- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

صعوبات في تطبيق قانون الكرملين الجديد بخصوص الإهانة على الإنترنت

التصنيفات: أوروبا الشرقية والوسطى, روسيا, النشاط الرقمي, حجب, حرية التعبير, صحافة المواطن, مشروع RuNet Echo, أدفوكس

صفحة الدخول لموقع فكونتاكتي، أشهر موقع تواصل اجتماعي في روسيا. تصوير: ماكسيم إدوارد

في الواحد والثلاثين من مارس/آذار، قام يوري كارتشيف باستخدام موقع التواصل الاجتماعي الروسي فكونتاكتي.قام فيه بدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “الأبله الكذاب”. غير أن الوقت لم يكن مناسبًا لمثل هذه الانفعالات وذلك نسبة لتوقيع الرئيس بوتين على قانون جديد [1] يسمح للمحاكم بتغريم أو سجن كل من أُدين بتهمة القاء “تصريحات مسيئة” تجاه السلطات عبر الإنترنت. لسوء الحظ أصبح كارتشيف أول من يحاكم تحت هذا القانون الجديد. ففي الخامس والعشرين من أبريل/نيسان، غُرم هذا النجار من بلدة صغيرة في مقاطعة نوفقورود مبلغ 30,000 روبل (480 دولار أمريكي) إثر منشوراته. يعتبر هذا المبلغ الحد الأدنى الذي تسطيع الحكومة أن تطلبه لمثل هذه الإساءة.

عند إلقاء نطرة عابرة على مجتمع الإنترنت الروسي، يتبين لنا وجود العشرات أو حتى المئات من التصريحات المماثلة. ولقد شعر العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالجزع. تكونت جماعة في الانترنت لإظهار تضامنها مع كارتشيف أو على الأقل الآراء التي أدلى بها. تكريمًا له، يمكن الآن العثور على هاشتاج Сказочный [2]# [2] (“غير معقول” أو “سحري”) في مجتمع الإنترنت الروسي. ما حدث لكارتشيف يمكن أن يحدث لأي منهم ولقد تم بالفعل. ففي الخامس عشر من يوليو/تموز، اتهمت شرطة [3] نوفو كوزنتسك الناشط إيقور قورلانوف بمخالفته للقانون وذلك لمجرد لنشره الرابط لمقال إخباري يحتوي على مقولة كارتشيف.

قد تبدو قضية قورلانوف غريبة بعض الشيء لكنها مجرد البداية. ففي العاشر من يوليو/تموز، ذكر بافل شيكوف [محامي يعمل لمنظمة حقوق الإنسان “أقورا”] على قناته تليجرام [4] أنه وفقًا لإحصائياته بُدئت أكثر من 20 قضية مرتبطة بالقانون الجديد بعد عدة شهور من صدور القانون. لقد بدا من الواضح أن تطبيق هذا القانون يحدث بصورة عشوائية وغير متوقعة. حيث رُفضت العديد من القضايا وظهرت انتقادات علنية من موظفين حكوميين عن إساءة الاستخدام من قبل النخبة المحلية. أشارت [5] المنظمة الغير حكومية روسكومسفوبودا – التي تراقب الحريات على شبكة الإنترنت بأن هذا القانون قد “فشل”.

في يوم تقديم هذا القانون، اختبر السياسي البارز اليكسي نافالني هذا القانون بتغريده:

من اليوم فصاعدًا، سيطبق قانون جديد في روسيا يمنع إساءة الحكومة عبر الإنترنت. وأنا اليكسي نافالني: أُعلن أن الإدارة الرئاسية وحكومة الاتحاد الروسي مجموعة لوصوص، أوغاد، وأعداء للدولة الروسية. المجلس الاتحادي مليء بالأنذال. روسيا المتحدة ليست سوى فرقة من اللصوص والمجرمين.

هذا القانون الجديد جزء من مجموعة من التعديلات تتضمن عقوبات مماثلة لنشر “الأخبار المزيفة” [7]. كلاهما جزء من تشريع أكبر هدفه الوصول إلى انترنت سيادي [8] اقترحه السيناتور أندري كليشاس ونائب مجلس دوما أندري لوقوفي في ديسمبر/كانون الأول 2018. يتوجب إزالة المواد المسيئة من الموقع الإلكتروني خلال 24 ساعة. عدم الإزالة قد يؤدي إلى حجب الموقع الإلكتروني من قبل السلطات. ذكرت [9] الصحيفة الرقمية ميدوزا أنه في أبريل/نيسان، وُجهت مطالب كهذه إلى موقعين إلكترونيين في مدينة ياروسلافل من قبل الإدارة الاتحادية لمراقبة الاتصالات، تكنولوجيا المعلومات، ووسائط الإعلام (Roskomnadzor) بعد رفضهم لإزالة صور لجرافيتي فيه إساءة للرئيس بوتين رُسم في مبنى وزارة الداخلية المحلية.

يقع عبء تطبيق هذا القانون على الإدارة الاتحادية للرقابة. لكن يبدو أنها لا تملك أي فكرة عن كيفية فعل ذلك. مثلًا: المسؤول الذي كانت له يد في حظر الموقعين الإلكترونيين في ياروسلافل، ذكر في إنذاراته للمحررين تشريعات لا علاقة لها بالموضوع. ذكرت [10] بي بي سي روسيا أن مسؤولين من الإدارة الاتحادية حاولوا شرح العواقب المترتبة على خرق القانون الجديد لمدراء الإعلام، لكنهم عجزوا عن الاتفاق على العبارات التي تعد مسيئة وتوصلوا إلى وجوب النظر إلى كل حالة على حدة.

كما هو الحال مع التشريع الشهير لمكافحة التطرف [11]، يبدو أن الغموض المتواجد في القانون الجديد هو المبرر. التعديلات الجديدة لمادة القانون الإداري لمكافحة الشغب [12] “تمنع إهانة أو استخدام أي عبارات بذيئة تجاه المجتمع، الولاية، رموز الدولة، دستور الاتحاد الروسي، والهيئات التي تمثل سلطات الدولة في الاتحاد الروسي”. ليس هنالك تفسير واضح يبين ما هو “بذيء” أو “مهين”.

عندما سُئل بوتين عن هذا القانون في برنامج الخط المباشر – برنامج سنوي يستطيع فيه المواطنون توجيه أسئلتهم للرئيس، برر [13] بوتين القانون بالإشارة إلى مبادرة شبيهة قامت بها ألمانيا. بالرغم من ذلك أعرب الرئيس عن قلقه تجاه سوء الاستخدام وأكد أن الهدف الأساسي هو إيقاف أي إساءة تجاه رموز الولايات، منتقدًا المحاولات العشوائية لتطبيق هذا القانون في الأقاليم الروسية.

على سبيل المثال، في السادس والعشرين من يونيو/حزيران، رفضت [14] محكمة في أباكان، خقاسيا، قضية ضد فياشسلاف شويف، مواطن من كراسنويارسك لنعته محافظ إقليم سيبيريا فالنتين كونوفالوف “بالأحمق وغريب الأطوار” على الفيسبوك. ذكر [15] المسؤول الصحفي لكونوفالوف أن المحافظ لم يكن له أي دور في القضية ضد شويف، مشيرًا إلى أن الاعتقال كان من قبل جهاز الأمن.

بصورة مماثلة، رفضت [16] محكمة في تتارستان قضية ضد ماكسيم سيمين، الذي نشر “تقييمات سلبية” عن حزب سياسي في مجموعة فكونتاكي وذلك وفقًا لمواد القضية [16]. لم يرد ذكر الحزب، لكن استطاعت ام بي كي ميدا  العثور على المنشور المسيء [17] عند مجموعة تدعى “تبيشني دزاليل” حيث نعت فيه سيمين الحزب الحاكم – روسيا المتحدة “مجموعة من اللصوص والمحتالين” مضيفًا عنوانه والكلمات التالية: “إذا كنت رجلًا بالفعل، ستعرف أين تجدني!”. حكمت [18] المحكمة أن “التقييم السلبي لنشاط حزب سياسي لا يمثل إساءة وفقًا [للمادة].”

في العاشر من يوليو/تموز، قامت محكمة في إيجيفسك، أودمورتيا، بتغريم لاعب هوكي محلي 30 ألف روبل (480 دولار أمريكي) لكتابته “رسالة بذيئة” عن المحافظ المحلي أليكساندربريشالوف. وفي نفس اليوم، أشار [19] ميخآئيل فيدوتوف، أومبودسمان الحكومة الروسية لحقوق الإنسان بأن الحكم الذي حكمت به المحكمة “غير ملائم” وأكد أن هذا القانون منع الإساءات الموجهة ضد الهيئات الحكومية فقط كالرئيس والبرلمان.

أشار فيدوتوف “دعونا لا ننسى أن الاضطرابات التي تصحبها لغة بذيئة في الأماكن العامة تعد أعمال شغب وفقًا للقانون الإداري للاتحاد الروسي […] ومحاولة معاقبة كل من يشتم في شبكات التواصل الاجتماعي، كمحاولة قتل الباعوض في مستنقع بمضرب ذباب”.

حدث تدخل آخر في التاسع عشر من يونيو/حزيران من قبل ليوند ليفين، رئيس لجنة دوما حول سياسة المعلومات. ذكر تجاوز المحافظ و السلطات المحلية لحدودهم [20]. قال ليفين: “هذا القانون يتعلق بالمؤسسات ذات السلطة فقط، وهي: الرئيس، الحكومة، الدستور، البرلمان، والمحاكم…لا يجب استخدام هذا القانون من قبل أي محافظ أو عمدة. لكن للأسف، نشهد الآن محاولات من قبل النخبة الإقليمية المحلية لتصفية حساباتهم مع الشخصيات العامة والصحفيين.

وفقًا للإدارة الاتحادية للرقابة، شهدت منطقة أرخانغليسك أكبر عدد من هذه القضايا خلال الأشهر الأخيرة. حيث تصادم الناشطون المحلييون مع السلطات حيال المدفن المقرر إنشاءه لنفايات موسكو. شملت العديد من هذه القضايا تصريحات مهينة تجاه المحافظ إيجور أورلوف. في الثاني من يوليو/تموز، صارت سفيتلانا باكشيفا أحد سكان مدينة كوتلاس، أول من تعرض لها القانون الجديد أكثر من مرة [21] نتيجة لتصريحات ضد المحافظ أورلوف في فكونتاكتي.

من الصعب معرفة الكيفية التي يستطيع بها مجتمع الإنترنت الروسي من تجنب الوقوع في مشاكل مع القانون الجديد. في العاشر من يوليو/تموز، في مقابلة مع إذاعة أوروبا الحرة، ذكر ستانيسلاف سيليزنيف ، محاميٍ يعمل لأقورا، أن في العديد من القضايا مثل قضية باكشييفا، لم يقم  المدعي بالاستشهاد بأي تقييم احترافي مستقل ولكنه اكتفى بإدخال العبارات المسيئة إلى سجل المحكمة كدليل واضح على مخالفة القانون.

قد يكون من الأفضل تجنب كلمات كارتشيف أو استعمالها بطريقة مختلفة كما اقترح Grani.Ru :

إذا كنت لا تريد أن تترك فكونتاكتي، يمكنك أن تكتب “بوتين مزارع غير عادي” [تلاعب بالكلمة الأصلية] أو “بوتين اللوروس!” [ثوب كان يرتديه الأمراء البيزنطيين، كما ظهر في بعض الأيقونات التقليدية. كلتا الكلمتين تبدو مشابهة لنظيرها الأقل تقديرًا].