- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

أبيات شعرية من قلب بلاد فارس بمناسبة اليوم العالمي للشعر

التصنيفات: آسيا الوسطى والقوقاز, أذربيجان, أفغانستان, إيران, تركيا, طاجكستان, آداب, أفكار, النساء والنوع, تاريخ, صحافة المواطن, فنون وثقافة, لغات, الجسر

رسمة من التراث الشعبي الأذربيجاني، مستوحاة من قصة مجنون وليلى للشاعر الفارسي نظامي كنجوي.

كيف يمكن لشخص من طاجيكستان، الجمهورية السوفيتية السابقة الوحيدة الناطقة باللغة الفارسية، أن يصف ليلة جميلة وبهيجة، قضاها بصحبة العائلة والأصدقاء؟

ربما هو أو هي ستستخدم كلمة (dilafruz)، التي تعني حرفيا “إيقاد النار في القلب.”

بينما إذا أمضى نفس الشخص الليلة بمفرده في حالة اكتئاب، فإن الكلمة المختارة قد تكون (diltang)، التي تشير إلى “ضيق في القلب.”

في بلد يجري فيه الشعر مجرى الدم، تتعدد الألفاظ التي تصف حالة الوقوع في الحب. يمكن للمرء أن يكون (dil bastan)، أي مربوط القلب، أو يعاني من (dil gum zadan)، أي يعاني تسارعًا في القلب.

في المقابل، يُطلق على الشخص الذي يكون سببًا في هذه الحالة (dilrabo)، بمعنى سارق القلب، أما إذا هُجر أحدهم من طرف حبيبه أو حبيبته، يكون النعت الذي يصف هذه الحالة هو (dil khunuk shudan)، أي تجميد قلب المرء وتخدير مشاعره.

لغات كلها شغف وشعر

هناك صلة وثيقة بين اللغة الطاجيكية واللغات الهندية الإيرانية المستخدمة في إيران (الفارسية) وأفغانستان (الداري)، ففي اللغة الفارسية نجد أن الكلمة التي تشير إلى معنى القلب تنطق بصورة أقرب إلى كيفية نطق (del)، أما في اللغة الدارية، فكلمة (dil) تنطق بنفس الكيفية التي تنطق بها في اللغة الطاجيكية.

خريطة العالم، ُتظهر المناطق التي يتحدث سكانها اللغة الفارسية. استخدمت الصورة تحت رخصة المشاع الإبداعي.

علاوة على ذلك، تظل كلمة (dil)، التي تكتب “дил” في الأبجدية السيريلية المستخدمة في طاجيكستان، هي القلب النابض في تقليد شعري غني يعود على الأقل إلى الألفية الأولى، عبر المنطقة الأوراسية الفرعية المشار إليها في الخريطة.

يعد جلال الدين الرومي، الشاعر والفيلسوف الجوّال الذي عاش في القرن الثالث عشر، والمحبوب من قبل جميع الشعوب الناطقة بالفارسية [1]، أحد أشهر المؤيدين لهذا التقليد الشعري العريق.

Ҳар чӣ дар дил дорӣ аз макру румуз,

Пеши мо расвосту пайдо ҳамчу рӯз

أي كانت الأسرار والأكاذيب التي تسكن قلبك،                                                                            فنحن نراها كلها بأعيننا، واضحة كضوء النهار،

القلب لا وطن له

مع ذلك، حجبت أعمال الشاعر نظامي كنجوي، الذي نظم أبياته قبل قرن من جلال الدين الرومي، ذلك الطابع الرومانتيكي الذي ميز أشعار الرومي.

يعود أصل كنجوي إلى كنجه – اسمه يعني حرفيا نظام كنجه – وهي منطقة تقع حاليا في أذربيجان.

هنا بعض المقاطع من ملحمته خسرو وشيرين، التي تصور المعركة الشعرية التي خاضها الحاكم الساساني [2] (خسرو) مع منافسه في الحب فرهاد، من أجل تحديد من سيفوز بقلب الأميرة الأرمنية شيرين.

Бигуфт: Аз дил шудӣ ошиқ бад-ин сон?

Бигуфт: Аз дил ту мегўӣ, ман аз ҷон.

Бигуфто: Ишқи Ширин бар ту чун аст?

Бигуфт: Аз ҷони ширинам фузун аст!..

Бигуфто: Дил зи меҳраш кай кунӣ пок?

Бигуфт: Он гаҳ, ки бошам хуфта дар хок…

Бигуфт: Аз дил ҷудо кун ишқи Ширин.

Бигуфто: Чун зиям бе ҷони ширин?

سئل: هل وقعتَ في الحب ملء قلبك؟
أجاب: أنت تتحدث عن القلب، أنا أتحدث عن الروح
سئل: متى تزيل حبها من قلبك؟
أجاب: عندما يواريني التراب
قال: اطرد حب شيرين من قلبك!
سئل: لكن، كيف أعيش دون روحي الغالية؟

النصب التذكاري للشاعر الفارسي رودكي في طاجيكستان. مصدر الصورة: Julian G. Albert [3]

بالعودة إلى تاريخ أبعد (858-941 م)، نقابل رودكي من منطقة بنجكنت – تقع اليوم في طاجيكستان – والذي يعتبره البعض بمثابة الأب الروحي للشعر الفارسي.

Бар ишқи туям на сабр пайдост, на дил,

Бе рӯйи туям на ақл бар ҷост, на дил!

Ин ғам, ки марост кӯҳи қоф аст, на ғам,

Ин дил ки турост, санги хорост, на дил!

Your love took patience and heart from me,

Your beautiful face drove my mind and heart to distraction.

The sadness I have in my heart, is like a mountain,

The heart you have under your chest is like a stone.

حبك استغرق الصبر والقلب مني،
وجهك الجميل أربك عقلي وقلبي.
الحزن في قلبي، جبل،
القلب في صدرك، حجر.

في القرن الحادي والعشرين، ساعدت شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على نشر أعمال الكثير من الشعراء المعاصرين الذين ينتمون إلى مناطق كانت في يوم ما جزء من امبراطورية بلاد فارس.

فردوس عزام، شاعر طاجيكي معاصر، واحد من هؤلاء، إذ غالبا ما يستخدم فيسبوك كمساحة لنشر منظوماته الشعرية:

Рӯзе миёни хотираҳо гумном мешавам,
Аз чашми хотирот бигирӣ суроғи дил.

Хилофи майли худам аз баҳор дил кандам
Ки додаанд ба пойизи сард пайвандам.

ذات يوم، سأفقد نفسي بين الذكريات،
حينها، لِتبحث عن قلبي فيها يا حبيبي.
ضد إرادتي، انتزعت قلبي من الربيع،
ذلك أنهم ألصقوني إلى الخريف البارد.

يوم سعيد في اليوم العالمي للشعر!

في عام 1999، قررت الأمم المتحدة أن 21 من مارس/آذار سيكون اليوم العالمي للشعر، وهو أيضًا التاريخ الذي يوافق موعد الاحتفال بالاعتدال الربيعي عبر معظم أنحاء أوراسيا.

من المستبعد أن هذا القرار كان محض مصادفة. مفتاح فهم كيفية تفكير الأمم المتحدة في هذا اليوم يأتي من إشارة [4] المديرة العامة السابقة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، إلى أن “الشعر يجسد الطاقة الإبداعية للثقافة، التي يمكن تجديدها باستمرار.”

بالنسبة للمنتمين إلى البلدان الناطقة بالفارسية، يعد عيد النيروز أحد أهم التواريخ السنوية. وهكذا، فحقيقة أن التقليد الشعري الذي أسهمت فيه هذه المنطقة إلى حد كبير يعترف به في نفس اليوم، لديه رمزية بالغة.

كما يقول أحد الأمثلة الشعبية، “القلب يجد طريقه إلى القلب.”