- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

إن لم أعارض الديكتاتورية، هل أكون رجلًا؟: الحكم على ناشط صيني بالسجن خمس سنوات

التصنيفات: شرق آسيا, الصين, النشاط الرقمي, حرية التعبير, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, قانون, أدفوكس
[1]

وو جان عبر صحيفة أبل ديلي نيوز. الصورة مرخصة للاستخدام غير التجاري.

“بالنسبة لمواطن يعيش في ظلّ حكومة مستبدة فإن تعريفه “مُخرّبًا للدولة” هو أسمى درجات المواطنة”.

هذا ما أدلى به وو جان – الناشط الصيني البارز في مجال حقوق الإنسان – أمام محكمة تيانجين الصينية بعد الحكم عليه بالسجن ثمانِ سنوات في 26 ديسمبر / كانون الأول لعام 2017، قبل تقدمه بطلب استئناف للحكم في مطلع كانون الثاني / يناير.

ويُذكر أن وو جان – الشهير ب “الجزار السوقي الخارق” – برز كأحد أنشط أعضاء دوائر العمل على حقوق الإنسان الصينية منذ عام 2008 عندما شرع في تنظيم حملات انتخابية دفاعًا عن النادلة “دنغ يوجياو” التى اتُهمت بالقتل بعد أن طعنت مسؤولًا حكوميًا، وأردته قتيلًا عندما حاول الاعتداء عليها.

والجدير بالذكر أن وو جان حصل على لقبه هذا بعد كتابته لتدوينة تناول فيها “كيفية ذبح الخنازير” (كناية عن إسقاط المسؤولين الفاسدين)، والتي منحته لقب “الجزار”. هذا وكما أوضح جو وينكسيو محامي وو فى حديثه مع مدونة سنوسفير بصحيفة نيويورك تايمز [2]، أن هذا الاسم يهدف إلى السخرية من وسائل العنف والوحشية التي يستخدمها مسؤلو الدولة، إذ يقترح ساخرًا أنه يريد “ذبح” فسادهم وسلوكهم الشنيع.

وفى عام 2015 بعد المشاركة في احتجاج خارج إحدى محاكم مقاطعة جيانغشى حول قضية اغتصاب وقتل مُنع فيها الدفاع من الاطلاع على وثائق المحكمة، أُلقي القبض علي وو. وقد كان اعتقاله هذا الشعلة التي ألهبت نيران الحملة الوطنية [3] في نفوس مناصري حقوق الإنسان والناشطين.

وفي البداية أُسندت إليه تُهمة “افتعال المُشاجرات وزعزعة أمن الدولة” وكذلك القذف والتشهير، إلا أنه أمام إعراضه المستمر عن الاعتراف بجريمته، لم تجد الشرطة بُدًا من تغيير التهمة إلى “تخريب الدولة”.

وعبر صحيفة (تشينا تشينج) [4]، أعرب عن رفضه القاطع والصريح للمقايضة بحكم أخف نظير اعتراف علني، وتابع قائلًا:

For those living under a dictatorship, being given the honorable label of one who “subverts state power” is the highest form of affirmation for a citizen. It’s proof that the citizen wasn’t an accomplice or a slave, and that at the very least he went out and defended, and fought for, human rights. Liang Qichao (梁启超, famous reformist at end of Qing dynasty) said that he and dictatorship were two forces inextricably opposed; I say: If I don’t oppose dictatorship, am I still a man?
They have attempted to have me plead guilty and cooperate with them to produce their propaganda in exchange for a light sentence — they even said that as long as I plead guilty, they’ll give me a three-year sentence suspended for three years. I rejected it all. My eight-year sentence doesn’t make me indignant or hopeless. This was what I chose for myself: when you oppose the dictatorship, it means you are already walking on the path to jail.

بالنسبة لمواطن يعيش في ظلّ حكومة مستبدة فإن تعريفه “مُخرّبًا للدولة” هو أسمى درجات المواطنة.. وهذا دليل قوي يعضد عدم استكانة المواطن لبراثن الخضوع والعبودية الواقع فيها تحت وطأة الحكومات الفاسدة، بل وأنه – على أقل تقدير- خرج عن صمته مُدافعًا ومُكافحًا لنيل حقوقه والمطالبة بها. وقال ليانغ كيشاو (梁启超المُصلح الشهير في نهاية عهد سلالة تشينغ) لطالما كنت معارضًا للدكتاتورية ولم أرضخ يومًا لشعاراتها البراقة والمزيفة، فإن لم أعارض الديكتاتورية وأتصدى لها، هل أكون رجلًا؟
فكم من المرات حاولوا إقناعي بالعدول عن رأيي والانحياز إلى صفوفهم والتعاون معهم لترويج دعاياهم الزائفة نظير الحصول على حكم مُخفف – وليس هذا فقط، لقد أخبروني أيضًا أنه مادمت مقرًا بالذنب ومُعترفَا به، سأحصل على حكم مدته ثلاث أعوامٍ ووقف التنفيذ لثلاثٍ أخرى. إلا أنني لم أضعف أو أستكن لقولهم هذا، وكللّ الفشل الذريع جميع محاولتهم، ولوهلة لم يتزعزع إيماني بما نرنوا إليه ونطمح به وأعرضت عن كل شئ.
وحتى فترة الحكم بثمانِ سنوات التي حصلت عليها لم تقوَ على زعزعة إيماني المُطلق بقضيتي ولم يصبني بالجزع أو السخط. فهذا ما اخترته لنفسي: وأنني أعلم علم اليقين أن هذا الطريق الذي اتخذته لنفسي مسلكًا – وهو معارضة السلطة والحكم الديكتاتوري – لن ينجم عنه سوى السجن في نهاية المطاف.

أما عن رفاق دربه، فقد كان لخبر الحكم وقع الصاعقة عليهم؛ إذ خيّم عليهم شبح الإحباط واليأس لدى سماعهم إياه. وعلى تويتر – أحد منصات التواصل الاجتماعي – عبر أولد واين عن استيائه الشديد قائلًا:

حُكم على أصدقائي تباعًا بالسجن. فإلى جانب الغضب، ثمة مزيج من المشاعر المُعقدة يجتاحني: أتمنى أن يواصل أصدقائي اتباع مبادئهم كما فعل الجزار، وعلى الصعيد الآخر، لا أريدهم أن يتعرّضوا للتعذيب، وأود لو باستطاعتهم تسوية هذا الأمر. أحترم الجزار، وأتفهم كذلك موقف هؤلاء من قبلوا بتسوية الأمر. وها نحن نقف على أعتاب السنة الجديدة، وكلما أفكّر بهؤلاء القابعين بالسجون، يؤلمني قلبي وأشعر بالعجز حيالهم.

وما إن ذاع صيت بيان “وو” وانتشر مُغرقًا الصحف والمجلات، حتى ظهرت حملة أخرى من حملات التشهير والقذف مُستهدفة إياه وغيره من مناصري حقوق الانسان الآخرين. إذ نشر عدد من مستخدمي تويتر بوتس العديد من المشاركات (مثل واحد [6]، اثنان [7]، ثلاثة [8]، وغيرهم العديد) التي تُدين “وو جان” بحصوله على عوائد شخصية عبر نشاطه الالكتروني الذي دعمته القوات المناهضة للصين.

وما إن عَلِم “وو جان” بأمر المجتمع الصيني المنشق الذي طغى عليه التشاؤم، لم يتردد لحظة في خطّ رسالة إلى مستخدمي تويتر من الصينيين [9] في31 ديسمبر/ كانون الأوَّل، مناشدًا إياهم بالتحلي بالصبر ومواصلة الدفاع عن الضمير والحرية، وكانت الرسالة مفاداها:

 

希望外面诸君不管环境再怎么恶劣,也不要悲观,也不要沉默,更不能做帮凶。我们可以懦弱、胆怯,但绝不能漠视残酷的现实,违背基本的常识,去说胡话,说鬼话,幻想明君,道德劝说,想不劳而获。我们要传播真相、捍卫良知、尊重常识、鼓励勇敢。每个人都多多少少有缺点和局限,包括我。我认为多接受各种思想,多点理解,少点功利,少计较个人得失,多付出,多去做实在的事,都会有回报的。至少我感受到了,你们的支持和关注就是最好的证明。
最后借用肖申克的救赎里一句话做结尾:有些鸟儿它永远关不住,它身上每片羽毛都散发着自由的光芒。

أتمنى ألا يطغى التشاؤم على رفاقي خارج [جدار النار العظيم] وألا يسلبهم روح المقاومة. فمهما ساء الوضع، لا يحق لكم التواطؤ مع الديكتاتور. أعلم أنه قد يتملكنا الخوف والقلق أحيانًا، لكن لا يمكننا التغاضي عن قسوة الواقع أو أن نختلق الأكاذيب التي تتعارض وسلامة منطقنا، أو أن نتخيّل أن ثمة حاكم مستنير قد ينقذ أرواحنا، أو أنه بوسعنا الفوز في تلك المعركة دون التضحية وبذل الجهود. علينا بنشر الحقيقة والدفاع عن الضمير الإنساني واحترام المعرفة والحثّ على التحلي بالشجاعة. من منا لا يضعف؟! ولكني أوقن دائمًا أنه بتقبّل الأفكار وبالمزيد من التفهّم والتغاضي قليلًا عن المكاسب الشخصية، ستتوج إسهاماتنا وأفعالنا بالنجاح. وحقيقة أنني أشعر بدعمكم واهتمامكم خير دليل على ذلك.

وأخيرًا أقتبس جملة رائعة من فيلم “سجن شاوشانك الإصلاحي”: “بعض الطيور لم تُخلق لتحبس في قفص. ريشها ساطع البهاء. وعندما تطير بعيدًا، يبتهج ذلك الجزء منك الذي يعلم أن حبسهم كان خطيئة.”

وردًا على الرسالة التي خطّها “جان”، كتب الناشط الصيني المخضرم “ووير كايكسي” التابع لحركة تيانانمن 1989 المؤيدة للديمقراطية :

دعونا نلتزم اليوم بالرسمية والجدية في مواجهة المستقبل. فما نعايشه اليوم ليس جيدًا بالمرة ولكن هذا لا يمنعنا من أن نكون أشخاصًا صالحين.
يمكننا استلهام موقف الجزّار في طرح الخوف جانبًا، بإمكان الشجاعة إيقاف الرعب وجعل زمننا أفضل. وآمل أن يكون عام 2018 نقطة بداية لهذا التفكير. عام جديد سعيد!

وفي 8 يناير \ كانون الثاني 2018 قدم محامي “وو جان” طعنًا خطيًا في حكم المحكمة الصادر (النسخة الإنجليزية عبر صحيفة تشينا تشينج [12])، مدافعًا عن حقوق المواطنين في حرية التعبير:

When rendering judgement on whether an individual’s conduct is criminal, it is vital to examine the character of their actions. The actions of the appellant — whether speech made via Weibo, WeChat, Twitter, his three “Guides,” interviews given to foreign media, or audio lectures — all fall under the rubric of legitimate exercise of freedom of speech. Similarly, the appellant’s participation in 12 noted cases [13]— which involved ‘stand-and-watch’ protests, appealing in support of a cause, raising funds, or expressing himself via performance art — are also all exercises in freedom of expression, provided for in his civil rights of: the right to criticize and make suggestions; the right to lodge appeals and complaints; the right to report and expose malfeasance, and so on. These rights are innate, and are provided for in the constitution and law of the People’s Republic of China. The exercise of these rights has nothing at all to do with so-called subversion of state power.

عند إصدار حكم ما حول ما إذا كان سلوك الفرد جنائيًا من عدمه، فمن الضروري دراسة طبيعة أفعاله جيدًا. فإجراءات المُستأنف – سواء كان الخطاب الذي أدلاه عبر موقع ويبو أو وي شات أو تويتر، أو الثلاثة إرشادات التي أعطاها” أو المقابلات التي أجريت مع وسائل الإعلام الأجنبية أوالمحاضرات الصوتية – كلها تندرج تحت مسمى واحد؛ ألا وهو الممارسة الشرعية لحرية التعبير عن الرأي. وعليه، فإن مشاركة المُستأنف في اثنتي عشر قضية مُسجلة [13] – والتي انطوت على “احتجاجات قف وشاهد” أو المناشدة لدعم قضية ما أو جمع الأموال أو التعبير عن نفسه عبر فن الأداء – تُمارس جميعها ضمن إطار حرية التعبير عن الرأي المنصوص عليها في حقوقه المدنية التي تنص على: الحق في انتقاد وتقديم الاقتراحات، والحق في تقديم الطعون والشكاوى، والحق في الإبلاغ وفضح المخالفات، وما إلى ذلك. وهذه الحقوق فطرية، وينص عليها دستور جمهورية الصين الشعبية وقانونها. الأمر الذي يعني أن ممارسة أيًا من هذه الحقوق لا علاقة له على الإطلاق بما يسمى “تخريب سلطة الدولة”.