- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

لعبة جديدة تعتمد أفكارها على توضيح كيفية انتشار التضليل في شرق أفريقيا

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, كينيا, نيجيريا, أفكار, النشاط الرقمي, تطوير, تقنية, حجب, حرية التعبير, حقوق الإنسان, حكم, سياسة, صحافة المواطن, صحة, فنون وثقافة, قانون, كوارث, كوفيد19, أدفوكس

عايدة من لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك”، تشاهد فيديو شاركته ابنة عمها على تطبيق واتساب. لقطة شاشة من لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك” التي أنشأتها شركة بوليس في أوغندا.

التضليل: أي نشر المعلومات الكاذبة عمدًا، هو مشكلة مزمنة تجتاح شتى بقاع الأرض، إلا إن جائحة كورونا كانت سببًا في حصولنا على كم هائل من المعلومات، من علاجات فيروس كورونا الزائفة [1] إلى المعلومات المضللة حول اللقاحات الواجب أخذها [2] التي أججت المخاوف في مختلف أنحاء العالم، حتى أنه أصبح من الصعب معرفة الحقيقة.

كل ما يتطلبه الأمر هو النقر على زر “مشاركة” أو “تحويل”، ليتحول التضليل إلى معلومات خاطئة تنتشر بسرعة البرق على الشبكات الشخصية في التطبيقات والمنصات مثل فيسبوك وواتساب.

تُعد نسبة انتشار الإنترنت في قارة أفريقيا منخفضة، إذ إنها بنحو 40% [3] في المتوسط من عدد السكان، لذلك فإن الكثير من الناس يستخدمون الإنترنت لأول مرة في حياتهم. سواء كنتم ذوي خبرة في التعامل مع الإنترنت أم لا، فإن الإلمام الرقمي ضروري جدًا، كما يفتقر العديد من مستخدمي الإنترنت لأدوات محو الأمية الرقمية اللازمة للتمكن من تمييز المعلومات الموثوقة من المعلومات المغلوطة.

كيف يصبح جميع مستخدمي الإنترنت أكثر وعيًا على شبكة الإنترنت؟

هذه هي الفكرة الرئيسة وراء لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك [4]“، وهي لعبة على شبكة الإنترنت توضح كيف ينتشر التضليل في شرق أفريقيا، صممتها نعيمة أير المؤسسة والمديرة لشركة بوليسي [5]، وهي منظمة مقرها في أوغندا تدعم التكنولوجيا المدنية في مختلف أنحاء القارة.

وقد أوضحت نعيمة الدافع وراء تصميم تلك اللعبة في بيان صحفي [6] في مؤسسة موزلا:

Online misinformation has real implications offline. It can threaten people’s lives, freedom of expression, and prosperity. This is especially true in parts of East Africa, where people are coming online for the first time and don’t yet have the proper context to distinguish what’s trustworthy from what’s not.

إن للمعلومات الخاطئة المنتشرة على الإنترنت آثارًا حقيقية في حياة الإنسان الواقعية، إذ يمكنها تهديد حياة البشر وحرية التعبير ورفاهية الحياة. وينطبق هذا بصفة خاصة على أنحاء من شرق أفريقيا؛ حيث يلج الناس إلى شبكة الإنترنت لأول مرة في حياتهم وهم لا يدركون الطريقة المناسبة ليميزوا بين المعلومات الموثوقة والمعلومات الخاطئة.

هل شاهدت الفيديو ذلك على تطبيق واتساب؟

تُعلم لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك” حديثي العهد بالإنترنت كيف يصبحون أكثر وعيًا بالتعامل مع المعلومات التي تصلهم أو يتصفحونها عبر الإنترنت.

يختار اللاعبون من بين ثلاثة شخصيات في شرق أفريقيا: فلورا، وهي طالبة تبحث عن عمل، أو جو، وهو صاحب متجر، أو عايدة، وهي جدة متقاعدة ذات 62 عامًا. يتصفح اللاعبون عناوين الأخبار والفيديوهات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي من منظور كل شخصية.

تتمثل شخصيات لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك” في فلورا، وهي طالبة تبحث عن عمل، وجو، وهو صاحب متجر، وعايدة، وهي جدة متقاعدة. وعليهم أن يتخذوا قرارات فيما ينبغي أن يقوموا به عندما يقابلون معلومات خاطئة على الإنترنت. الصورة من اللعبة التي أصدرتها شركة بوليسي.

أوضحت مؤسسة موزلا في البيان الصحفي «أن قرارات اللاعبين تشكل الفارق بين كشف المعلومات الخاطئة بصورة صحيحة، أو أن يصبح اللاعب ضحية للاحتيال، أو يتسبب في إدخال أحد احبائه إلى المستشفى، أو حتى أن يقوم بالتحريض على الشغب عن طريق الخطأ».

أثناء اتباع اللاعبين القرارات المختلفة للشخصيات التي يلعبون بها، تقدم اللعبة معلومات تفصيلية عن كيفية انتشار التضليل والمعلومات الخاطئة. وتسلط الضوء على الدور الذي يضطلع به الأشخاص في كشف المعلومات الخاطئة أو غير المؤكدة قبل أن يقوموا بنشرها.

على سبيل المثال: تلقت عايدة من ابنة عمها رسالة معاد توجيهها عن فيديو لطفل يبكي بعد أخذه لقاح الحصبة. هل يجدر بعايدة مشاركة هذا الفيديو؟ يمكن الوقاية من الحصبة بالتحصين، إلا إن الحالات المصابة في تزايد بسبب المعلومات الخاطئة.

وأشارت مؤسسة موزيلا: «أن منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب تقدم توصيات واقتراحات وتعلى من شأن المحتوى [7] الذي بدوره يبقي المستخدمين ينقرون على الروابط، حتى لو كانت لمحتوى متطرف أو خاطئ تمامًا».

توقف خاصية إعادة توجيه الرسالة لأكثر من شخص

نعيمة أير هي المصممة للعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك” والمؤسسة لشركة بوليسي التي مقرها في أوغندا. حصلنا على إذن في استخدام هذه الصورة.

تحدثت نعيمة أير مع الناشط في الحقوق الرقمية برهان تاي في الحلقة الثانية من الموسم الثاني من برنامج البث الصوتي الجديد “تيرمس آند كونديشنس [8]” بشأن البحث في تاريخ انتشار التضليل في أفريقيا، وكيف أنه يتداخل مع روبوتات الويب والمتصيدين عبر الإنترنت وغيرهم.

تحدثت بشأن العواقب الوخيمة المحتملة للأمر الذي يبدو بسيطاً من مشاركة الرسائل أو إعادة توجيها.

تمتلئ شبكة الإنترنت بروبوتات الويب [9]، وهي تطبيقات برمجية ذكية تدير المهام بصورة آلية. وتقدر نعيمة أن ما يصل إلى النصف من النشاطات عبر الإنترنت تتولى الروبوتات تشغيلها، وقد صممت تلك الروبوتات للتأثير على الآراء ونشر الأفكار على الإنترنت. كما يشوش المتصيدون [10] أيضًا – وهم أشخاص حقيقيون – على أفكار الناس ويعملون على الهجوم عليهم والإساءة لهم بقصد. إما تقنية التزييف العميق [11] التي تعيد تهيئة الفيديوهات جذريا، بإمكانها أن تجعل الخيال حقيقية.

قالت نعيمة إن هذا المزيج من المحرضين على الإنترنت يساهم في نشر التضليل الذي ينجم عنه في النهاية فوضى وفتنة ويستقطب المجتمعات.

وذكرت كيت ستاربيرد الكاتبة [9] في مجلة نيشتر: أن بعض مستخدمي الإنترنت يعقدون الأمور أكثر إذ إنهم “يشاركون بدون قصد” في تفاقم المعلومات الخاطئة دون أن يدركوا هذا.

وواصلت أير حديثها موضحة: أن الهواتف المحمولة والرسائل النصية قد استُخدمت لفترات طويلة في تنظيم بعض من أحداث عدالة الغوغاء وزعزعة استقرار المجتمعات، لكن الأمر لم يكن بهذا الحجم إلا بظهور منصات التواصل مثل واتساب التي أثبتت أنه يمكن نشر المعلومات الخاطئة بسرعة فائقة بمجرد النقر على زر.

واستشهدت بحادثة تطبيق العدالة الغوغائية في الهند خلال عمليات الإعدام دون محاكمة التي تسببت فيها الشائعات التي انتشرت على واتساب لعمليات اختطاف الأطفال [12]، وأعمال العنف الطائفي في نيجيريا [13] والتي اندلعت عقب انتشار صور عبر واتساب التي أظهرت متهمين مسلمين من شعب الفولاني يرتكبون أعمال عنف تستهدف المسيحيين.

من جانبها قامت شركة واتساب في أبريل/نيسان 2020 في ذروة تلك الجائحة باتخاذ الإجراءات اللازمة أخيرًا للحد من انتشار الأخبار الكاذبة من خلال تقليص عدد الأشخاص الذين يمكن إعادة توجيه الرسائل [14] إليهم من خمسة أشخاص إلى شخص واحد. ووفقاً لموقع ذا فريج: «تهدف هذه الخطوة للحد من سرعة انتشار المعلومات التي تنتقل عبر واتساب، وذلك للأخذ في الحسبان الفرق بين الحقيقة والخيال».

كيف تكتشف المعلومات المضللة: لقطة شاشة من لعبة “اختر الأخبار الكاذبة بنفسك” التي أنشأتها شركة بوليس في أوغندا.

ما الواجب فعله: تجريم الأخبار أم لا؟

يتصفح الناس وسائل التواصل الاجتماعي عادة لسد الفجوات التي خلفتها وسائل الإعلام التقليدية، إلا إنه بسبب الطابع الديمقراطي التي تتحلى به وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن لأي شخص تقديم محتوى بإرشادات تكاد تكون معدومة حول المراقبة وتحري الحقائق والتأكد منها.

بدورها سنت حكومات شرق أفريقيا مجموعة من القوانين والسياسات للسيطرة على انتشار “الأخبار الكاذبة” وكذلك الخطابات التي تحث على الكراهية، إلا أنه انتهى بها المطاف لتصبح السبب المنطقي الكامن وراء قمع أصوات المعارضة أو المناهضين.

حسب لجنة حماية الصحفيين: أعلنت حكومة جنوب أفريقيا في مارس/آذار 2020 أن مشاركة المعلومات حول فيروس كورونا المستجد تعتبر جريمة [15] “وهي المعلومات التي تهدف إلى خداع المواطنين أو التعمية على دور الحكومة في القضاء على الفيروس. وأنه بموجب قانون إدارة الكوارث لعام 2002 قد يتعرض المخالفون لدفع غرامات أو الاعتقال أو كلاهما معًا.

حذرت لجنة حماية الصحفيين قائلة: «إن سن القوانين التي تشدد على تجريم التضليل بدلاً من تثقيف العامة وحثهم على البحث عن الحقيقة ما هو إلا منحدر زلق».

قالت غبينغا سيسان المديرة التنفيذية لمبادرة براجشم إنه قد تسبب التضليل في نيجيريا إلى انعدام الثقة في المؤسسات “التي هي الأساس المنارة الأمثل لتوجيه الناس خلال الجائحة”، وذلك في مداخلة مع نعيمة وتايا في برنامج البث “تيرمس آند كونديشنس”.

أوضحت سيسان إلى امتلاكنا الكثير من المعلومات التي لا ينبغي أن تصل إلى أيدي الأشخاص الضعفاء سريعي التأثر، مشيرة إلى الكمية الضخمة من الفيديوهات والرسائل وميمات الإنترنت [16] التي يتم مشاركتها لترويج علاجات وهمية لفيروس كورونا المستجد.

كما أن قانون حماية نيجيريا من التلاعب والأكاذيب المنتشرة على الإنترنت [17]، ويعرف باسم “قانون وسائل التواصل الاجتماعي” غير كاف على الإطلاق، وغامض بشكل خطير، وكفيل بحق أن يخلق ثقبا داخل المشكلة.

جعل الحقيقة تنتشر بسرعة

أظهرت الأبحاث أنه من العسير جدًا تغيير عقل الإنسان [18] بمجرد أن تعتريه فكرة ولنواجه الأمر؛ إذ إن مستخدم الإنترنت العادي عادة ما يلقي نظرة خاطفة على عناوين الصحف ويكتفي بذلك.

كما أفادت نعيمة أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكنها المحاولة في معرفة الأخبار الكاذبة أو الخطابات التي تحث على الكراهية، إلا إن هذه الطريقة غير دقيقة ولا تتمكن من أن تشمل التعبيرات المجازية في مصطلحات اللغات أو السياق الثقافي.

على سبيل المثال: أفادت نعيمة زعم تقارير الشفافية لفيسبوك 2020 [19] بحذف 9.6 مليون محتوى يحض على البغض أو الكراهية في الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2020، لكنها نبهت من احتمالية النتيجة الإيجابية الكاذبة.

كما أن مشرفي المحتوى يملكون قوة هائلة لحذف أي شيء كاذب أو يحض على الكراهية، إلا إن فيسبوك لا يتعامل بصورة تامة مع مختلف سياقات اللغات والثقافات الأخرى. كما أن الكثير من المستخدمين يجهلون إمكانيتهم في الإبلاغ عن المحتوى غير اللائق.

لا يشمل فحص الحقائق أيضًا السيطرة في التأثير على الرأي بمجرد ترسخ الأخبار الكاذبة، في الولايات المتحدة فقط، تنهك [20] الحملات فاحصي الحقائق بعدد 100 للواحد. كما ان فحص الحقائق يختلف اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على قوانين البلد فيما بتعلق بالشفافية والبيانات وحرية المعلومات. في تنزانيا، على سبيل المثال: حظرت الحكومة فحص الحقائق [21] بشكل أساسي، بالإصرار على أن تلك الإحصائيات هي الحقيقة التامة.

كيف لنا أن نردع انتشار المعلومات الخاطئة؟ تأكد نعيمة بأن عليك أن تبطل الأخبار الكاذبة قبل نشرها. وبدلاً من ذلك ساهم في نشر الحقيقة.