تعد الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من ضمن دولتين فقط في العالم، تفرضان الضرائب على أساس الجنسية، مما تسبب في تحطيم حياة بعض المواطنين الأمريكيين، الذين فضلوا مغادرة بلادهم والعيش في الخارج.
وتسبب تنفيذ هذا النظام بصرامة في وقوع كارثة لفئة معيّنة من المواطنين وهم “الأمريكيون العرضَيون” الذين يحملون جنسيات أخرى بالإضافة إلى الجنسية الأمريكية التي حصلوا عليها إما بالميلاد أو بالحصول على عليها من أحد الوالدين، وفي بعض الأحيان لا يعرفون أنهم مواطنون أمريكيون، ويكتشفون ذلك في وقت متأخر من حياتهم..عند تعرضهم لقوانين الضرائب الأمريكية.
كيفين بي واحد من الأمريكيين العرضيين، حفزته مقالة على موقع الأصوات العالمية عن الواقع المجحف الذي يعيشه المهاجرون بسبب قانون الضرائب الأمريكي لسرد قصة حول تجربته الشخصية، ننشر نسخة منقّحة منها في هذه المقالة.
تخيل أنك مواطن شاب ينتمي لفئة سكانية نشطة، لا يملك الكثير ولكن لديه إمكانيات كثيرة لجعل حياته وحياة أحبابه جيدة.
ستحتاج إلى حساب مصرفي يومٍ ما، ولكنك لاتستطيع ذلك ، ويُقال لك أن هذا الأمر مرتبط بمحل الميلاد المذكور في بطاقة هويتك.
لا تفهم ما يجري، وحتى الآن لا تملك أية مشكلة، لقد قضيت حياتك كلها في أوروبا، أنت بلجيكي ومن والدين بلجيكيين،، تتحدث اللغة الفرنسية ولا تعرف الكثير عن الولايات المتحدة إلا ما شاهدته في الأفلام الأمريكية.
عند هذه اللحظة ستجد حياتك عالقة، وستتحرى عن الأمر، فتكتشف الواقع المرير لمعاملة الولايات المتحدة “مواطنيها” في الخارج حيث: الازدواج الضريبي، وتجميع البيانات، وافتراض مسبق لجريمةٍ ما، البنك لم يعد بنكًا وكذلك البلد لم تعد بلدًا، كلاهما يقدم التقارير للسلطات الضريبية الأمريكية.
تسيطر أفكار سلبية على رأسك، مازلت لا تفهم شيء، ففي نهاية الأمر أنت لست أمريكي، لم تعش فى الولايات المتحدة ولم تدرس أو تعمل هناك، أنت فقط تعرف بعض الكلمات الإنجليزية ولهجتك الفرنسية سخيفة..ثم تكتشف أنك بالفعل تعيش في هذا الكابوس .
لست أمريكيًا تعيش في الخارج مثل 9 ملايين آخرين، لم يكن لك أي علاقة أو اتصال بالسلطات الأمريكية، ولا تملك أي مستندات أمريكية سوا شهادة ميلادك.
وُلدت أثناء رحلة قام بها والداك إلى الولايات المتحدة، وعدت إلى بلجيكا وأنت طفل رضيع، نشأت في بلجيكا ودرست بها وأصبحت عضوًا ناشطًا في المجتمع البلجيكي.
بلجيكا دولة ذات سيادة وحدود، لذلك يتوقع مواطنيها الحماية من الحكومات الأجنبية، وبهذا المفهوم ستتواصل مع سلطات بلادك؛ للحصول على المساعدة، ستتخيل أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالأمل مع مواطنين مبتسمين وعاطفيين، يفعلون كل ما في وسِعهم من أجل مساعدتك..ولكنك كنت ساذجًا.
تبدأ الحديث بأن يخبرك الشخص الآخر أن مشكلتك ليست حقيقية، فالضرائب على أساس الجنسية مفهوم لا يدركه شخص خارج الولايات المتحدة، فيصبح عليك إقناعهم بالواقع الذي تواجهه.
بعد نجاحك فى تحقيق ذلك، تأتي الصفعة الأولى عندما يخبروك أنهم لا يستطيعون إيجاد حل لمشكلتك، فتعود وحيدًا كما كنت، في هذه اللحظة سيصبح الوضع كابوسًا، ستجد روحك ضائعة بلا وطن.
ثم تأتي الصفعة الثانية من موظف بسيط أو وزير أو سفير، ليخبرك بالحقيقة؛ أن الأمر متعلق بالولايات المتحدة، ولن يستطيعوا حل هذه المشكلة.
مازلت تشعر بالدوار وتتذكر كيف تخيلت مواطنين مبتسمين وعاطفين وكيف يبدو الأمر الآن..يبتسمون لك ليس عطفًا ولكن لكونك مزعجًا لهم وكأن عيونهم تخبرك “كلما عجّلت بالرحيل كلما كان أفضل لحياتنا”..ولذلك ستعود إلى منزلك.
الوقت يمر وتكتشف أنك لست وحيدًا في هذا الوضع، ستقابل أشخاص أخرين، يعانون بشكل أو بأخر من النظام الضريبي القائم على أساس الجنسية الأمريكية، سيشاركونك مشاعرك، وستعلم أنه يوجد أشخاص أخرون يحاولون تحسين الوضع، ستشعر بتحسن تدريجي (شكرًا لرفقاء المعاناة).
ولكن هذا الأمر سيغيرك إلى الأبد، فقد أدركت أن بلدك لا تحمي مواطنيها، سترى علم بلدك رمز النفاق، وترى علم أمريكا رمز للألم.
لا توجد لك قيمة في هذا العالم المخيف سواء في الولايات المتحدة أو في موطنك الأصلي، فبلدك ماهي إلا تابعًا ذليلاً للولايات المتحدة، وأنت أقل من برغوث يعيش على ظهر حيوان أليف.