- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

لا يزال مرض نقص المناعة البشري/ الإيدز أكثر الأمراض فتكًا في تنزانيا

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, تنزانيا, الإعلام والصحافة, صحافة المواطن, صحة

مصدر الصورة: PesaCheck.org

نُشر هذا المقال على موقع Pesa Check وهي المبادرة الأولى من نوعها المعنية بتقصي الحقائق في شرق إفريقيا

في خبر نشرته صحيفة المواطنين [1] في تنزانيا، نُقل على لسان الدكتور جون لوجاشا، رئيس قسمي أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مستشفى موهيمبيلي القومية أن فيروس التهاب الكبد من فئة (أ) مسؤول عن ارتفاع معدلات الوفيات بسبب تفشي الأمراض المتعلقة به أكثر من مرض نقص المناعة البشري.

“تجاوزت نسبة تفشي فيروس التهاب الكبد في تنزانيا 8%، في حين انخفضت نسبة تفشي مرض نقص المناعة البشري إلى 6% وفقًا للبيانات الأخيرة التي قدمها المكتب الوطني للإحصاء، مما يعني أن التهاب الكبد الوبائي مسؤول عن ارتفاع معدل الوفيات أكثر من فيروس نقص المناعة البشري.

فيروس التهاب الكبد [2] هو خطر محتمل يهدد الكبد بسبب الفيروسات، وقد يحدث أيضًا بسبب الإفراط بتناول الكحول، والسلوك الجنسي المحفوف بالمخاطر، والسموم وأمراض المناعة الذاتية.

تنتقل فيروسات التهاب الكبد (أ) و(ب) من شخص إلى شخص عن طريق المياه الملوثة والطعام المتمثل في القشريات والخضروات النيئة أو الفاكهة التي يُعدها مناولي الطعام المصابين بالعدوى. ويتفشى المرض على نطاق واسع في مناطق الصرف الصحي ذات البنية التحتية الرديئة.

وعلى الجانب الآخر، تنتقل الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد (ب) و (ج) عن طريق منتجات نقل الدم المصابة بالعدوى، وممارسة الجنس دون وقاية، والمواد المصابة بالعدوى من إبرٍ وشفرات حلاقة والمعدات الطبية ومعدات الأسنان، وعمليات نقل الدم دون فحص أو من الأم إلى طفلها أثناء الولادة.

حسب منظمة الصحة العالمية [3]، يصيب فيروس التهاب الكبد نحو 400 مليون شخص عالميًا، وبالنظر إلى حجم انتشار هذا الوباء، فلسنا جميعنا في مأمن من الخطر.

وقُدرت نسبة الأشخاص غير الواعين بإصابتهم بفيروس التهاب الكبد بنحو 95% شخص عالميًا. فاختبارات التهاب الكبد معقدة وتكاد تكون باهظة التكلفة، مع نقص المعامل في كثير من الدول، بما في ذلك تنزانيا. حيث تكلف فحوصات التشخيص والعلاج نحو 47 ألف شيلن تنزاني (21 دولار أمريكي) وتُكلف الرعاية الطبية نحو 250 ألف شيلن (أي 111 دولار) تُدفع شهريًا أثناء فترة العلاج.

وأظهرت بيانات قامت بها منظمة أفرت الخيرية لمرض نقص المناعة البشري والإيدز [4] وفاة نحو 33 ألف مواطن تنزاني يوميًا بسبب مضاعفات مرض نقص المناعة البشري والإيدز. وفي الوقت الذي توثق فيه أعداد وفيات مرض نقص المناعة البشرية بصورة جيدة نسبيًا، بات من الصعب العثور على إحصائيات الأشخاص المتوفين بسبب عدوى التهاب الكبد. يوجد موقع واحد، وهو تقدير عبء المرض من موقع المعلومات الصحية هيلثغروف [5] الذي قدر أن معدلات وفيات مرضى التهاب الكبد في تنزانيا بلغت 0.9 لكل 100 ألف. ويُظهر هذا الاستقراء لتعداد السكان في البلاد وفاة نحو 500 شخص بسبب التهاب الكبد كل عام.

كما أظهرت بيانات عن التهاب الكبد [3] تابعة لمنظمة الصحة العالمية أنه نحو 1% من الأشخاص الذين يتعايشون مع إصابتهم بالتهاب الكبد (ج) عالميًا (نحو 2.7 مليون شخص) مصابون أيضًا بمرض نقص المناعة البشري. ويرتفع المعدل في تنزانيا، حيث أظهرت دراسة أُجريت على 2.8% شخص، نُشرت في بايوميد سنترال [6]، مصاحبة عدوى التهاب الكبد (أ) لمرض نقص المناعة البشري. وركزت وسائل الإعلام في تنزانيا على المرض بوصفه “أزمة صحة عامة” ببعض منشورات تصفه “بالقاتل الصامت [7]” لأن الأمر يستغرق من 5 إلى عشر سنوات من مرضى التهاب الكبد ليتحول إلى مرض مزمن.

وتُشير تقارير متنوعة في الصحف المحلية [7]، بما في ذلك هذا التقرير الذي نشرته مجلة الغارديان، أن مواطنو تنزانيا عرضة للإصابة بعدوى التهاب الكبد ومرض نقص المناعة البشري بمعدل مرتين بسبب ممارسات الجنس غير الآمنة.

صورة لمقالة الجارديان بعنوان “الأطباء يحذرون الشعب التنزاني من تفشٍ جديد للقاتل الصامت”.

Doctors are warning that Tanzania could be on the brink of a major health crisis brought about by the outbreak of viral Hepatitis, which has been described as a silent killer, due to its fast rate of infection and late diagnosis.

يحذر الأطباء من أن تنزانيا قد تكون على شفا أزمة صحية مستعصية بسبب تفشي فيروس التهاب الكبد، الذي وُصف بالقاتل الصامت، نظرًا لسرعة معدلات الإصابة به والفحص المتأخر.

هل يتسبب فيروس التهاب الكبد في وفاة التنزانين أكثر من مرض نقص المناعة البشري والإيدز؟ بالطبع لا.

مع استخدام وسائل الإعلام التنزانية لهذه البيانات المثيرة للقلق حول موضوع التهاب الكبد الوبائي، نود أن نسأل عما إذا كان المرض يسبب “أزمة صحية كبيرة” من شأنها أن تهدد نظام الرعاية الصحية في البلاد؟

حققت مجلة بيسا تشيك في الأقوال التي تدعي أن معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بمرض التهاب الكبد أعلى من معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بمرض نقص المناعة البشري واكتشفت عدم صحة هذه البيانات للأسباب التالية:

بإلقاء نظرة على قاعدة بيانات مؤسسة الأمم المتحدة للقياسات الصحية والتقييم [8] حول أسباب الوفاة في تنزانيا من عام 1990 إلى عام 2015، تبين أن مرض نقص المناعة البشرية/ الإيدز مسؤول عن 12.5% من معظم حالات الوفيات في البلاد عام 2015، بينما بلغت نسبة تليف الكبد وحالات الكبد الأخرى الناتجة عن الإصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي فئة (ب) و (ج) نحو 0.6% من معظم حالات الوفيات في نفس العام.

وأظهرت بيانات موقع هيلث جروف [9] أن معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بمرض التهاب الكبد فئة (ب) لكل 100 ألف شخص في تنزانيا قد قل بنسبة 24.6% ما بين عامي 1990 و2013، أي بمعدل 1.1% كل عام. بمعدل وفيات 7.9 لكل 100 ألف رجل في عام 2013، حيث ارتفع معدل الوفيات عند الرجال عنه في النساء، الذي بلغت نسبة وفياتهم 2.1 لكل 100 ألف إمرأة. وتتلخص أسباب هذا في أن مرض التهاب الكبد الوبائي يصبح أكثر تعقيدًا بسبب الإفراط في تناول الكحول، وهو أمر سائد عند الرجال منه عند النساء.

لا أحد ينكر أن فيروس التهاب الكبد أصبح يمثل قضية صحية في تنزانيا. فقد صنف تقرير منظمة الصحة العالمية ليوم التهاب الكبد عام 2017 [3] البلاد من بين 17 دولة أخرى ترتفع فيها نسبة الإصابة بمرض التهاب الكبد وتمثل نسبة 70% من عبء المرض العالمي.

وتمتلك وسائل الإعلام المحلية كل الحق في توعية العامة بخطر فيروس التهاب الكبد. لكن قضيتنا تتلخص في أن أخبار وسائل الإعلام المحلية تتجاهل حقيقة انخفاض نسبة تفشي فيروس التهاب الكبد. ولربما كان هذا بسبب صعوبة حصول وسائل الإعلام المحلية على معلومات تتعلق بتفشي فيروس التهاب الكبد عنها في مرض نقص المناعة البشري/ الإيدز، مما يجعل المقارنة بينهما صعبة.

ولذا بدا أن تصريحات الدكتور لوجاشا تعتمد على بيانات منظمة الصحة العالمية [3] لعام 2017، التي توضح أن فيروس التهاب الكبد أصبح متفشيًا عالميًا، مؤديًا إلى وفاة نحو 1.34 شخص في عام 2015 – بالمقارنة مع معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بمرض السل – ومتجاوزًا معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز الذي بلغت نسبة الإصابة به نحو ما يقرب من 1 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم.

ويختلف الوضع المحلي في تنزانيا، فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز والتعقيدات المتعلقة به التي ترفع نسبة معدل الوفيات عن الإصابة بفيروس التهاب الكبد فئة (أ)، و (ب)، و (ج) وأمراض الكبد الأخرى التي تصاحبه.

لقد ثبتت عدم صحة البيانات التي توضح ارتفاع معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بفيروس التهاب الكبد عن معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري / الإيدز في تنزانيا. فبينما تُظهر البيانات ارتفاع في معدلات الإصابة  بفيروس التهاب الكبد وانتشاره، فاقت معدلات الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري / الإيدز جميع التوقعات. وبالإضافة إلى ذلك، يدل نجاح تنزانيا في تحصين الأطفال ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي (ب) بنسبة 98% على انخفاض نسبة نفشي المرض في المستقبل.

هل تريد منا أن نتحقق من حقيقة ما قاله سياسي أو شخصية عامة أخرى عن المالية العامة؟ املأ هذا النموذج [10]، أو تواصل معنا على القنوات أدناه، سنساعدك على ضمان صحة معلوماتك.

كتب هذا التقرير زميلة بيساكيك بليندا جافيت، مستشارة الاتصالات ومحررة الإنترنت في تنزانيا. الرسوم البيانية من قبل زميل بيساشيك بريان واشانغا [11]، تقني مدني كيني مهتمة في تصور البيانات. تم تحرير هذا التقرير من قبل مدير تحرير بيساشيك  ايريك موجندي [12].

بيساشيك [13]، التي أسستها كاثرين جيتشيرو [14] وجوستن أرنستين [15]، هي أول مبادرة للتحقق من صحة الأخبار في شرق أفريقيا. يسعى الموقع لمساعدة العامة على تمييز  الحقيقة عن الخيال في التصريحات العامة حول الأرقام التي تشكل عالمنا، مع التركيز بشكل خاص على التصريحات المالية العامة لمشروع الحكومة المسمى “أهداف التنمية المستدامة” أو الخدمات العامة للتنمية المستدامة، مثل الرعاية الصحية، والتنمية الريفية، والحصول على المياه / الصرف الصحي. كما يختبر بيساشيك دقة التقارير الإعلامية. لمعرفة المزيد عن مشروع بيساشيك، قم بزيارة pesacheck.org. [16]