- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

عنوان على فرانس 24 عن كوفيد-19 في أفريقيا يضايق مستخدمي الإنترنت ويعتبرونه عنصريا

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, نيجيريا, الإعلام والصحافة, صحافة المواطن, صحة, علم

لقطة شاشة من موقع فرانس 24 في 1 آذار/مارس لعنوان بشأن قصة عن كوفيد-19.

نقلت فرانس 24، البوابة الإخبارية الفرنسية، في الفاتح من آذار/مارس 2020 خبرًا عن العدد القليل لحالات الإصابة بكوفيد-19 في أفريقيا من خلال هذا العنوان المثير للجدل [1]: “في ظل تسجيل ثلاث حالات فقط رسميًا، فإن نسبة الإصابة المنخفضة بفيروس كورونا تربك خبراء الصحة”:

سواء يتعلق الأمر بخلل في الكشف، أو بعوامل مناخية، أو مجرد ضربة حظ، فإن نسبة الإصابة المنخفضة بشكل ملحوظ بفيروس كورونا في البلدان الأفريقية،  مع أنظمتهم الصحية الهشة، تواصل إرباك الخبراء وإقلاقهم.

استجوبت قصة المقال الأسباب الكامنة وراء النسبة المنخفضة، على ما يبدو، في أفريقيا لمرض كوفيد-19 الذي يسبب المرض المعدي والمميت. بالرغم من ذلك، وجد الكثير من مستخدمي الإنترنت العنوان مثيرًا للجدل لأنه يعكس ما تصفه [2] أستاذة التاريخ، ميليسا غرابويز، بالصورة النمطية عن أفريقيا باعتبارها قارة مليئة بالأمراض.

اعتبارًا من 3 آذار/مارس، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 90,892 حالة إصابة مبلّغ عنها [3] بكوفيد-19 حول العالم، تتقدم فيها الصين بمعدل 80,303 حالة، تليها كوريا الجنوبية بمعدل 4,812 حالة، وإيطاليا بمعدل 2,038 حالة وإيران بمعدل 1,501 حالة.

يظهر تقرير الحالة [3] الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية أن الجزائر سجلت خمس حالات، وحالة واحدة في كل من تونس والمغرب، بينما سجلت مصر مريضين بكوفيد-19. وفي 27 شباط/فبراير، أصبحت نيجيريا أول دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تؤكد الإصابة بمرض كوفيد-19، تليها السنغال. المريض الأول في نيجيريا هو رجل إيطالي؛أما المريض الأول في السنغال فهو مواطنٌ [4] فرنسي، والحالة الأولى في المغرب هي لمغربي يعيش في إيطاليا.

غضب مستخدمي الإنترنت الأفارقة بسبب عنوان مقال

تساءل أولونيي، أحد مستخدمي الإنترنت في نيجيريا، قائلا: “لماذا سيقلق أحدٌ من أن فيروسًا قاتلًا لا ينتشر؟”

قرأت ذلك وفقا لما ورد فيها. لا يتوقف الأمر عند استخدام كلمة إأرباك” التي يمكننا أن نرجئ سببها إلى فضولهم العلمي، وإنما أيضا “القلق” من عدم انتشار فيروس كورونا بشكل أسرع في أفريقيا. لماذا سيقلق أحدٌهم من أن فيروسا قاتلا لا ينتشر؟https://t.co/ZXr4OF9HSg

— Olóyè Olúníyì Gates (@OluniyiGates) March 1, 2020 [6]

واستنكرت الدكتورة فراحى عساني تحويل “إنسانية شعب” إلى “إكسسوار في قصة”:

عندما تخفق في الإقرار بإنسانية شعب من الشعوب، فإنه لا يُستخدم إلا ليكون إكسسوارا في قصتك. ولذلك لا يمكنك حتى أن تفهم كيف يمكنه أن يتجرأ على أن يكون أفضل أو أكثر تقدما في أي شيء. لأنك في النهاية لاتزال تشعر بأنك متفوق وتؤمن بذلك. — Furaha Asani (@DrFuraha_Asani) March 2, 2020 [7]

وانزعجت أيضا نيما من نيجيريا من مساءلة أفريقيا على عدم وجود ما يكفي من حالات كوفيد-19:

تزعجني كثيرا مشاهدة المجتمع الدولي “يسائل” البلدان الأفريقية على عدم  وجود الكثير من حالات كوفيد-19 [8]!

سحقا؟!؟!

— Nimah A (@MsNemah) March 1, 2020 [9]

ونعت الغاني ماك جوردان التقرير الإخباري بالعنصري:

هل هؤلاء حقا “خبراء صحة” كما يُسمون؟ هذا العنوان إشكالي.

عدّل ليم العنوان كالآتي:

“آخر مستجدات فيروس كورونا: في ظل تسجيل ثلاث حالات فقط رسميا، نسبة الإصابة المنخفضة بفيروس كورونا تربك خبراء الصحة البيض العنصريين” 

https://t.co/TmcOx4AHKf [10]

— @MacJordan (@MacJordaN) March 2, 2020 [11]

الأمم المتقدمة تعدي أيضا الأمم الفقيرة بالأمراض

نُقل كوفيد-19 إلى نيجيريا عن طريق إيطالي. وهذه مفارقة صارخة تتجلى في نقل الأمراض من الأمم المتقدمة مثل إيطاليا إلى بلدان”قذرة [12]” مثل نيجيريا.

جاءت أول حالة إصابة بفيروس كورونا في نيجيريا من مسافر إيطالي إلى نيجيريا، وسجلت الولايات المتحدة عدد حالات أكبر من المكسيك.

فلنتخلص من فرضية أن “الأمم الفقيرة تعدي دائما الأمم الغنية بالأمراض”.

— Onye Nkuzi (@cchukudebelu) March 1, 2020 [13]

لطالما كان الاستعمار الأوروبي معبرًا لنقل الأمراض إلى البلدان الأفريقية.

أفاد [14] سام أوكونزي، في مقاله المنشور في يومية نيو فيجن New Vision الأوغندية، بأنه في عام 1839 “تسببت ستة أمراض معدية في جميع الوفيات تقريبا في بريطانيا”، وهي السل، والتيفوس، وحمى التيفويد، والكوليرا، والزحار، والجدري. لم يكن ثمة “سجل أو تاريخ” يفيد بأن هذه الأمراض كانت توجد “خارج أوراسيا قبل مقدم المغامرات الأوروبية”.

وفقًا لمركز إدارة الأمراض والوقاية منها، وصل الجدري إلى غرب أفريقيا [15] عن طريق محتلين برتغاليين في القرن الخامس عشر.

لاحظ تاريخ السود العالمي، وهو مستودع رقمي للتاريخ الأفريقي، أن طاعون الماشية وصل إلى تنزانيا، وكينيا، وملاوي، وزامبيا، وجنوب أفريقيا، في أوائل تسعينيات القرن الثامن عشر بواسطة تجار إيطاليين. ويضيف [16] تاريخ السود العالمي أن إدخال “تجارة العبيد إلى شرق أفريقيا أنتج أنماطا جديدة من الاستيطان” أدت إلى ظهور ذباب تسي تسي المسؤول عن وفاة “قرابة 200 ألف شخص” بسبب “مرض النوم” من “الكونغو إلى بحيرة تنجانيقا وفي النهاية إلى زامبيا”.

تعلموا من البلدان الأفقر

إن الإطار الذي تضع فيه وسائل الإعلام العالمية القصص الإخبارية المتعلقة بالكوارث الكبرى يسقط بسهولة في تسميات نمطية وسطحية. أمام الأنباء السلبية المتواصلة عن أفريقيا، يسهل استنتاج أن الأحداث الجيدة لا تقع داخل القارة.

لم ينتشر بعد فيروس كوفيد-19 في القارة – كما تخوف الخبراء- لأسباب متعددة؛ ويكمن أبرز سبب -لا يلائم تصنيف أفريقيا كقارة مليئة بالأمراض- في أن العاملين الأفارقة في قطاع الصحة أكثر تحمسا لمكافحة الأمراض المعدية.

وصرحت منظمة الصحة العالمية أن نيجيريا، وهي أكثر بلدان أفريقيا اكتظاظا بالسكان، سجلت اعتبارا من 2012 ما يزيد عن 50 في المائة [17] من حالات الإصابة بشلل الأطفال حول العالم، ما رافقه شلل حوالي 200 طفل بسبب المرض.

وبحلول عام 2014، أكدت [18] منظمة الصحة العالمية عدم تسجيل أي حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال البري في نيجيريا وأن “جميع المعطيات المخبرية أكدت” عدم وجود حالات جديدة. ونتيجةً لذلك، أزالت منظمة الصحة العالمية نيجيريا رسميًا من قائمة البلدان الموبوءة بشلل الأطفال.

وحققت نيجيريا هذا الإنجاز التاريخي [18] عن طريق “منع نقل فيروس شلل الأطفال لمدة 15 شهرا”؛ وهو إنجاز تجاوز أهداف منظمة الصحة العالمية.

ولا تحدث تغييرات كبرى مثيلة بين عشية وضحاها، إذ تطلب ذلك مستوى من الخبرة للوصول إليها.

وُضع البروتوكول المعني بالقضاء على شلل الأطفال في عام 2014 خلال انتشار إبولا في نيجيريا. وحدد العاملون النيجيريون في مجال الصحة الحالات المصابة عن طريق المريض الأول، وهو ما وصفته منظمة الصحة العالمية بكونه تحرّيًا رائعًا في مجال الكشف الوبائي [19].

بالتالي، وزع [20] الاتحاد الأفريقي ما يقارب 250 عاملا نيجيريا في مجال الصحة على بلدان أخرى داخل غرب أفريقيا لمكافحة إبولا. إضافةً إلى ذلك، أفادت شبكة الإغاثة التي تدعمها الأمم المتحدة بأن “خبراء طبيين من الولايات المتحدة وحول العالم” درسوا [21] انتصار نيجيريا على انتشار إبولا لنسخ النتائج نفسها في بلدانهم.

لكي لا ننسى، فقد اكتَشف علاج إبولا عالم أفريقي، وهو البروفيسور جون جاك مويومبي تامفوم Jean-Jacques Muyembe-Tamfum من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

لم يكن مفاجئا أن خبر اكتشاف مويومبي تامفوم لم يكن منتشرا على نطاق واسع بقدْر انتشار أخبار الوفيات جراء مرض إبولا في أفريقيا.

لا تتوقعوا شيئا مختلفا هذه المرة بشأن كوفيد-19:

أفهم جيدا سبب ارتباك العلماء حول العالم أمام كشف أفريقيا عن إصابة 3 أشخاص فقط بفيروس كورونا. قد نملك حلَّه أيضا. 

— Mark Amaza (@amasonic) March 2, 2020 [23]

كوفيد-19 هو وباء سيؤثر على كل شخص حول العالم: لقد حان الوقت ليتعلم الغرب أمرا أو أمرين من نظرائهم في أفريقيا الذين أوقفوا خروج كوفيد-19 حتى الآن عن السيطرة في القارة.

يمكنكم الاطلاع على التغطية الخاصة من جلوبال فويسز لتأثير كوفيد-19 العالمي [24].