصة سبتمبر مشروعًا لتناول القواسم المشتركة في المنطقة.
إنه أكتوبر الآن، والثورة لم تأت بعد. وقد بدأ سبتمبر لتوه من جديد.