الطقس المعتدل وتفتح زهور الكرز الجميل يجعلان الربيع أفضل الفصول في اليابان، ويحرص كثير من الزائرين للبلد على توفيق مواعيد رحلاتهم بما يتوافق مع وقت إزهار أشجار الكرز المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.
ولكن بعض اليابانيين يكونون أقل تحمسًا للترحيب بالطقس الدافئ لأن الربيع في اليابان يحمل مع ما يمثل تهديدًا مخفيًا.
وما يظهر عائما في السماء وقت الربيع هو سحابة من بذور اللقاح، وما تحمله من مسببات للعطس والشهق والحكة في العين والأنف التي تلحق بمن أصاب بحمى القش في جميع أنحاء الأرخبيل الياباني.
الربيع في اليابان ليس مجرد تزهر أشجار الكرز بل يعني الكثير
عندما تفكر في وقت الربيع في اليابان، أول ما يتبادر في ذهنك السحب البديعة من الزهور الوردية المتشكلة بشكل غزل البنات وتعرف باليابانية ساكورا (桜) وتتفتح الزهور أولاً في جنوب غرب اليابان متجهة من الشمال إلى الشرق في أنحاء الأرخبيل المعروفة باسم “طلعة ازهار الكرز” أو (桜前線).
おはよーござまーす??早咲きの桜が満開だった! pic.twitter.com/h9G9lbaGrc
— きるしー@鞄鯖 (@kilcy_kilcy) 2017年3月28日
صباح الخير. اكتمل تفتح زهور الكرز المزهرة مبكرًا.
عندما يبدأ الطقس في التدفئة ليست الازهار وحدها التي تسلك مسلكها في اليابان بل أيضًا سحب اللقاح التي تتحرك من الشمال إلى الجنوب وتعيث فسادًا بتسببها الجيوب الانفية لمصابي حمى القش.
هجوم لقاح شجرة الأرز السنوي على اليابان
ليست الأزهار هي المسببة لحمى القش في اليابان إنما تكمن الطامة في لقاح الأشجار، خاصة شجرة الأرز أو سوجي (杉, Cryptomeria japonica)، وخشب السرو الهنوكي (檜, Chamaecyparis obtusa).
يبدأ موسم حمى القش في غرب وشرق اليابان (بما فيها طوكيو) في الفترة ما بين شهر يناير ومنتصف شهر فبراير، عندما يبدأ الطقس في التدفئة، ويصل انتشار لقاح شجرة الرز ذروته أواخر مارس إلى أول إبريل ثم يبدأ يتناقص تناقصًا ثابتًا بينما يقل تواجد لقاح خشب السرو بعدها بما يقرب من شهر.
يوثق الكثير من المواطنين اليابانيين أعراض الإصابة عبر تويتر.
花粉症がもろ出ちゃってつらい…?
ティッシュがない時は鼻水垂れっぱなしだけど、それもファッションです。— はやしん【レイターズ】? (@laters_hayashin) 2017年3月9日
أصبت بحمى القش وأشعر بالسوء
كلما أصبت بها ولا توجد معي المناديل، لا تتوقف أنفى عن السيلان وهذا ما يبدو عليه شكلي كاملاً
今日だけでクシャミ60回はしてます??
キタキタキターーーー花粉!!!— 前田まみ(吉本新喜劇) (@mami_8224) 2017年3月9日
في هذا اليوم عطست ما يقرب من 60 مرة… هااااااااااا قد أتى القاح!!
رصد “طلعة لقاح شجرة الأرز”
يرصد الإعلام الياباني موسم اللقاح سنويًا ويوثقه في تقارير وغالبا تكون بنفس النمط التي توثق فيها إزهار براعم الكرز وتوضح الخريطة التالية تطور طلعة لقاح شجرة الأرز أو سوجي كافون زينسن (スギ花粉前線) في أنحاد البلاد.
その鼻水、風邪?花粉症?今年もあの季節がやってきた!2017年スギ花粉前線 https://t.co/3jr0Tjvahv pic.twitter.com/eWyyktddBP
— まとめっツイ (@suvosuludov) February 8, 2017
هل يسيل أنفك بسبب البرد؟ أم بسبب حمى القش؟ في هذا الوقت من كل عام تحل “طلعة لقاح شجرة الأرز”
وفي تقرير لجابان تايمز تصرح بأنه على حسب التقديرات يصاب ربع سكان اليابان البالغ عددهم 123 مليون نسمة بحمى القش الموسمية لكنها ليست بالصورة التي كانت عليها قبل الستينات، فكان من النادر وجود حالات حساسية حبوب اللقاح.
إلا أن تفشي حمى القش مرتبط ارتباطًا وثيقًا بسياسة التشجير في اليابان بعد الحرب العلمية الثانية، ففي أثناء بناء اليابان نفسها ازداد الطلب على الخشب فوقع الاختيار على أشجار الأرز والسرو للقيام بعملية التشجير.
لكن الانتشار الواسع لاستيراد الأخشاب الرخيصة ، و النقص الناتج من صناعة التشجير في اليابان تسببا في أن الأشجار التي كان من المفترض قطعها لم تقطع وظلت حتى الآن ولا يقل عمر هذه الأشجار عن خمسين عامًا – العمر الذي يصل فيه نتاج اللقاح ذروته.
تعرض سكان المدينة لأسوا درجات من حمى القش
بينما يظن المرء أن حمى القش تظهر بصورة أشمل في المناطق الريفية بسبب كثرة الأشجار، لكن واقع ما يحدث هو العكس . ففي المدن تسقط حبوب اللقاح على الاسمنت والأسفلت ولا تمتصها التربة، وبذلك فآنها تصعد مرة أخرى وتعيد دورتها.
كما عمل العمران الحضاري في اليابان على تجريف كثير من المزارع وإزالة أوقية الرياح التي تساعد بصورة مباشرة على حجب و ول حبوب اللقاح للمدينة.
والعامل المساعد الأخر في تصعيد مشكلة حمى القش في اليابان هو تلوث الهواء، بالإضافة إلى انبعاثات غازات العوادم وتلوث وجسيمات بي ام 2 الآتية من الصين المسببة في استمرار وجود المشكلة. ويوضح الباحثون اليابانيون أن حمى القش تزداد عند اختلاط اللقاح بالملوثات الأخرى في الهواء وأنها السبب الآخر الذي يعزى إلى ارتفاع نسبة حمى القش في المدن، بينما تقل عادة في المناطق الريفية.
كيف تكافح اليابان حمى القش
أبسط ما يمكن أن يتحصن به المصابون من حمى القش من خلال أدوات مثل القناع والنظارات الواقية لمساعدتهم في مواجهة اللقاح، وطورت شركة يابانية اسمها يونيباك منقي للتكيفات لكي تكون قادرة على امتصاص ما يقرب من 99% من اللقاح في غضون ساعة.
كما تزايدت المعالجة عن طريق نقص التحسس بوجه عام، وذلك بإعطاء المرضى جرعات قليلة من مستخلص اللقاح عن طريق الحقن أو عن طريق نقط الفم لمنع تفاعل الجسم مع اللقاح.
花粉症ヘヴィユーザーの一日は入念な準備から始まる。薬を飲み、ワセリンを粘膜に塗り、マスクとサングラスを着け出かける。一瞬の油断が命取りだ。たった一発のくしゃみでダムは決壊する。その日一発目のくしゃみをいかに抑えるかが勝負の鍵を握る。戦いの日々は続く。 pic.twitter.com/is5UNyF4wy
— クボティ (@tfkuboty) 2017年3月9日
تبدأ المعاناة القاسية اليومية لمصابي حمى القش بالتحضير الدقيق للأدوية ووضع فازلين على الأنف وارتداء القناع والنظارات والخروج ولكن ذلك لن يحميك الا عدة لحظات ثم تهزمك وبأول عطسة ينفتح الباب على مصراعيه ومفتاح فوزك هي صدك لأول عطسة وكل يوم تحتدم فيه المعركة.
ينتهي موسم حمى القش في مايو تاركة منفذًا لرفع معاناة المصابين بحساسية حبوب اللقاح. وطالما ان أشجار الأرز والسرو (وحبوب لقاحها) لن تذهب إلى أي مكان مستقبلاً فاليابان على مقربة من وضع بائس بسبب حمى القش في العام القادم.
ولكنه يوجد جانبًا مشرقًا بفضل ما تقدمه الشركات من إنتاج قناعات تنقية للقاح.