- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

على مجلس الرقابة الجديد في فيسبوك إزالة أي محتوى للميليشيا السودانية سيئة السمعة

التصنيفات: احتجاج, الإعلام والصحافة, النشاط الرقمي, تاريخ, تقنية, حروب ونزاعات, حقوق الإنسان, حكم, سياسة, صحافة المواطن, الجسر, أدفوكس
[1]

محتجّون يتظاهرون ضد الحكومة في السودان. الصورة لهند مكي [1] عبر موقع فليكر تحت رخصة المشاع الإبداعي

في أبريل/نيسان 2019، قام الشعب السوداني بإسقاط الديكتاتور العسكري [2] عمر البشير بعد أن كان قد تولّى زمام الحكم في البلاد على مدى ثلاثين عامًا. ولكن كما هي الحال في أوقاتٍ كثيرة عند حدوث تحولات جوهرية في التاريخ، تبقى أجزاءٌ من النظام القديم – وهي في هذه الحالة قوات الدعم السريع – موجودة.

والواقع أنّ قوات الدعم السريع ما هي إلا الاسم الجديد لميليشيا الجنجويد التي ذاع صيتها بسبب الجرائم التي ارتكبتها بحق المدنيين في دارفور. وقد نشرت منظمات حقوقية دولية عدة تقارير توثّق هذه الجرائم، منها تقرير “رجال بلا رحمة [3]” الذي نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش.

نشأت ميليشيا قوات الدعم السريع وترعرعت لسنوات طويلة في كنف النظام المخلوع، ولا تزال تنشط على الساحة السياسية في المنطقة وتحافظ على وجود نشط على موقع فيسبوك.

في الآونة الأخيرة، تورّطت هذه الميليشيا في استخدام الأطفال [4] كجنودٍ في حرب اليمن. ويُذكر أن زعيمها محمد حمدان دقلو [5] (الملقَّب باسم حميدتي) مُدرج على “القائمة الجزئية [6] للأفراد الذين يجب أن تحقق معهم المحكمة الجنائية الدولية”.

غير أن حميدتي ليس حرًا طليقًا في السودان فحسب بل يلعب أيضًا دورًا في حكم الدولة. فهو يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني [7] الذي أنشئ العام الفائت في إطار اتفاق لتقاسم السلطة هدفه توجيه دفة المرحلة المحددة بثلاث سنوات لانتقال السودان إلى الحكم المدني.

بعد سقوط البشير، اتُّهمت قوات الدعم السريع بتدبير وتنفيذ حملة قمع وحشية في 3 يونيو/حزيران 2019 ضد متظاهرين نفّذوا اعتصامًا للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. فتعرّض عشرات المحتجّين للاغتصاب [8]، وقُتل المئات من المتظاهرين السلميين وأُلقيت بعض الجثث في نهر النيل.

في أعقاب حملة القمع هذه – التي عُرفت لاحقًا بـ”مجزرة القيادة العامة” – نشرت منظمات دولية ومستقلة لحقوق الإنسان، على غرار هيومن رايتس واتش [9] ومنظمة العفو الدولية [10]، تقارير استعرضت بالتفصيل الأدلة على سلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا قوات الدعم السريع.

لم تمضِ أيامٌ قليلة على فض الاعتصام [11] وتفرقة المتظاهرين حتى أطلقت [12] شركة مصرية تدعى “نيو ويفز” (New Waves) حملةً مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي – بما فيها منصات فيسبوك وإنستغرام المملوكة من فيسبوك – بهدف عرض صورة جيدة عن ميليشيا قوات الدعم السريع وقياداتها والترويج لها.

على الرغم من هذه الانتهاكات المروّعة، بقيت قوات الدعم السريع محافظة على وجودها على فيسبوك، واستخدمت هذا الموقع منصةً رئيسية تنشر من خلالها الرسائل وتكتسب الشرعية للتلاعب بالجمهور. ولا تزال الصفحة الموثقة لقائد [13]الميليشيا والصفحة الرسمية [14] للميليشيا نشطتين كلتيهما، حيث يُنشر عليهما محتوى عن أنشطة الميليشيا وخطابات قادتها، هذا بالإضافة إلى العديد [15] من الصفحات غير الرسمية الأخرى التي تدعم حميدتي. وتؤكد المنصة أنها لم تقم بإلغاء تلك الصفحات لأن حميدتي هو طرف فاعل في الدولة، مع أنه سبق لها في الماضي أن ألغت حساباتٍ لمسؤولين في الدولة، من بينها حساب لجنرال رفيع المستوى [16] في ميانمار.

في هذا السياق، أشير إلى أنني أعمل منذ أكثر من سنة على تنسيق مشروع يهدف إلى إزالة المحتوى الخاص بميليشيا قوات الدعم السريع عن الإنترنت. وحتى الآن، وقّع أكثر من عشرين ألف سوداني على العريضة الإلكترونية [17] التي تطالب فيسبوك بإزالة تلك الصفحات، مع الإشارة إلى أن قسم التعليقات يكشف الكثير عن غضب الناس حيال فكرة منح الميليشيا فسحةً على هذه المنصة البارزة.

لكن فيسبوك لم يعمد حتى اليوم إلى إزالة المحتوى المذكور بالرغم من البلاغات المتكررة ضده والمرفوعة عبر آلية التبليغ الخاصة بالمنصة.

كما تجدر الإشارة إلى أن معايير المجتمع التي وضعها فيسبوك تنص بوضوح [18] على أنها لا تسمح “لأي منظمات أو أفراد يتبنّون مهمات تنطوي على أعمال عنف أو يشاركون في أعمال عنف بالتواجد على فيسبوك”. ويعرّف المعيار العنف بأنه “عمليات (أو محاولات) القتل الجماعي أو المتعدد” و”العنف المنظّم أو الأنشطة الإجرامية”.

بالنظر للانتهاكات السابقة التي ارتكبتها الميليشيا وجرائم الحرب التي وثّقتها [19] منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، أرى أن قلّةً من الحالات تتطابق مع الوصف السابق أفضل من ميليشيا قوات الدعم السريع. ومن الواضح أيضًا للكثيرين أن المصلحة البعيدة المدى لميليشيا قوات الدعم السريع هي زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، والعمل بناءً على تعليمات الأطراف التي تدفع لها لمواصلة تجنيد الجنود، بمن فيهم الأطفال، وإرسالها للمشاركة في حروبٍ في أماكن أخرى من المنطقة.

من هنا، فإنّ إطلاق مجلس الرقابة التابع لفيسبوك [20]، الذي سيباشر أعماله في وقتٍ لاحق من هذا العام، سيمنح حملتنا الآلية اللازمة للطعن [21] بقرار عملاق الشبكات الاجتماعية القاضي بعدم إزالة الصفحات التابعة لميليشيا قوات الدعم السريع والمحتوى الخاص بها. فهذا المجلس سيتمتع بصلاحية إبطال [22] قرارات فيسبوك المتعلقة بالمحتوى المثير للجدل. لذلك ننوي التقدم بطلب إلى المجلس فور إطلاق هذه العملية، وكنتيجة بديهية لذلك أدعوه إلى الالتزام بمعايير المجتمع وإزالة الميليشيات من المنصة.