- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

تحوّل الحرائق في غابات الأمازون البرازيلية إلى أزمة عالمية بعد ارتفاع معدل عمليات قطع الأشجار

التصنيفات: أمريكا اللاتينية, البرازيل, أصالة, بيئة, حكم, سياسة, صحافة المواطن, علاقات دولية, علم, كوارث
 مُرخص باستخدامها. ،@byleylaali/ موضّحة من قبل:

الصورة من حساب @byleylaali. استخدمت بعد الموافقة

في حفل التكريم الذي أقامته الحكومة البرازيلية للزعيم راوني، زعيم قبيلة كيابو الأصلية، في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، وبعد تسلّمه ميدالية الشرف تحدّث قائلًا [1]: “اتحادنا بات أمرًا ملحًا مع وجود نية قوية منهم لتقليص حجم أراضينا.” اكتسب الزعيم راوني شهرته الواسعة وأصبح شخصية معروفة دوليًا طوال الثلاثين عامًا الماضية من زياراته التي قام بها إلى 17 [2] دولة مع المغني البريطاني ستينغ بهدف إلقاء الضوء وشجب ما تتعرّض له أضخم الغابات المطرية في العالم “غابات الأمازون” من عمليات اقتلاع للأشجار. حيث وُلد في ولاية ماتو غروسو [3] التي تقع في المنطقة الغربية الوسطى في البرازيل التي تعرضت فيها مساحات شاسعة من غابات الأمازون للحرائق طوال الأسبوع الماضي.

المتنزّه الوطني شابادا دوس غوميرويس، إحدى تلك المناطق التي تعرضت للحرائق طوال عشرة أيام [4] قبل النجاح في السيطرة عليها في تاريخ 19 أغسطس/آب. وحسب ما نشرته صحيفة فوليا دي ساو باولو، فإن حجم الخسارة في محيط المتنزه جراء الحرائق يعادل نسبة 12 % فقط في عام 2019 الذي تجاوزت فيه البرازيل الرقم المسجّل من حيث عدد الحرائق الضخمة، والتي احتلت المرتبة الأولى فيه ولاية ماتو غروسو [5] التي سجّلت أعلى رقم في عدد الحرائق.

تتشارك ولاية ماتو غروسو -أحد الولايات الزراعية الرئيسة في البرازيل- حدودها مع دولة بوليفيا. وهو بالتحديد الجانب الذي تأثر بالحرائق الضخمة والتي شكلت ما يقارب مساحة 745 ألف ملعب كرة قدم [6]. وبعد التحليق الجوي فوق المنطقة للإطلاع على حجم الضرر، أنكر وزير البيئة البرازيلي ريكاردو ساليس [7] قيامه بأي إجراء يتعلق بتخفيض الميزانية الخاصة بإجراء تحقيق حول ما حصل والذي تمثل بالإجراءات التي اتبعت من عمليات التحقيق والبحث، الاكتفاء بإلقاء اللوم  في حدوث الحرائق إما على الجو الجاف أو مجرمين  قاموا بارتكاب تلك الحرائق دون تقديم أي دليل في الحالتين.

حاليًأ، تتصدّر حادثة الحرائق التي حصلت في البرازيل انتباه العالم أجمع. فعلى مدى اليومين الماضيين، نُشر هاشتاجين على تويتر  #PrayForTheAmazon [8] و#ActfortheAmazon [9]. وجميعها نُشرت من قبل ناشطين منددين بعمليات اقتلاع الأشجار من الغابات ورافضين للجرائم التي تُرتكب بحق البيئة في البرازيل بحجة الحاجة إلى توسيع المزارع والمراعي للقطعان. في الواقع يرجع سبب الأزمة التي حصلت في منطقة الامازون إلى عدة أسباب منها: تأثيرات الفصل الجاف، عدم اتخاذ الإجراءات الكافية من جانب الدولة، ورفض الحكومة تحمّل مسؤولية ما حصل.

توضح الصورة التي التقطها جهاز ناسا عبر القمر الصناعي Suomi NPP انتشار الدخان المتصاعد فوق عدة ولايات برازيلية. وررغم أن البرازيل تشهد في هذا الفصل عددا من الحرائق كل عام، إلا أن العدد هذه المرة قد يتجاوز الرقم القياسي المُسجّل.

ونشرت عدة صحف أخبارية برازيلية حوارات مع عدد من الخبراء أجمعوا على وجود أسباب مختلفة أدت إلى حدوث هذه الحرائق منها: “اقتلاع الأشجار والحرائق الفصلية ونقص التمويل والرقابة. وجميع هذه الأسباب كانت من ضمن قائمة الأسباب التي جمعها الموقع الأخباري UOL [15]

خلال مشاركته في عدد من المناسبات، ألقى رئيس البرازيل جايير بولسينارو اللوم [16] في وقوع هذه الحرائق على المنظمات غير الحكومية دون تقديم أي دلائل تثبت جدوى اتهاماته. فقد اكتفى بالقول أن شعور يراوده بقيام تلك المنظمات بإشعال الحرائق بهدف الإساءة إلى حكومته وتشويه صورتها في الخارج، وأضاف [17] أنه أصدر قرار بتخفيض قيمة الميزانية المخصصة لهذه المنظمات في البرازيل بنسبة 40%.

Então, pode estar havendo, sim, pode, não estou afirmando, ação criminosa desses ‘ongueiros’ para chamar a atenção contra a minha pessoa, contra o governo do Brasil. Essa é a guerra que nós enfrentamos.

وأضاف رئيس الحكومة البرازيلية أنني لا أؤكد وجود مثل هذه الأعمال إلا أن حدوث ذلك أمر ممكن جدا. فالحرب التي تواجهها البلاد في الوقت الحالي تتمثل في هذه الأعمال الإجرامية التي يرتكبها العضاء المنتمية إلى هذه المنظمات غير الحكومية بهدف إثارة دول العالم ضد شخصي كرئيس  للبرازيل وضد حكومتها.

تعرّض صندوق الأمازون [18]، الجهة المسؤولة عن تمويل مشروعات حماية ومراقبة عمليات اقتلاع الأشجار في الغابات الموجودة في المنطقة لقطع التمويل عنها من قبل أهم دولتين داعمتين لها: ألمانيا والنرويج [19]، اللتين وضّحتا أن قرارهما جاء استنادًا [20] للارتفاع الكبير في معدل عمليات اقتلاع الأشجار في ظل حكومة الرئيس بولسينارو.

خلال هذه الأزمة، تركز نشاط صندوق [21] الأمازون الرئيسي في إرسال شاحنات الماء، وتوفير اللباس والمعدات اللزمة للعاملين في مجال الإطفاء بهدف السيطرة على الحرائق المتواصلة وتطويقها.

الأمازون في عهد الرئيس بولسينارو

شهدت البرازيل خلال الفترة بين شهر يناير/كانون الثاني و 19 أغسطس/آب 2019 اندلاع حرائق وصلت إلى 72.843 وهي زيادة عن الفترة ذاتها من عام 2018 بنسبة 85% وفقًا لإحصاءات الصادرة عن المعهد الوطني لأبحاث الفضاء البرازيلي (Inpe). وحسب معهد الأمازون للأبحاث البيئية (Ipam) _الكلام مُقتبس من صحيفة إلبايس الإسبانية [5]_ بلغت نسبة الحرائق التي وقعت في الأراضي ذات الملكيات الخاصة إلى 60%، 16% في أراضي غير مُستثمرة و1% في المحميّات.

حسب إحصاءات المعهدين السابقين، سجلت عمليات قطع الأشجار من الغابات أعلى معدل لها في المناطق العشرة الواقعة ضمن منطقة غابات الأمازون والتي شهدت أعلى عدد للحرائق [22]. إضافة إلى ذلك، 52% من الحرائق المُسجّلة في البرازيل لهذا العام وقعت في منطقة غابات الأمازون. وصرحت [21] ناسا بهذا الشأن “أن الحرائق تعد السبب الرئيسي وراء قطع الأشجار.”

التقطت ناسا عبر القمر الصناعي Aqua بتاريخ 11 أغسطس/آب 2019 صور عديدة لحرائق مشتعلة في الولايات البرازيلية: روندونيا والأمازون وبارا وماتو غروسو

احتجت الحكومة على كشف المعهد الوطني لأبحاث الفضاء البرازيلي (Inpe) في شهر يوليو/تموز عن معلومات حول تزايد معدل عمليات اقتلاع الأشجار في ولاية الأمازون [25]. وفي تصريح لوزير البيئة البرازيلي ريكاردو ساليس [26] شكك فيه بدقة هذه المعلومات والبيانات، وأضاف أن الوزارة ستتعامل مع جهة أخرى بقصد إعداد تقارير جديدة. وصرّح رئيس الأمن الوطني أوغستو إيليينو أن هذه الأرقام غير دقيقة ومُتلاعب بها. ومن ناحيته، أشار [27] الرئيس بولسينارو شخصيًا إلى احتمال عمل مدير المعهد لصالح أحد المنظمات غير الحكومية.

Com toda a devastação que vocês nos acusam de estar fazendo e de ter feito no passado, a Amazônia já teria se extinguido.

إذا كان كل هذا الدمار الذي تتهموننا بارتكابه أمرًا واقعًا، فمعنى ذلك أن ولاية الأمازون ستزول في القريب العاجل!

في نهاية الأمر، أصدرت الحكومة البرازيلية في شهر أغسطس/آب قرارًا بفصل مدير المعهد الوطني لأبحاث الفضاء البرازيلي (Inpe) ريكاردو فالجاو [28] من منصبه على إثر نشره للأرقام والبيانات حول عمليات اقتلاع أشجار الغابات.

وحسب ما كتبه الصحفي روبنز فالينتي: كانت ولاية الأمازون أحد المحاور الرئيسة في خطب الرئيس بولسينارو. فطوال حملته الرئاسية، كرر الرئيس دعوته إلى جعل هذه المنطقة مفتوحة لأي أعمال تنقيب، كما أنه كرر الأقوال التي تعود إلى فترة الحكم الديكتاتورية العسكرية في البرازيل [29]، أن ولاية الأمازون يجب أن تُلحق بالدولة منعا لأي محاولة لتسليمها أو إلحاقها بأي دول أجنبية.

Em resumo, ela afirma que ONGs e indígenas pretendem, em conluio com países estrangeiros, dividir a região por meio da independência de algumas de suas áreas. Os ataques externos “ao Brasil”, ou seja, ao governo brasileiro, esconderiam um plano secreto internacional para tomar essas porções de terra exuberantes e ricas.

A partir dos anos 1980, essas ideias passaram a ser difundidas com mais intensidade em círculos militares (…)

Tal ficção encontra solo fértil no governo do presidente Jair Bolsonaro, capitão reformado, e tem pautado a relação do governo brasileiro com a Amazônia e países estrangeiros que incentivam projetos de preservação da região.

الأمر بإيجاز الاعتقاد يدور حول وجود تعاون سري بين المنظمات غير الحكومية المواطنين الأصليين مع الدول الخارجية بهدف تقسيم الولاية من خلال إعلان استقلال عدد من المناطق التابعة لها. وما الهجمات الخارجية ضد البرازيل، من وجهة نظر الحكومة البرازيلية، إلا محاولة لإخفاء الخطة السرية بين الدول للسيطرة على تلك لأراضي الخصبة والغنية.

هذا الاعتقاد هو السائد بين الأوساط والدوائر السياسية منذ ثمانينات القرن الماضي. وتعزز في حكومة الرئيس البرازيلي الحالي جايير بولسينارو الذي وضع برنامجًا حول شكل العلاقة بين الحكومة البرازيلية وولاية المازون والدول الأجنبية التي تدعو إلى حماية هذا الإقليم.

دافع وزير البيئة ساليس في حكومة الرئيس بولسينارو حلًا لأزمة ولاية الأمازون يتمثل في “استثمار المنطقة [30]” بإعلانها منطقة مفتوحة للنشاطات التجارية. مع الإشارة إلى أن طوال فترة تولي ساليس وزارة البيئة، انخفض معدل الضرائب على الجرائم المتعلقة بالبيئة النباتية بمعدل 23% [31].

الضجة الإعلامية على شبكة الإنترنت

وحسب الإحصائية [32] التي أعدّها البروفيسور فابيو ماليني، ونُشرت في 22 أغسطس/آب، بلغ عدد التغريدات على تويتر حول موضوع الحرائق في غابات الأمازون خلال 14 ساعة فقط أكثر من 2.5 مليون تغريدة : 949.445 باللغة الإنجليزية، و698.943 باللغة الإسبانية، و593.873 باللغة البرتغالية.

10.2 مليون تغريدة عن الأمازون البرازيلي (7 أيام). 4.3 مليون بالأمس فقط.
من حيث حجم البيانات، تشبه الحالة الضجة عبر الإنترنت في حالات الهجمات الإرهابية الكبرى.
يحتوي المخطط أدناه على 2.1 مليون إعادة تغريدة، تم التقاطها بحلول الساعة 2 بعد الظهر، حتى الساعة 7 صباح أمس بتوقيت برازيليا.

اقتصرت مشاركة العديد من الشخصيات المشهورة في التعبير عن الحزن لما حصل على نشر صور لهم بدت إما قديمة في المناطق التي تعرضت للحرائق أو في أماكن أخرى لا علاقة لها بمناطق الأمازون المتضررة [35]. من هذه الشخصيات كانت عارضة الأزياء البرازيلية  المشهورة جيزيل بوندشين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللذان نشرا صور تعود لتسعينات القرن العشرين خلال تعليقهما على ما حدث.

دعا ماكرون الذي التقى راوني كاكيكي [36]هذا العام لمؤتمر قمة لمجموعة الدول الصناعية السبعة لمناقشة هذه الأزمة. وعلّق الرئيس البرازيلي بولسينارو على هذه الدعوة بأنها محاولة من ماكرون لاستثمار قضية برازيلية محلية للفوز بأغراض ومكاسب داخلية في فرنسا.

يؤسفني محاولة الرئيس ماكرون استغلال أزمة داخلية في البرازيل ومناطق متعددة في ولاية الأمازون من أجل الحصول على مكاسب سياسية شخصية. إن النبرة المُبالغ فيها عند حديثه عن ما حصل في ولاية الأمازون (وحتى عند الإشارة إلى صوره المزيفة) ليس من شأنها أن تساهم في التوصل إلى حل لهذه الأزمة.

حكومة البرازيل ما تزال منفتحة للحوار على أسس الاحترام المتبادل وتقديم إحصائيات وأرقام حقيقية. إن اقتراح الرئيس الفرنسي بشأن الأزمة في ولاية الأمازون للنقاش بين الدول السبعة الأعضاء دون مشاركة دول المنطقة، تعيد الذاكرة للعقلية الاستعمارية في القرن الواحد والعشرين.

ولكن يبدو أن هذه الانتقادات كان لها آثار على أرض الواقع. يسعى الحزب الجديد وهو حزب سياسي برازيلي ليبرالي إلى أن ينأى بنفسه عن  موقف وزير البيئة ساليس أحد أبرز أعضاءه. دخلت مطالبات للاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على منتجات برازيلية حيز التنفيذ، وانتشرت الاحتجاجات حول العالم [39] ضد حكومة الرئيس البرازيلي. ما دفعه إلى إصدار قرار بشان إرسال قوة عسكرية لمكافحة الحرائق [40] وإخمادها وتلاوة الخبر شخصيًا على وسائل الإعلام الوطنية من إذاعة وتلفزيون. وأثناء فترة ظهور الرئيس على الهواء لتلاوة القرار، سُجلت في عدة مدن برازيلية قيام السكان بالطرق على الأدوات المنزلية، وامتلاء الشوارع بالمظاهرات [41] والاحتجاجات في كل من ريو دي جانيرو وبرازيليا وساو باولو.

شاركت جوينيا وبيكسانا [42]، المحامية والنائبة في البرلمان من السكان الأصليين مع زملائها في الحزب في المطالبة رسميًا بعزل وزير البيئة [43]في جرائم تتعلق بالتقصير في أداء مسؤولياته المنوطة به.

ما يزال شهر أغسطس/آب 2019 فصل الحرائق المستعرة في ولاية الأمازون البرازيلية، حيث سجلت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا مجموعة من النيران المشتعلة في أمريكا الجنوبية، والتقطت مجموعة من الصور للدخان الكثيف المتصاعد خلال الأسبوع الفائت.