- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

إحياء الذكرى 25 لمذبحة سيريبرينيكا رغم الإنكار للإبادة الجماعية

التصنيفات: أوروبا الشرقية والوسطى, البوسنة والهرسك, الجبل الأسود, صربيا, مقدونيا الشمالية, الأعراق والأجناس, تاريخ, حروب ونزاعات, حقوق الإنسان, سياسة, صحافة المواطن, علاقات دولية
Illustration by Zoran Cardula, an artist from North Macedonia, marking the 25th anniversary of Srebrenica genocide, featuring the symbolic white flower. Used with permission. [1]

رسمة الفنان زوران كاردولا Zoran Cardula [2]، من شمال مقدونيا، إحياءً للذكرى الـ25 للإبادة الجماعية في سربرينيتشا، موضحًا رمز الوردة البيضاء، استخدمت بإذنه

جاء الاعتراف الذي طال انتظاره من العديد من قادة العالم، الأسبوع الماضي في الذكرى الخامسة والعشرين للإبادة الجماعية في سيريبرينيكا [3].

أقدم رؤساء دولٍ وممثّلي حكوماتٍ على توجيه رسائل فيديو، تعترف بالإبادة الجماعية في عام 1995 لأكثر من 8000 شخص [4] – رجال وأولاد بوسنيون في المقام الأول – اعتقلهم جيش صرب البوسنة لجمهورية صربيا، تحت إمرة راتكو ملاديتش والوحدات شبه العسكرية القادمة من صربيا.

تضمّنت [5] تلك الرسائل – البديلة عن حضور حفل تأبين بسبب وباء كوفيد-19- مشاركات من كلٍ من رؤساء وزراء كندا وإسبانيا، جاستين ترودو وبيدرو سانشيز على التوالي، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس أمريكا السابق بيل كلينتون [6]، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون [7]، والأمير تشارلز،  كما اشتملت على مشاركة من قائد العمال السابق جيرمي كوربين، الذي اُنتقِد طويلًا [8] لعدم اعترافه بمدى فداحة التوجّه القومي الصربي الرّاديكالي في البوسنة وكوسوفو.

كما اشتملت الرسائل مشاركاتٍ من شخصياتٍ أخرى مثل رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين [9]، ورئيس الناتو النرويجي جين ستولتينبيرج [10].

نُخلد اليوم ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في سيريبرينيكا عام 1995. ستشارك وزارة الخارجية في حفل التأبين في بلدة بوتوكاري عبر رسالة فيديو. يمكنكم المتابعة بالضغط على الرابط السفلي، لمشاهدة بيان رئيس الوزراء ستيفان لوفين.

لقد كان من المهم أنْ تقدم السويد وحكومتها -على وجه الخصوص- موقف داعم وواضح؛ نظرًا لفضيحة [13] العام الماضي حيث منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للآداب إلى الكاتب الأسترالي بيتر هاندكه، الذي استخدم كتابه لترويج رواية التوجّه القومي الصربي [14] عن الحروب في جمهورية يوغوسلافيا السابقة، وأثار اعتراف الأكاديمية ومنحها الجائزة له احتجاجات الناجين والصحفيين الذين قد غطّوا الحرب البوسنية ـــــ مستخدمين الوسم #BosniaWarJournalists [15].

كما انتقد [16] المثقفون والنشطاء منح جائزة نوبل إلى ميلوسوفيدش [17] المُدافع عن النظام؛ لأن ذلك كان يعدّ كصفعة على وجوه عائلات الضحايا.

أُثير جدل جديد [18] هذا العام مع تداول أخبار إنشاء تمثال لـ هاندكه في بانيا لوكا، المدينة الرئيسية في كيان جمهورية صربسكا البوسْنية، التي تقع تحت سيطرة الصرب.

استثنائان جديران بالملاحظة وسط إدانة قادة الإقليم للإبادة الجماعية

أصدرت أيضا شخصيات سياسية مهمة من دول البلقان رسائل باستخدام خاصية الفيديو من أجل إحياء ذكرى الإبادة الجماعية في سيريبرينيكا.

حيث صرّح ميلو جوكانوفيتش، رئيس مونتينيغرو في مقطع الفيديو [19] أنّ الفكرة الإجرامية بإبادة أمّة أخرى والموجودة في عقائد “القوى العظمى” كانت حاضرة أيضا في عقائد دول البلقان، مشيرا بدون شكٍ إلى العقيدة الحديثة لـ “صربيا العظمى”.

وقد أشار ستيفو بنداروفسكي رئيس مقادونيا الشمالية، في بيانه الرسمي [20] إلى:

The Memorial Center and the Mothers of Srebrenica, through a clear message, testify of the collective past and are the conscience of our generation. They do not incite hatred, nor do they seek revenge, for it deepens injustice. They only seek truth and justice as a precondition for peace.
History, not only in the Balkans, teaches us that the idea of ethnically pure territories always leads to tragedy. And the recent Balkan wars have shown that genocide, after the Holocaust, can be repeated. If one generation does not speak, the next will forget, thus leaving a fertile ground for new conflicts.

أدْلت جماعة الضغط الناشطة، أمهات سيريبرينيكا، ومسؤولو المركز التذكاري- من خلال رسالة واضحة- بشهادتهم حول الماضي الجماعي، باعتبارهم ضمير المجتمع. هم لا يحرّضون على الكراهية ولا يسعوْنَ إلى الانتقام، لأنه يُعمّق الظلم، هم فقط يسعوْنَ إلى الحقيقة والعدالة لتحقيق السلام.
يُعلّمنا التاريخ -ليس في دول البلقان فحسب- أنّ فكرة خلق مناطق ذات عِرق واحد دائما ما تقودنا إلى مأساة، وقد بيّنت لنا حروب البلقان الحديثة أنّ تلك الإبادة الجماعية، بعد محرقة الهولوكوست، من الممكن أن تتكرر. إذا لم يتحدّث جيل، فسينسى الجيل اللاحق، وتباعا؛ ستُترك الأرض خِصبة لصراعاتٍ جديدة.

جاءت المواقف في صربيا وجمهورية صربسكا مغايرة تماما، لم يكن هناك بيان رسمي من الحكومة الصربية -مع ذلك- في العام الماضي صرّحت [21] آنا برنابيتش رئيسة الوزراء الحالية، أنّ ليس لديها خطط لزيارة المركز التذْكاري الخاص بـسيريبرينيكا في بوتوكاري، وأنّه سيكون من الجيد لو “استطعْنا أن نتوقّف عن اجترار سوء التفاهم الذي حدث في الماضي.”

في هذه الأثناء، صرّح [22] ميلوراد دوديك- قائد من صرب البوسنة- أنّه كان ضد قانون يُجرّم عدم الاعتراف بالإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك؛ لأن “السرد القصصي عن الإبادة الجماعية ف يسيريبرينيكا كان يُثيرالشكوك”، مكررا الرواية المُبتذلة للتوجّه القومي الصربي عن أنّ محكمة الجنايات الدولية لـ جمهورية يوغوسلافيا السابقة  International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia [23] تتخذ موقفا مناهضا للصرب.

أحْيا العديد من النشطاء والمنظمات غير الربحية ذكرى الإبادة الجماعية في صربيا -مع ذلك- النساء اللاتي احتشدن عند الميدان الجمهوري في العاصمة بلغراد، ومن ضمنهمم مجموعة من نشطاء ضد الحرب، النساء ذوات الرداء الأسود [24]، احتجن إلى شرطة الشغب لحمايتهن من مجموعة من الصحافيين الذين اقتربوا منهم وهتفوا باسم راتكو ملاديتش، الجنرال الصربي المُدان في الإبادة الجماعية في سيريبرينيكا.

حماية مُرتكبي الإبادة الجماعية

تتلخّص علاقة صربيا بماضيها الحديث في حصانة مجرمي حربها. أصدرت الشبكة الإقليمية للمنظمات غير الربحية، مبادرة الشباب لحقوق الإنسان، تقرير [27]ًا يُحذر أنّ إثنين من متطرفي القومية والمدانين بجرائم حرب – دراغان فاسيليكوفيتش وفويسلاف سيسلي – يشاركون في انتخابات يوينو 2020 كمرشحين

كما أعلن [28] فاسيليكوفيتش أنّه سيحارب من أجل “الصرب المضطهدين في كرواتيا، وكوسوفو، ومونتينيغرو” كما أنّه سيحاول إطلاق سراح ميلوراد وليميك، وزيفيزدين جوفانوفيتش، ويُذكر أنهم يقضون حكمًا قانونيًا لاغتيالهم رئيس الوزراء الصربي زوران جينجيتش في عام 2003.

بالإضافة إلى ذلك، يُشير التقرير إلى أنّ وزير الدفاع الصربي قد روّج إلى كتبٍ تُنكر الأعمال الوحشية لـ صرب البوسنة، وجرائم الجيش اليوغوسلافي في كوسوفو في عام 1999.  كما اتُّهِمت صربيا أيضا لأعوامٍ بإيواءها [29] مجرمي الحرب الصربيين من البوسنة والهرسك، بمن فيهم نوفاك دوكيك، المُدان بإلقاء أمر الهجوم على توزلا في مايو /أيار 1995، وقد أسفر عن ذلك مقتل 71 مدنيا، معظمهم من صغارِ السن، وهرب دوكيك إلى صربيا بعد إصدار الحكم عليه قضائيا، وقد شُوهِد في أنحاء بلغراد.

في التاسع من يوليو/تموز، وقبل يومين من إحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في سيريبرينيكا، حذَّر سيرج براميرتز [30]، المدّعي العام للأمم المتحدة لمحكمة الجنايات الدولية لجمهورية يوغوسلافيا السابقة، العالم في جريدة الجارديان أوب-إيد أنّ ”عددا من مجرمي الإبادة الجماعية قد هربوا إلى صربيا ووجدوا هناك ملاذًا آمنًا، بينهم قادة سياسيين وعسكريين.”

وكتب أيضا براميرتز أنّ ”إنكار الإبادة الجماعية وتبجيل مجرمي الحرب يُسبب معاناة بالغة الأثر على الناجين وأسرهم. حيث أعلن قادة من دول الإقليم إنكارهم لـ حدوث الإبادة الجماعية، وقد ذهبوا إلى حد وصف سيريبرينيكا على أنّها خدعة وكذبة. غالبا ما تَسْتقْبِل شخصيات عامة بارزة مجرمي الحرب المدانين من محكمة الجنايات الدولية لـ جمهورية يوغوسلافيا السابقة -آي سي تي واي- بوصفِهم أبطال، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل معاناة الضحايا ويتم إنكارها، ويُستخف بها.”

الآن تم تخويل  محاكم إقليمية للنظر في تلك القضية، وأشاد بـ البوسنة والهرسك، ولكنه أشار إلى أنّ ”هناك أكثر من 3000 قضية لم تُتناول بعد، بما فيهم مايتعلق بـسيريبرينيكا.”

ويبدو أنّ احتمالية تحقيق القصاص من مجرمي الحرب بعيدة، في ظل تَرسّخ ثقافة الإنكار في كلٍ من صربيا وجمهورية صربسكا.