- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

توضيح للصراع في إثيوبيا الشرقية

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, إثيوبيا, احتجاج, الأعراق والأجناس, الهجرة والنزوح, تاريخ, حروب ونزاعات, حقوق الإنسان, سياسة, صحافة المواطن, لاجئون

البورانيون يكتسبون السمرة. يعيش البورانيون في منطقة أوروميا الإثيوبية. صورة مأخوذة من قبل كارستن تن برنك عبر موقع فليكر. استخدمت تحت رخصة المشاع الإبداعي.

أدّت التوترات العرقية بين المنطقتين الإثيوبيتين، أوروميا والصومالية، إلى صراعٍ [1] عنيفٍ أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص على الأقل وتهجير الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من منازلهم خلال الأسبوع الثاني من أيلول/ سبتمبر2017.

وتختلف التقارير على وسائل الإعلام الاجتماعية حول إحصائيات القتلى والمشردين اختلافًا كبيرًا تبعًا لمن ينقل تلك التقارير. حيث أفاد صحفيون مؤيّدون للحكومة ومقرها العاصمة أديس أبابا بالعشرات [2] من الوفيات، بينما أفاد الإعلام [3] القائم في الشتات بأن العدد أعلى من ذلك بكثير. ومع ذلك، أفاد كلاهما أن الآلاف [2] من الناس قد نزحوا.

أصداء الاستفتاء لا تزال تتردد بعد 14 سنة

تشترك منطقتي أوروميا وإقليم الصومال الإثيوبي في أطول منطقة حدوديّة في إفريقيا، وهما على التوالي أوّل وثاني أكبر المناطق الإدارية في البلاد حسب المنطقة. وقد كان التوتر يتأجج لسنوات على طول هذه الحدود مما أدى إلى اشتباكات متقطعة تضم معظمها الأوروميين والصوماليين.

في عام 1994، اتهم [4] حزب سياسي معارض يعرف بجبهة تحرير أورومو (OLF)، الإقليم الصومالي الإثيوبي بانتهاك [5] المقاطعات الجنوبية الشرقية من إقليم أوروميا. وفي نهاية المطاف، وصف النظام الإثيوبي جبهة تحرير أورومو بأنها منظمة إرهابية. وفي حزيران/ يونيو عام 2000، أفادت [5] جبهة تحرير أورومو بمقتل 70 شخصًا على الأقل في صراع مسلّح بين الأوروميين والصوماليين. وفي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2003، أدّى الصراع العنيف [6] على موارد المياه والأراضي الشحيحة إلى تهجير 19000 شخص على الحدود.

وفي عام 2004، عقدت الحكومة الإثيوبية استفتاء [6] لتسوية النزاع الإقليمي. وقد أفادت النتائج الرسمية للاستفتاء بإعطاء 80% من المناطق المتنازع عليها  لدولة أوروميا الإقليمية.

ولكن في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2005، تدهورت الأوضاع حين حاولت الحكومة الفيدرالية فرض نتائج التصويت. وفقًا لمنظمة الإغاثة العالمية [6]، تم تهجير عشرات الآلاف من كلا المنطقتين مما أجبر الحكومة الإثيوبية على تأجيل نقل المناطق التي صوتت لإعادة تقسيمها كجزء من ولاية أوروميا الإقليمية. وقد ظلّت الأمور هادئة نسبياً منذ ذلك الحين.

كيف بدأ الصراع الأخير؟

في نيسان/ أبريل 2017، أُبلغ [7] عن وقوع صراعات عنيفة في بلدة مويالي الحدودية الجنوبية، حيث قُتل أعضاء من جماعات أورومو والجماعات الإثيوبية الصومالية. ومرةً أخرى، كان سبب الصراعات هو موارد المياه والأراضي النادرة. وخلال الشهر نفسه، أعلنت [8] الحكومة الإثيوبية أن المنطقتين وافقتا على إعادة ترتيب حدودهما وفقًا لنتائج استفتاء عام 2004. وقد كان ذلك عندما اندلع الصراع ووصل إلى مستوى العنف الذي شوهد آخر مرة في عام 2005. وقد بدأت السلطات والنشطاء من أوروميا وإثيوبيا – الصومالية في تبادل الاتهامات [9] بإطلاق العنان للجماعات شبه العسكرية ضد المدنيين.

وفي الوقت الذي يرفض [10] فيه معظم نشطاء أورومو على وسائل الإعلام الاجتماعية النظر النزاع الأخير من الناحية العرقية، فإن المدنيين الذين وقعوا في الصراع منقسمون إلى حدٍ كبير على أسس عرقية. وفي الأسبوع الماضي، قُتل [11] ما لا يقل عن 32 شخصاً في كل من أوروميا والمناطق الصومالية. هذا وقد فر الآلاف من الأوروميين من المنطقة الصومالية لأنهم أصبحوا هدفًا للعنف.

ماذا فعلت الحكومة الفيدرالية حيال ذلك؟

حسب وسائل الإعلام الرسمية، تدخلت الحكومة الفيدرالية بغرض حماية المدنيين. ومع ذلك، يرى الكثيرون دور الحكومة بعين الريبة. بل إن بعضهم اتهم الحكومة بتعمد إثارة التوترات [12] واستغلال الشقوق السياسية بين المجموعات العرقية المختلفة في البلاد للسيطرة على الاستياء المتنامي في إثيوبيا.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، انتفض الآلاف في إثيوبيا بشكل رئيسي في منطقتي أوروميا وأمهرة، مطالبين بالمزيد من الحريات السياسية والمساواة الاجتماعية ووقف الاستيلاء على الأراضي الحكومية. وقد كان رد الحكومة سريعًا ووحشيًا مما أدى إلى اعتقالات وجرائم جماعية.

إثيوبيا هي دولة الحزب الواحد التي تحتكر فيها الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الأثيوبية الحاكمة السلطة (EPRDF). ومع ذلك، فإن الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي هي ائتلاف من أربعة أحزاب عرقية: حركة أمهرا الديمقراطية الوطنية (ANDM)، ومنظمة أورومو الديمقراطية الشعبية (OPDO)، والحركة الشعبية الديمقراطية لأثيوبيا الجنوبية (SEPDM)، وجبهة تحرير شعب تيغريان الشعبية (TPLF). ومع ذلك ، فإن جبهة تحرير شعب تيغري هي أساس الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، التي تحتفظ بالسلطة المطلقة خلال الربع الأخير من القرن بالتحكم في أجهزة الاستخبارات والأمن والجيش في البلد.

تحكم الأحزاب الأعضاء في الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي أربع من الولايات الإقليمية التسع العرقية؛ أما الدول الخمس الباقية فتديرها الأحزاب ذات الأساس العرقي التي تشترك في نفس الإيديولوجية مع الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي بالرغم من أنها ليست جزءًا من الائتلاف. ويزعم النقاد أنه بما أن أعضاء جبهة التحرير الشعبية من بين الضباط العسكريين ذوي الرتب العالية الذين يسيطرون على أمن البلاد فهم الحكّام الفعليين لهذه المناطق.

هذا ويتهم [13] الكثير من الأوروميين جبهة تحرير شعب تيغريان الشعبية بخلق الصراع عن طريق تأليب الصوماليين الإثيوبيين ضد الأوروميين. وهم مقتنعون بأن الصراع هوعمل أفراد عسكريين تابعين لجبهة تحرير شعب تيغري موجودون في المنطقة الصومالية. بينما يميل إثيوبيون آخرون إلى إلقاء اللوم على بنية الحكومة الفيدرالية الإثيوبية القائمة على أساس عرقي [14] والتي حددت المجتمعات بناءاً على الهوية العرقية.

تعرّف على أطراف النزاع

أثار العنف هذا العام نزاعًا مريرًا بين سياسيي الصومال وأورومو على نطاق لم يسبق له مثيل. ينسب العديد من السياسيين ونشطاء المعارضة في أورومو الكثير من العنف إلى مجموعة شبه عسكرية [15] تُعرف باسم ‘‘شرطة لييو‘‘. كلاهما يدعيان أن ‘‘شرطة ليي‘‘ لم تعد جماعة عسكرية مناهضة للتمرد محدودة في المنطقة الصومالية.

ومع ذلك ، فإن نشطاء المعارضة في أورومو يأخذون ادّعاءاتهم إلى أبعد من ذلك باعتبارهم “شرطة لييو” كقوة غازية تتمتع بالمساعدة العلنية للأفراد العسكريين في تيغرايان. وقد كان أحد المطالب الأساسية للاحتجاج الذي عقد في أغسطس 2017 هو إزالة ‘‘شرطة لييو‘‘ من المناطق المتنازع عليها في أوروميا.

وفي الواقع، الاتهام بمثل هذا العنف ليس بالأمر الجديد بالنسبة لشرطة لييو. حيث ذكرت تقارير [16] سابقة لـ هيومن رايتس ووتش انتهاكات حقوق الإنسان التي يُزعم أنها ارتكبت من قبل ‘‘شرطة لييو‘‘، مثل عمليات القتل العشوائي وعمليات إعدام العصابات والاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة في المنطقة الصوماليّة.

تشكّلت [17] ‘‘شرطة لييو‘‘ في عام 2007، بعد أن قامت بعض قطاعات الصوماليين من عشيرة أوغادين بحمل السلاح ضد الحكومة الإثيوبية، زاعمين سوء المعاملة في ظل حكومة إثيوبيا التي يهيمن عليها تيغرايان. لطالما كان أفراد عشيرة أوغادين الصوماليين الإثيوبيين يشتكون من الحكومة الإثيوبية والذين يمثلون 80 إلى 90 في المائة من السكان الصوماليين في إثيوبيا.

الرعاة يقودون ماعزهم نحو غودي في إقليم إثيوبيا الصومالي.صورة مأخوذة من قبل أندرو هيفنز لموقع فليكر. استخدمت تحت رخصة المشاع الإبداعي

على الرغم من حجبه بسبب تصاعد نزاعهم مع الحكومة الفيدرالية، إلا أن هناك صراعًا داخليًا [18] قويًا بين الصوماليين أنفسهم. هناك أعضاء معتدلين وراديكاليين من عشيرة أوغادين. في حين يطالب البعض بحكم ذاتي أكبر، يسعى آخرون إلى الاستقلال التام. ومع ذلك، فإن هناك آخرون ممن أيدوا النظام الإثيوبي. وقد استغلّت الحكومة الإثيوبية أعضاء ‘‘شرطة لييو‘‘ من أجل سحق المتمردين من عشيرة أوغادين.

منذ أيامه الأولى كزعيم لشرطة لييو، أصبح عبدي محمد عمر، أوالمعروف باسم عبدي إيلي، رئيس المنطقة في نهاية المطاف. وقد ساعد [19] عبدي إيلي، وهو عضو في عشيرة أوغادين، الحكومة الإثيوبية على شن حملة ضد المتمردين. ومنذ التصعيد الأخير للصراع ، قام فريق اتصالاته بمهاجمة مسؤولي أورومو من حزب الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الأثيوبية الحاكم EPRDF. وعلى صفحتهم [20] على فيسبوك، اتهم [21] فريق اتصالات عبدي ايللي كبار مسؤولي منظمة ‘‘أوبدو‘‘ بالإرهاب من خلال ربطهم [22] بناشطين أورومو المقيمين في الشتات. ومن جانبهم، رفض [23] المسؤولون في منظمة ‘‘أوبدو‘‘ “OPDO” هذه المزاعم وناشدوا الحكومة الفدرالية لملاحقة الجناة.

هل سيتوقف الصراع في أي وقت قريب؟

بعد أسابيع من اتهامات التداول، عقد رئيسا المنطقتين السيد ليما ميغيرسا والسيد عبدي محمد عمر مؤتمر صحفي [24] في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا في 17 أيلول/سبتمبر2017. وقد تحدث كلاهما محاطين بكبار المسؤولين الحكوميين الفيدراليين عن الصراع بشكل عام.

أصرّ كلاهما على الحاجة إلى الاستقرار [24] في المنطقة ولكن لا يمكن أن يبدو أنهما متفقان على الأسباب الجذرية للصراع. على سبيل المثال، في حين ألقى السيد ليمّا اللوم على عاتق الأفراد الذين لم يكشف عن أسمائهم، أشار السيد عبدي إلى أن كبار مسؤولي منظمة “أوبدو” هم المسؤولون عن النزاع. هذا ويعفي كلاهما النظام الإثيوبي من أي مسؤولية.

وتكمن المشكلة في أن العديد من الإثيوبيين وخاصة نشطاء أورومو يعتقدون أن النظام الذي يهيمن عليه تيغراين منخرط بشدة [25] في الصراع. ويزعمون أن المسؤولين الأمنيين الإثيوبيين، الذين تربطهم صلات وثيقة [26] برئيس المنطقة السيّد عبدي محمد عمر، لهم مصلحة راسخة في المنطقة الصومالية الإثيوبية. ومع ذلك، يبدو أن كلا الزعيمين يتفقان على إعادة نقل النازحين على الفور إلى ديارهم.

ولكن الصراع مستمرّ على الأرض وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لم يولّد الخطاب المستقطب الارتباك فحسب، بل ولّد أيضا تشويهاً عمداً للقضايا الحقيقية التي تسببت في العنف في البلاد.