كوفيد 19: الخطر الذي سيدفع باتجاه السلام في اليمن؟

في أكتوبر/تشرين الأول 2015، المباني في حي في صنعاء، اليمن، تحت الأنقاض بعد أشهر من غارات جوية. الصورة من الماجدة موجالي. المجال العام من صوت أمريكا.

بقلم حورية مشهور وترجمة نادية سكاف 

حل عيد الفطر على اليمنيين للمرة الخامسة منذ بدء الصراع المسلح في سبتمبر/أيلول 2014، حيث قام المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران بالانقلاب على الحكومة، لكن هذه المرة اجتمعت عليهم ويلات الحرب مع المعاناة بسبب مجموعةٍ من الأوبئة، لتزيد من فداحة الأزمة الإنسانية، التي تعد الأسوأ في هذا القرن، في بلد يحتاج حوالي 80 بالمائة من سكانه الى إغاثة إنسانية طارئة – وذلك قبل وصول جائحة الكورونا.

بالرغم من تأكيد أول حالة كورونا رسميًا في اليمن في 10 أبريل/نيسان، انتشر الفيروس اليوم  في جميع أنحاء البلاد؛ وصل عدد الإصابات الى 167 حالة معلنة، منها 28 حالة وفاة حتى اللحظة، ويخشى أن تكون الأعداد غير المبلغ عنها أكبر من ذلك بكثير. انتشر داء كوفيد-19 في اليمن مع خمسة أوبئة أخرى تشمل الملاريا، والكوليرا، وحمى الضنك، وداء المكرفس.

في 25 مارس/آذار، وجه أمين عام الأمم المتحدة نداءً عامًا لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم للتركيز على مكافحة كوفيد-19. بالرغم من الإعلان الأحادي بوقف الغارات من قبل السعودية في شهر أبريل/نيسان، إلا أن الصراع اشتد في اليمن. بينما يماطل القادة في اتخاذ موقف موحد باتجاه إيقاف العنف لمواجهة الفيروس، تبادرعدة مجموعات نشطاء السلام بالدفع باتجاه إنهاء الحرب التي أنهكت اليمن على مدى سنين.

تشير تقديرات نهاية 2019، لقي أكثر من 233 ألف شخصًا حتفهم بسبب الصراع القائم على أكثر من جبهة. المعارك بين الحكومة المدعومة من التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين في المناطق الشمالية من جهة، ومن جهة أخرى الصراع ما بين القوات الحكومية والانفصاليين بدعم من الإمارات.

أدت هذه العوامل، بالإضافة الى التهديدات من قبل الجماعات الإرهابية المتواجدة في بعض المناطق اليمنية، إلى هشاشة الدولة وانهيار الاقتصاد. لن يستطيع اليمن بإمكانياته الهشة وبنيته التحتية الضعيفة، مواجهة تأثير كوفيد-19 المدمِر، الذي عجزت عن مواجهته دول متقدمة علميًا وتكنولوجيًا.

مجتمع في حالة إنكار

بالرغم من ضعف النظام الصحي في اليمن، هناك تجاهل شعبي وعلى مستوى القيادات لفداحة فيروس الكورونا؛ ففي حين فرضت السلطات بعض إجراءات حظر التجول المؤقتة بدرجات متفاوتة حول اليمن، يستمر أغلب اليمنيين في العيش بدون اتباع أساليب الوقاية، سواء الانعزال المنزلي أو قيود التباعد الاجتماعي؛ وفي الوقت الذي فرضت فيه جائحة كورونا على أكثر من نصف البشرية المكوث في البيت والعمل عن بعد، يمارس الكثير من اليمنيين حياتهم بشكل طبيعي بما فيها التجمعات الدينية والاجتماعية التي يستدعيها شهر رمضان واحتفالات عيد الفطر، متجاهلين التحذيرات المستمرة من المختصين بأن مرض كوفيد-19 سيحول اليمن الى كارثة أسوأ مما هي عليه.

في نفس الوقت لا يعترف القادة السياسيون بحجم الخطر ولا يتركون نزاعاتهم جانبًا من أجل التعاون، ولو مؤقتًا، للقضاء على هذه التحديات الصحية الطارئة.

هكذا يذهب نداء الأمين العام للأمم المتحدة بوقف العنف أدراج الرياح، وتستمر الجبهات المختلفة بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الشمال ومع الانفصاليين في الجنوب، هذا بالإضافة الى البعد الإقليمي حيث يهاجم الحوثيون المملكة العربية السعودية بالصواريخ البالستية وترد المملكة بغارات جوية على صنعاء، أكبر مدينة في اليمن.

مباحثات السلام عن بُعد؟

بينما فشل المسؤولون من كافة الأطياف في توحيد صفوفهم للتعامل مع الفيروس، يبادر نشطاء السلام لتحويل هذه الأزمة الصحية الى فرصة للدفع بعملية السلام ووقف العنف.

أصدرت شبكة التضامن النسوي للسلام في 15 ابريل /نيسان بيانًا بالتعاون مع ثماني مجموعات نسائية أخرى، تناشد فيه الأطراف المتنازعة لوقف الصراع ومعالجة القضايا ذات الأولوية كالتركيز على مكافحة الجائحة بالاستعداد للتهيئة لكوفيد-19 عن طريق تهيئة المحاجر الصحية، وتدريب العاملين في القطاع الصحي. من ضمن المجموعات الأكثر عرضة النازحين واللاجئين والفقراء.

أجبر فيروس كوفيد-19 الملايين حول العالم إلى الانتقال إلى الفضاء الإلكتروني. من الممكن أن يساعد هذا البعد اللوجستي في تيسير مباحثات السلام في اليمن بسبب المرونة العالية والتكاليف الأقل المتعلقة بالسفر، وصعوبات الحصول على التأشيرات، والإقامة، التي يضمنها التواصل الإلكتروني. هناك سابقة لهذا، فنحن في شبكة التضامن النسوي للسلام، التي تضم أكثر من 250 إمرأة، جلهن قيادات نسوية ورئيسات منظمات مجتمع مدني، نقوم بسلسلة من اللقاءات الدورية عن بُعد، بتنسيق من مبادرة مسار السلام.

إن نقل مباحثات السلام إلى الفضاء الإلكتروني ستسمح للقادة بتخصيص وقت أكبر من أجل اللقاءات الافتراضية بطريقة تناسب الأوقات الزمنية المختلفة لأصحاب المصلحة حول العالم بحكم مقر إقامتهم. على سبيل المثال، قام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، مارتين جريفيث، بعقد عدد من لقاءاته عن بُعد مع قيادات سياسية يمنية مختلفة.

كما أن النقاشات الالكترونية تسهل عملية إشراك طيف واسع من أصحاب المصلحة من مجتمع مدني، ونساء، وخبراء، وغيرهم من الهيئات التي كان يتم اقصائها من المباحثات في السابق لأسباب سياسية ولوجستية.

لا يزال الملايين من اليمنيين يعانون من الحرب، على السياسيين أن يعوا بأنهم لن يستطيعوا مكافحة هذا التحدي بدون التعاون معًا، وذلك قبل أن تخسر اليمن المزيد من البشر ضحية لكوفيد-19.

حورية مشهور هي ناشطة سياسية وحقوقية متخصصة في النوع الاجتماعي والعدالة الانتقالية. كانت وزيرة حقوق الإنسان في عهد حكومة الوفاق بين 2012 و2014 وقبلها مسؤولة في اللجنة الوطنية للمرأة. هي عضوة في شبكة التضامن النسوي وحاصلة على زمالة مبادرة مسار السلام للقيادة النسوية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.