بقلم: محمد سليمان
واصل آلاف المتظاهرين السودانيين احتجاجاتهم المؤيدة للديمقراطية في الثالث من يونيو/حزيران من عام 2019 مطالبين بحكم مدني في السودان، ولم يكونوا حاملين لأي سلاح سوى تمردهم السلمي. وعلى النقيض من ذلك، كانت قوات الدعم السريع التي تعمل بالنيابة عن المجلس العسكري الانتقالي الذي يحكم السودان مؤقتًا على استعداد لإطلاق النار وقتلهم في ذلك اليوم المشؤوم.
في الوقت نفسه تقريبًا من ذلك الشهر، صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي على حظر إرسال أسلحة بقيمة ثمانية ملايين دولار أمريكي إلى المملكة العربية السعودية، وهو الحظر الذي قال الرئيس دونالد ترامب إنه يعتزم استخدام حق النقض (الفيتو) ضده.
تؤيد المملكة العربية السعودية قوات الدعم السريع بشدة، فقائدها الذي يدعى محمد دقلو هو صديق موثوق للسعودية وحليف لها. وفي أيار/ مايو من عام 2019 التقى دقلو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأكد له استمرار التعاون مع المملكة العربية السعودية في حربهم المتواصلة في اليمن.
يمد السعوديون قوات الدعم السريع بالمال والسلاح، وهكذا فإنه عندما تشجع الولايات المتحدة الأمريكية على عقد صفقات أسلحة مع المملكة العربية السعودية فهي بذلك تدعم قوات الدعم السريع أيضًا بصورة أساسية. وهكذا كانت السعودية – الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة – تحاول تأمين مكاسب على حساب حلم الشعب السوداني.
كانت الثورة السودانية قد اندلعت في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018 تحت شعار “تسقط – بس” طالب فيها المواطنون السودانيون بالإطاحة بالرئيس عمر البشير ونظامه الذي احتفظ بالسلطة لأكثر من ثلاثين عامًا، وفي منتصف شهر أبريل/ نيسان من عام 2019 أطيح بالرئيس البشير وتسلم أعضاء المجلس الانتقالي العسكري زمام السلطة كقادة فعليين للسودان.
في الثالث من يونيو/ حزيران من عام 2019، استخدمت قوات الدعم السريع القوة الوحشية لتفرقة المتظاهرين السلميين الذين كانوا يقيمون اعتصامات ويدعون إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية في السودان. وأكدت تقارير أولية عن هذه المجزرة، أن ما لا يقل عن مئة شخص قُتلوا رميًا بالرصاص وأُلقيت جثثهم في نهر النيل، كما اغتُصبت النساء في الشوارع. هذا وقد أغلقت قوات الدعم السريع والمجلس العسكري الانتقالي شبكة الإنترنت في محاولة منهم لإخفاء جرائمهم.
تتكون قوات الدعم السريع من أعضاء من “الجنجويد” سيئي السمعة والمعروف عن دورهم في الفظائع المرتكبة في دارفور. وكانت منظمات حقوقية دولية قد أصدرت عدة تقارير حول جرائمهم البشعة، منها تقرير لمرصد حقوق الإنسان بعنوان “رجال بلا رحمة“، كما وضع المرصد قائد قوات الدعم السريع دقلو على “القائمة الجزئية للأفراد الذين يجب على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق معهم“.
السعودية متورطة أيضًا في الحرب الدائرة في جارتها اليمن إلى جانب دعمها لقوات الدعم السريع، ففي عام 2015 شنّت حملة تدخل عسكري هناك لدعم الحكومة في هجماتها ضد جماعات المتمردين الحوثيين، ويتكون التحالف الذي تدعمه السعودية من تسع دول من الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك السودان ممثلةً بقوات الدعم السريع كحليف واضح.
وكانت العديد من جماعات حقوق الإنسان قد أدانت الحرب في اليمن وانتقدتها بسبب الانتهاكات التي ترتكب باستمرار ضد حقوق الإنسان وخطر المجاعة الذي يهدد 14 مليون شخص. ووفقًا لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فإن 6872 مدنيًا قد قتلوا وجُرح 10768 آخرون منذ عام 2018 معظمهم جراء الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية.
لا يخفى على أحد أن قوات الدعم السريع تجنّد جنودًا صغارًا للقتال في حرب اليمن، وأكد دقلو للمملكة العربية السعودية أن القوات السودانية ستبقى في اليمن للدفاع عن أمن المملكة.
هذا وقد أصبحت الأسلحة الأمريكية الآن بحوزة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لا يأمر فقط بقتل وتعذيب الصحفيين من أمثال جمال خاشقجي، وإنما أيضًا يدعم دقلو وميليشيته التي تقتل المتظاهرين وتغتصب النساء وتجند الأطفال دعمًا كاملًا.
كمواطن سوداني، أجد أنه من المحرج حقًا أن تستمر دولة عظيمة كالولايات المتحدة الأمريكية– التي بُنيت على مبادئ الحرية والعدالة للجميع– في إرسال الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
أؤيد شخصيًا كل الجهود التي تجري في الولايات المتحدة على جميع المستويات لوضع حد لبيع الأسلحة الأمريكية إلى السعودية، وهذا موقف أخلاقي وعملي على حد سواء، على الشعب الأمريكي أن يتخذه حيال المواطنين السودانيين للحفاظ على مصالحه الطويلة الأجل.
لدي أمنيتان؛ أن لا تحصل مجزرة جديدة في السودان، وأن تتوقف الولايات المتحدة عن إرسال أسلحتها إلى السعوديين الذين يحمون ويدعمون مجرم حرب سيحول دون تحقيق أمنيتي الأولى على الأرجح.
محمد سليمان مواطن سوداني يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية وكان أحد منسقي الحملة التي غيرت سياسة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاع التكنولوجيا في السودان وهو الآن يلاحق الشركات الصينية التي تصدّر الغاز المسيل للدموع إلى النظام السوداني، كما ينسق مشروعًا لإزالة المحتوى الذي تنشره قوات الدعم السريع عن شبكة الإنترنت.