- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

إرغام الأقليات الدينية في إيران على نكران عقيدتهم للحصول على بطاقة الهوية الوطنية

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, أديان, احتجاج, حقوق الإنسان, سياسة, صحافة المواطن, قانون
[1]

بطاقة الهوية الوطنية لجمهورية إيران الإسلامية. المصدر: ويكيميديا كومونز [1].

حذفت [2] جمهورية إيران الإسلامية خيار “الأديان الأخرى” من نموذج طلب التقدم لبطاقة الهوية الوطنية، وتهدف تلك الخطوة فيما يبدو لحرمان ملايين الإيرانيين من الجنسية الكاملة.

يتعين على أعضاء الأقليات الدينية غير المعترف بها مثل: البهائيين، واليارسانيين، والمندائيين، وأولئك الذين غيروا ديانتهم إلى المسيحية أن يكذبوا أو يخفوا [3] معتقداتهم من أجل التمتع بحقوق المواطنة في إيران. بموجب اللوائح الجديدة الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني، يجب على مقدمي طلبات بطاقات الهوية الاختيار فقط من بين القائمة التالية للأديان المعترف بها: الإسلام والزرادشتية واليهودية والمسيحية.

لطالما واجهت الأقليات الدينية المعترف بها التمييز في إيران، وقد غادر العديد منهم البلاد منذ ثورة عام 1979.

تمثل هذه الخطوة – من جانب الدولة الإيرانية – فصل آخر في الدراما التي بدأت تتكشف في البلاد في الأشهر الأخيرة. ويأتي ذلك في أعقاب قمع المتظاهرين بدم بارد [4]، مما أدى الى مقتل حوالي 1500 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 17 يافع، في الحملة الحكومية ضد الاحتجاجات [5] المناهضة للنظام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فضلًا عن إسقاط [6] الطائرة الأوكرانية في 8 يناير/كانون الثاني 2020 من قبل الحرس الثوري للقوات الثورية، مما أسفر عن مقتل 176 شخصا كانوا على متنها. تبع ذلك اعتقال جماعي آخر إبّان اندلاع [7] احتجاجات بعد أن اعترفت الحكومة – تحت ضغط دولي- بأنها أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ. لا توجد حتى الآن أي أخبار عما حدث للآلاف الذين تم اعتقالهم خلال احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني ويناير/كانون الثاني.

ما هو تأثير السياسة الجديدة؟

بطاقات الهوية الوطنية متطلب أساسي لكل شيء رسمي في إيران، بما في ذلك التسجيل في إحدى الجامعات والحصول على جواز سفر وبيع وشراء العقارات والسيارات وإجراء حجوزات الفنادق وحجز الرحلات الجوية والحصول على تصاريح العمل والمعاملات المصرفية وتقديم الشكاوى وإبرام العقود والحصول على الراتب. كما أشارت سيمين فاهاندي، الممثلة البهائية في الأمم المتحدة، للأصوات العالمية: “إن عدم القدرة على الحصول عليها يجعل الأنشطة اليومية للمرء شبه مستحيلة”.

قالت [2] الباحثة بهناز حسيني، المقيمة في أوروبا والتي نشرت العديد من المقالات والكتب عن الأقليات الدينية، لمنظمة الحقوق الدينية، المادة  18: “الدولة الشيعية تريد إبقاء الأقليات مهمشة من أجل التمسك بالسلطة لنفسها”. وأضافت: “يكثف النظام الضغط على الأقليات لتهاجر، أو كما في حالة اليرسانيين، سلبهم هويتهم الخاصة من خلال أسلمتهم”.

40 عامًا من الاضطهاد والتمييز

بدأ اضطهاد الأقليات الدينية في الأيام الأولى للثورة، مع اعتقال وإعدام البهائيين والقتل العرفي للذين غيروا دينهم واعتنقوا المسيحية، وأولئك الذين دافعوا عنهم. وأصبح الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات، حتى تلك المعترف بها، ومن ضمنهم المسلمين السنة، مواطنين من الدرجة الثانية أو حتى من الدرجة الثالثة في أحسن الأحوال.

يقول أفشين شاهي، المحاضر في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية في الشرق الأوسط في جامعة برادفورد للأصوات العالمية: “إن اضطهاد الجمهورية الإسلامية للبهائيين، كان سياسة ثابتة على مدى الأربعين عامًا الماضية.” وأضاف: “واجهت الطائفة البهائية التمييز حتى في ظل حكومات أكثر اعتدالًا. اعتبر النظام على مدى تاريخه، أن أعضاء الطائفة البهائية يشكلون خطر الطابور الخامس. هذا نابعٌ من جنون الريبة السياسية مع تحامل ديني، وفي الوقت الذي يواجه فيه النظام تحديات متزايدة، لست مستغربًا من اتخاذهم تدابير جديدة لفرض المزيد من الضغوط على هذا المجتمع المهمش”.

وفقًا لسيمين فاهاندي، لا يزال البهائيون محرومين من التعليم العالي في إيران، بالإضافة الى منعهم من العمل في القطاع العام والحصول على استحقاقات نظام التقاعد. قالت فاهاندي للأصوات العالمية: “يتم استبعاد المتقدمين للجامعات من البهائيين بإعلان ملفاتهم “غير مكتملة”. “وحتى عندما يتمكن البهائيون من التسجيل، يتم طردهم بعد وقت قصير من معرفة دينهم كبهائيون”.

قالت فهاندي: “استخدمت الحكومة الإيرانية كل الأساليب على مدى السنوات الأربعين الماضية، لإجبار البهائيين على الكذب بشأن عقيدتهم”. وأضافت: “في السنوات الأولى من الثورة، قيل للبهائيين إنهم إذا أنكروا عقيدتهم ببساطة، فلن يتم إعدامهم. وأجُبروا على الاختيار بين عقيدتهم وحقهم في العمل، والآن بين عقيدتهم وحقهم في المواطنة. يعتبر البهائيون [فضيلة] الصدق “أساس كل الفضائل الإنسانية” وبالتالي فإنهم لا يكذبون بشأن عقيدتهم. القضية الجديدة مع بطاقات الهوية هي مجرد حيلة أخرى لمحاولة جعل البهائيين ينكرون ويكذبون بشأن عقيدتهم”.

ما الذي يمكن فعله؟

لا تنتهك الجمهورية الإسلامية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان [8] في خطوتها الأخيرة فحسب، بل تنتهك دستورها أيضًا.

تنص المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن ” لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحق حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم.”

تنص المادة 19 من دستور إيران على ما يلي: “يتمتع أفراد الشعب الإيراني، من أية قومية أو قبيلة كانوا، بالمساواة في الحقوق؛ ولا يمنح اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك أي امتياز.”

بإزالة خيار “الديانات الأخرى” من نموذج طلب التقدم للحصول على بطاقة الهوية الوطنية، يجد ملايين الأفراد الذين ينتمون إلى أقليات دينية في إيران أنفسهم مستبعدين من “أفراد الشعب الإيراني”.

تؤمن سيمين فاهاندي بالعمل الدولي. تقول فاهاندي: “يقوم المجتمع البهائي الدولي بالتبليغ عن هذه الانتهاكات لوكالات الأمم المتحدة على المستوى الدولي”. وتضيف: “إن الضغط الدولي مفيد دائمًا في مساءلة الحكومات على أساس التزاماتها وواجباتها على الصعيد الدولي. لا ترغب الحكومات في أن يُنظر إليها على أنها منتهكة لحقوق الإنسان، وبالتالي فإن رفع هذه القضايا دوليًا وإثارة الوعي بها هو جانب مهم من السعي لتحقيق العدالة “.