- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

سنغافورة: هل هي مدينة أم بلد؟

التصنيفات: شرق آسيا, سينغافورة, حكم, سياسة, صحافة المواطن
Singapore photo

سنغافورة. ترخيص: CC0 Public Domain

هل سنغافورة مدينة أم بلد؟ يبدو هذا السؤال سخيفًا نظرًا للاعتراف العالمي الذي تحظى به سنغافورة بكونها دولةً مستقلةً. ولكن يرى وزير القانون في سنغافورة ك. شانموغام [1]، ضرورة التعامل مع سنغافورة باعتبارها مدينةً. وأثارت هذه الملاحظة جدلًا في المدونات الإلكترونية.

ولاحظ شانموغام في محاضرةٍ ألقاها خلال لقاء نظمه القسم الدولي لجمعية نقابة ولاية نيويورك، أن الكثير من الناس ينتقدون هيمنة حزبٍ واحدٍ في سياسات سنغافورة لأنهم يقارنون سنغافورة ببلدان أخرى. وشدد [2] على ضرورة النظر إلى سنغافورة باعتبارها مدينةً.

… لا يتسائل أحد عن وجود ديمقراطية في نيويورك … وهنا يقع معظم الأشخاص في الخطأ. لقد حاولت أن أشرح أننا مختلفون. إننا مدينةٌ ولسنا دولةً.

اتهم كافالييريو وزير القانون بـ”تحريف المنطق [3]” لتبرير الحكم السلطوي في سنغافورة قائلًا:

والآن، أمام كافة جهودنا المبذولة وتضحياتنا المُقدمة لبناء هذا البلد الثمين، يُقال لنا بعد كل هذا إننا لسنا بلدًا. يبدو هذا الكلام فظًّا وكأنه هروبٌ من المسؤولية وتقصيرٌ في أداء الواجب.

إذا لم تكن سنغافورة بلدًا، فماذا تكون إذن؟

لم يكن دافع شانموغام نبيلًا: فقد كان يدافع عن كون نظام سنغافورة السياسي لا ينبغي أن يُقاس بمعايير “وطنٍ”، لأن سنغافورة ستبدو دائما غير ديمقراطية. وأضاف في المقابل بضرورة مقارنة سنغافورة بـ”مدن” مثل شيكاغو وسان فرانسيسكو ونيويورك التي تعرف حُكمًا مستمرًّا لحزبٍ واحدٍ. وهذه المدن ديمقراطيةٌ.

وعندما نتعمق أحيانًا في الموضوع، نجد أنها فكرة مبتذلة بالية يُعاد استعمالها مرةً أخرى. وتتجلى هذه الفكرة المبتذلة التي تخدم أصحابها في ادعاء الحكام السلطويين بأنهم ديمقراطيون، وتحريفهم المنطق ليلائم سلطتهم.

وفي نهاية المطاف، فإن الأجوبة التي قدم شانموغام لضيوفه الأمريكيين الأسبوع الماضي بشأن إعلامنا وقضائنا ونظامنا السياسي، لم تكن في الواقع أجوبةً. ولم يردّ على تلك الأسئلة المناسبة بأجوبةٍ بقدر ما كانت تمويهًا عقلانيًّا.

وأرادت [4] راشيل زينغ من شانموغام أن يشرح وجهة نظره لأنها لم تفهم فكرته، وقالت:

يصعب عليّ شخصيًّا استيعاب هذا الأمر. فإذا لم تكن سنغافورة بلدًا وإنما مدينةً، إلى أي بلدٍ إذن تنتمي مدينتنا…

حسنًا، لا أستطيع أن أفهم الأمر. سأكون ممتنةً إذا تفضل السيد ك. شانموغام بتنويرنا هنا، بما أنه تقاضى الكثير من المال ليقوم بدورٍ في حكم مدينة سنغافورة.

وفي تعليق أنون على هذا المنشور في المدونة، وضح [5] بأنه ينبغي على المنتقدين أن يقرؤوا أولا النص الكامل لمحاضرة شانموغام لتقييم سياق كلامه بأن سنغافورة مدينةٌ وليست بلدًا.

   اقرأ المحاضرة. فعندما تحدث عن سنغافورة بأنها “مدينةٌ” وليست “بلدًا”، كان يشرح لماذا كانت الانتخابات في سنغافورة غير متناسبةٍ على الرغم من أننا نجري انتخابات حرةً ونزيهةً. وقارن سنغافورة بمدن أمريكية وكيف أن العديد من المدن في أمريكا كانت لديها أحزاب واحدة مهيمنة على الانتخابات لعقودٍ.

وعندما قال إن سنغافورة “ليست بلدًا”، فإنه لم يقصد دون شكٍّ ذلك المعنى!

واستاء كليمون تان من أن شانموغام، وهو زعيم من الجيل الجديد [6]، صرح بهذه الحجة المثيرة للجدل:

انزعجت مما قاله وزير القانون في سنغافورة… فعلى الأقل بالنسبة للي كوان يو وأعضاء الحرس الأقدم، كنت أعرف ما يمكن أن أتوقعه منهم -بغض النظر عن اتفاقي أو تعارضي معهم، فهذه مسألةٌ أخرى. ولكن مع ك. شانموغان، وهو جزءٌ من الجيل الجديد للزعماء السياسيين السنغافوريين، فإنني لست متأكدًا من أنه يؤمن بما يدافع عنه ويرتبط به ويعرفه.

وحلل ذي تيماسيك ريفيو (The Temasek Review) ثغرات [7] حجج شانموغام في قوله:

هل ارتكب السيد شانموغام “خطأً بريئًا” أو زلةً فرويديةً؟ إذا لم تكن سنغافورة بلدًا، هل ما زلنا نُعد دولةً سياديةً ومستقلةً؟ ومن ثم ما هي الدولة التي تملك الحقوق السيادية لمدينة سنغافورة؟

سنغافورة متفردة في كونها بلدًا ومدينةً في آن واحد.

وتحمل كلمات السيد شانموغام ثقلاً كبيرًا بصفته وزيرًا مهمًّا في مجلس وزراء سنغافورة .

لماذا يؤدي الرجال السنغافوريون الخدمة الوطنية في حين أنهم لا يدافعون سوى عن مدينةٍ وليس عن بلدٍ؟ إلى من يقدم رئيس وزرائنا تقريره؟ ما هي قيمة بطاقة هويتنا الوردية؟ هل نحن مواطنون في بلدٍ أم سكان في مدينةٍ؟

تجيب ذي دجورني أوف أ ديكايد (The Journey of a Decade) بالإيجاب وتقول إن سنغافورة مدينة [8]ٌ وكانت دائما كذلك.

لم أقل ما قلته… يبدو أن هذه الجملة أغضبت قليلاً السنغافوريين… فلنفصح عن الأمور كما هي… لم يقل أحد شيئًا عن سنغافورة بكونها بلدًا. لقد كنا دائما مدينةً.

لقد كنا دائما دولة مدينة جزرية. وأتفهم أننا نسمع كثيرًا أمورًا مثل الدفاع عن الدولة… وهو ما ليس صحيحًا على نحو كامل. وينبغي الدفاع عن المدينة.