هل تتبع سوريا خطى الإمارات وتحجب خدمات الصوت عبر بروتوكول الإنترنت؟

يعوّل ملايين السوريين المهجّرين بسبب الحرب على خدمات VoIP للبقاء على اتصال مع أقربائهم. صورة لسامر دعبول عبر pexels.

كتب المقال غرانت باكر ونُشر الموضوع لأول مرة على موقع منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي (SMEX). تعيد جلوبال فويسز نشر نسخة محررة باتفاق مع الموقع.

أعلنت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” في سوريا، يوم السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول، أنّها تدرس إمكانية منع مكالمات الصوت والفيديو عبر خدمات الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت (VoIP)، وذلك من أجل زيادة إيرادات قطاع الاتصالات، وفقًا لتقرير من صحيفة “الوطن” السورية، المقرّبة من النظام.

وكان إباء عويشق، مدير عام “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” قد اشتكى من أنّ خدمات المكالمات عبر بروتوكول الإنترنت “تقلل من عائد الاستثمار لشركات الاتصالات وتقلّل من حافزها للقيام باستثمارات جديدة لتحسين الشبكة وتقديم خدمات أفضل بسعر أقل”. وتبدو إمكانية زيادة أرباح شركات الإتصالات المحلية، في المنطقة العربية وإفريقيا الصحراوية فكرة مغرية رغم أعبائها على المواطنين. 

إذا تم تنفيذه، سيزيد الحظر من تكاليف خدمات الاتصال المرتفعة بالفعل، ويقلل من التدفق الآمن للمعلومات. كما سيشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق السوريين في الخصوصية، ويؤدّي إلى زيادة الرقابة.

في الوقت الحالي، تحتكر سوق الاتصالات المتنقلة في سوريا شركتان، هما شركة “سيريتل” (SyriaTel) للاتصالات التي تستحوذ على الحصة الأكبر من السوق والتي يملكها رامي مخلوف، قريب الرئيس السوري بشار الأسد، وشركة “إم تي إن” (MTN) سوريا والتابعة لـ”مجموعة إم تي إن” (MTN Group) في جنوب أفريقيا.

يتحكم النظام السوري في شبكة الإنترنت من خلال وكالاتين تابعتين للحكومة وهي الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية والشركة السورية للاتصالات. وفيما تتحكم الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في البنية التحتية للجيل الثالث لشبكة الاتصالات المتنقلة، تملك الشركة السورية للاتصالات، والتي وضعت أول نظام للتجسس على المكالمات والإنترنت في البلاد سنة 1998، كامل البنية التحتية للخطوط الثابتة. وهو ما يسمح للسلطات السورية بالتجسس على المستخدمين بكل سهولة.

إذا تم حظر واتساب وخدمات الصوت عبر بروتوكول الإنترنت الأخرى، لن يبقى أمام السوريين إلا خيار استعمال خدمات الاتصالات التي تسيطر عليها الحكومة، وهو مايجعلهم عرضةً للتنصت الحكومي.

وبالتالي، يمكن للحكومة الاستماع بسهولة إلى المحادثات واستخراج البيانات والمعطيات الوصفية (meta data)، خصوصًا وأنّها تشتري وتستخدم أدوات مراقبة مختلفة للتجسّس. ولذلك إذا أُجبِر السوريون على استعمال خدمات الاتصالات المحلية الغير الآمنة نسبيٍا، يسهل توقع استغلالها من طرف السلطات لزيادة التجسس على المواطنين.

علاوة على ذلك، تدفع هذه القرارات المواطنين إلى اعتماد بدائل جديدة مكلفة وخطيرة. ففي دولة الإمارات التي مَنعت خدمات الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت مثل سكايب، فايبر وواتساب، سمحت الحكومة لشركتي الهاتف المحمول، “اتصالات” (Etisalat) و“دو” (Du)، بإطلاق خدمات خاصة بها للاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت. لا تقتصر تكلفة هذه الخدمات على المال فحسب، بل يمكن لحكومة الإمارات أن تصل أيضًا إلى البيانات الوصفية ومعلومات الاتصال الخاصة بكلّ مستخدم بما يسهّل عملية المراقبة.

وفي سوريا، قد تلجأ شركتا الاتصالات إلى طرح خدمات مماثلة في محاولة لزيادة الأرباح. وقد تعطي الخدمات الجديدة المواطنين الانطباع بأنّها آمنة، لكنّها قد تكون في الواقع أكثر عرضة للهجمات مثلها مثل الاتصالات العادية.

وبينما يبقى بمقدور المستخدمين في سوريا التحايل على هذا الحظر عن طريق استخدام تطبيقات “الشبكة الشخصية الافتراضية” (VPN)، سيقصى أولئك الذين ليست لديهم دراية كافية بالتكنولوجيا وذوي الموارد المالية المحدودة. فأغلب خدمات VPN مكلفة، كما أنّ  التطبيقات المجانية غالبًا ما تتتبّع وتسجّل عملية التصفّح وتمنح أطرافًا ثالثة إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين، وهو ما يعرّضهم لأخطارٍ إضافية.

إذا وافقت هيئة تنظيم الاتصالات على منع خدمات الVoIP، ستكون سوريا بذلك آخر بلدٍ في المنطقة يتّخذ هذه السياسة التقييدية. بالإضافة إلى الإمارات، تمنع قطر حاليًا خدمات VoIP، في حين لاتزال تمنع السعودية فايبر وواتساب بعد أن قامت بالتخفيف من القيود لاستخدام مثل هذه الخدمات السنة الماضية. وسبق أن منعت دول أخرى في المنطقة العربية، مثل لبنان والمغرب، خدمات الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت لفترات وجيزة في عامي 2010 و2016، ولكنّها سرعان ما أعرضت عن هذا الأمر.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.