دخل الصحفي المغربي حميد المهداوي في إضراب عن الطعام بعد أن مددت محكمة الاستئناف حكم السجن الصادر بحقه إلى سنة واحدة.
في الساعات الأولى من يوم الـ12 من سبتمبر/أيلول، وبعد محاكمة استمرت أكثر من تسع ساعات، أصدرت محكمة الاستئناف في الحسيمة حكمًا يقضي بزيادة مدة عقوبة المهداوي، من السجن ثلاثة أشهر إلى سنة واحدة، لإلقائه خطابًا حرض الآخرين على الاحتجاج وخرق القانون، وذلك بموجب قانون العقوبات فى البلاد.
المهداوي هو مدير ورئيس تحرير موقع الأخبار المستقل Badil.info، وقد اعتقلته السلطات المغربية في 20 من يوليو/تموز في منطقة الريف، حيث كان يعمل على تغطية أخبار الاحتجاجات، وأدين لاحقًا بتهمة التحريض على الاحتجاج.
الأدلة الرئيسية التي استخدمت ضده كانت شريط فيديو مسجل بتاريخ 19 يوليو/تموز، مصور من قبل ضابط شرطة، ويزعم أنه يظهر المهداوي وهو يحرض الناس على المشاركة في احتجاج 20 يوليو/تموز الذي سبق أن حظرته السلطات المغربية.
يضمن الدستور المغربي وقانون التجمعات العمومية الحق في الاحتجاج والتجمع، ولا یحتاج المنظمون للتقدم بطلب للحصول علی إذن مسبق لتحقيق هذه الغاية، لكن یجب علیھم إبلاغ السلطات بمكان وتوقیت وتاریخ تنظيم الاحتجاج. مع ذلك، يمكن للسلطات حظر الاحتجاج بحجة زعزعة النظام العام.
بعدما أعلنت المحكمة في الـ12 من سبتمبر/أيلول تمديد عقوبة السجن، قرر المهداوي الإضراب عن الطعام احتجاجًا على محاكمته الجائرة وانتهاك حقه في حرية التعبير، وفقًا لما صرحت به زوجته بشرى الخنشافي للطبعة المغربية من الهافينغتون بوست.
انطلقت الاحتجاجات بمدينة الحسيمة، وغيرها من المدن في منطقة الريف، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، وذلك بعد وفاة بائع السمك محسن فكري، الذي سحق حتى الموت في شاحنة لجمع القمامة بينما كان يحاول استرجاع الأسماك التي صادرتها منه السلطات المحلية. وقد نمت الاحتجاجات منذ ذلك الحين لتصبح “حراكًا” وحركة من أجل الوظائف والتنمية الاقتصادية، وضد التهميش والفساد. وردًا على ذلك، لجأت السلطات المغربية إلى قمع واعتقال المتظاهرين والناشطين الحقوقيين، إضافة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يقدم تغطية إعلامية للاحتجاجات.
تقول منظمات حقوقية محلية ودولية إن المهداوي لم يحرض على الاحتجاج، بل عبّر فقط عن آرائه بخصوص حظر الحكومة لمظاهرة 20 يوليو/تموز عندما أوقفه المارة للتحدث عن الحراك.
قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بتحليل الفيديو وقراءة النص المستخدم كدليل في محاكمة المهداوي:
According to a transcript of the video, Mahdaoui criticized the government’s decision to ban the July 20 protest, saying, “It is our right to protest in a peaceful and civilized manner; (…) I am oppressed and looked down upon, it is my right to express myself and demonstrate.”
Human Rights Watch watched the video and read the transcript and found nothing in either that contains a direct incitement by Mahdaoui to others to participate in the banned July 20 protest. Hajji, the lawyer, said that the court did not provide any other evidence than the video and transcript.
وفقًا لنص الفيديو، انتقد المهداوي قرار الحكومة بحظر احتجاج 20 يوليو/تموز قائلًا: “من حقنا الاحتجاج بطريقة سلمية ومتحضرة؛ (…) أنا مضطهد ومحتقر، فمن حقي أن أعبّر عن رأيي واحتج.” شاهدت هيومن رايتس ووتش الفيديو وحللت النص، ولم تجد في أي منهما ما يتضمن تحريض الناس مباشرة على المشاركة في مظاهرة 20 يوليو/تموز المحظورة. وقال حاجي، محامي المهداوي، إن المحكمة لم تقدم أي دليل آخر غير هذه الأدلة.
يغطي الموقع المستقل، Badil.info، مجموعة متنوعة من الموضوعات في المغرب، بما في ذلك السياسة وحقوق الإنسان والفساد، كما قام بنقل أخبار الاحتجاجات في منطقة الريف.
يعرف عن المهداوي أيضًا نقده الصريح للسلطات المغربية عبر الإنترنت، إذ لديه أكثر من 97 ألف مشترك في قناته على يوتيوب، حيث يعلق على الوضع السياسي والحقوقي في المغرب. خلال الأشهر الماضية، شملت مقاطع الفيديو التي جرى تحميلها على القناة مقابلات مع نشطاء حقوقيين وأسر المتظاهرين المعتقلين، وصورًا تبين عنف الشرطة ضد المحتجين المساندين للحراك في كل من الحسيمة والرباط. وفي الـ25 من يونيو/حزيران الماضي، نشر المهداوي مقابلة مع عائلة زعيم الحراك ناصر الزفزافي، الذي زج في السجن منذ 29 من مايو/أيار، بعدما صدر حكم باعتقاله بسبب مقاطعته خطبة الجمعة المدعومة من الدولة والتي انتقدت حركة الاحتجاج.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تلاحق فيها السلطات المغربية حميد المهداوي فيما يتعلق بعمله كصحفي، أو بسبب إعرابه عن رأيه. وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود، “كان المهداوي موضوع ما لا يقل عن عشر دعاوى قانونية مختلفة، بما فيها دعاوى بالتشهير” وفي يونيو/حزيران من هذا العام، قدم وزير الداخلية المغربي شكوى تشهير جنائية ضده بعد أن نشر شريط فيديو يتهمه فيه بالفساد.
في 29 يونيو/حزيران 2015، حكمت عليه محكمة في الدار البيضاء بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 6 آلاف درهم مغربي (640 دولارا أمريكيا)، وطالبته بدفع مبلغ 10 آلاف درهم (نحو 1070 دولارا أمريكيًا) كتعويض عن الأضرار لفائدة رئيس الإدارة العامة للأمن الوطني، وذلك عقب التقارير التي نشرها الموقع عن الناشط السياسي كريم لشقر، الذي توفي في أثناء احتجازه لدى الشرطة.
في أغسطس/آب 2015، أصدرت محكمة جنائية في مدينة مكناس أمرًا بإغلاق الموقع لمدة ثلاثة أشهر وغرمت المهداوي 30 ألف درهم (نحو 3200 دولار أمريكي) بعد نشر تقرير إخباري عن تفجير سيارة مفخخة في المدينة، وقد نفت الحكومة فى وقت لاحق تقارير عدد من وسائل الإعلام عن التفجير.
على الرغم من أن الحكومة المغربية تقول إن اعتقال المهداوي لا صلة له بعمله كصحفي، إلا أن العديد من الصحفيين تعرضوا للمضايقات أو الاعتقال من طرف السلطات المغربية لتغطيتهم الاحتجاجات في منطقة الريف. وفي الفترة ما بين 26 مايو/أيار و22 يوليو/تموز، وثقت منظمة مراسلون بلا حدود اعتقال سبعة من المواطنين الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام بسبب تغطيتهم للحراك، ولجأ المغرب أيضًا إلى ترحيل الصحفيين الأجانب الذين قدموا لنقل أخبار الاحتجاجات، ومن بينهم صحفيان إسبانيان يعملان لحساب El Correo Diplomatico وصحفي جزائري يعمل لحساب صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية.
أعلنت السلطات المغربية، من خلال مضاعفة عقوبة سجن المهداوي، أنها غير راغبة في تخفيف حدة الإجراءات الصارمة التي أصدرتها بحق العاملين في المجال الإعلامي، وعدم نيتها تهيئة بيئة آمنة للصحفيين لمزاولة عملهم وسط الاضطرابات في منطقة الريف، وفي غضون ذلك، يواصل المهداوي إضرابه عن الطعام.