اندلعت في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضى احتجاجات هائلة في جميع أنحاء الجمهورية الإيرانية، وتُعتبر أكبر تظاهرات شهدتها الدولة منذ الاحتجاجات التى حدثت في أعقاب انتخابات 2009.
وواجهت قوات الأمن الاحتجاجات بعنف شديد مما أسفرعن وفاة 21 شخص و القبض على أكثر من 3700 آخرين، كما لقى ثلاثة متظاهرون مصرعهم داخل السجن عقب القبض عليهم.
وطالبت الاحتجاجات بتحقيق الشفافية ومحاربة الفساد في إيران، مانحة فرصة للحكومة لتطبيق اللوائح بصورة شاملة لدعم الشفافية، وبالتحديد تطبيق قانون الوصول إلى المعلومات .
كيف ارتبطت احتجاجات 2017 بالشفافية؟
ويبدو أن احتجاجات في مدينة مشهد قد بدأت نتيجة الفساد الحكومي، وزيادة أسعار السلع الأساسية. ومالبثت أن انتشرت في باقي الجمهورية خلال أيام مع رسائل بدأت بالهتافات الاقتصادية” الخبز، الأرض، الحرية”. وتحولت إلى المعارضة السياسية للرئيس حسن روحاني، وآية الله خامنئي والجمهورية الإسلامية ككل. وتختلف هذه التظاهرات عن التي حدثت فى 2009 بالمشاركة الكثيفة للطبقة العاملة الأكثر تضرراً نتيجة التضخم وإجراءات التقشف.
كما اُتخذت المزيد من الإجراءات لزيادة تمويل الحكومة لمؤسسات دينية مجهولة وذلك عقب إجراءات روحاني التي اقترحها في ديسمبر الماضى وأدت إلى تقليل الدعم الحكومي النقدي ل30 مليون مواطن، وزيادة أسعار البيض والوقود بقيمة 50%.
وطالب المسؤولون السياسيون والمواطنون الحكومة بالشفافية حيال أنشطتها الاقتصادية. تحدث روحاني في خطابه الذي انعقد قبل اندلاع الاحتجاجات ب 10 أيام فقط عن الحق في الحصول على المعلومات، وعن الحاجة إلى تحقيق الشفافية حيث دعا وزير الاقتصاد والخزانة لتخصيص ميزانية أكبر لتحقيق الشفافية.
وشهد الأسبوع الأول من شهر ديسمبر-كانون الأول تصريح روحاني بتفاصيل عن الميزانية المحلية الجديدة. وكان هذا القرار الغير مسبوق بمثابة خطوة رمزية نحو الشفافية عن طريق السماح للمواطنيين بمعرفة طريقة إنفاق المال العام.
بينما أثارت الميزانية – التي ينظر إليها كمحفز للاحتجاجات- استياء واسع النطاق حيث أظهرت الصور الضوئية للميزانية التي وُزعت من خلال قنوات تليجرام العامة تقليل قيمة الدعم الحكومي وزيادة قيمة التمويل لمؤسسات دينية.
الحديث عن الحصول على المعلومات أسهل من تطبيقه
ويمكن للدعوات المطالبة بتحقيق الشفافية المؤسسية أن تمهد الطريق للدولة – في ظل الفساد المستشري- لتطبيق قانون النشر والوصول الحر للمعلومات والذي مُرر وسط فضائح فساد فى 2009 خلال عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة عدة خطوات للترويج لاستخدامه عبر التدريب الإلكتروني والمواد المعلوماتية، إلا أن القانون لم يُنفذ بالكامل.
ويمكن أن يساعد تطبيق القانون المواطنين والمجتمع المدني في عملية محاسبة الحكومة بشأن مسؤولياتها تجاه الشعب، وسيمد القانون – كأداة محاربة للفساد – أيضاً المواطنين بالحق في الحصول على المعلومات الخاصة بالقضايا الأساسية التي تؤثر على حياتهم كالميزانية المخصصة للمدارس، وسلامة المستشفيات العامة. كما يوفر آلية تسمح للإيرانيين بطلب الوصول إلى سجلاتهم الشخصية من الهيئات الحكومية ومن ضمنها سجلات التأمين الطبي والاجتماعي.
وقال روحاني فى خطاب ديسمبر 2017 حول أهمية الشفافية فى الحكم:
We have no way other than clarity for rooting out corruption; we must all go inside a glass room so that people can see every measure we take.
ليس لدينا طريقة للقضاء على الفساد غير الوضوح، لابد أن نظهر جميعاً من خلال غرفة زجاجية حتى يستطيع الناس رؤية كل إجراء نتخذه.
وسيحدد الوقت ما إذا كان سيعمل لتحقيق وعده أم لا.