- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

استغلال الحكومات لفرض حالات الطوارئ في الشرق الأوسط بين مواجهة الإرهاب وكوفيد-19

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, الأردن, الجزائر, السودان, المغرب, تونس, فلسطين, مصر, موريتانيا, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, أدفوكس
عامل في البلدية يعقم الشوارع في العاصمة تونس، تونس [1]

عاملة بلدية تقوم بتطهير الشارع في العاصمة تونس. مصدر الصورة: مدونة ضائعة في تونس [2] [مستخدمة بإذن]

أعلنت الحكومات حول العالم حالات الطوارئ في مواجهة انتشار فيروس كوفيد-19، مما يتيح الفرصة لها باتخاذ إجراءات استثنائية لاحتواء انتشار الوباء.

فرضت الحكومات الديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبلدان الأوروبية وماليزيا وجنوب أفريقيا إجراءات طارئة قيدت الحركة في ظل الإغلق التام. بشكل مماثل، فرضت السلطات في الشرق الأوسط وبلدان شمال أفريقيا حالات الطوارئ وإجراءات استثنائية مثل منع التجول والحجر المنزلي.

في منطقة عانت لعقود من عدم الاستقرار والصراعات، لطالما استخدمت السلطات حالات طوارئ استثنائية ومؤقتة لتبرر القمع وانتهاكات حقوق الإنسان. بناء على ما سبق، تستخدم عدة حكومات الآن ذريعة أزمة فيروس كورونا للإمعان في انتهاكات حقوق الإنسان وخاصة حق حرية التعبير.

ما هي حالة الطوارئ؟

من الحق الدستوري للدول، التي تواجه تهديد وشيك مثل الوباء أو الكوارث الطبيعية، الإعلان عن حالة الطوارئ التي بدورها تتيح للسلطات ممارسة سلطات استثنائية بشكل مؤقت. ربما ينطوي ذلك على حجب الحقوق الإنسانية الأساسية مثل تقييد الحركة أو منع التجمعات العامة.

على كل حال، “ينبغي على الحكومة إبلاغ السكان حول خططها الفعلية المكانية المرحلية والمستدامة والإجراءت المتعلقة بها”، عندما تُفَعّل هذه الإجراءات، حسب إعلان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمفوضية العليا (OHCHR)

يقول رئيس مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “يجب ألا تكون حالة الطوارئ سلاح بيد الحكومة لسحق المعارضة، أو السيطرة على السكان، أو لاستدامة بقائها في السلطة. يجب استخدامها لمواجهة الوباء بفعالية، لا أكثر ولا أقل”.

في ظل القانون الدولي لحقوق الإنسان، هناك حدود لما يمكن لحالة الطوارئ أن تتيح للحكومات فعله. يوصي مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمفوضية العليا بأنه “يجب أن تكون كافة الإجراءات المتخذة خلال أحكام الطوارئ متناسبة ومقتصرة على تلك التي تبيحها ضرورات الوضع”. (…) يجب ألا يقوم الجيش بوظائف الشرطة.

لا يمكن حجب الحقوق الإنسانية الأساسية. والتي تشمل “حق الحياة ومنع التعذيب وسوء المعاملة وشجب التمييز العنصري وحرية المعتقد الديني بالإضافة إلى حق المحاكمة العادلة والتحرير من الاعتقال التعسفي والحق في مراجعة أحكام الحجز، قالت منظمة هيومان رايتس وتش في 20 آذار/مارس، ردًا على إعلان الأردن لحالة الطوارئ .

تسارع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإعلان حالة الطوارئ

في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، سارعت الحكومات بالتحرك وممارسة كامل السلطات، حتى مع وجود حالات معدودة من حالات كوفيد- 19.

بتاريخ 5 آذار/مارس، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ لمدة 30 يومًا بعد تسجيل حالات مصابة بفيروس كورونا في مدينة بيت لحم. في 13 آذار/مارس، أعلنت موريتانيا حالة الطوارئ بعد تسجيل اول حالة في البلاد.

في 16آذار/مارس، كان دور السودان لإعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة مريض بالفيروس. في اليوم التالي، أصدر الملك الأردني عبدالله مرسوم ملكي بمنح رئيس الوزراء سلطة مطلقة فيما يشمل إمكانية “مراجعة محتوى الصحف والإعلانات وأي وسيلة تواصل أخرى قبل النشر وفرض الرقابة على وإغلاق أي منفذ دون مبرر”.

في المغرب، أعلن الملك محمد الخامس حالة الطوارئ مما يتيح للحكومة “أخذ كافة الإجراءات اللازمة لمحاربة وباء كوفيد-19″.

كانت الحكومات قادرة على تبني إجراءات استثنائية بالسرعة القصوى، بفرض الإغلاق العام وحظر التجول ومنع التجمعات وإغلاق المدارس والشركات والمحاكم حسب المراسيم بعيدًا عن إشراف القضاء.

من مؤقتة إلى دائمة

بالرغم من أن هذه الإجراءات قد تكون مبررة لاحتواء انتشار الفيروس، إلا أن أحكام الطوارئ تحمل في طياتها خطر معارضة أحكام القانون.

في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا على وجه الخصوص، للحكومات ولأنظمة السلطة سجلات في إساءة استخدام حالات الطوارئ لتعطيل المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان لفترات من الزمن.

على سبيل المثال، استغلت الحكومات في وقت سابق “الحرب على الإرهاب” لتوسيع سلطاتها، محولة لما يفترض أن تكون حالة طوارئ مؤقتة لتصبح دائمة تستمر لعقود.

خضعت الجزائر لأحكام الطوارئ حوالي 20 سنة في أعقاب الصراع الوحشي مع المليشيات الإسلامية عام 1990. حيث مُنع التظاهر السلمي وصودرت الحريات السياسية وفرضت الرقابة على وسائل الإعلام وانتشر الحجز التعسفي. إلى أن تم رفعها مع نهضة الربيع العربي في عام 2011.

رزحت مصر تحت أحكام حالة الطوارئ لثلاثة عقود في أعقاب اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981. طالب المحتجون برفع حالة الطوارئ خلال الربيع العربي ونجحوا بذلك عام 2012. ولكن، في كانون الثاني/يناير من عام 2013، تم تعزيز قانون الطوارئ من قبل الرئيس السابق محمد مرسي – المعزول بانقلاب عسكري عام 2013 – لكبح الاضطرابات الجديدة.

منذ ذلك الوقت، تناوبت على مصر فترات من فرض أحكام الطوارئ و رفعها، حيث تم تمديدها بانتظام منذ 2017، إثر شن هجمات إرهابية على كنيستين. نجم عن إجراءات الطوارئ هذه سوء استخدام منظم للسلطة حيث استخدمت للحد من التجمعات العامة وحرية وسائل الإعلام وحجز الحريات لفترات غير محددة ولأية أسباب افتراضية.

احتلت مصر مستويات متدنية في معظم مؤشرات حقوق الإنسان، حيث احتلت المرتبة 166 في مؤشر حرية الصحافة العالمية، على سبيل المثال.

أصبحت تونس تحت حالة الطوارئ منذ 2015، على إثر هجوم إرهابي على حافلة تقل الحرس الرئاسي. و تم تمديدها باستمرار منذ ذلك الحين، مما دفع مبعوث الأمم المتحدة الخاص حول حقوق الإنسان لأن يصرح في عام 2017 على أن ذلك يعد خرقًا للقانون الدولي. 

إغراء سوء استخدام السلطة

لعب الجيش دورًا أساسيًا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في فرض إجراءات الطوارئ المتعلقة بمنع انتشار كوفيد-19، حيث تزايدت انتهاكات حرية التعبير.

في آذار/مارس 2020، أصدرت السلطات في كل من الأردن والجزائر والإمارات المتحدة وعُمان والمغرب والمملكلة العربية السعودية واليمن مراسيم تحظر طباعة الصحف حتى إشعار آخر، على الرغم من عدم ارتباط ذلك بانتشار كوفيد-19.

كما تبنت مختلف الحكومات قوانين واسعة  تتعلق بالجرائم الإلكترونية لتجريم المعلومات المضللة والأخبار المزيفة. في نيسان/إبريل 2020، مررت الحكومة الجزائرية قانون يجرم “الأخبار المزيفة” التي اعتُبرت مضرة “بالنظام العام وأمن الدولة”.

تم استخدام مواجهة المعلومات المضللة في المنطقة كسبب منطقي لتجريم أي شخص ينشر محتوى يتعارض مع الرأي الرسمي للدولة. احتجزت حكومة المغرب وعذبت عشرات المواطنين على الأقل “الذين ينشرون الشائعات” أو يذيعون “أخبار مزيفة” عن كوفيد-19 على وسائل التواصل الاجتماعي.

 حتى مع ضبط انتشار الفيروس من قبل الدول، إلا أنها ما تزال تفرض حالة الطوارئ دون تحديد وقت زمني لعودة الحياة إلى طبيعتها. يستمر الأردن وتونس بفرض حظر تجوال ليلي، على الرغم من “احتواء” الفيروس، بناء على قلق من انتشار موجة ثانية محتملة للفيروس.

في الشرق الأوسط، لطالما كانت محاربة الإرهاب بمثابة المظلة التي بموجبها تم تبرير حالة الطوارئ والحفاظ عليها. جاء كوفيد -19 الآن ليكون المبرر الجديد للتمتع بسلطات مطلقة.

إيجاد توازن بين الأمن الوطني والحقوق الجوهرية هو منطقة رمادية  تترك مجال واسع للتأويل.

هناك سوء استخدام سلطة حقيقي عندما يكون المواطن ضعيف وبحاجة إلى حماية. يجب أن يكون هناك نظام قوي من الضوابط والتوازنات ليحمي الحقوق الجوهرية في ظل حالة الطوارئ. في نهاية المطاف، “إن الاختبار الحقيقي لكل دولة هو كيفية معاملتها لمواطنيها في أوقات الأزمات” يقول ميشيل بيدج، مندوب مدير الشرق الأوسط في هيومان رايتس وتش.