وسط جائحة كوفيد-19، يتعرض النشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والسياسيين، المصريين المسجونين للخطر في سجون البلاد شديدة الازدحام.
لم تلق الدعوات العديدة لإطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين آذانًا صاغية، وفي هذه الأثناء، أَضربَ المُدون البارز والناشط في مجال حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح، الذي يُطلق عليه اسم “علاء” فقط في مجتمعه، عن الطعام، بينما استمرت عمليات الاعتقال والاحتجاز.
قالت عائلته في بيان نُشر في 22 أبريل / نيسان إن علاء مضرب حاليًا عن الطعام احتجاجًا على استمرار احتجازه. حسب البيان الذي نُشر في 13 أبريل / نيسان، تلقى مكتب المدعي العام تقريرًا من سجن طرة مشدد الحراسة، حيث يُحتجز علاء، أنه بدأ إضرابه عن الطعام، وفي 22 أبريل / نيسان، تمكنت أسرته من الوصول إلى تقريرٍ آخر يتعلق بصحة علاء وإضرابه عن الطعام:
Today we were able to see the medical report dated April 18, 2020, which stated that Alaa’s blood sugar level was at 54 mg/dL [milligrams per deciliter], heart rate at 76, blood pressure at 100/70, and that he refused to suspend a glucose drip.
اليوم تمكنا من مشاهدة التقرير الطبي بتاريخ 18 أبريل / نيسان 2020، والذي ذكر أن مستوى السكر في دم علاء كان 54 ملليجرام / ديسيلتر [ملليغرام لكل ديسيلتر]، ومعدل ضربات القلب 76، وضغط الدم 100/70، وأنه رفض تناول محلول قطرات الجلوكوز.
قالت شقيقته منى سيف بأن هذا التقرير يؤكد أن علاء مُضرب عن الطعام بالكامل وذلك يتعارض مع التقرير السابق الذي يقول بأنه يتناول السوائل فقط.
كان المدون والناشط البارز يدخل السجن ويخرج منه منذ عام 2011، وفي عام 2011، أمضى شهرين في السجن، ولم يتمكن من حضور ولادة طفله الأول خالد، وفي عام 2013، تم اعتقاله واحتجازه لمدة 115 يومًا دون محاكمة.
ألقي القبض على علاء واقتيد من منزل عائلته في نوفمبر / تشرين الثاني 2013، وبعد مرور أكثر من عام، في فبراير / شباط 2015، حوكم أخيرًا وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بموجب قانون التظاهر لعام 2013 الذي يحظر التظاهر غير المصرح به، وذلك “لتنظيم” مظاهرة ضد المحاكمات العسكرية، وبينما شارك علاء في المظاهرة التي نُظمت في 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2013، لم يكن له دور في تنظيمها.
تم إطلاق سراحه من السجن في 28 مارس / آذار 2019، ومع ذلك، كانت حريته مشروطة حيث طُلب احتجازه في مركز الشرطة المحلي من الساعة السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا للمراقبة لمدة خمس سنوات. تحدث علاء مرارًا وتكرارًا عن إطلاق سراحه المشروط واصفًا إياه بأنه “إهانة”.
مع ذلك، حتى ” نصف حريته” لم تستمر.
اعتقلته السلطات مرة أخرى في 29 سبتمبر / أيلول 2019، وسط حملة قمع ضد التظاهرات القليلة المناهضة للحكومة منذ الانقلاب العسكري عام 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد مرسي، الذي توفي أثناء وجوده في السجن في 17 يونيو / حزيران 2019، وبالرغم من أن علاء لم يشارك في تلك الاحتجاجات، فقد تم اعتقاله، وفي ليلة اعتقاله، قالت منظمة العفو الدولية إن “ضباط السجن عصبوا عينيه وجردوه من ثيابه وضربوه وركلوه مرارًا، كما تعرض للعديد من التهديدات والإساءات اللفظية” .
في وقت لاحق من اليوم ذاته، تم اعتقال محاميه، المدافع عن حقوق الإنسان محمد الباقر، عندما مَثُل أمام نيابة أمن الدولة العليا كي يمثل علاء، وتعرض أيضًا لسوء المعاملة.
كلاهما محتجز في نفس القضية بتهم زائفة تتمثل في “نشر أخبار كاذبة”، و”الانضمام إلى منظمة غير قانونية”، و”تلقي تمويل أجنبي”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.
تم تجديد احتجازهم آخر مرة لمدة 45 يومًا في 20 فبراير / شباط 2020، بناء على طلب النيابة، ومنذ ذلك الحين، ظل كلاهما رهن الاعتقال غير القانوني بعد انقضاء الفترة التي استمرت 45 يومًا دون تجديد احتجازهما.
أضافت عائلته: “منذ قبول طلب النيابة بتجديد اعتقاله في 20 فبراير/ شباط عام 2020، لم يحضر علاء أي جلسات أخرى، مما يجعل استمرار احتجازه، هو ومن معه، غير قانوني ”.
Exceptional circumstances do not cancel the rights of those held in temporary custody, nor should they be an excuse to strip them of their rights to counsel and defense.
إن الظروف الاستثنائية لا تلغي حقوق المحتجزين مؤقتًا، ولا ينبغي أن تكون عذرًا لتجريدهم من حقوقهم في الدفاع وفي الاستعانة بمحام.
مواصلة أعمال القمع
على الرغم من جائحة كوفيد-19، لم تهدأ أعمال حملة القمع ضد السجناء السياسيين في مصر، وبينما أفرجت السلطات عن بعض السجناء – بمن فيهم 15 سياسيًا وناشطًا – كجزء من إجراءات احتواء انتشار الفيروس، ما زال هناك عشرات الآلاف في السجن لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير عن الرأي والاحتجاج والتظاهر.
حتى 26 أبريل / نيسان، سجلت البلاد 4,534 حالة إصابة بفيروس كوفيد-19، وعدد 317 حالة وفاة، وفقًا للأعداد الرسمية، إن سجون البلاد مزدحمة وتفتقر إلى النظافة، مما يثير مخاوف جدية بشأن أي انتشار محتمل للمرض في مثل هذه الظروف.
غرد معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في 14 أبريل، كجزء من حملة المطالبة بإطلاق سراح آلاف السجناء، قائلًا:
#Egypt: As the #Egyptian government imposes a #curfew, it continues to turn a blind eye to the country’s dozens of densely-populated prisons, which are reported to exceed their capacity by over 300%!! #COVID19
Sign the petition here:https://t.co/xvIpm54vYJ— CIHRS (@CIHRS_Alerts) April 14, 2020
#مصر: بينما تفرض الحكومة #المصرية #حظر_التجول، فإنها تواصل غض بصرها عن عشرات السجون المكتظة في البلاد، والتي يُقال أنها تتجاوز طاقتها الاستيعابية بأكثر من 300٪ !! #كوفيد_19
وقع البيان هنا: https: //t.co/xvIpm54vYJ- CIHRS (@CIHRS_Alerts) – الرابع عشر من أبريل/نيسان 2020
لكن على الرغم من الدعوات المتعددة لإطلاق سراح السجناء السياسيين، فإن الاعتقالات ما زالت مستمرة، وفي 20 أبريل / نيسان، تم اعتقال المدون وائل عباس أثناء التقاط صور في وادي دجلة، وهي محمية طبيعية تقع على بعد 35 كيلومترًا جنوب العاصمة، القاهرة، وكان عباس يلتقط صورًا لصفحته على الفيس بوك Planet Egypt 360، حيث يقدم جولات افتراضية لمعالم الجذب السياحي في مصر، وقد أُطلق سراحه بعد بضع ساعات.
في عام 2018، أمضى عباس سبعة أشهر في السجن بسبب اتهامات ملفقة تضمنت “نشر أخبار كاذبة”، و “التورط مع جماعة إرهابية”، و “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.
قال في منشور على فيسبوك عن آخر اعتقال له: “لقد تعرضت لسوء المعاملة والتمييز لأنني ناشط سياسي سابق، على الرغم من أنني توقفت عن العمل” .
في عهد الرئيس الاستبدادي عبد الفتاح السيسي، الذي قاد انقلاب 2013 عندما كان قائدًا للجيش ووزير الدفاع، قبل المطالبة بالرئاسة في انتخابات أخفقت في تلبية المعايير الدولية، سُجن آلاف الأشخاص لممارستهم حقوقهم المدنية والسياسية بشكل سلمي.
وكثيرًا ما يتعرض المعتقلون بتهم ذات دوافع سياسية للاختفاء القسري، والتعذيب، والاحتجاز المطول قبل المحاكمة، بالإضافة الى الحبس الانفرادي. حتى في ظل أزمة صحية مثل كوفيد-19، ما زالت محنة هؤلاء السجناء الذين لم ينبغي سجنهم من الأساس مستمرة.
تعرف على التأثيرات الفسيولوجية للإضراب عن الطعام من خلال الرسم البياني أدناه، الذي أنشأه شريك جلوبال فويسز، مُصورًا التأثيرات: