!جراحو التجميل يمرغون الأنف الأرمني
نشرت المقالة التالية عبر موقع EurasiaNet.org بقلم أيريس مولنار ونعيد نشرها هنا بإذن.
يُعد الأنف الأرمني مصدر فخر وطني، ويذهب البعض إلى حد تشبيهه بجبال أرمينيا الشاهقة فكلاهما شامخ دون أي مواربة. لكن، قد لا نجد في لوحات المناظر الطبيعية ما يلبي مقاييس الجمال العالمية هذه الأيام. أصبح عدد متزايد من الأرمن، وتحديدًا من فئة الشابات، يلجأن إلى عمليات تجميل الأنف من أجل اكتساب المظهر الغربي المثالي.
“نحاول كبلدٍ التماهي مع الغرب وينسحب ذلك أيضًا على مقاييسه للجمال”، تقول كريستينا غريغوريان التي مارست الجراحة التجميلية في العاصمة الأرمنية يريفان لمدة 15 عامًا. “ما زلنا فخورين بهويتنا الأرمنية غير أننا أقل فخرًا بملامحنا.”
لا تتوفر إحصائيات رسمية حول عمليات تجميل الأنف في أرمينيا، إلاّ أن الكلام المتداول يشير إلى تنامي الإقبال عليها: حسب غريغوريان، يبلغ عدد العمليات التي تجريها سنويًا حوالي 500 عملية، في حين كانت تجري ما بين 150 و200 عملية قبل 5 سنوات، كما أن العيادات التي تجري عمليات تجميل الأنف في تزايد مستمر.
قد يكون الأنف الأرمني عريقًا إلاّ أن تجميله أمر حديث نسبيًا. فأثناء العهد السوفيتي كانت غالبية عمليات التجميل ترميمية. وأدى الزلزال الضخم في أرمينيا عام 1988 إلى ازدياد الطلب على الجراحة الترميمية، ما دفع الأطباء إلى استغلال خبراتهم في هذا المجال لدخول سوق جراحة التجميل. “كانت هذه بداية تطوّر الجراحة التجميلية في أرمينيا”، حسب كارين دانياليان، الجرّاح التجميلي في يريفان. “باتت عمليات تجميل الأنف أكثر العمليات التجميلية شعبية وشيوعًا في أرمينيا، حيث تشكل نسبة 75 بالمئة من العمليات.”
ويُعد دانياليان أحد رواد مجال تجميل الأنف في أرمينيا. في عام 2002، فقد أطلق مسابقة “الأنف الأكثر أرمنية” التي تمنح الفائز بها عملية تجميل أنف يجريها بنفسه. ووفقًا لدانياليان: كانت المسابقة حينها حيلة دعائية لتحفيز الناس على الخضوع لعمليات تجميل الأنف. أما اليوم، فلم يعد هناك حاجة إلى الدعاية لهذه العمليات. يُقدر دانياليان إجراؤه حوالي 1500 عملية سنويًا، إلاّ أن العدد مرهون بتقلبات الوضع الاقتصادي.
“يقل عدد العمليات مع تردي الوضع الإقتصادي بينما يزيد مع تحسنه.” كما يزعم دانياليان أن الانتكاسة الإقتصادية الأخيرة قد أضرت بسوق الجراحة التجميلية: “لا تمر أرمينيا حاليًا بوقت طيب. ليس الوضع الإقتصادي جيدًا ولا يخضع العديد إلى تلك العمليات.”
وليس الأرمن وحدهم من يخضع إلى عمليات تجميل الأنف في أرمينيا. أدى تطور البنية التحتية وتدني التكاليف (مقارنة بالغرب) إلى طفرة في سوق السياحة الطبية التي يحركها في الأساس الطلب على الجراحة التجميلية. يقول رافي إيليوت، الرئيس التنفيذي وأحد مؤسسي شركة سياحة طبية باسم gettreated.co، أن أغلب زبائنهم من الأرمن المغتربين الذين يزورون البلاد بهدف الخضوع إلى عمليات تجميل الأنف.
وفي حين يعتز الأرمن بهويتهم الوطنية، يبدو أن موضة التخلي عن “الأنف الأرمني” تشي ببعض التناقض. يقول دانياليان، وهو صاحب أنف صغير، أن الناس هذه الأيام يريدون أنوفًا تلائم وجوههم عوضًا عن استنساخ الأنوف السلافية الصغيرة المعقوفة. لكن، من ناحية أخرى، ما زال دانياليان يتلقى طلبات كثيرة لتقليد أنف أنجيلينا جولي الذي يحظى بالشعبية الأكبر بين أنوف المشاهير.
مع ازدياد سهولة الخضوع لعمليات تجميل الأنف وازدياد تقبلها وشعبيتها، هل بات “الأنف الأرمني” مهددًا بالانقراض؟ يضحك دانياليان ويستذكر سؤالًا طرحه عليه أحد مرضاه: “إذا ما أخضعت أنفي لعملية تجميل فهل سيرث طفلي أنفي الجديد؟”
ويوضح دانياليان أن العملية لا تؤثر على الجينات إطلاقًا لذا لن تتغير سمات المواليد.
أعرب إليوت، العامل في السياحة الطبية، عن احترامه للأنف الأرمني المميز قائلًا، “يروقني الأنف الأرمني. إنه يمنح صاحبه شخصية.”
ولا تساير كل الأرمنيات موضة تجميل الأنف، حيث نفت مغنية موسيقى “البوب” سيلفا هاكوبيان شائعات تداولتها الصحف عن نيتها تصغير أنفها الأرمني التقليدي كما قالت أنها فخورة بملامحها الطبيعية.
حسب دانياليان، ما زال القلق يحكم الكثير من النساء بشأن تقاسيمهن الأرمنية المعهودة وأثرها على حظوظهن بالزواج، مشيرًا إلى أن أغلب مريضاته يبررن قرار لجؤوهن إلى عمليات التجميل برغبتهن في العثور على أزواج قائلاً، “إذا كان أنفك كبيرًا، فلن تتزوجي، وبقائك عزباء ليس أمرًا مستحسنًا”.
يقول روبين أبرهاميان، الفائز بالدورة الأولى من مسابقة “أكثر الأنوف أرمنية” والمشارك الذكر الوحيد، أنه ما زال يشعر بالسوء إزاء وصيفته في المسابقة. يقول أبرهاميان، وهو صحفي ومحاضر جامعي في يريفان، “كانت آية في الجمال إلاّ أن أنفها الكبير أضر بمظهرها.” ويعود سبب مشاركة أبرهاميان إلى إصابة في أنفه أثرت على المجرى التنفسي وهو سعيد بعلاج مشكلته إلاّ أنه يضيف، “رغبت بتبادل الأماكن مع وصيفتي حتى يتسنى لها الحصول على أنف أفضل. كنت أحتاج إلى علاج طبي لا غير، أما هي فكانت لتبدو أجمل بأنف أصغر.”