- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

السيسي يواجه السيسي في انتخابات هزلية لرئاسة مصر

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, مصر, انتخابات, حرية التعبير, حقوق الإنسان, سياسة, صحافة المواطن, علاقات دولية, قانون

تبرعات مقدمة من صندوق تحيا مصر لدعم حملة الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابية. المصدر تويتر حساب @Els3idi

اقترب موعد الانتخابات الرئاسية المصرية 2018، وهي ثالث انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، حيث أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات [1] الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري داخل البلاد على مدى ثلاثة أيام من 26 إلى 28 مارس / آذار، وستجري في الخارج في أيام 16 و17 و18 مارس / آذار.

يضمن الدستور المصري حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لأي شخص تتوافر فيه شروط الترشح [2]، ولكن هل يوجد في مصر من يستطيع التقدم للترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟ وهل تسمح الإدارة الحالية بذلك؟ هل ستكون انتخابات تتسم بالديمقراطية والنزاهة؟

أعلن الفريق أحمد شفيق [3]، أحد رجال نظام مبارك وأحد أبناء المؤسسة العسكرية، رئيس وزراء مصر الأسبق، في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة من مكان إقامته في دولة الإمارات العربية، الذي انتقل إليه عقب خسارته للانتخابات الرئاسية 2012 أمام مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي. انهالت الضغوط عليه نتيجة إعلانه، بدأت من تصريحاته التي قال فيها إن السلطات الإماراتية منعته من المغادرة حيث كان ينوي إجراء جولة لمتابعة المصريين المغتربين قبل توجهه إلى مصر، هذا ما جاء في رسالة مصورة [4] بثها شفيق على قناة الجزيرة القطرية الإخبارية، وجاء رد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش عبر تويتر:

اتضحت خطورة إعلان شفيق ترشحه للرئاسة من الهجوم الذي قامت به وسائل الإعلام، مستنكرين إذاعته لإعلان الترشح للرئاسة على قناة الجزيرة القطرية، التي تعد (من وجهه نظرهم) دولة معادية ومناصرة للهجمات الإرهابية الموجهة إلى البلاد، كما انتقدوا هجوم شفيق على دولة الإمارات التي استضافته عدة سنوات وأكرمته بعدما خرج من مصر بعد خسارته في انتخابات 2012. من الغريب انقلاب أولئك الإعلاميين والصحفيين على شفيق الذي وقفوا يومًا في صفه في انتخابات عام 2012. كان من الواضح أن النظام المصري يخشى من دخول شفيق إلى الصراع الانتخابي خاصة وأنه يمتلك شعبية كبيرة وفقاً لنتائج الانتخابات 2012. وأيضًا لسوء الأحوال الاقتصادية التي يمر بها المواطن المصري فان البعض يراه الإداري الناجح القادر على العودة بالدولة إلى المسار الصحيح.

عاد شفيق إلى مصر يوم 2 ديسمبر / كانون أول الماضي بعد ترحيله على متن طائرة خاصة، وتم احتجازه في فندق وفقًا لتصريحاته. وبعد ذلك بأيام قليلة أعلن شفيق في بيان نشره على حسابه الرسمي على موقع تويتر بتراجعه عن قرار الترشح للانتخابات الرئاسية، المقرر انعقادها في شهر مارس / آذار المقبل، معللاً ذلك بأنه “ليس الشخص الأمثل” لقيادة أمور الدولة في هذه الفترة.

بعد تراجع شفيق عن خوض انتخابات الرئاسية ظهر تسريب صوتي منسوب إلى ضابط في المخابرات المصرية نشرته [8] صحيفة نيويورك تايمز، جاء في هذا التسريب ضابط مخابرات متحدثًا لأحد الإعلاميين ويُملي عليه ما سيقوله في حالة فشلت المباحثات مع شفيق ليُعّدل عن رأيه في الترشح كما نشرت [8] الصحيفة على لسان أحد أفراد لجنة الدفاع عن شفيق أنه قد  أُجبر على سحب ترشحه من الانتخابات بعد أن تم تهديده بفتح ملفات الفساد بحقه حيث واجه شفيق اتهامات في قضايا فساد نال البراءة في أغلبها في حين أُسقطت أخرى، قبل أن ترفع السلطات اسمه من قوائم الترقب والوصول في نوفمبر / تشرين الثاني 2016.

تزامنًا من إعلان الفريق أحمد شفيق الترشح للرئاسة جاء إعلان العقيد دكتور مهندس معماري أحمد قنصوة، الذي أعرب عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية عن طريق فيديو [9] بثه على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أوضح فيه أنه يحاول منذ أكثر من ثلاث سنوات الاستقالة من منصبه العسكري ولكن لم يتم قبول هذه الاستقالة.

تحدث العقيد قنصوة بلغة عربية سليمة فصيحة وأعقبها بترجمة إنجليزية، وجات أفكاره مرتبة. بدأ حديثه بالثناء على ثورتي 25 يناير و30 يونيو وانتقد الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تمر بما مصر الآن، والظروف القاصية التي يمر بها المواطن المصري.

لقت كلمة قنصوة الثناء من الكثير الذين وجده ربما يكون أمل، ولكن لم تستمر مغامرة العقيدة قنصوة كثيرًا حيث تم إحالته إلى المحكمة العسكرية وتم الحكم عليه بالحبس لمدة 6 سنوات بتهم الظهور في مقطع فيديو على موقع للتواصل الاجتماعي بزيه العسكري، وإبداء آراء سياسية مرتديًا نفس الزي، وإبداء رأي سياسي كونه عضوًا بالمؤسسة العسكرية.

لم تنته صراعات العسكر على كرسي الرئاسة بعد، فقد أطل علينا الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش الأسبق ببيان مصور يعلن فيه ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية. كما أعلن عن فريقه الرئاسي المستشار هشام جنينة [11]، نائبًا للرئيس لحقوق الإنسان، والدكتور حازم حسني [12]، نائبًا للرئيس لشؤون الثورة المعرفية والتمكين السياسي، ومتحدث رسمي باسمه.  ذكر في البيان المشاكل التي تواجهها البلاد من تحديات إقليمية كمشكلة المياه وترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة، وتعزيز مشاركة المجتمع المدني ومؤسساته جنبًا إلى جنب مع دور القوات المسلحة في بناء الوطن ثانية. جاء ترشح عنان صاعقة على رأس النظام الحالي حيث لن يكون من السهل إزاحته من المعركة كسابقيه. أُثيرت تساؤلات عديدة بسبب هذا الإعلان هل يستطيع عنان الصمود أمام الترهيب الذي يلاقيه أي شخص تسول له نفسه الترشح، أم أنه أقوى، وفقًا لمنصبه العسكري السابق، من سابقيه.

لم تطل التساؤلات كثيرًا فصدر بيان [13] رسمي من القوات المسلحة اتهمت فيه عنان بارتكابه مخالفات قانونية حيث أنه اعلن عن ترشحه دون الحصول على موافقة من القيادة العامة للقوات المسلحة حيث أنه لم ينه خدمته العسكرية بعد وهذا يعد تزوير في وثائق رسمية، وإنه بإعلان عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية عمل على إحداث وقيعة بين القوات المسلحة والشعب، وبناء على كل هذه التهم فلا بد من اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه عنان ومثوله أمام الجهات المعنية لمحاسبته.

بعد ذلك البيان، قررت الهيئة الوطنية للانتخابات استبعاد عنان من جداول الناخبين بعد ثبوت احتفاظه بصفته العسكرية. وفي تغريدة على تويتر أعلنت حملة الفريق سامي عنان اختطافه من سيارته، جاء ذلك قبل إعلان الحملة تجميد نشاطها بسبب القبض على عنان.

أعلن  محمود رفعت [15] المحامي الدولي والمنسق العام لحملة عنان في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر عن اعتقال الفريق سامي عنان:

أصدر المدعي العام العسكري المصري قرار بحظر النشر في قضية وذلك لحين انتهاء التحقيقات فيها، في حالة إدانة عنان بالتهم الموجه له قد يواجه عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 3 و15 عامًا.

أعوان عنان لم يسلموا من العقاب أيضًا، حيث تعرض المستشار هشام جنينة الرئيس المركزي للمحاسبات الأسبق، أعلى جهاز رقابي بمصر، والمرشح كنائب للفريق سامي عنان بالاعتداء بالضرب بالسلاح الأبيض من قبل مجهولون أمام منزله  أصيب أثره بإصابات بالغة، نشرت [20] بعض الصحف المصرية المشهورة بانتمائها السياسي للنظام الحالي بيان من وزارة الداخلية تؤكد فيه أن الاعتداء على المستشار جنينة جاء نتيجة حادث تصادم مروري تطور إلى مشاجرة.

كشف بعدها المستشار هشام جنينة في حوار خاص [21] أجراه مع الموقع الإخباري هاف بوست عربي [22]، عن امتلاك الفريق سامي عنان وثائق وأدلة تدين الكثير من قيادات النظام الحالي والجيش، كما أعرب عن تخوفه على حياة الفريق سامي عنان داخل السجن.

وعلى خلفية هذا الحوار قررت النيابة العسكرية حبس هشام جنينة 15 يومًا على ذمة التحقيق بتهمة نشر الأخبار الكاذبة التي من شأنها الضرر بالأمن القومي، وأكدت القوات المسلحة في بيان لها أنها ستستخدم كل الحقوق التي كفلها لها الدستور والقانون في حماية الأمن القومي والمحافظة على شرفها وعزتها.

كما قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس الصحفي معتز ودنان الذي أجرى حوار مع هشام جنينة لصالح موقع هاف بوست عربي، اتهمته بنشر أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير السلم وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، والانضمام إلى جماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين.

من خارج المؤسسة العسكرية أعلن الناشط الحقوقي خالد علي [28] نيته الترشح في الانتخابات الرئاسة القادمة أمام الرئيس الحالي. ترشح خالد علي في انتخابات الرئاسة عام 2012 التي فاز بها محمد مرسي وجاء في المركز السابع، كما تصدى أمام المحاكم لاتفاق ترسيم الحدود التي تنازلت مصر بموجبه عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

فجرت إحدى العاملات في المركز  المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية [29]، الذي يشرف عليه خالد علي، مفاجأة عندما قامت بإرسال رسالة إلكترونية إلى عدد من الشخصيات العامة والمؤسسات الحقوقية  تتهم فيه المحامي ومرشح الرئاسة خالد علي بالتحرش بها، كما اتهمت أحد المحاميين الذين يعملون في المركز باغتصابها. وعلى خلفية هذه الاتهامات تقدم خالد علي باستقالته من رئاسة حزب العيش والحرية، تحت التأسيس، وكذلك استقالته من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

أصدر حزب العيش والحرية بيان على هذه الواقعة يبرأ خالد على من تهمة التحرش الجنسي، واعتذر خالد على لفتاة صاحبة الواقعة ولكل النساء وأعلن تضامنه مع الفتاة.

انسحب خالد على من انتخابات الرئاسة وأرجعت حملته هذا الأمر إلى أن السلطة الحالية تسعى لتشويه كافة المنافسين أمام الرئيس الحالي.

كادت الهيئة الوطنية للانتخابات أن تعلن أن السيسي هو المرشح الوحيد بعد انسحاب كل من حاول الترشح ولكن قبل دقائق من إغلاق باب الترشح أعلنت الهيئة قبولها لأوراق المهندس موسى مصطفى موسى [36]، رئيس حزب الغد [37].

جدير بالذكر أن موسى وحزبه من مؤيدي السيسي ونظامه وكان حسابه على فيسبوك يعج بصور وكلمات التأييد للسيسي صباح يوم الترشح. كما كان حزب الغد ينظم ويشارك في حملات وفعاليات لتأييد ترشيح السيسي لفترة رئاسية ثانية.

أطلق مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على موسى لقب “الكومبارس”، لأنه من الواضح ترشحه كمحاولة لحفظ ماء الوجه وحتى لا يبقى السيسي مرشحًا وحيدًا.

أصدر ما يقرب من أربعة عشر منظمة مصرية ودولية حقوقية على رأسهم منظمة هيومن رايتس واتش [42] بيان [43] ينتقد فيه الانتخابات المصرية حيث تم وصفها بأنها غيرحرة وغير نزيهة، اعتبرت “الحكومة المصرية داست على أبسط متطلبات الانتخابات الحرة والنزيهة”.

قالت المنظمات: “على حلفاء مصر إعلان موقفهم الآن والتنديد بهذه الانتخابات الهزلية بدل الاستمرار في الدعم غير المشروط لحكومة تقود أسوأ أزمة حقوقية في البلاد منذ عقود”.

ومن جانبها أصدرت الخارجية المصرية بيان ينتقد فيه بيان هيومن رايتس واتش وتصفه بأنه غير دقيق من حيث اختيار مصادر المعلومات من خلال اللجوء إلى كيانات معروفة بتوجهاتها ضد الدولة ومن خلال الاستعانة بشخصيات مجهولة.

وقامت الحكومة المصرية كرد على البيان بحجب الموقع الإلكتروني لمنظمة هيومن رايتس واتش.

وتستمر المسرحية الهزلية المسماة بالانتخابات الرئاسية على مسرح قديم عريق شاهد العديد من المسرحيات المماثلة، مع جمهور كبير أكثر من 100 مليون مشاهد يشاهدون بدون تفاعل لأنهم يعلمون نهاية المسرحية ولكنهم مجبرين على التزام الكرسي والمشاهدة بدون تعليق.