خرج الجزائريون إلى الشوارع في الولايات المختلفة في البلاد منذ 22 فبراير/شباط للاحتجاج على الفساد والبطالة والنخب السياسية في البلاد. بدأت الحركة الشعبية “الحراك” عندما أعلن الرئيس المسن عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لولاية خامسة. تخلى بوتفليقة لاحقًا عن خطته للترشح للرئاسة مرة أخرى واستقال في 3 أبريل/نيسان بعد 20 عامًا في السلطة.
مع ذلك، واصل الجزائريون الاحتجاج على ما وصفوه بقايا نظام بوتفليقة الذين ما زالوا في السلطة وأيضًا ضد قرار الحكومة بالمضي قدمًا في الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر/كانون الأول. يخشى المحتجون من تزوير الانتخابات ويعتبره الكثيرون حيلة لإبقاء النظام القديم في السلطة. المرشحون الخمسة في الانتخابات هم إما أعضاء سابقون أو مؤيدون لإدارة بوتفليقة.
من هم المتنافسون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية؟
المتنافسون الخمسة في السباق الرئاسي هم رئيس الوزراء السابق علي بن فليس وعبد المجيد طبون ووزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي ووزير السياحة السابق عبد القادر بن قرين وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب حركة المستقبل.
أثناء الحملة الانتخابية في جميع أنحاء البلاد، طُرد بعض المرشحين من بعض المناطق واعُتقل بعض المتظاهرين الذين قاطعوا الحملات الانتخابية وحكم عليهم مما أثار المزيد من الغضب والنقد.
في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني شهدت الجزائر أيضًا مظاهرات مؤيدة للانتخابات كانت أصغر بكثير من احتجاجات الجمعة الأسبوعية التي ترفض الانتخابات.
أعادت الاحتجاجات في الجزائر البلاد إلى دائرة الضوء بعد عقود من العزلة الإعلامية الدولية، ليست هذه هي المرة الأولى التي تجتاح فيها احتجاجات حاشدة الجزائر فقد حدث هذا أثناء أعمال الشغب السوداء التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول عام 1988 والحرب الأهلية التي بدأت في عام 1992. ولكن هذه المرة بث التظاهرات مستخدمو الوسائط الاجتماعية على الهواء مباشرة على تويتر ويوتيوب وفيسبوك.
دفع الافتقار إلى مشهد إعلامي قوي في البلاد المحتجين والناشطين لاختراق جدار الخوف واستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي لبث تقارير حية حول ما يحدث في الشوارع حيث يتم توزيع لقطات الاحتجاجات التي يصوروها الهواة على نطاق واسع على تويتر وفيسبوك وإنستغرام، وكذلك بثها على وسائل الإعلام الأجنبية.
قطاع الإعلام المستقل في الجزائر غير متطور، حيث تخضع وسائل الإعلام المستقلة القليلة الموجودة لقيود صارمة من السلطات الجزائرية كما تعتبر وسائل الإعلام التقليدية أبواق للحكومة وكذلك غير قادرة على مواجهة التحول المستمر في المجتمع الجزائري، وعبر المتظاهرون عن عدم ثقتهم في غالبية وسائل الإعلام بشعارات مثل “أين الصحافة؟” (وين راهي الصحافة؟).
ردت السلطات على هذا الازدياد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الإبلاغ عما يحدث على أرض الواقع بتعطيل الوصول إلى الشبكات ومنصات الوسائط الاجتماعية.
العادات القديمة يصعب تغييرها
منصات وسائل التواصل الاجتماعي غير محظورة في الجزائر، مما ساعد هذا على نشر أخبار الاحتجاجات بسرعة على الرغم من بطء الإنترنت في البلاد. ومع ذلك، يعد سجل الجزائر ضعيف في حرية الصحافة حيث تحتل المرتبة 141 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لهذا العام.
منعت البلاد أيضًا الوصول إلى الإنترنت خلال العامين الماضيين في محاولة يائسة لمنع الغش أثناء امتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية.
نعم، على الرغم من حالات الاعتقالات والقضايا الموثقة التي تستهدف الصحفيين والمدونين المستقلين فإن الحملة الإعلامية في الجزائر طغت عليها منذ فترة طويلة أنشطة الأنظمة الاستبدادية الأخرى في المنطقة مثل مصر.
منذ بداية الحراك اشتدت الحملة على وسائل الإعلام وحريات الإنترنت. في 22 فبراير/شباط فرضت الحكومة تعتيم إقليمي على الإنترنت أثر بدوره على العديد من المناطق داخل وحول الجزائر بما في ذلك برج منايل وتيزي وزو وشرق الشلف. استمر انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع الإنترنت حتى الأسبوع الثاني من الاحتجاجات في 2 مارس/ آذار.
في 12 يونيو/حزيران أصبح من الصعب الوصول إلى مواقع الويب الإخبارية المستقلة مثل (Tout sur l’Algérie (TSA)) و (Algérie Part ) لمدة يومين فيما وصفه مدير TSA بأنه “فعل متعمد من الرقابة” ولم تقدم السلطات ولا مقدمو خدمة الانترنت تفسيرًا لذلك. على عكس وسائل الإعلام الحكومية التي تجاهلت الانتفاضة الوطنية وفرت كل من TSA و Algérie Part إلى جانب المواقع المستقلة الأخرى تغطية مكثفة للاحتجاجات الأسبوعية.
كانت هناك أيضًا محاولات لقمع المسيرات المناهضة لبوتفليقة على مستوى البلاد باسم “النظام العام” و”حماية الأمن القومي”.
على الرغم من تعطل الإنترنت والقمع استمرت حركة الاحتجاج في الاتساع وبلغت ذروتها بإقالة بوتفليقة من منصبه في أبريل/نيسان، لكن مع استمرار الاحتجاجات ضد النخبة السياسية في الجزائر تواصلت اضطرابات الإنترنت.
حُظرت خدمات الوسائط الاجتماعية وتطبيقات الرسائل مثل فيسبوك وتوتير وانستقرام وواتساب وسكايب وفايبر في السادس عشر والسابع عشر من يونيو/حزيران، كما تزامنت الانقطاعات أيضًا مع امتحانات شهادة إتمام الدراسة الثانوية.
في التاسع من أغسطس/ آب، منعت شركة الاتصالات الجزائرية وغيرها من مزودي خدمة الإنترنت الوصول إلى يوتيوب وجوجل للترجمة وخدمات جوجل الأخرى لبضع ساعات بعد أن نشر وزير دفاع سابق مقطع فيديو يدعو قادة الجيش إلى “تحقيق مطالب الشعب”.
في الرابع عشر والخامس عشر من سبتمبر/أيلول وثقت (Netblocks) تعتيم على الإنترنت في العديد من المناطق في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك أجزاء من العاصمة الجزائر.
⚠ Alert: Internet shutdowns registered across #Algeria amid widening protests against military influence; network data show disruptions consistent with those used during Bouteflika regime; incident ongoing #Algérie #TiziOuzou #Bouïra #Sétif #Jijel ?
? https://t.co/Lx7XjlA6qP pic.twitter.com/eeCiOp0nsI
— NetBlocks.org (@netblocks) September 14, 2019
تنبيه: تسجل عمليات حجب الإنترنت المسجلة عبر الجزائر وسط احتجاجات متزايدة ضد النفوذ العسكري، تظهر بيانات الشبكة انقطاع يشابه ذلك المستخدم خلال نظام بوتفليقة. الحدث مستمر.
منذ أكثر من 42 أسبوعًا، خرج الجزائريون إلى الشوارع للمطالبة بإزالة النخبة الحاكمة ووضع حد للفساد وتأثير الجيش في السياسة. تتصاعد التوترات مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر/كانون الأول ومع ظهور المظاهرات المؤيدة للحكومة الأيام الأخيرة. هل ستلجأ السلطات مرة أخرى إلى تعطيل الوصول إلى الإنترنت مع اقتراب يوم الاقتراع؟ يشير سجل حرية الإنترنت في الجزائر إلى أن هذا مرجح.