توفي الشاعر الفلسطيني المخضرم المحبوب مريد البرغوثي يوم الأحد عن عمرٍ ناهز 77 عامًا، فعمّ الحزن على رحيله جمهوره الواسع في العالم العربي كله، لتتحقق النبوءة التي كان قد قالها منذ فترة طويلة:
أنا أكبر من إسرائيل بأربع سنوات، والمؤكد أنني سأموت قبل تحرير بلادي من الاحتلال الإسرائيلي. عمري الذي عشت معظمه في المنافي تركني محملًا بغربة لا شفاء منها، وذاكرة لا يمكن أن يوقفها شيء.
بالكلمات البائسة والصور الحية والعواطف الكئيبة ومعاني الصمود، تمحور شعر مريد بشكل كبير حول فلسطين والقضايا العربية. وتحدث طوال عقود عن شوقه إلى وطنه في فلسطين، الذي بقي بعيدًا عنه لأكثر من 30 عامًا منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ولم يُسمح له بعد ذلك بالذهاب إليه إلا وفق قيود وشروط.
تأرجحت كتاباته في اثنتي مجموعة شعرية ما بين الأمل والمقاومة واليأس، وجسدت أحلامه بالاتحاد بوطن بعيد وعائلة مشتتة بسبب عدم وجود دولة تنتمي إليها، وحب بقي بعيدًا بسبب المنفى.
في مقابلة مع صحيفة الغارديان عام 2008، نُقل عنه قوله:
The dilemma of Palestinian writers, that we're expected to address the needs of people denied self-expression under occupation, to express their pain. But this is a trap: you have to strike a balance, not sacrificing the aesthetics for your readership. I hate the terms “resistance poetry” or “exile poetry.” We're not one-theme poets. A moment of joy or misery is juxtaposed by its opposite. There's no one face; I see both. I question myself all the time; if you oversimplify, you'd better quit.
معضلة الكتاب الفلسطينيين هي أنه يُتوقع منا تناول احتياجات الناس المحرومين من التعبير عن أنفسهم في ظل الاحتلال، والتعبير عن وجعهم. لكن هذا فخ: عليك أن تحقق التوازن، فلا تضحّي بالجمالية من أجل قرّائك. أمقت مصطلح “شعر المقاومة” أو “شعر المنفى”. فنحن لسنا شعراء موضوع واحد. ولحظة الفرح أو البؤس يجاورها نقيضها. ما من وجه واحد، بل أرى كليهما. وأسائل نفسي على الدوام. إذا بالغت في التبسيط، حريٌ بك التوقف.
تعرّف القراء العالميون على البرغوثي للمرة الأولى من خلال قصة حياته “رأيت رام الله” التي وصفها المفكر والأكاديمي الشهير إدوارد سعيد بأنها “واحدة من أرقى الروايات الوجودية عن تهجير الفلسطينيين”.
وُلد مريد في العام 1944 في قرية دير غسانة الواقعة في جبال الضفة الغربية بالقرب من رام الله، ونفي من الأردن لمدة 20 عامًا ومن لبنان لمدة 15 عامًا ومن مصر لمدة 18 عامًا، فعاش بعيدًا عن زوجته الروائية والمحاضرة المصرية الراحلة رضوى عاشور وابنه الشاعر تميم.
علاوةً على قصائده التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية من كل أنحاء العالم العربي ونضالات المواطنين العرب اليومية، أصبحت قصة حب مريد ورضوى رواية غرامية يعشقها جمهور واسع من مختلف أنحاء المنطقة.
Mourid Barghouti gave us his passion and pain for the homeland. He gave us his pure love for Radwa. He gave his words which resonated with our Syrian Nakba. He gave ‘I Saw Ramallah’, which spoke to me above all else in my own interaction with my heritage. Rest in peace, Mourid. pic.twitter.com/Dc72CsCEdj
— Razan Saffour (@RazanSpeaks) February 14, 2021
أعطانا مريد البرغوثي شغفه وألمه للوطن. أعطانا حبه النقي لرضوى. أعطى كلماته التي لقيت صداها في نكبتنا السورية. أعطى رواية “رأيت رام الله” التي لمستني أكثر من أي شيء آخر في تفاعلي مع تراثي. ارقد بسلام يا مريد.
جاء في تغريدة أخرى:
The timeless love between Mourid Barghouti and Radwa Ashour — as traced through their literary works — is one of the twentieth century’s great love stories… We lost another great soul in this earthly realm- May they reunite in their radical love and both rest in power. pic.twitter.com/wcnuib4xLL
— …شمس… (@shamsesq) February 14, 2021
إن الحب الخالد بين مريد البرغوثي ورضوى عاشور – المتجلي في أعمالهما الأدبية – هو واحد من أعظم قصص الحب في القرن العشرين … لقد فقدنا روحًا عظيمة أخرى في هذا العالم الأرضي – علّهما يتحدان في حبهما الجذري ويرقد كلاهما في القوة.
لقي تألق مريد الأدبي صدى لدى جمهور كبير في مختلف أنحاء العالم، حيث شاركه هذا الجمهور شوقه لفلسطين محررة وصوت حر.
غردت المخرجة آن ماري جاسر:
Broken hearted about Mourid al-Barghouti #مريد_البرغوثي Forever etched in my memory: dinner in Amman. It began to rain. You ran out and flung your arms back like a child, spinning around and smiling as you got soaked. Palestine has lost one of our greatest. #MouridBarghouti #RIP
— Annemarie Jacir (@AnnemarieJacir) February 14, 2021
انفطر قلبي على مريد البرغوثي. ذكرى ستبقى محفورة في ذهني إلى الأبد: عشاء في عمان. بدأت تمطر. ركضتَ ورفعت ذراعيك إلى الوراء كالطفل، ورحتَ تدور وتبتسم فيما المطر يبلل ثيابك. لقد خسرت فلسطين واحدًا من العظماء.
كما استفاضت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم برسائل الحزن والأسى، وبالذكريات وكلمات التقدير، وبالمقتطفات من شعره حدادًا على وفاة الشاعر المحبوب. كتبت الشاعرة اللبنانية زينة هاشم:
“لعلّ “غيرنا”… يغيرونها” – مريد البرغوثي
“leaving this world as t is,
hoping that, someday, someone else
will change it.” — @MouridBarghoutiRest in Power, & thank you ? pic.twitter.com/5NaD4v7asY
— Zeina Hashem Beck (@zeinabeck) February 14, 2021
ترك هذا العالم على حاله، آملاً أن يغيره شخص آخر يومًا ما.” مريد البرغوثي ارقد في القوة وشكرًا لك
كما كتبت الأستاذة لاله خليلي:
“Jerusalem. The city of our little moments that we forget quickly because we will not need to remember, and because they are ordinary like water is water and lightning is lightning. And as it slips from our hands it is elevated to a symbol, up there in the sky.” Mourid Barghouti
— Laleh Khalili (@LalehKhalili) February 14, 2021
“هذه القدس العادية، قدس أوقاتنا الصغيرة التي ننساها بسرعة، لأننا لن نحتاج إلى تذكرها، ولأنها عادية كما أن الماء ماء والبرق برق، كلما ضاعت من أيدينا صعدت إلى الرمز. إلى السماء. … ” – مريد البرغوثي
ههنا منشور آخر لعمر غريب يقول فيه:
We lost @MouridBarghouti , a huge loss for #Palestine, may you rest in peace knowing that you spoke up for your country through exceptional literary brilliance. You'll never be forgotten across all generations, you'll legendary work will keep you alive.
— Omar Ghraieb?? (@Omar_Gaza) February 14, 2021
خسرنا مريد البرغوثي. إنها خسارة فادحة لفلسطين، فلترقد بسلام وأنت على يقين بأنك دافعت عن بلادك من خلال نباهتك الأدبية الاستثنائية. لن تُنسى أبدًا على مر الأجيال، فأعمالك الأسطورية ستبقيك حيًا.