- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

الصحفيون اليمنيون بين مطرقة التحالف السعودي وسندان المتمردين الحوثيين

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, اليمن, الإعلام والصحافة, حجب, حروب ونزاعات, حرية التعبير, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, أدفوكس

غارة جوية في العاصمة اليمنية صنعاء في الحادي عشر من مايو/ أيار 2015. تصوير إبراهيم قاسم. استخدمت تحت رخصة المشاع الإبداعي

أقحم الصراع الذي اندلع [1]فى اليمن، منذ أكثر من عامين بين المتمردين الحوثيين والقوات التي تدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، البلاد فى أزمة إنسانية [2]غير مسبوقة وقد قتل وأصيب الآلاف من المدنيين وأصبح الملايين معرضين لخطر المجاعة والحاجة للمعونة الإنسانية، كما تفشى وباء الكوليرا حتى أمسى يموت  [3]شخص كل ساعة. وازداد النزاع احتدامًا عندما شن التحالف السعودي – بدعم مبيعات الأسلحة [4] من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا – حملة غارات جوية دعمًا لحكومة هادي المعترف بها دوليًا في مارس/  آذار 2015.

ومع ذلك أصبح هذا الصراع يُعرف باسم “الحرب المنسية [5]” وما يزيد من تفاقم التغطية الإعلامية هو المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون ووسائل الإعلام في اليمن في الوقت الذي تكون فيه أشد الحاجة لأصوات الصحفيين والإعلاميين اليمنيين فإنه يتم إسكاتهم من الأطراف المتحاربة المختلفة.

تقول الصحافية والمدونة اليمنية أفراح ناصر [6] المقيمة في السويد للأصوات العالمية في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: “في ظل الحرب، اسُتهدف الصحفيون عمدًا وبطريقة ممنهجة بسبب عملهم”.

في الآونة الأخيرة قُتل [7]صحفيان أثناء تغطية القتال بين التحالف السعودي الداعم للقوات الموالية للرئيس هادي والقوات الموالية للمتمردين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح على أطراف مدينة تعز في جنوب غرب اليمن وهما تقي الدين الحذيفي، المصور المستقل ووائل العبسي العامل في قناة التلفزيون اليمنية الرسمية. حيث تعرض الصحفيان في 26 مايو/أيار لهجوم واحتموا بمبنى قريب منهم أثناء تغطيتهم للمعارك على خط المواجهة  في شرقي تعز.

وفقًا لصحفي تحدث للجنة حماية الصحفيين، أطلق المقاتلون الحوثيون قذيفة على المبنى مما أدى إلى مقتل الحذيفي والعبسي وإصابة صحفيين آخرين. ولم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من تأكيد ما إذا كان المقاتلون الحوثيون استهدفوا الصحفيين عمدًا، ومع ذلك فإن للمتمردين الحوثيين سجلًا في انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات حرية الصحافة.

وقال طه ياسين مسؤول الإعلام والاتصالات في منظمة المواطنة اليمنية للأصوات العالمية أن “جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح تتصدر قائمة انتهاكات حرية الصحافة والإعلام في البلاد” ووثقت [8] منظمة مواطنة الانتهاكات التي تشمل الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والغارات ضد مكاتب الإعلام وإغلاق الصحف ومصادرتها والمحاكمات الجائرة ومنع المواقع الإلكترونية.

Houthis impose Internet censorship

Days after Saudi Arabia began its airstrike campaign against Houthi rebels in March 2015, state-owned Yemen Net, the largest internet service provider in the country, blocked several news and search websites [9]. YemenNet and other government buildings and institutions including the ministry of communication and information have been under the control of Houthi militias since January 2015, making it easy for them to censor and block websites that challenge their narrative.

Blocked websites include online media sites that have been critical of the Houthis and their rights abuses such as Yemen Press and Mareb Press. Later, the Houthis also blocked [10] websites of the Saudi-onwed Al-Arabiya, and the Qatari-owned Al-Jazeera.

A report [11] by the University of Toronto's CitizenLab on information controls in Yemen during the 2015 armed conflict, concluded that Internet filtering products sold by the Canadian company Netsweeper were being used to filter critical political content, independent media websites, and all URLs belonging to the Israeli (.il) top-level domain. According to Mwatna Organization, at least 36 news websites were blocked by YemenNet.

الحوثيون يفرضون رقابة على الإنترنت

بعد أيام من بدء المملكة العربية السعودية حملتها الجوية ضد المتمردين الحوثيين في مارس / آذار 2015 قامت شبكة الانترنت اليمنية وهي أكبر مزود لخدمات الإنترنت في البلاد بإغلاق العديد من المواقع الإخبارية والبحثية [9]، أما شبكة يمني نت وغيرها من المباني والمؤسسات الحكومية بما في ذلك وزارة الاتصالات والمعلومات فقد كانت تحت سيطرة الميليشيات الحوثية منذ يناير/كانون الثاني 2015 مما يسهل عليها فرض رقابة على المواقع التي تتحدى سردها للأحداث ومنعها.

وتشمل المواقع المحجوبة مواقع وسائل الإعلام على الإنترنت التي تنتقد الحوثيين والتي تعبر عن انتهاكات حقوقهم مثل الصحافة اليمنية (Yemen Press) وصحافة مارب (Mareb Press) وفي وقت لاحق حجب [10] الحوثيون أيضا مواقع قناة “العربية” المملوكة للسعودية وقناة الجزيرة المملوكة لدولة قطر. وخلص تقرير [12]صادر عن جامعة تورونتو عن ضوابط المعلومات في اليمن.

خلال الصراع المسلح عام 2015 إلى أن منتجات تصفية الإنترنت المباعة من قبل الشركة الكندية (Netsweeper) كانت تستخدم لتصفية المحتوى السياسي المعارض ومواقع وسائل الإعلام المستقلة وجميع عناوين المواقع التي تنتمي لإسرائيل وبحسب منظمة مواطنة فإن شبكة اليمن أغلقت 36 موقعًا إخباريًا على الأقل.

وعلى مدى عامين احتجز [16] الحوثيون بشكل تعسفي تسعة صحفيين دون تهمة أو محاكمة.

وفي 9 حزيران/يونيو أصدرت تسع منظمات من بينها منظمة العفو الدولية والمادة 19 ومركز الخليج لحقوق الإنسان بيانًا [16]مشتركًا يدعو إلى الإفراج عن الصحفيين ووفقًا للبيان:

Abdelkhaleq Amran, Hisham Tarmoom, Tawfiq al-Mansouri, Hareth Hamid, Hasan Annab, Akram al-Walidi, Haytham al-Shihab, Hisham al-Yousefi and Essam Balgheeth have been detained since 9 June 2015 when they were arrested by armed men in a room from where they were working in Qasr Al-Ahlam Hotel, Sana’a.

Those who arrested the men were dressed in a mixture of civilian, military and General Security clothing, and some had slogans on their weapons that are associated with the Huthi armed group and its political wing, Ansarullah. According to their families, the men are not aware of the reasons for their continued detention, and have not been formally charged or brought to trial.

In the past, family members told Amnesty International that the detainees told them they overheard guards saying that the nine journalists are being held because they are linked to “terrorism” and “tarnishing the image of the Huthi popular committees”, as well as “working for Saudi Arabia, Qatar, United Arab Emirates, America and Israel.” The journalists work for a variety of news outlets, some of which oppose the Huthi armed group, while others are aligned to the al-Islah opposition political party.

اُعتقل كل من عبد الخالق عمران وهشام تارموم وتوفيق المنصوري وحارث حميد وحسن عناب وأكرم الوليدي وهيثم الشهاب وهشام اليوسفي وعصام بالغيث منذ 9 حزيران/يونيو 2015 عندما اعتقلهم رجال مسلحون في غرفتهم حيث كانوا يعملون في فندق قصر الأحلام في صنعاء.

وكان أولئك الذين اعتقلوا الرجال يرتدون خليط من الملابس المدنية والعسكرية وملابس الأمن العام وكان بعضهم يحمل شعارات على أسلحتهم مرتبطة بالجماعة المسلحة الحوثية وجناحها السياسي أنصار الله ووفقا لأسرهم فإن الرجال ليسوا على بينة من أسباب استمرار احتجازهم ولم توجه إليهم تهمة رسمية أو يقدمون للمحاكمة.

وفي الماضي أخبر أفراد الأسرة منظمة العفو الدولية بأن المعتقلين قالوا لهم إنهم سمعوا الحراس يقولون إن الصحفيين التسعة محتجزون بسبب ارتباطهم “بالإرهاب” و”تشويه صورة اللجان الشعبية الحوثية” بالإضافة إلى “العمل لصالح المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وأمريكا وإسرائيل “. ويعمل الصحفيون في مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام التي يعارض بعضها جماعة الحوثيين المسلحة في حين ينحاز بعضهم لحزب الإصلاح السياسي المعارض.

بالإضافة إلى ذلك كان الصحفي العاشر صلاح القاعدي في الاحتجاز التعسفي منذ 28 آب/أغسطس 2015 بعد أن قبض عليه متمردو الحوثي في منزله وقد عمل القاعدي في قناة سهيل التابعة لجماعة الإخوان المسلمين اليمنية – حزب الإصلاح – المشاركة في القتال ضد الحوثيين حيث هجمت في سبتمبر/أيلول 2014 ميليشيات الحوثي على مكتب تلفزيون سهيل قبل إغلاقه في آذار/مارس 2015.

وفي قضية أخرى مثيرة للقلق حكمت [17]محكمة الحوثي في العاصمة صنعاء على الصحفي يحيى الجبيحي الذي يقبع في الاحتجاز التعسفي منذ سبتمبر/أيلول 2016 بالإعدام ووصفتها  [18]الجماعات الحقوقية بأنها محاكمة غير عادلة وقد أدين الكاتب والصحافي البارز البالغ من العمر 61 عامًا بالتجسس لصالح السعودية. وساهم الجبيحي في عدد من الصحف اليمنية والعربية ونشر [19]مقالات تنتقد الميليشيات الحوثية.

ومع ذلك فإن المتمردين الحوثيين ليسوا المجموعة الوحيدة المسؤولة عن الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام، فقد قُتل العديد من الصحفيين جراء الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف السعودي، ففي 17 كانون الثاني/يناير 2016 قُتل [20]الصحافي المستقل المقداد مجلي جراء غارة جوية شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية خارج العاصمة صنعاء وكان المقداد في مهمة لإذاعة صوت أمريكا كما غطى الصراع أيضًا لصحيفة تلغراف ووكالة الأنباء والتحليل الإنساني (IRIN) وبعد بضعة أيام توفي [21]المصور البالغ من العمر 17 عامًا هاشم الحمران في المستشفى بعد أن أصيب بجروح خطيرة جراء غارة جوية أخرى من قبل التحالف وكان الحمران يعد تقريرًا لقناة المسيرة التابعة للحوثيين في بلدة دهيان في محافظة صعدة.

وقال ياسين أنه في المناطق الخاضعة لسيطرة هادي وقواته يستهدف ويحتجز الصحافيون ويتعرضون للتعذيب ووثقت [8]منظمته اختطاف صحفيين على الأقل من قبل الجماعات الجهادية التابعة للمقاومة الشعبية التي شكلت [22]للدفاع عن تعز ضد تقدم الحوثيين.

هذه الانتهاكات والضغوط لها تأثير كارثي على وسائل الإعلام المستقلة في اليمن وتغطية الحرب.

وقالت فاطمة الأغبري وهي محررة في المركز الإعلامي اليمني [23] تغطي الشؤون السياسة وحقوق الإنسان “لا توجد وسائل إعلام مستقلة تغطي واقع الوضع في اليمن” وتضيف:

الاعلامي ان وجد في منطقة يصبح مثير للشك ويمكن ان يتعرض للخطر مالم ينقل ما يريده اي طرف من الاطراف

بالنسبة لناصر تحولت تغطية الحرب إلى “ساحة معركة” وتقول:

Each side in the war portraits only its “truth” [and its] totally incomplete picture of the situation. As a result, you find a great deal of war propaganda. No middle ground for any other type of media; local independent press suffers a great deal and it has collapsed.

يصور كل طرف من أطراف الحرب “الحقيقة” من منظوره وصورته للوضع غير كاملة ونتيجة لذلك تجد الكثير من دعاية الحرب ولا يوجد أي حل وسط لأي نوع آخر من وسائل الإعلام وتعاني الصحافة المحلية المستقلة كثيرًا بل انهارت تمامًا.

وحذرت منظمة مواطنة في بيان [8]نشر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة من أن حرية الصحافة في اليمن تواجه “الاندثار”:

the continuation of systematically violent and repressive practices against journalists and their institutions and means would lead to the extinction of the profession of journalism and the elimination of the remaining margin of freedom of expression that existed in Yemen before the war.

إن استمرار الممارسات العنيفة والقمعية الممنهجة ضد الصحفيين ومؤسساتهم ووسائلهم سيؤدي إلى اندثار مهنة الصحافة وإلغاء الهامش المتبقي من حرية التعبير الذي كان موجودًا في اليمن قبل الحرب.

ونظرًا لعدم وجود نهاية قريبة للحرب في اليمن سيظل الصحفيون يواجهون مخاطر تهدد سلامتهم وحريتهم وحتى لو انتهت الحرب اليوم سيُترك البلد للتعامل مع مؤسسات الدولة المنهارة [24] ولن يجرى أي تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الصحفية وهي مهمة صعبة وهذا بالطبع إذا كان من يستلم السلطة السياسية سيرغب في التحقيق بنزاهة في هذه الانتهاكات وان لم يحدث ذلك فإن الانتهاكات ستستمر في الحدوث.

غير أنه ليس على الصحفيين اليمنيين أن يقاتلوا هذه المعركة بمفردهم. قال ناشطون وصحفيون يمنيون للأصوت العالمية، يمكن للمنظمات الدولية التي تعمل على تعزيز حرية الصحافة والإعلام بأن تقدم الدعم وقال ياسين من منظمة مواطنة أن هذه المنظمات “يمكنها أن تسلط الضوء على المحنة التي يواجهها الصحافيون اليمنيون ويجعلوا أصواتهم مسموعة للعالم”. وقالت أفراح ناصر “من المهم جدًا أن نولي هؤلاء الصحافيين الاهتمام بينما هم على قيد الحياة لا عندما يقتلون أو يعتقلون”. وتضيف:

The attention that these local journalists could get while they are alive could really give them a sort of protection from such violations. More importantly, as Yemen’s economy is collapsing, it’s crucial to financially support these local journalists working on the ground…In simple words, it’s crucial to support Yemeni journalists or media groups morally and financially.

إن الاهتمام الذي يمكن أن يحصل عليه هؤلاء الصحفيون المحليون أثناء وجودهم على قيد الحياة يمكن أن يمنحهم نوعًا من الحماية من هذه الانتهاكات والأهم من ذلك مع انهيار الاقتصاد اليمني من الأهمية بمكان تقديم الدعم المالي لهؤلاء الصحفيين المحليين العاملين على أرض الواقع … وبعبارة بسيطة من المهم جدًا دعم الصحفيين أو الجماعات الإعلامية اليمنية أخلاقيًا وماليًا.

وأشارت الأغبري أيضًا إلى أن العديد من الصحفيين اليمنيين يعيشون اليوم في فقر مما دفعهم إلى التخلي عن هذه المهنة وأضافت أنه يمكن للمنظمات الدولية على سبيل المثال، تزويد صحفيين يمنيين يعملون على أرض الواقع بمعدات سلامة بدنية وأدوات تكنولوجية تسمح لهم بالمضي قدمًا في إعداد تقاريرهم أو مساعدتهم على مغادرة البلد عند الحاجة.