- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

حرب المعلومات: ساحات معارك أخرى لكوفيد-19 في الشرق الأوسط

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, الإمارات, السعودية, اليمن, قطر, لبنان, أفكار, الإعلام والصحافة, الدعم الإنساني, حروب ونزاعات, حرية التعبير, حقوق الإنسان, حكم, صحافة المواطن, صحة, علاقات دولية, علم, كوفيد19

 

The Gate of Yemen in the capital Sana'a. Photo by <a href="https://fr.m.wikipedia.org/wiki/Fichier:Bab_Al_Yemen_Sanaa_Yemen.jpg">Jialiang Gao</a>, licensed under <a href="https://creativecommons.org/licenses/by-sa/2.5/deed.fr">CC BY BY-SA 2.5</a>

باب اليمن في العاصمة صنعاء. ألتقطت بواسطة جياليانج جاو [1]، نَسب المُصنَّف – الترخيص بالمثل 2.5 عام [2]

زاد كوفيد-19 من التوترات السياسية القائمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة شابها بالفعل عقود من الصراع. يلوم السياسيون عديمو الضمير الآن أعدائهم السياسيين أو الحكومات المجاورة على انتشار فيروس كورونا الجديد.

دقّ [3] مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ناقوس الخطر بشأن التهديد الذي يخلقه التضليل والمعلومات الخاطئة للبشرية، حيث يقول:

“في منظمة الصحة العالمية، لا نحارب الفيروس فقط ولكننا نحارب أيضًا المتصيدين ونظريات التآمر التي تضعف من استجابتنا”. مكررًا أنه من الممكن أن تسبب المعلومات الخاطئة الهلع والارتباك.

لم تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غريبة بشأن نظريات التآمر وممارسات التضليل. كشفت دراسة [4] أُجريت عام 2019 بجامعة أكسفورد أن المنطقة تعد موطن لنصف أكبر 12 دولة معروفين “بارتفاع نشاط القوات السيبرانية”، وهي تشمل مصر، وإيران، وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، والإمارات العربية المتحدة.

أولئك الذين في موضع سُلطة يستخدمون “حرب المعلومات” لتكوين الحكايات وللتحكم في الرأي العام، كما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة المعركة الأساسية [5] لتوظيف المؤثرين، والمتصيدين، والبرامج الآلية، وجيوش المعلقين.

يوجد في إيران واليمن وسوريا ما يسمى “محور المقاومة” [6] ــــ التي ترتبط شرعيتها غالبًا بمعارضة شرسة للغرب ـــــ وهم زعماء قد استغلوا نظام كوفيد-19 لإعادة تأكيد الموقف السياسي وتوجيه الإيديولوجيات المعادية للغرب.

على سبيل المثال، صاغ حزب الله [7] فيروس كورونا على أنه مؤامرة غير متوقعة من قِبل “أعدائهم” ـــــ الغرب عمومًا والولايات المتحدة بالأخص. يعد حزب الله حزب سياسي شيعي في لبنان تابع لإيران، ومعروف بكونه دولة داخل دولة، وترى معظم الدول [8] أنها منظمة إرهابية.

في مارس/آذار قال السكرتير العام لحزب الله حسن نصرالله مؤكدًا [9]:

The corona is a highly threatening enemy. We have to confront this invasive enemy. We should not surrender or despair or feel helpless. The response must be confrontation, resistance, and fighting. We will win this battle. It is only a matter of time.

فيروس كورونا هي عدو شديد التهديد. يجب أن نواجه هذا العدو الجامح وألا نستسلم أو نيأس أو نشعر بالعجز. يجب أن يكون الرد بالمواجهة والمقاومة والقتال وسوف نكسب المعركة، هي فقط مسألة وقت.

“محور المقاومة” بقيادة إيران

قاد جيش النظام الإيراني الإيديولوجي – فيلق الحرس الثوري الإسلامي [10] – مواجهة مضادة للوباء، واصفًا الفيروس بأنه مؤامرة دبرها أعداء النظام التقليديون – الولايات المتحدة وإسرائيل.

تتضمنت الدعاية ادعاءات تفيد بأن الفيروس هو “غزو بيولوجي أمريكي” و”هجوم إرهابي بيولوجي صهيوني”، مما دفع بعض المدافعين عن النظام إلى الدعوة إلى رد انتقامي [11].

منذ تأسس عام 1979، كان فيلق الحرس الثوري الإسلامي “الآلية الرئيسية لرجال الدين الحاكم لفرض سلطتها الدينية في الداخل وتصدير مذهبها الشيعي إلى الخارج” وذلك طبقًا للسياسة الخارجية. [11]

كما تعاونت مع حلفائها في العواصم العربية حيث تحمل تأثيرًا كبيرًا – كالعراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، فهم يتشاركون نفس المذهب المعادي للغرب والولايات المتحدة وإسرائيل. وعادةً يمجد قادة هذه الدول الحرب والاستشهاد.

على سبيل المثال، يحث نصرالله السكرتير العام لحزب الله جماعته باستمرار على رسائل الاستشهاد. وفي مقابلة أجراها، أوضح [12]: “مقاتلنا يفجر نفسه وهو سعيد ومبتسم، لأنه يعرف أنه ذاهب إلى عالم آخر. فالموت ليس نهاية لنا ولكنه بداية لحياة حقيقية”.

الحوثي: صوت الوكيل الإيراني في اليمن

لا يزال اليمن يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم [13]، وفقًا للأمم المتحدة، بعد الانزلاق في حرب دموية بالوكالة في عام 2015، عندما تدخل تحالف تقوده السعودية لإزاحة قادة الحوثيين من السلطة بعد انقلاب.

تسيطر قوات الحوثي المدعومة من إيران، على المنطقة الشمالية الأكثر كثافة سكانية، وكذلك على وسائل الإعلام. استخدم قادة الحوثيين الوباء – الذي وصفه بعض المحللين بأنه “هدية للحوثيين [14]” لمهاجمة الخصوم وصرف الانتباه عن الأزمة المستمرة. كما يروج قادة الحوثيين لنظرية مؤامرة النظام الإيراني بأن الفيروس مؤامرة أمريكية.

قال وزير الصحة الحوثي الدكتور طه المتوكل في خطبة عامة بثها التلفزيون [15]: “يجب أن نسأل العالم كله، يجب أن نسأل البشرية جمعاء: من وما وراء فيروس كورونا؟” يختتم بشعار حوثي: الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل! اللعنة على اليهود! النصر للإسلام!”

مع انتشار الفيروس في أنحاء اليمن في الأسابيع الأخيرة، أبلغ نشطاء عن عشرات الوفيات. نفت قيادة الحوثيين حجم التفشي [16] وقللت من شدته. وقال متوكل في مؤتمر صحفي [17]:

We should not do like the rest of the world who have terrorized the population. The recovery of the virus is very high, it is in Yemen of over 80 percent. The treatment of the coronavirus will come from Yemen.

لا ينبغي لنا أن نعمل مثل بقية العالم الذين أرهبوا السكان. التعافي من الفيروس مرتفع للغاية، هو في اليمن بأكثر من 80 بالمائة. سيأتي علاج الفيروس من اليمن.

غالبًا ما يلتزم الحوثيون بأيديولوجية متجذرة في لعب دور الضحية [18]ويظهرون أن جميع مشاكل اليمن ناتجة عن التدخلات الخارجية التي بدأت في عام 2015 مع الحملة العسكرية بقيادة السعودية. غالبًا ما يلومون التدخل بقيادة السعودية الذي يعفيهم من المسؤولية عن الأزمة الحالية.

غرد محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين في 16 مارس/آذار [19]، بأن التحالف الذي تقوده السعودية هو المسؤول عن أي انتشار لفيروس كورونا في اليمن.

كما استغل قادة الحوثيين الفيروس لدفع قاعدتهم إلى العمل وتعزيز التجنيد العسكري. أوصى متحدث في قناة تلفزيونية تابعة للحوثيين [22]، الجمهور بالانضمام إلى ساحة المعركة والموت شهداء بدلاً من الموت محاصرين في المنزل بسبب فيروس كورونا.

المحور السعودي الإماراتي: إلقاء اللوم على قطر وإيران

تم تشكيل دول مجلس التعاون الخليجي [23] في عام 1981 في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران والحرب الإيرانية العراقية، من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر وعمان والبحرين. اتحادهم منذ بدايته كان للدفاع عن أنفسهم ضد أي تهديد إيراني.

كانت دول مجلس التعاون الخليجي في أزمة منذ عام 2017، عندما دخلت كتلة من الدول بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في صراع مع قطر بسبب مزاعم بوجود صلات مع “الجماعات الإرهابية” الإيرانية. منذ يونيو/حزيران 2017، تم فرض حصار كامل [24] على قطر.

تم تسييس فيروس كورونا على هذه الخلفية. تدعم الرواية المنتشرة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي قصة أن الفيروس تم استيراده إما من إيران، المركز الإقليمي للأزمة، أو من العراق عبر المواطنين الشيعة العائدين من الحج في إيران.

اتهمت صحيفة الجزيرة السعودية اليومية [25] إيران “بإضافة إرهابها الدموي الصحي” لعدم شفافيتها والسماح للفيروس بالانتشار.

كما حمّلت السعودية إيران “المسؤولية المباشرة” عن انتشار فيروس كورونا، واتهمتها البحرين “بالعدوان البيولوجي” بعدم ختم جوازات سفر البحرينيين الذين سافروا إلى إيران [26].

في منطقة تحكمها عائلات سنية ملكية على أقلية شيعية كبيرة، وخضعت للتدقيق بسبب تقاربها الديني من إيران، من المرجح أن يؤجج كبش الفداء الطائفية والتوتر.

أطلقت الإمارات والسعودية حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لإلقاء اللوم على قطر في فيروس كورونا باستخدام هاشتاغ مثل #Qatariscorona [27]، بدعوى أن قطر صنعت الفيروس في الصين لتهديد رؤية السعودية 2030 ودبي إكسبو 2020.

كما وفرت شبكة الإنترنت أرضًا خصبة لتربية وتضخيم الأخبار المزيفة والحملات الدعائية التي ترعاها الدولة. في عصر التباعد الاجتماعي والاعتماد المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن السماح لهذه الروايات بالانتشار دون منازع ودون عقاب يقوض الاستجابة الفعالة للوباء – وعلى نطاق أوسع – السلام والديمقراطية.