- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

الحياة بعد مانوس: حوار مع رسام الكاريكاتير الإيراني “السمكة المُتهالكة” حول الحياة داخل وخارج معسكر اللاجئين

التصنيفات: أوقيانوسيا, أستراليا, بابوا غينيا الجديدة, الهجرة والنزوح, حرية التعبير, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, علاقات دولية, فنون وثقافة
[1]

كاريكاتير من السمكة المُتهالكة، رسمها أثناء اعتقاله في جزيرة مانوس. المصدر: فيسبوك، مُصرح باستخدامها.

كان “علىّ دوراني” يبلغ الواحد والعشرين من عمره عندما وصل كلاجئ إلى جزيرة كريسماس التابعة لأستراليا على متن إحدى القوارب في يوليو/ تموز 2013، ثم نُقل بعد ستة أشهر إلى جزيرة مانوس [2] حيث معسكر اللاجئين الأسترالي الواقع خارج البلاد في دولة بابوا غينيا الجديدة، وهناك كان عليه أن يقضي الأربع أعوام القادمة من حياته.

بدأ في رسم رسوماته الكاريكاتيرية في جزيرة مانوس من أجل أن يتغلب على وسواسه القهري، إضافة إلى توثيق وضعه ووضع غيره من اللاجئين في المعسكر، أطلق على نفسه اسم “السمكة المُتهالكة” إشارةً لإنقاذه من الغرق في عرض البحر في عام 2013.

بعد حوالي ثلاثة أعوام من اعتقاله تم نشر رسوماته الكاريكاتيرية في وسائل الاعلام، وكانت هذه الرسومات تجسد [3] الظروف التي كان يعاني منها اللاجئين في جزيرة مانوس. وبعض من هذه الرسومات تعكس حالته الصحية المتدهورة والاعتداء الجنسي الذي كابده في معسكر اللاجئين.

في عام 2016 منحته المنظمة العالمية للدفاع عن حقوق رسامي الكاريكاتير جائزة الشجاعة الأدبية في مجال رسوم الكاريكاتير عن عمله. والجدير بالذكر أن سبب [4] منحه هذه الجائزة هو أن يومًا ما ستُعرف رسوماته على أنها أحد أهم السجلات العالمية لأسوء سلوك إنساني منذ معسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية.

واجهت أستراليا الكثير من النقد من العالم أجمع نتيجة  لسوء الوضع في معسكر اللاجئين في مانوس. فقد أوضحت [5] الأمم المتحدة أن النهج السياسي المتبع في عمليات الاعتقال التي لا حصر لها في هذا المعسكر الخارجي بمثابة عقوبة وحشية غير آدمية ومُهينة للإنسانية.

تم الإفراج عن علي في ديسمبر/ كانون الأول 2017 بعد حملة إعلامية عالمية طالبت بإطلاق سراحه، وفي السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول وصل إلى مدينة ستافانغر في النرويج بدعم من المنظمة العالمية لمدن اللجوء “منظمة أيكورن”

بعد عام تقريبا من مغادرته جزيرة مانوس أجرينا حوارًا مع علي عبر البريد الإلكتروني، واصفًا إياه “بالخروج إلى الحرية”. تحدث عن حياته بعد الاعتقال وتجاربه في معسكر اللاجئين كما أسدى ببعض النصائح للفنانين الآخرين، التي عليهم اتباعها.

صرح على أنه بالرغم من سعادته بحياته الجديدة في النرويج إلا أنه يواجه صعوبة بالغة في التكيف معها.

After two weeks I fell into a deep depression, and this kind of depression was even stronger than I had in Manus Island, and it took me around four or five months until, with a help from psychologist, and some friends, I got bit better and started communicating with a lot of people and making a new life happen.

بعد أسبوعين أُصبتُ باكتئاب حاد وكان أكثر قوة من الاكتئاب الذي عانيت منه في جزيرة مانوس فقد استمر من أربعة شهور إلى خمسة ، وبمساعدة الطبيب النفسي وبعض الأصدقاء تحسنت بعض الشيء وبدأت التواصل مع العديد من الناس وإنشاء حياة جديدة.

تذكر قراره برسم الكاريكاتير، بعد أن نصحه أحد المساعدين الطبيين بأن عليه الاندماج في نشاط ما لكي يتمكن من السيطرة على وسواسه القهري، هذا الشيء نفسه لم يكن سهلًا بجانب بعض الأمور الأخرى؛ فلم يكن في مقدور المعتقلين ادخال الأقلام والأوراق.

I kept drawing until I was moved to Manus Island in 2014, and I didn't have enough paper, I didn't have enough pencils, and I had to steal papers from workers, I had to find a little paper to draw on, and it took me two years and a half to send my drawings out. And it was the only reason I think that I am still alive. Art didn't help my mental situation to be healthy, but it helped to send my voice out to the people in the outside world. It was art which saved me, it was art which saved my life.

واصلت الرسم حتى بعد ترحيلي إلى جزيرة مانوس، لم يكن لدي ما يكفي من الورق أو أقلام الرصاص، فلجأت لسرقة الأوراق من العمال، كان علي أن استمر في إيجاد قطع الأوراق الصغيرة لأتمكن من الرسم عليها. استغرقت سنتين حتى تمكنت من إرسال الرسومات إلى شخص ما. أعقد أن هذا هو السبب الوحيد لبقائي على قيد الحياة حتى الآن. لم يساعدني الفن في تحسين حالتي الصحية فحسب بل مكني أيضًا من توصيل صوتي إلى العالم خارج المعسكر، لقد أنقذني الفن بل وأنقذ حياتي كلها.

تُظهِر رسوماته في البداية اهتمامه بالطاقم الطبي وموظفي الهجرة في جزيرة عيد الميلاد ثم في جزيرة مانوس، مما لفت انتباه وسائل الاعلام الأسترالية فيما بعد، والتي سلطت الضوء على وضعه في مانوس.

I wasn't a political cartoonist at first, so I just started documenting my life and my own struggles, and I don't know what happened, one day when I opened my eyes and I have been published in different press companies and I was on the news, a lot of people knew me in Australia, and it gave me more hope to keep myself alive, and I didn't have any idea that drawings were going to give me freedom one day.

في البداية لم أكن رسام كاريكاتير ذو طابع سياسي، فقد بدأت بتوثيق حياتي وكفاحي ومعاناتي، لم أعلم تحديدًا ماذا سيحدث. أفتحت عيناي يومًا ما فوجدت رسوماتي قد نُشرت في وسائل الاعلام، ويتحدثون عني في الأخبار، وأصبح الكثير من الناس في أستراليا يعرفونني، لقد بث هذا في روح الأمل بأنني سأبقى على قيد الحياة، لم يخطر ببالي أن رسومات الكاريكاتير ستمنحني الحرية يومًا ما.

[6]

صورة لعلي دوراني أثناء إحدى دروس الرسم في النرويج. المصدر: فيسبوك، مُصرح باستخدامها.

هذه كلمة وجهها على للفنانين المجتهدين خصوصًا الشباب منهم الذي يتعرضون للاضطهاد:

Don't stop, don't stop what you're doing. Keep drawing, keep cartooning, keep sending your voice out. It takes time, it's difficult but it will work, it worked for me. Don't get tired.

I asked for help for five years and I got it. I got my freedom after five years asking from different people. Asking is not shameful. Asking for help is not shameful.

لا تتوقفوا، لا تتوقفوا أبدًا عما تفعلونه، واصلوا الرسم، استمروا في رسم الكاريكاتير لتوصِلوا أصواتكم إلى العالم أجمع، سيأخذ وقته سيكون صعبًا بعض الشيء، لكن ستجنون ثمرته كما جنيته أنا، لا تستسلموا. طلبت يد العون على مدار خمسة أعوام، وها هي مُدت إليّ، لقد نلت حريتي بعد خمسة أعوام من طلبي المساعدة من الناس شتى، فهذا ليس شيئًا أخجل منه.

إضافة إلى ذلك فقد وجه نداءً طارئًا إلى المنظمات التي تُقدم المساعدات للاجئين على جزيرة مانوس بأن تستنكر استمرار نشر المعلومات المغلوطة حول الوضع في المعسكر.

Truth helped me. Truth helped me to get my freedom back. It took a lot of time but it worked.

لقد ساعدتني الحقيقة على أن أسترد حريتي مرة أخرى، كان الطريق طويلًا لكني وصلت في النهاية.