غابة كاليه الفرنسية تصبح محمية طبيعية بعد طرد اللاجئين منها

صورة مكان غابة كاليه اليوم. الصورة من مقطع فيديو من وكالة الأنباء الفرنسية.

يقودك الممرٌ الخشبي القصير المار عبر مساحة واسعة من الرمال عبر الشجيرات وعبر المخابىء المهجورة التي بناها الألمان في أربعينات القرن الماضي، إلى مرصد فلكي يمكنك التحديق من خلاله في مناظر طبيعية مواجهة الطريق المزدحم بالسيارات والمصانع التي تقع في مدينة كاليه الصناعية.

هذه هي المحمية الطبيعية التي تم افتتاحها في يونيو/حزيران الماضي، في المدينة الواقعة شمال فرنسا في المنطقة التي كانت يومًا “غابة كاليه”. بعد إجلاء أكثر من 10 آلاف لاجئ من سوريا وأفغانستان وأريتريا والعراق وجنسيات أخرى منها.

وسط حالة من الجدل ووسط تغطية إعلامية مركزة، تم تفكيك الموقع ليتم هدمه في أكتوبر/تشرين الأول 2016. لم تتم إزالة أماكن إيواء السكان فحسب بل كل الإنشاءات المؤقتة ومنها المطاعم والمحال التجارية ومسجد وكنيسة.

ينوه الموقع الرسمي إن السلطات المحلية قامت بتطوير حديقة برية، وتم الإعلان على أنها ستكون “إعادة إصلاح للنظام البيئي والمناظر الطبيعية” وسيساهم في زيادة أعداد الأزهار الجميلة كزهرة الأوريكدا وكذلك زيادة عدد الطيور مثل طائر الشنقوب وسنونو الرمل.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك بعض التكهنات بأن هذا المشروع تم تحريكه بدافع الرغبة في التخلص من الأشخاص غير المرغوب فيهم، أكثر من فكرة حماية الحياة البرية في المنطقة .

إجلاء باسم البيئة

منذ إزالة الغابة، اشتركت السلطات الفرنسية في مشروعات مشابهة في أجزاء أخرى من كاليه، ويسعى مشروع إعادة التطوير إلى تحويل غابة صغيرة حيث يعيش مجموعة من الإريتريين إلى حديقة. ويتمثل الفارق في أن الغابة مفتوحة دائمًا، بينما يمكن إغلاق الحديقة.

تقع الغابة التي تبلغ مساحتها 2.5 هكتار وسط طريق سريع ومدرسة ثانوية ومنطقة سكنية. وتُسمى رسميًا شيكو ميندز، في الوقت الذي أطلق عليها سكانها الإريتريين الذين تمدهم الجمعيات الأهلية يوميًا بالطعام والماء وأدوات العناية الشخصية اسم ليتل فورست.

تقع ليتل فورست على مقربة من التجمعات المحلية الأخرى، وقد أدى هذا القرب إلى حدوث بعض التوتر خاصة بشأن التخلص من النفايات. حسب مؤسسة Help refugees الخيرية، فإن السلطات فشلت في إمداد ضحايا الهجرة القسرية بوسائل مناسبة لجمع النفايات.

في الثاني عشر من يونيو/حزيران الماضي، تم عقد اجتماع عام – حضره ممثلو جلوبال فويسز – قدم فيه عمدة كاليه ناتشا بوشارت خطط المدينة بشأن الغابة.

ودار النقاش بخصوص الغابة كآخر ذكرى من تاريخ المنطقة والمعروفة باسم “البركة الجميلة” (الترجمة الحرفية لمنطقة Beau-Marais التي تقع فيها)، وذكر أحد السكان المحليون أن أرض الغابة موطن للعديد من أنواع الكائنات الحية، ومن ضمنها السلامندر الذي يسكن بالقرب من البركة المركزية.

ولم يتم ذكر أي شيء عن سكان المنطقة، إلا عندما تحدث أحد الحاضرين باستحياء وبعد 15 دقيقة من بدء الاجتماع عن ضرورة إيجاد حل “للأشخاص الذين يسكنون هناك”.

حسب الخطة التي وضعتها المدينة، فبعد أن يتم تحويل الغابة إلى حديقة، سيتم إحاطتها بسور لمنع دخولها في غير الساعات المحددة، ومن المخطط أن يتم تثبيت كاميرات مراقبة بأعمدة الإنارة الخاصة بالحديقة. وبناءً على تصريحات عمدة المدينة، فإن ذلك سيساعد على التعرف على مربي الكلاب الذين يقضون حاجتهم في الحديقة.

طُرحت العديد من الاقتراحات خلال اجتماع دار البلدية، من ضمنها إنشاء منطقة ألعاب وممشى وملعب لرياضة الكرة الحديدة، ولكن لم يتم النقاش حول دورات أو نافورات المياه. كما ستتكلف إعادة تنمية المنطقة حوالى مليون ونصف المليون يورو.

ويقترح الجدول الزمني للمشروع أن هناك بعض العناصر أكثر أهمية من غيرها: فعلى الرغم من أن الأعمال الإنشائية ستبدأ في 2020، إلا أنه سيتم البدء في إنشاء الأسوار في أغسطس/آب الجاري.

غابة كاليه في 17 يناير 2016. الصورة لmalachbrowne

لا لنقاط التمكين

تتم عملية إعادة التنمية المقترحة في سياق عملية إزالة المستوطنات في كاليه. بعضها شبه يومي أوعلى الأقل مرة أسبوعيًا. وتقوم سياسة السلطات “لا لنقاط التمكين” بشكل روتيني بتدمير الخيام وأكياس النوم والبطانيات واستعمال الغاز المسيل للدموع.

وغالبًا ما تحدث هذه العمليات في المساء أو الفجر دون إنذار مسبق، ووسط تواجد مكثف للشرطة. حيث لا يتم التخلص فقط من مساكن اللاجئين ولكن في أغلب الأحيان يتم مصادرة ممتلكاتهم أيضًا. وهناك أنباء عن مواقف عديدة لوحشية الشرطة تجاه المهاجرين.

ولن يمكننا أن نعرف أبدًا ما رأي شيكو ميندز – الذي أُطلق اسمه على هذه الغابة – في مشروع بوشارت. فالناشط البرازيلي الذي تم اغتياله في 1988، كان قد كرس حياته للكفاح من أجل الحفاظ على غابات الأمازون والكفاح من أجل حقوق المزارعين وسكانها الأصليين المقيمين بها.

في كلمة لميشيل أجير، كبير باحثي المعهد الفرنسي للأبحاث والتنمية، ومؤلف كتاب “الغابة: مخيم كاليه، ومهاجريها” إن مشروعات إعادة التنمية محاولة لمحو التاريخ المضطرب لمشروع مدينة.

Il y a un ensemble de crises politiques qui font qu’il y a des gens qui sont mis dans l’obligation de circuler. Ce qui indigne les gens de Calais, c’est le mauvais traitement des gens qui sont là, et, en passant, la mauvaise image de leur ville à cause de cela. Ce n’est pas littéralement le camp ou les migrants eux-mêmes, c’est plutôt cette absence de solution.

هناك عدد من الأزمات السياسية التي أدت إجبار الناس على الانتقال، ولكن ما أغضب الشعب هو سوء معاملة سكان المنطقة والصورة السيئة للمدينة بسبب ذلك. ليس بسبب المخيم ولا بسبب المهاجرين أنفسهم، بل لعدم وجود حل لمشكلتهم.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.