المقال التالي هو نتاج شراكة بين جلوبال فويسز وشبكة الصحفيات السوريات (SJFN). كتبه جوي أيوب رئيس تحرير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع مساهمة المترجمة الإيطالية أليس بونفاتي وكاتب جلوبال فويسز إلياس أبو جودة.
بدأت الحركة النسوية السورية في نهاية القرن التاسع عشر عندما كانت الأراضي المعروفة الآن باسم سوريا ولبنان تحت الحكم العثماني.
حصلنا على نظرة ثاقبة لهذا التاريخ الغني من خلال محادثة (باللغة العربية) بين شبكة الصحفيات السوريات ومية الرحبي، الشريك المؤسس للحركة السياسية للمرأة السورية. تم تحميله على حساب شبكة الصحفيات السوريات على ساوند كلاود.
ليس من قبيل المصادفة أن الحركة النسوية بدأت في أواخر القرن التاسع عشر خلال فترة النهضة العربية وهي فترة من النهضة الثقافية التي بدأت في مصر وسرعان ما انتشرت في لبنان وسوريا وغيرها من البلدان الناطقة بالعربية.
في الوقت الذي كان تسليط الضوء يتم عادة لأشخاص مثل الباحث الإسلامي المصري رفاع الطهطاوي أو الباحث الماروني اللبناني بطرس البستاني، تؤكد الرحبي على دور المرأة في ريادة الحركة النسوية السورية.
منذ بداية الحركة، انضمت النسويات السوريات إلى الدعوة العالمية للحقوق الأساسية للنساء مثل الحق في التصويت والتعليم.
نعرف النسوية، كانت الموجة النسوية العالمية الأولى تطالب ببعض حقوق النساء، مثل التعليم أو المشاركة في الانتخابات. هذا ما طالبت به النسويات الرائدات في سورية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
حصلت النساء السوريات على حق التصويت عام 1953.
ذكرت الرحبي نسوة مثل مريانا مرّاش التي كانت تكتب في الصحف في عام 1870 وتدعو إلى تحرير النساء (وربما كانت أول امرأة عربية تفعل ذلك). ولدت في حلب وتوفيت في حلب، حيث عاشت لفترة طويلة (1848-1919) لرؤية مدينتها تمر من أيدي العثمانيين إلى أيدي الفرنسيين. وقد تكون مراش أول امرأة تكتب في الصحف باللغة العربية. أعادت إحياء ذكرى مجلات والمجتمعات والمجالس الأدبية النسائية في العالم العربية” في بيت عائلتها في حلب، مازجة بين بعض التأثيرات الأوروبيّة والسورية.
وأشارت الرحبي أيضًا إلى ماري العجمي وعادلة بيهم الجزائري كأمثلة ممتازة:
أذكر مثلًا ماري العجمي التي أسست سنة 1910 مجلة العروس وعادلة بيهم الجزائري اللي عملت في جمعيات نسائية، هدفها ثفافية واجتماعية والمنادة بحقوق المرأة مما يتناسب مع الموجة النسوية الأولى التي كانت موجودة بالعالم.
استمرت الحركة مع انقطاعات للنشاطات حتى الانقلاب السوري عام 1963 الذي شهد إسقاط جمهورية ما بعد الاستقلال (1946-1963) وصعود حزب البعث.
ثم تبع ذلك انقلاب ثان أطاح بزعماء الحزب في عام 1966 وقام بوضع صلاح جديد، ثم مرة أخرى بانقلاب ثالث من قبل حافظ الأسد الذي عين نفسه زعيم سوريا في عام 1970. نظام الأسد لا يزال يحكم سوريا بهذا الشكل حتى اليوم منذ تولي بشار السلطة عن والده حافظ بعد وفاته عام 2000.
كان موقف هذه الأنظمة من الحركة النسوية السورية إما الحظر أو الاحتواء أو الاستيعاب. وقد أوقف هذا “التطور الطبيعي للحركة النسائية”، وتم استيعاب ما تبقى – حسب ما ذكرته الرحبي – الاتحاد العام للمرأة السورية (GUSW)، وتابعت قائلة:
لم يعد يُرخص لأي جمعية نسائية جديدة واستمر هذا الأمر منذ عام 1963 إلى اليوم
غني عن القول، أنه من المعروف ما تستطيع أو ما لا تستطيع GUSW القيام به محدود للغاية ومنذ بداية التأسيس:
الاتحاد النسائي كان منظمة شبه حكومية لأنه كان أولًا عامل شكلي ووظيفته الأولى فقط التصفيق والتهليل لانجازات السلطة في سورية أو النظام السوري. لم تقدم على الأرض مساعدة حقيقية للنساء.
وفقًا للرحبي، فإن هذا الاحتكار من قبل الدولة يعني أن النسويات السوريات، وكذلك معظم النسويات العرب، لم يتمكنّ من الانضمام للموجة الثانية العالمية التي بدأت في الستينات.
عندما حصلت الموجة النسوية الثانية في العالم في الستينات تقريبًا وبدأت تطرح مفهوم الجندر، مفهوم توزيع الأدوار الاجتماعية بين الرجل والمرأة بالمجتمع، كان تطور الحراك النسوي متوقف في كل الدول العربية نتيجة سيطرة الأنظمة الاستبدادية عليها.
لكن تحدثت بعض الناشطات النسوية في العالم العربي عن حقوق المرأة من منظور جنساني. أعطت الرحبي مثال عن حنان نجمة، التي أقامت صالونها الثقافي الخاص في عام 1980 في دمشق. كان لنجمة دور فعال في المطالبة بالتغييرات القانونية لتحسين ظروف النساء والأطفال في سوريا وتأمين بعض التنازلات من الدولة. فيما يلي موجز لسيرة نجمة.
مع وضع هذا بعين الاعتبار، تفسر الرحبي الثورة السورية منذ عام 2011.
الثورة كانت ثورة على كل شيء، ولذلك عمل الناشطين الثوريين لتكون النساء ضمن نسيج الثورة وامتد نشاطها إلى التنسيقيات اللي كان فيها تواجد للنساء مهم. وتطورت بعدين المنظمات النسوية السورية في الخارج التي دعت لحقوق المرأة أو دمج مطالبها بمطالب الثورة. على صعيد آخر، تواجدت حركات متطرفة تعاملت مع النساء بوحشية وقمع وحاولت إعادة النساء قرون خلت. ولذلك كانت هناك جبهتان للعمل عليها خلال الثورة.