- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

حوار مع الفنانة الباربادوسية أنالي دافيس: التأثير العلاجي لشاي الشجيرات

التصنيفات: الكاريبي, باربادوس, أصالة, أفكار, النساء والنوع, بيئة, تاريخ, صحافة المواطن, صحة, فنون وثقافة

اعشاب سيريس مجففة، أحد العديد من النباتات العلاجية المستخدمة في إعداد شاي الشجيرات. الصورة من قبل سامي دافيس، حقوق الصورة لأنالي دافيس، استخدمت بإذن

ما زال استهلاك شاي الشجيرات -منقوع [1]نباتات أصلية وأعشاب يُعتقد أن لها خصائص علاجية- [2]  جيدًا إلى حد ما في دول البحر الكاريبي [3]. أخذت الفنانة البصرية [4] الباربادوسية والناشطة الثقافية [5] أنالي دافيس [6] مفهوم الخصائص العلاجية لشاي الشجيرات إلى بعد جديد من خلال عملها الفني والذي يدور حول هذا المشروب الشهير [7].

في منطقة لا تزال تتصارع مع بقايا الاستعمار والعبودية -الجرح المتجذر في هذه الأرض-  نشأ مشروع دافيس، [8]قطع الأراضي المزروعة بشاي الشجيرات [9]، ساعيًا إلى تنمية الاستراتيجات التجديدية لفترة ما بعد نظام المزرعة الشاسعة [مزراع المحصول الواحد]، وكان ثمرة هذا المشروع نسيج تقدّمي، تتداخل فيه الزراعة، والاقتصاد، والفن، والتاريخ، سويًا؛ وهذا المشروع لا يساهم في إعادة صياغة الماضي للشعب الكاريبي فحسب، ولكنه بخلق مرونة تساعد على بناء مستقبل واعد قادر على التصدي للتحديات المقبلة، مثل التخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية وفيروس كورونا.

يقع ستوديو دافيس في مزرعة ألبان، كانت في الأساس مزرعة سكر تعود إلى القرن السابع عشر، الأمر الذي جعل اكتشافاتها أكثر واقعية، حيث يتفاعل فنها وكتابتها مع شذرات من ذلك التاريخ البعيد.

شجرة البونسيانا في مزرعة والكرس/ شارع سانت جورج، باربادوس، محل بيت الفنانة والاستوديو الخاص بها. صورة من 2019 التقطت بواسطة أنالي دافيس، استخدمت بإذن

من خلال بث حي على يوتيوب [10]، تحدثت دافيس مع كيشا فارنام، المديرة الإدارية لمعهد والكرس لإحياء التعليم البحثي والتصميم (WIRRED [11]) يوم 14 مايو/أيار 2020 عن بعض هذه المفاهيم، وقد انضمت معي بعد ذلك عبر الإيميل وواتساب، حيث عالجنا بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام على نحو أكثر تفصيلًأ.

فنانة الفنون البصرية من باربادوس، أنالي ديفيس. تصوير تيم بوديتش. حقوق الصورة ديفيس، تستخدم بإذن.

جانين مينديه- فرانسو (ج م ف): مشروع شاي الشجيرات يقدم طريقة آمنة لرأب الصدع بين تاريخ بلدك الممزق وبين مستقبله الجماعي. هل تعمدت قلب المشروب المفضل للاستعمارين رأساً على عقب أم أن هذا الأمر انبثق على نحو عفوي؟

Annalee Davis (AD): This particular landscape and the context of the plantation have formed the baseline of my work for decades. I tend to ruminate on an idea for quite some time, maybe years, until it coalesces into something more tangible. (Bush) Tea Services [12] [a related project] evolved from the Wild Plant drawings on ledger pages [13] and from the land in an organic way. Walking the fields, as Rebecca Solnit [14] suggests, is a way to measure our bodies against the land and I am constantly measuring my body against this land during my roaming dawn ritual where ideas reveal themselves and later manifest in the studio.

أنالي دافيس (أ.د): رسم ذلك المنظر الطبيعي بالذات وسياق المزراع الشاسعة [للاستعمارين البريطانيين] حدود عملي لعقود، أميل إلى أن أفكر مليًا في فكرة ما لبعض الوقت – ربما تستغرق سنوات قبل أن تتبلور على هيئة شيء ملموس. تمخض مشروع خدمات الشاي (الشجيرات) [12] عن رسومات نباتات برية [12] مرسومة على دفاتر حسابات، وكذلك من الالتصاق الحميم بالأرض. التنزه في الحقول، كما اقترحت ربيكا سولنيت [14]، يجعلنا نقيس أجسادنا مقارنة بالأرض الشاسعة، أنا أفعل ذلك دائمًا أثناء التجوال، حينئذ تختمر الأفكار في عقلي وتتجلى بشكل لاحق في ستوديو الرسم.

ج.م.ف:  بما أن الشعوب الكاريبية تحكم قبضتها على سردنا التاريخي، ما أهمية أن تتحدث عن الجرح في علاج جماعي- وما الدور الذي يلعبه الفن في عملية العلاج؟

AD: I have been concerned with how shared historical suffering reveals itself communally and how individuals and nations manage trauma and the desire for self-fulfilment in small places like Barbados, where social life and kinship are predominantly experienced in separate social spheres.

Art is pivotal in the curative space because it registers beyond the intellect at a sensorial level. However, before we heal, difficult conversations analysing the past, facilitating opportunities to broaden identities, and expressing solidarities to shape the future are essential.

A virtual slaughterhouse sits beneath our soil, sowing the seeds of contemporary issues with which we grapple today. These legacies emanate from the subterranean layers of this land as living ghosts from our collective past. There is so much work to do and artists are critical to the conversations as we have the power to envision alternative futures for us all.

أ.د: كان بالي مشغولًا بهذه الفكرة، كيف تكشف المعاناة التاريخية المشتركة عن نفسها بشكل جماعي، وكيف يقوم الأفراد والشعوب بمعالجة الجرح [الغائر في الأرض]، والرغبة في تحقيق الذات في بلدان صغيرة مثل باربادوس، حيث تلتحم صلة الدم والروابط الاجتماعية بشكل طاغ في مناحي اجتماعية مختلفة. بناءًا على هذا، للفن دور محوري في معالجة الجرح لأنه يتعدى التفكير العقلاني ويتجاوزه إلى مرحلة حسية، مع ذلك قبل أن نتمكن من معالجة جرحنا، من المحتم علينا أن نحلل الماضي من خلال مساءلته في محاورات صعبة، وأن نخلق فرصة لجعل هويتنا أكثر شمولًا، وأن نتضامن معًا من أجل بناء المستقبل.

تعيش تحت أقدامنا مجازر افتراضية، تنثر بذور المشكلات المعاصرة التي نحتدم حولها اليوم. ينبجس هذا الإرث من الماضي من طبقات تحت أرضية ويهوم بيننا كشبح حي، لذلك فهناك الكثير المحتم علينا فعله؛ وكفنانين فإن لنا دور هام في  عقد هذه المحاورات مع الماضي، حيث أننا نمتلك القدرة على تصور مستقبل بديل للجميع.

ج.م.ف : شرحت لصديقي مؤخرًا، اعتماد بارباردوس بشكل كبير على السياحة مما جعلها من أكثر المدن الاصطناعية في الأراضي الكاريبية، وهنك الشجيرات على الجانب الآخر، كيف ساعدك المشروع على عقد مصالحة بين هذين النقيضين؟

AD: I’m not sure I have. If anything, bush reminds me [15] how fake the polished tourist environment is — from which I’m quite removed. Bush is wild and has taught me so much more about myself and the way in which I was (mis)educated. As a young child I learned that ‘weeds’ were not valued and were removed manually or eradicated chemically. Much later, I understood the importance of bush, and the significant role played by wild botanicals in regenerating the soil.

أ. د: أنا لست متأكدة من قيامي بالمصالحة.  تذكرني [15] الشجيرات دومًا بمدى زيف هذه البيئة السياحية المصقولة والتي أنا معزولة عنها. الشجيرات برية وقد علمتني الكثير عن نفسي وعن الطريقة الخاطئة التى تعلمت بها؛ عندما كنت طفلة صغيرة، تعلمت أن الأعشاب لا قيمة لها، وأنه يجب إزالتها يدويًا أو إستئصالها كيميائيًا، في وقت لاحق، أدركت أهمية الأعشاب والدور المهم الذي تلعبه النباتات البرية في تجديد التربة.

معرض أنالي دافيس، معرض فني في بلاك ستاديس، يو تي، مقاطعة أوستن، 2015: عصارة النباتات- على دفاتر حسابات مزرعة، 13x 22. الصورة من قبل مارك دوروبا. حقوق الصورة لأنالي دافيس، استخدمت بإذن

ج م ف: أعرف اهتمامك بتدهور التربة في المنطقة، وفقدان التنوع البيولوجي الناتج عن الصناعات الاستخراجية مثل زراعة محصول واحد [16]- سواء كان قصب السكر في القرن السابع عشر أو السياحة الآن – هل بإمكانك أن تشرحي لنا كيف ساهمت مجموعتك “نباتات برية [13]” في خلق التغيير من تدهور التربة إلى إعادة التوازن البيئي [17]- للأدغال باعتبارها موردًا ثمينًأ

AD: I now see wild plants as active agents in the process of decolonising fields, performing quiet revolutions by asserting themselves against an imperial, monocrop landscape. A proliferation of wild plants and trees growing in abandoned sugar cane felds contribute to greater biodiversity in Barbados since the late 17th century. Walking these fields at Walkers and directing my attention toward plants often ignored, reorients my understanding of this land and our history away from dominant. Phytoremediation — the capacity of some plants to remove toxins from the soil through their roots — has become a conceptual springboard for this series of drawings and a powerful way to instrumentalise the bush.

أ.د: أرى الآن النباتات البرية كعناصر نشطة تعمل على إنهاء استعمارالحقول للتربة، من خلال القيام بثورات سلمية لتأكيد وجودها بين مساحات شاسعة من امبراطورية المحصول الواحد، يساهم هذا المشهد الذي تنمو فيه النباتات البرية والأشجار في حقول خالية من قصب السكر في إضفاء المزيد من التنوع البيولوجي في باربادوس لم نره منذ القرن السابع عشر. عندما كنت أتجول في الحقول في والكرس، لم يكن يسترعي انتباهي وجود النباتات البرية، مما وجه فهمي لهذه الارض ولتاريخنا بعيدًا عن الحكايا السائدة. كانت الفكرة التي تخيلتها عن إعادة التوازن – قدرة بعض النباتات على إزالة السموم من التربة بواسطة الجذور- بمثابة شرارة الانطلاق في هذه المجموعة من اللوحات، ووسيلة قوية لتحقيق وجود الشجيرات.

“مجموعة نباتات برية” لوسينا بيضاء الرأس/ مايموس، الليوسينا. الصورة من قبل مارك كينج. حقوق الصورة لأنالي دافيس، استخدمت بإذن

ج م ف: أثناء عملك على هذه المجموعة راسمًة الصور على دفاتر حسابات مزرعة – منهجية حسابية- استخدمت من قبل الامبراطورية البريطانية- هناك شيئين استرعيا انتباهك: زهور الروز الحمراء الفيكتورية مما اقتادك إلى التفكير في النوع الاجتماعي – وهذا النظام الشديد الذي يميز كل أنواع المعلومات المسجلة بعناية كتمويه عن الفوضى والجرح المخفيين وراء هذا النظام الاستعبادي. كيف يقدم فنك قصة مغايرة؟

AD: My inscription of other images, like delicate shards, the Queen Anne’s Lace [13] pattern, botanicals or the woman’s body, encourages us to think differently about this loaded context. I decolonise the ledger by repopulating and complicating these fiscal substrates as a kind of civic negotiation, exposing gaps in Barbados’ plantation history buried in the soil, in the public imagination and inadequately documented in the archives. This complicates the single story written through the voice of the white male planter about the economics of the sugar industry. Black, white, and biracial women also lived and worked on the plantation, lands previously inhabited by the indigenous. What was their relationship to wild plants, I wonder?

أ.د: نقوشي للصور الأخرى تشبه شظايا دقيقة، نقش كوين آن ليس [13]، أو نقوش النباتات أو جسم المرأة، تدفهنا إلى التفكير بشكل مغاير في هذا السياق المحمل بالمعاني. لقد أنهيت الاستعمار على دفتر الحسابات من خلال تكثيف وتعقيد هذه الركائز الضريبية كنوع من التفاوض المدني، كاشفة بذلك عن ثغرات في تاريخ نظام المزارع الاستعبادي بباربادوس المدفون في التربة، وفي التصور العام والمسجل بشكل غير كاف في الأرشيف، هذا يعمل على تعقيد القصة الوحيدة التي كتبت بصوت الرجل الأبيض عن اقتصاديات صناعة محصول قصب السكر. لقد عاش البيض والسود والنساء في المزرعة وعملوا فيها، تلك الأرض التي كانت مسكونة من قبل السكان الأصليين. أتساءل عن علاقتهم مع النباتات البرية.

أنالي داقيس” ” قطع الأراضي المزروعة بشاي الشجيرات- رقعة استعمارية، 2019. الصورة من قبل دوندريه تروتمان. حقوق الصورة لأنالي دافيس، استخدمت بإذن.

ج م ف: عملك “قطع الأراضي المزروعة بشاي الشجيرات- رقعة استعمارية” [9] يدمج الفن، المناظر الطبيعية، العمارة، والعلاج الروحاني. هل يمكنك شرح كيف يمكن أن يكون هذا شاهدًا حيًا على القدرة على المرونة في الإقليم؟

AD: Commissioned by the World Bank Group [18] for their Risk and Resilience conference at a conference at [The University of the West Indies] Cave Hill campus [19], I collaborated with Kevin Talma [20] and Ras Ils [21], linking art practice, landscape architecture, and botany for this permanent installation at the Errol Barrow Centre for Creative Imagination [22].

Thinking about forming new relationships with the land, I envisaged this work as a living plot or apothecary of resistance confronting the historical imposition of Barbados’ monocrop, sugarcane, recognising nature as a radical agent of resistance against the model of the plantation. Observing how the natural world is threatened and degraded, the work looks to nature as a regenerative biosphere with tools for healing at the agricultural, botanical and psychological and spiritual levels.

Comprising a glass planter [9] showing the soil profile and a specially curated selection of 12 medicinal plants with healing properties, it increases knowledge of medicinal plants [23] through a dedicated website while teaching resilience by using what’s readily available in our environment rather than only relying on imported pharmaceuticals.

أ.د : تعاونت مع كيفين تالما [20] وراس [21]، الذين فُوِضوا من قبل مجموعة البنك العالمي [18] لمؤتمرهم الخاص بالمخاطر والمرونة في جامعة الإنديز الغربية بالحرم الجامعي كيف هيل [19]، لربط الممارسات الفنية من هندسة المناظر الطبيعة، وعلم النباتات لبناء هذا الصرح الدائم لمركز ايرول بارو للخيال الإبداعي [22].

عند التفكير في خلق علاقة جديدة مع هذه الأرض تخيلت العمل كقطعة أرض تصالحية أو صيدلية عطارية مقاومة تقف في وجه هذا الفرض التاريخي لمحصول قصب السكر الأحادي في بربادوس، مع الاعتراف بالطبيعة كعامل مهم في المقاومة ضد النظام الاستعبادي. فمن خلال ملاحظة الكيفية التي يتعرض بها العالم الطبيعي للتهديد والتدهور، ينظر هذا العمل إلى الطبيعة كمحيط حيوي متجدد يحوي أدوات للشفاء على المستويات الزراعية والنباتية والنفسية والروحية.

تتألف هذة القطعة من حاوية زجاجية [9] تعرض طبقات التربة ومجموعة مختارة خصيصًا من 12 نباتًا طبيًا [23] تملك خصائص علاجية، وتهدف إلى زيادة المعرفة بالنباتات الطبية من خلال موقع إنترنت مخصص يتم تدريس كيفية المرونة من خلال استخدام ما هو متاح بسهولة في بيئتنا بدلاً من الاعتماد فقط على الأدوية المستوردة.

انظر القسم الثاني، حيث تستعرض أناليس دافيس مفهوم آخر لشاي الشجيرات، “خدمات شاي الشجيرات”، وتشرح الصلة القوية بين نظرياتها والقضايا الصحفية العالمية مثل أزمة المناخ وجائحة كوفيد-19 [24].