كتبت مادورا تشاكرابورتي هذا المقال وتم نشره على موقع متطوعو الفيديو وهي منظمة عالمية في الهند حائزة على عدة جوائز، المقال هنا هو جزء معدل من المحتوى الأصلي ويعاد نشره باتفاقية شراكة بين الطرفين.
لا يجب أن يجلس الأولاد ويبكوا مثل الفتيات، دمى الباربي للفتيات ومكعبات الليجو للفتيان، تلك بعض الأمثلة البديهية التي تربت عليها الأجيال المختلفة لكن هل هي بالفعل بديهية وغير ضارة؟
الأمر لا يقتصر على ارتداء الفتيات للون الوردي وحسب بل جعلهم يستخدمون لعبة المكنسة ويتعلقون بدمى الحيوانات اللطيفة بينما الأولاد يرتدون الأزرق ويميلون للمغامرات الشيقة والوعرة.
لا يعبأ أغلب الناس بالنظر إلى تلك الفروق الفردية بين الطرفين وينتهي الأمر بتكرارها في كل نواحي حياتهم بأشكالٍ مختلفة، فعندما تعطي فتاةً صغيرة لعبة المكنسة بينما تهدي الولد الصغير قميصًا عليه اسم ناسا فأنت تخبرهم بما يتوقعه المجتمع منهم: أن تكون الفتاة ربة بيتٍ بينما يجتهد الولد ليصبح رائد فضاء.
من الواضح أننا لا نستطيع قراءة نفس القصص أيضًا فالأولاد يحبون الفضائيين بينما البنات يحببن الأرانب اللطيفة.
ما الغاية من هذه الاستراتيجية من محلات toysrus بعرض المكنسة أسفل رداء الأميرات. اجعلوا طموحاتكم أعلى أيتها الفتيات.
الأمر ليس اختلافًا بسيطًا في الأدوار وإنما اختلافًا طبقيًا واضحًا فما من شكٍ أن الناس يرون مهمة رائد الفضاء أصعب بكثير من تنظيف البيت وكنسه.
قامت المراسلة داكسابين بونجابهاي من ولاية غوجارات الهندية باستكشاف فكرة الأطفال في الريف عن الاختلافات بين الأولاد والبنات التي تعلموها من عائلاتهم والبيئة المحيطة بهم، فبالرغم من أن غوجارات ولاية متقدمة اقتصاديًا إلا أن مرتبتها منخفضة في مؤشرات المساواة الاجتماعية بين أفرادها، فطلبت منهم تمثيل أدوار الأولاد والبنات في المواقف المختلفة: كيف يبكي الأولاد؟ يضحكون.. يجلسون.. يقفون.. يمشون.. يرقصون؟ وبالمثل للفتيات، لم تكن إجاباتهم موحدةً كالمتوقع وهو ما يوضحه الفيديو التالي:
في بعض الأحيان تكون الاختلافات متعلقةً بالزي مثل ارتداء الأولاد للوشاح للدلالة على أدائهم دورًا أنثويًا أو ارتداء الفتيات للنظارات الشمسية والقبعة للدلالة على أدائهم دورًا رجوليًا.
بالرغم من ذلك بدت اختلافاتٌ واضحة بين تصرفات الجنسين عندما طلب منهم تقليد الطريقة التي يجلس ويقف ويمشي ويرقص بها كل طرف فبينما يظهر الضحك والبكاء على أنه أمرٌ مشتركٌ ومتشابهٌ بين الاثنين تجد الفتيات والفتيان أجمعوا على جعل الطريقة التي تجلس بها الفتاة أكثر أنوثة وتضع يدها على خدها بينما تضم أرجلها، أما الفتيان فيجلسون بشكلٍ يعطي علاماتٍ رجولية واضحة كعقد أذرعهم على صدورهم أو الجلوس بأرجلٍ متباعدة بمنتهى الراحة.
من المفترض – حسب تصرفاتهم – أن مشية الفتيات مترنحة كأنهن يسرن على أرضٍ غير مستوية بينما يمشي الأولاد في خيلاء رافعين ياقات قمصانهم ومرتدين النظارات الشمسية أغلب الوقت.
الاختلاف الأكبر كان تعبيرهم عن طريقة رقص الأولاد والبنات فالفتيات يرقصن برزانة مرتدين الساري وتقتصر حركاتهم على التلويح بالأيدي وهز الخصر.
بينما ترى الفتيات أن رقص الأولاد أقل تحفظًا واستعراضيٌ معبرٌ عن الفرحة والمشاعر، حتى الأولاد يعتبرون رقصهم معبرًا عن قدرتهم الجسدية أكثر فيتشقلبون ويؤدون حركاتٍ راقصة معقدة.
بالرغم من متعة مشاهدتهم يؤدون تلك الأدوار بحماس إلا أن الفيديو استطاع تسليط الضوء على الاختلافات الجوهرية المتأصلة في نفوسهم طبقًا لقواعد وضعت على أساس الفروق الجنسية بينهم، فالفتيات يرقصن بنوعٍ من التحرر عند تقليدهم رقص الأولاد وهو ما يعني أنهن لسن عاجزاتٍ عن الرقص بتلك الطريقة أو لا يملكن المهارة الكافية أو لا يستمتعن بها لكن هناك قوانين صارمة حددت تصرفاتهم من المجتمع المحيط بهم.
قد يعتقد البعض أن وضع الفتيات أفضل في الحضر أو المدن الضخمة عن الريف لكن هل هذا الأمر صحيح فعلًا؟ راديكا واحدةٌ من العاملات بمكتب متطوعي الفيديو قالت أنها اعتادت تأكيد كونها أنثى في طفولتها:
I had short hair. So all the neighborhood kids would keep referring to me as a boy. I countered them by pointing out my painted nails: how could I be a boy if I was wearing nail polish?!
كان شعري قصيرًا لذلك ظن جميع الأولاد في الحي أنني فتى وكنت أصحح فكرتهم بإظهار أظافري المصبوغة قائلةً: كيف أكون فتى وأنا أصبغ أظافري؟
ليست كل تلك المواقف غير ضارة، فالأولاد يوبخون عند البكاء أو التصرف كالفتيات وهو ما يؤدي أحيانًا إلى مشاكل نفسية حقيقية وطبقًا للقواعد الصارمة للاختلافات الطبقية بين الجنسية يجب على الأولاد ألا يظهروا أي مشاعر ولا يتأثروا بسهولة بما حولهم، أن تجبر طفلًا صغيرًا على التصرف بتلك الطريقة لهو أمرٌ في منتهى القسوة بالتأكيد.
وبالمثل يتم مكافئة الفتيات على التصرف بنعومةٍ ولطف فالفتيات لا يتحلين بالشجاعة وإنما هن “أميرات”، أثبتت إحدى الدراسات أن الآباء أكثر حذرًا من تعرض الفتيات للإصابات البسيطة ويعمدون لاصطحابهن إلى المستشفى أكثر مما يفعلون مع أبنائهم الفتيان بأربع مرات.
ابني مع لعبة المطبخ الجديدة. بفضل والده الذي يساعدني على تخطي قواعد الفروق بين الجنسين في المهن.
عندما لا يجبر الأطفال على الاعتقاد بأفكار الاختلافات والفروق الجنسية بين الطرفين يصبحون قادرين على النظر إلى العالم من منظورٍ يختلف عن العدسات الوردية والزرقاء المعتادة، فالفتى الذي يحب ألعاب المطبخ قد يكبر ليساعد في عمل المنزل بدلًا من الظهور في إعلان مسحوقٍ للغسيل يشجع فيه الرجال على المساهمة في مهام المنزل بتشغيل مغسلة الثياب من وقتٍ لآخر.
تقوم الكثير من النساء حول العالم بالكتابة والرسم والتصميم لتحدي الأفكار التقليدية بتوزيع الأدوار بين الجنسين ودحضها، وصحيحٌ أنهن يقمن بذلك بلطفٍ وباستخدام الفكاهة إلا أنهن يواجهن الإيذاءات الإلكترونية الوحشية أحيانًا من متربصين يحاولون الدفاع عن امتيازاتهم الرجولية! يقع العبء على عاتقنا الآن لتحدي التفرقة بين الجنسين في الأدوار بالقول والكتابة حتى يصبح ارتداء طفلٍ تنورةً ولعب طفلةٍ بألعابٍ قتالية أمرًا طبيعيًا.