- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

مرحبًا فودافون: ماذا يعني أن تدخل شركة اتصالات عالمية عملاقة إيران؟

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, النشاط الرقمي, تقنية, حرية التعبير, حقوق الإنسان, حكم, صحافة المواطن, أدفوكس
Vodafone is on its way to Iran. Photo by Tom Purves via Wikimedia (CC BY-SA 2.0) [1]

أعلنت فودافون أنها ستدخل سوق الهاتف والإنترنت الإيراني. صورة توم بيرفيز من ويكيميديا

في 18 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت [2] شركة الاتصالات العالمية العملاقة فودافون ومقرها الرئيسي في المملكة المتحدة عن خطط لدخول سوق تشغيل الهواتف الإيراني. وقالت فودافون أنها ستتعاون مع هاي ويب، وهي مشغل هواتف صغير ينتمي للقطاع الخاص.

حسب إعلان [2] فودافون وهاي ويب،سيتم تسويق هذه الخدمات للمستهلكين باستخدام العلامة التجارية لهاي ويب. وستقوم فودافون بمساعدة هاي ويب في “تحديث وتوسيع البنية التحتية للهاتف الارضي وخدمات الإنترنت عبر الهاتف الجوال للمستهلكين من الأفراد والشركات،” في تقرير لول ستريت جورنال [3]. ستمكن هذه الشراكة عملاء فودافون الدوليين من استخدام خدمات الهاتف المحمول في إيران في خطوة شبيهة للشراكة التي عقدتها شركة الاتصالات الأمريكية اية تي أند تي [4] مع مشغل الهواتف الإيراني رايت تيل مؤخرًا لتوفير تغطية للهواتف الجوالة التي تعمل بشرائح أمريكية في إيران.

في حين أن فودافون لن تكون شريك مباشر (واصفة الاتفاق بأنه اتفاق لشريك غير مساهم) يظل من الصعب تجاهل حجم التواطئ بين فودافون والأجهزة الإيرانية لمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية. تملك أغلب البلدان سوابق بإجبار شركات الاتصالات الأجنبية على التعاون مع حكوماتها في مراقبة الاتصالات. إيران لاتعد استثناءً في هذا الصدد.

خلال عام 2010 في إيران، قامت شركة نوكيا سيمنز بمساعدة الاستخبارات الإيرانية في القبض علي الصحفي والمصلح السياسيي الإيراني عيسى ساهرخيز [5]. حيث تم القبض عليه بعد تعقب هاتفه الخلوي عن طريق أداة مساعدة قامت نوكيا سيمنز ببيعها لشركات الاتصالات الايرانية المملوكة للدولة.

وفي هذا الإطار لا تمتلك فودافون تاريخًا ناصعًا فيما يخص حماية خصوصية الاتصالات الخاصة بالمستخدمين. وسلطت تسريبات إدوارد سنودن في 2013 الضوء [6] على قيام إحدى الشركات التابعة لفودافون بمساعدة المقر الحكومي للاتصالات في بريطانيا بتجميع بيانات من كابلات الإنترنت البحرية. وكشف تقرير الفايننشيال تايمز [7] أيضًا عن قيام فودافون في الفترة من 2009 إلى 2014 بتسليم كميات هائلة من المكالمات المسجلة للعملاء للبوليس البريطاني. الأبرز كان في فبراير/شباط من عام 2009 عندما كشفت فودافون [8] عن قيامها بتسليم بيانات ومعلومات للسلطات المصرية لمساعدتها في تحرياتها للكشف عن المتظاهرين الذين يحتجون على أزمة الخبز [9].

ثقافة إيران في مراقبة الهواتف

يعد التصنت على المحادثات الهاتفية ممارسة معتادة في إيران منذ الخمسينات. [10] بعد البدء في استخدام الهاتف الأرضي بعد الحرب العالمية الثانية، ارتبط مصطلح shunood (يعني المتنصت) بمراقبة الحكومة للاتصالات. يطلع عامل الهواتف عادةً على محادثاتك حيث يعمل بالاساس على ربط الاتصالات بين العملاء. وهكذا كان معروفًا أن عامل الهواتف يستمع دائمًا للمحادثات الهاتفية. ومن ثم دخل هذا المصطلح في كل أنواع مراقبة الاتصالات. يطلق على صفحة ويكيبيديا الفارسية الخاصة بالمراقبة “shunood ertebatat mokharebati [11],” التنصت على الاتصالات السلكية واللاسلكية.”

Cartoon by Doaa Eladl.

صورة كارتونية لدعاء العدل، مصرح بإعادة استخدامها.

غير التقدم التكنولوجي في السنوات الأخيرة من وسائل الحكومة في المراقبة من مجرد التنصت إلى التنقيب عن البيانات وجمعها وكذلك التصنت باستخدام مايسمى حزم التفتيش العميقة [12] والتحكم في البيانات الوصفية والتي يتم جمعها عن طريق شركات الاتصالات والتصنت بصوره المعروفة والذي يعد من أشهر أنواع المراقبة والتجسس المستخدمة داخل إيران. بينما توجد قوانين لحماية خصوصية الأفراد، تتعارض سياسات وممارسات الدولة غالبًا مع تلك القوانين، فغالبًا ما نجد تبريرات لأعمال المراقبة التي تقوم بها الدولة في حالة تعرض الثورة الإسلامية إلى الخطر والتهديد (الثورة الإسلامية مصطلح يشير إلى المبادئ العليا التي تؤسس الجمهورية الإسلامية وبنية القوى التي تحافظ على مواقع ومناصب النخبة الحاكمة).

مع مرور الوقت، أثارت حوادث مثل مساعدة ياهو للحكومة الصينية [13] في القبض على صحفي في عام 2002 أو القبض على ساهرخيز في 2010 بمساعدة نوكيا-سيمنز ضغوط متزايدة من قبل المجموعات الحقوقية [14] لمحاسبة شركات التكنولوجيا وتحميلها مسؤولية تزويد الحكومات بالإمكانيات التي تساعد على المراقبة والقمع.

ماذا يحمل اتفاق فودافون للإيرانيين؟

تأتي مثل هذه الشراكات الدولية بعد تخفيف الولايات المتحدة الأمريكية للعقوبات التي كانت مفروضة قبلاً فيما يخص برنامج طهران النووي، حيث لم يكن ذلك ممكنًا قبل رفع العقوبات في مطلع هذا العام. ويعتبر هذا الأمر خطوة جيدة للتغيير الذي من الممكن أن يطال خدمات الإنترنت والبنية التحتية للاتصالات، حيث يوجد مجال واسع لاحتمالات إحراز تقدم هائل في تطوير شبكة الهاتف الثابت والمتحرك البطيئة جدًا والمراقبة الوثيقة من جانب السلطات في إيران.

وطبقاً لما أعلنته الشركتان سيتمكن الإيرانيون من التمتع بالخدمات عن طريق هاي ويب، وهي شركة تم تخصيصها في عام 2009 وتعمل بشكل مقرب مع [15] وزارة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا لتمد 25 ألف قرية في إيران بإنترنت عالي السرعة لمدة 10 أعوام.

وعلى الرغم من ذلك، لايبدو أنه سيترتب على دخول فودافون إلى السوق الإيرانية بيع الهواتف وخدمات الإنترنت باستخدام العلامة التجارية الخاصة بها. وقد يعني هذا عدم وجود قدرة كبيرة على محاسبة فودافون فيما يخص ممارستها التي من المحتمل أن تؤثر على حقوق المستهلكين الإيرانيين في الوقت الذي لم تقم فيه الشركة بأي تصريحات علنية فيما يخص هذا الموضوع.

flag_of_iran-svg

صور للعلم الإيراني يتوسطها العلامة التجارية لفودافون.

تم تصميم البنية التحتية للإنترنت في إيران لتسهل سيطرة الدولة على شركات الاتصالات ومزودي خدمة الإنترنت. ويحب على كل شركات الاتصالات والإنترنت الحصول على رخصة التشغيل من شركة اتصالات إيران وهي فرع العمليات التابع لوزارة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المسيطر الرئيسي على توزيع خدمة الإنترنت في إيران.

عندما حاولت الحكومة الإيرانية بيع شركة اتصالات إيران، قام الحرس الثوري بشراء نصف أسهم الشركة عن طريق إحدى الشركات التابعة له. الحرس الثوري [16] هو أحد أفرع القوات المسلحة الإيرانية وغالبًا مايضطلع بأنشطة الاستخبارات والمراقبة وقمع المعارضين حيث دائمًا ماينُظر إلى الصحفيين وغيرهم من الناشطين على أنهم خطر على الثورة الإسلامية. كما يسيطر المجلس الأعلى للفضاء السيبراني على جميع هيئات الدولة الإيرانية المسؤولة عن خدمات الإنترنت وهو هيئة مسؤولة أمام مكتب المرشد الأعلى.

بغض النطر عن أي اعتبارات أخرى، فإن دخول فودافون إلى السوق الإيرانية تحت مظلة هاي ويب يعني وقوعها في دائرة النفوذ الحكومي.

ومن جانب أخر يبقى الحرس الثوري الإيراني، المشارك في إدارة قطاع الاتصالات في إيران، واقعًا تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية لتورطه في أنشطة تتعلق بالإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان. عند دخول شركة أورنج الفرنسية للاتصالات للسوق الإيرانية، أصدرت الشركة بيان [17] تعبر فيه عن جهودها لتجنب التعامل مع الحرس الثوري الإيراني في محاولة للاستجابة مع العقوبات المفروضة عليه:

We are conducting feasibility studies to understand and assess what's possible in this complex environment, particularly with regards to certain economic sanctions that apply to Iran.

نقوم بإجراء دراسات الجدوى للوصول إلى أفضل السبل والفرص في هذا الوضع المعقد، خصوصًا فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

وقد اعترفت فودافون بواجبها في الالتزام بالتعريفات المختلفة للقوانين المحلية للبلد الذي يعملون به. وكنتيجة لذلك قامت الشركة بإطلاق تقرير الإفصاح عن تنفيذ القانون [18] في كل بلد من البلاد التي يعملون بها في 2014، في عرض للطلبات المقدمة من الحكومات وكذلك المعلومات والبيانات التي تم تسليمها. ومن غير الواضح عما إذا كانت هذه الاتفاقية الفضفاضة ستعمل على إضافة اسم إيران إلى وثيقة الشفافية أم لا.

على الرغم من التنوع المتوقع وجوده في سوق الاتصالات الإيرانية بعد دخول فودافون، تظل الضغوط والمراقبة المستمرة لتعاون فودافون مع الشركات الإيرانية بالنظر إلى سوابقها في التعاون مع الحكومات في كل من مصر والمملكة المتحدة.