- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

أنت صحافي إلكتروني؟ غير مرحب بك في نقابة الصحفيين المصريين

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, مصر, الإعلام والصحافة, النشاط الرقمي, حرية التعبير, حقوق الإنسان, صحافة المواطن

مصدر الصورة: موقع رصيف 22

نشر الموضوع لأول مرة على موقع رصيف22 [1]، وتعيد الأصوات العالمية نشره باتفاق مع الموقع

بقلم: مصطفى فتحي

في أغطس الماضي وبعد سنوات من العمل في موقع البوابة نيوز [2] الإخباري، تم فصل الصحافي المصري أحمد فتح الله [3] مع قائمة تزيد عن الأربعين من زملائه المحررين، بعدما أعلمهم الموقع أنه يود تقليل الإنفاق.

ذهب فتح الله مع زملائه لمقر نقابة الصحفيين المصريين بوسط القاهرة باحثين عن من يقف بجانبهم ليحصلوا على حقوق نهاية الخدمة. لكن رجل الأمن الواقف على بوابة النقابة رفض حتى دخولهم إلى مقر، قائلاً لهم إن المكان مخصص لمن يملكون بطاقة العضوية فقط.

اتصل فتح الله وزملاؤه بأعضاء من مجلس النقابة وسألوهم إذا كانوا أعضاء بالنقابة التي تمثلهم، فأجابوهم بالنفي وأعطوهم وعوداً بحل مشكلاتهم.

“كنت أعلم أنه من الوعود التي لن تنفذ، النقابة لا تعترف بنا، كيف لنقابة رفضت دخولنا أن تقف بجانبنا؟ هي لا تعترف بأننا صحفيون من الأساس”، يقول فتح الله لرصيف22.

الواقع: أن تكون صحافياً إلكترونياً في مصر

في العامين الأخيرين تم تسريح مئات الصحفيين المصريين من المواقع كبوابة نيوز، ودوت مصر، وموقع المصري اليوم، وبوابة الشروق وغيرها، في خطوة وصفت بأنها مجزرة ضد الصحافيين الإلكترونيين. السبب هو الأزمات المادية التي واجهت ملاك تلك المواقع وجعلتهم غير قادرين على توفير رواتب لموظفيهم، وهو أمر تشهده الساحة الإعلامية حول العالم، والكثير من الصحف المطبوعة.

الفرق الذي يعيشه صحفيو المواقع هذه هو أنهم لم يتمكنوا من الحصول على أي مستحقات لهم.

هنالك أسباب عدة دفعت إلى ذلك، فهم أولاً ليسوا أعضاء بنقابة الصحفيين، وذلك لأنها تضع شروطاً، لا تنطبق عليهم، للحصول على عضويتها. فيجب أن يعمل الصحافي في صحيفة ورقية قومية أوحزبية، تصدر عن شركات مساهمة مصرية، أنشئت بغرض إصدار الصحف، بحسب المادة 15 [4] من لائحة القيد الجديدة بنقابة الصحفيين، والتي أقرها مجلس النقابة برئيسيها السابق يحيى قلاش. كما تطلب أن يكون الصحافي حاصلاً على تأمين ويربط وبينه وبين الصحيفة التي يعمل بها عقداً رسمياً.

قد يبدو هذا الشرط منطقياً، إلا أنه بعيد عن الواقع، فالمواقع الإلكترونية ترفض توقيع أي عقود رسمية مع المحررين حتى لا تتعرض لأي مساءلة حين تفصلهم في أي وقت. من جهتهم، يقبل الصحفيين بالأمر بسبب قلة فرص العمل.

الأزمة الحقيقية في عدم اعتراف النقابة بالصحفيين الإلكترونيين تكمن في الأخطار التي يواجهونها أثناء مزاولتهم لعملهم دون العضوية، حيث يضعهم ذلك في خانة “منتحل صفة صحافي”. وقد يعرضهم ذلك للمساءلة، ويعطي الدولة الحق في توقيفهم أو القبض عليهم، لأسباب سياسية، بغطاء قانوني.

وهو ما حصل عام 2013 حينما حوكم الصحافي أحمد أبو دراع بمحكمة عسكرية، وصرح [5] المتحدث العسكري حينها، العقيد أحمد علي، أن أبو دراع ليس عضواً بالنقابة وبالتالي هو “ليس صحفياً”، على الرغم من مزاولته للمهنة وعمله في بوابة المصري اليوم [6].

“النقابة لا تعبّر عني”

“لا أشعر أن نقابة الصحفيين تعبّر عني” هكذا يقول الصحافي محمد، وهو اسم مستعار. عمل لعامين ونصف العام في موقع دوت مصر الإخباري، قبل الاستغناء [7] عن خدماته.

يحكي لرصيف22 عن اليوم الذي عرف فيه أنه مفصول من عمله. فقد علم فجأة ومن دون سابق إنذار أن مالكاً جديداً اشترى المؤسسة، وهو رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة. لم تمض أيام قليلة حتى علم أن هناك 90 شخصاً سيتم الاستغناء عنهم، هو أحدهم، دون معرفة السبب. كان ذلك يوم الثلاثاء 19 يوليو/تموز 2016.

“لم نعرف سبب الاستغناء، وكنا جميعاً نعمل بجد وإخلاص. أخبرتنا الإدارة أنه سيتم دفع راتب 19 يوم عمل فقط لا غير”، يقول محمد لرصيف22.

بدأ مع زملائه اعتصاماً في مكان العمل وحاولوا اللجوء للنقابة للمطالبة بحقوقهم، التي تشمل مرتب شهرين عن كل عام بالإضافة إلى راتب شهر يوليو كاملاً.

صورة للذكرى

حضر مندوبان عن النقابة، لكنهما لم يتمكنا من تأمين أكثر من مرتب شهر واحد، وأجر 19 يوماً عمل محمد خلالها في شهر يوليو/تموز. كانت الحجة أنه وزملاءه غير معينين في جريدة ورقية، ولا تستطيع النقابة الحصول على أكثر من ذلك، والتمسك بحقوقهم يتطلب اللجوء إلى المحاكم دون تدخل النقابة. فانتهى الأمر بقبولهم بالتسوية.

“أحدهم طلب أن يلتقط معنا صورة وكأنه قادم فقط ليقول لوسائل الإعلام إن النقابة مهتمة وقد حلت المشكلة. فرفضنا ذلك، ولكنه التقط الصور مع رئيسة التحرير، التي بادرت بنشر الخبر عن دور النقابة في حل المشكلة وحصول المفصولين على كامل حقوقهم. وهو ما لم يحدث بالطبع”، يقول محمد لرصيف22.

مطلوب تحديث قانون النقابة

في بهو نقابة الصحفيين المصريين بوسط القاهرة، التقى رصيف22 بالصحافي المصري وعضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين عبدالرحيم آغا. يقول آغا لرصيف22 وهو ممسك فنجان القهوة: “قانون نقابة الصحفيين قديم ولم يتم تحديثه بما يتلاءم مع متطلبات الصحافة”.

برأيه، لم يهتم القائمين على النقابة منذ ثورة يناير 2011 وحتى الانتخابات الأخيرة [8] بالدخول في معارك جانبية لإجراء تغيرات، للحفاظ على مكتسباتهم من النقابة غير مكترثين بالشباب وما يعانونه من فصل تعسفي وطرد وتسريح. وقد دخل بعضهم فى صراعات جانبية، ليس للشباب فيها ناقة ولا جمل.

الحل برأيه يكمن في أن يطالب أعضاء الجمعية العمومية بنقابة الصحفيين بتحديث قانون النقابة، والعمل على استحداث وحدة خاصة داخل المجالس الإعلامية المنتظر تشكيلها بهدف احتواء الصحفيين الإلكترونيين.

بدون ذلك ستشهد المهنة مزيداً من الأزمات.

نقابة بديلة؟

في مقر الاتحاد العربي للصحافة الإلكترونية بوسط القاهرة، والذي يستضيف نقابة للصحفيين الإلكترونيين، قابل رصيف22 أحمد أبو القاسم، السكرتير العام لهذه النقابة البديلة. يقول أبو القاسم أن النقابة الرسمية، والتي تتلقى دعماً حكومياً، لا تعترف بنقابتهم التي تأسست عام 2011 دون أن تلقى دعماً حكومياً. ولا تعترف بدورها في الدفاع عن آلاف الصحفيين المصريين الذين يعملون في مواقع إلكترونية.

وقد سبق أن هاجم [9] النقيب السابق للصحفيين يحيي قلاش عام 2015 حملة #أنا_صحفي_إلكتروني [10] التي شاركت فيها نقابة الصحفيين الإلكترونيين، ووصفها بالحملة المشبوهة. كما رفض [11] نقيب الصحفيين الحالي، عبد المحسن سلامة [12]، أن يكون هناك نقابة مستقلة للصحفيين الإلكترونيين، معتبراً أن النقابة تنظر للأمر “من خلال ضوابط صارمة وهياكل مالية وتحريرية”.

لذلك يرى أبو القاسم أن النقابة لا تكتفي بعدم الاعتراف المهني بالصحافة الإلكترونية والصحفيين الإلكترونيين، بل تقف أمام أي محاولات جادة لإنشاء نقابات مهنية جديدة تعوض هذا التقصير.

مصير الآلاف

“من الواضح أن النقابة غير مرحبة بهم وليس لديها الرغبة في فتح بابها لهم”، يضيف أبو القاسم.

ويؤكد أبو القاسم أن الإشكالية ما زالت قائمة على الرغم من انتزاع اعتراف بالصحافة الإلكترونية في المادة 70 من دستور 2014، والتي نصت صراحة على إنشائها  كمهنة جديدة بعدما فُصلت عن الصحافة المطبوعة. فما زالت هناك نظرة تقليدية في النقابة تقاوم انضمام الصحفيين الإلكترونيين إليها، وهذا يستوجب تعديل القانون 76 لسنة 70، أو إنشاء نقابة مهنية للصحفيين الإلكترونيين.

يتساءل أبو القاسم عن مصير آلاف الصحفيين الذين يعملون في مواقع إلكترونية بدون مظلة تأمينية تحمي حقوقهم بعد سنوات العمل. هو يرى أن نضالهم مستمر لانتزاع حقوقهم وتوفير مظلة مهنية لهم، تماماً كما خاضت النقابة التقليدية ذاتها نضالاً لعشرات السنين مع نهاية القرن قبل الماضي وصولاً لتأسيسها في مطلع الأربعينيات.