في الرابع من تموز/ يوليو، أشعل الخطاب الذي ألقاه الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، جدالًا على الإنترنت حول قضية عمالة الأطفال، إذ قال “بولسونارو”، الذي يظهر منذ توليه الحكم في يناير/كانون الثاني الماضي في بث مباشر يوم الخميس من كل أسبوع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إنه اعتاد أن يزرع الموز، ويطحن الذرة في مزرعة والده، عندما كان في عمر التاسعة أو العاشرة، مؤكدًا على أن ذلك الأمر “لم يسبب له أي أذًى”، كما روى الرئيس البرازيلي كيف تعلم قيادة الجرارات، واستخدام البنادق في مرحلة مبكرة من عمره، خاتمًا خطابه بأن السبب الوحيد الذي جعله لا يقدم مشروعات لتجريم عمالة الأطفال بأنه كان سيقتل بسببه.
وينص القانون البرازيلي على منع عمالة الأطفال الذين لم يبلغوا الثالثة عشر، ويسمح بتدريبهم، عند بلوغهم الرابعة عشر، واضعًا قيودًا على العمل في الفترات المسائية، أو الانخراط في أعمال خطرة، كما لا يسمح لمن هم دون السادسة عشر بتوقيع العقود، وعلى الرغم من تأكيد “بولسونارو” من إنه لم ينو تقديم اقتراحات لتغيير هذه القوانين في المستقبل القريب، إلا أن عقب هذه التعليقات، أصبحت قضية عمالة الأطفال موضوعًأ للمناقشة على مواقع التواصل الاجتماعي في البرازيل على مدار الأسبوع الماضي.
روى القاضي الفيدرالي مارشيلو بريتاس، الذي يشارك في التحقيق في قضية “عملية غسيل السيارات” بريودي جانيرو، وأحد الداعمين للرئيس البرازيلي، روى تجربته الشخصية في العمل أثناء الطفولة، أثناء رده على سلسلة تغريدات نشرها نجل الرئيس، والنائب الفيدرالي إدوارد بولسونارو:
Aos 12 anos de idade, em 1982, com minha CTPS assinada, comecei a trabalhar numa pequena loja da família.
Tinha jornada e tarefas a cumprir, e aprendi desde cedo o valor de receber um salário (mínimo) após 1 mês de trabalho.
Tenho muito orgulho disso!— Marcelo Bretas (@mcbretas) July 7, 2019
عام 1982، وفي عمر الثانية عشرة، بدأت العمل، بتوقيع عقد مع أحد المتاجر الصغيرة المملوكة للعائلة، كان لدي يوم عمل ومهام لابد لي من القيام بها، وأنا فخور جدًأ لأنني تعلمت في وقت مبكر قيمة الحصول على حد أدنى من الدخل، بعد شهر واحد من العمل
كما شارك بيا كيسز المحقق السابق، والنائب الحالي عن الحزب السياسي الذي ينتمي له الرئيس، ذكرياته أيضًا:
Aos 12 anos de idade eu fazia brigadeiros para vender na minha escola.E o mais interessante era que eu não precisava mas eu sentia uma enorme satisfação de pagar as minhas aulas de tênis com o esse dinheiro. Eu me sentia criativa e produtiva.
— Bia Kicis (@Biakicis) July 8, 2019
في الثانية عشرة من عمري، كنت أقوم بصنع البريجاديرو (حلوى برازيلية) وبيعها في المدرسة، لكن الجزء المثير في القصة هو إنني لم أكن بحاجة تلك الأموال، إلا إنني شعرت بسعادة عارمة عندما قمت بسداد دروس التنس بها، شعرت بأنني شخص مبدع، ومنتج.
غير أن تلك التجارب تختلف كثيرًا عن تعريف منظمة العمل الدولية لمصطلح “عمالة الأطفال” بأنه العمل الذي “يمس كرامة الأطفال، ويحرمهم من طفولتهم، وقدراتهم، ويؤثر سلبًا على عملية نموهم الجسماني، والعقلي”، كما أضاف التعريف بأنه العمل الذي يتعارض مع الانتظام بالمدرسة.
Ajudar a avó a secar louça uma vez na semana não é trabalho infantil. Isso aqui é: pic.twitter.com/vobKcmVuBY
— pugliesigabie (@gabiefernandes) July 9, 2019
مساعدة جدتك في تجفيف الصحون مرة في الأسبوع لا تعتبر عمالة أطفال، بل هذا:
الطبقة الاجتماعية والإهمال
يقول المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء (IBGE) إن عدد الأطفال العاملين في الدولة بلغ 2.5 مليون طفل، ممن تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسابعة عشر، بينما أعلن مكتب النائب العام تلقيه لنحو 43 ألف شكوى تتعلق بعمالة الأطفال سنويًا.
في حين قالت عالمة الاقتصاد البرازيلية مونيكا دو بولو، في سلسلة من التغريدات حظيت بانتشار واسع، إن الفقر هو السبب الرئيسي لعمل الاطفال، وعلى الرغم من أنه يساعد على إنقاذ الأسر محدودة الدخل على المدى القصير، إلا أنه على المدى الطويل يعرقل النمو الاقتصادي والإنتاجي، كما يمثل خطورة على تنمية المجتمع.
Países que mais utilizam trabalho infantil tendem a ser os mais pobres do mundo, o que os prende em armadilha de pobreza e subdesenvolvimento.
البلاد التي يوجد بها نسبة أكبر من عمالة الأطفال غالبًا ما تكون الأفقر، إذ تجبرهم على البقاء في حالة من الفقر وعدم التطور.
وقالت “دي بيلو” إنه على الرغم من أن عمالة الأطفال تبدو حلًا للحد من عدم المساواة، إلا إنها- على المدى البعيد- تتسبب في تفاقمها، إذ تبقي كل من الأطفال والبالغين داخل دائرة من الفقر، كما لاحظت أن عمل الأطفال دون أجر يزيد من الفوارق بين الجنسين.
وكشفت المناظرة الإلكترونية حول القضية عن اختلاف فهم الطبقات الاجتماعية في البرازيل لمصطلح “العمل”، ونشر الحساب الرسمي لمجموعة Tortura Nunca Mais (لا للتعذيب مرة أخرى)، وهي إحدى مجموعات حقوق الإنسان التي تشكلت عقب انتهاء عهد الديكتاتورية العسكرية التي دعمتها الولايات المتحدة، والتي استمرت من عام 1964 حتى عام 1985:
Os relatos orgulhosos de quem ‘trabalhou’ na infância tem em comum o detalhe de ter sido no negócio da família (a lojinha, a empresa do pai, etc.). O que está mais próximo dos afazeres domésticos do que, propriamente, do trabalho infantil.
— Tortura Nunca Mais (@gtnmsp) July 7, 2019
ما الفخر في شهادات الأشخاص الذين التحقوا بأعمال خلال طفولتهم، فمعظمهم عملوا في مؤسسات عائلية (متجر صغير، شركة الوالد، إلخ)، وهو الأقرب للمساعدة في الأعمال المنزلية عن عمالة الأطفال الحقيقية
Essa foto do fotógrafo João Roberto Ripper mostra um menino trabalhando em carvoaria na Fazenda Financial, em Ribas do Rio Pardo, MS, em 1990.
Se vc acha que a luta contra o trabalho infantil é pra impedir vc de vender brigadeiro pra pagar aula de tênis, vc não entendeu nada. pic.twitter.com/UIi45AaIJL
— Quebrando o Tabu (@QuebrandoOTabu) July 9, 2019
في الصورة التي التقطها المصور جو ربرتو ربر يظهر أحد الصبية أثناء عمله في منجم فحم بإحدى مزارع مدينة ريباس دو ريو باردو بولاية ماتو جروسو دو سول عام 1990، فإذا كنت تعتقد أن مكافحة عمالة الأطفال من شأنها أن تمنعك من بيع الشوكولاتة، وتسديد متطلبات دروس التنس، فإنك لم تفهم شيئًا.
وتقول المحققة باتريشيا شانف، في مقابلة أجراها موقع news outlet UOL إن سوء الفهم حول قضية عمالة الأطفال يصيب قطاعًا عريضًا من المجتمع البرازيلي من الجهل بعواقبه الوخيمة
A alternativa adequada e justa para a criança será sempre a educação e o cuidado que ela merece. A gente não pode pensar de outro modo. A Constituição brasileira assegura proteção integral, absoluta e prioritária da infância. Se a gente entende que a infância deve ser protegida, a gente deve protegê-la como um todo.
لا نستطيع أن نغير أفكارنا، سيظل البديل العادل والمناسب للطفل هو التعليم والحصول على الرعاية التي يستحقها، إذ يؤكد الدستور البرازيلي على أولوية حماية الطفولة حماية مطلقة وكاملة.