توفي إنريكي رودريجز جاليندو في ١٣ فبراير/شباط، ٢٠٢١ عقب إصابته بكوفيد-١٩ عن عمر يناهز ٨٢ عامًا.
ترأس رودريجز جاليندو الجنرال السابق لقوات الحرس الإسبانية -الحرس المدني- الموقع العسكري بحي إنتكساوروندو في مدينة باسكي لدونوستيا سان سيباستيان في الثمانينيات والتسعينات، في الوقت الذي استهدفت فيه جماعة إي تي إيه عناصر الشرطة مرارًا وتكرارًا، وهي جماعة مسلحة كانت تطالب باستقلال باسكي وابتزت الآلاف من الناس وهددتهم كما قتلت ٨٥٠ شخصًا على مدار نصف قرن حتى تم إجبارها على إنهاء ذلك العنف في عام ٢٠١١، كان تضاءل الدعم الشعبي لها ودور الشرط الفعال من أهم العوامل التي أودت بالجماعة.
كان رودريجز جاليندو مسؤولاً عن مهمة مكافحة الإرهاب في ظل ظروف عصيبة، كما أنه يُعد خاطفًا وقاتلاً.
هذا ما رأته المحكمة العليا في إسبانيا عام ٢٠٠٠، وتلاها تأكيد المحكمة الأعلى بسنة. صدر الحكم ضد جاليندو بالسجن ٧٥ عامًا لإصداره أوامر بخطف وقتل خوسيه أنطونيو لاسا وخوسيه اجناسيو زابالا. تم تعذيبهم وإعدامهم سنة ١٩٨٣على يد فرقة الموت المعروفة باسم جال وهي مجموعات تحريرية لمكافحة الإرهاب وقامت بدفنهما في مادة الجير الحي لتوقعهما، الذي خاب، بأن التحلل الكيمائي سوف يزيل آثارهما للأبد إلا أنه تم العثور على جثتيهما عام ١٩٨٥ ولم يستطع الكشف الطبي التعرف على هويتهما إلا بعد عام ١٩٩٥.
بالرغم من الحكم عليه بأكثر من ٧٥ عامًا إلا أنه لم يقض في السجن إلا خمس سنوات، فقد تم إطلاق صراحه جزئيًا عام ٢٠٠٥ وصدر العفو عنه عام ٢٠١٣.
كان ٢٠٢١ عامًا نبش فيه موت رودريجز جاليندو عن أشباح الماضي في إسبانيا.
مولت الحكومة الإسبانية هذه الفرقة سرًا، وكانت مسؤولة عما لا يقل عن ٢٧ إعدامًا خارج نطاق القانون في الفترة بين ١٩٨٣ و١٩٨٧ والتي عرفت باسم “الحرب القذرة”. يُدعى أن من بين الضحايا أعضاء في جماعة إي تي إيه مثل لاسا وزابالا وآخرون لم يحالفهم الحظ وتواجدوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. تم زج كل من خوسيه بارينويفو وزير الداخلية ونائبه رفائيل في السجن في عام ١٩٨٨ لضلوعهم في المسؤولية عن فرق جال. كما تم تصوير رئيس الوزراء فيليب جونزاليز في ذلك الوقت وهو يعانقهما ليودعهما علي باب السجن، وأعلن في مقابلة له عام ٢٠١٠ مبهمًا في حديثه: “توجب علي اتخاذ قرار بالعصف بقادة الجماعة وقد رفضت ولا أدري ما إذا كان ذلك خطأ”. التف حوله الكثير من الأنظار عن تورطه في علاقته بالفرقة لكن لا يوجد دليل كاف لإثبات ذلك.
كما وضح الباحث عمر إنكارناسيون أن تلك الفرق عبارة عن نمط مستمر أكثر من أنها قسم خاص باستراتيجيات الدولة لمكافحة الإرهاب. بالرغم من انتهاء فترة دكتاتورية فرانكو عام ١٩٧٥ولم تواكب الفرق الحركة الديمقراطية ولم يتم تطهير المؤسسات نتيجة النقص في أدوات الرقابة على سير الديمقراطية في الشرطة وقسم الحراسة العسكرية -إدارة المخابرات العسكرية. كما كان لوجود الفرقة عاملاً محفزًا لجماعة إي تي إيه معززة لديهم الإصرار في مناهضة الديمقراطية لإسبانيا وتتيح لهم فرصة ظهورهم كضحايا للقمع الذي ترعاه الدولة.
كانت بعض ردود الفعل حول موت رودريجز دليلاً على وجود انقسام في قطاع المجتمع الإسباني لمواجهة ماضيهم الأسود.
من خلال نعيه، كانت كلمة النعي في مجلة بانيس الأقوى بصورة كبيرة عن “سجل خدمة الجنرال الخداعة “الملطخة “باضطلاعه المزعوم فيما سمي بالحرب القذرة” مع آن كلمة مزعومة يستدعى مراجعة وضعها بعد تأكيد حكم المحكمة الصادر ضد جاليندو.
كتبت ماكارينا أولانا إحدى أعضاء البرلمان لحزب فوكس أقصى اليمين وهو ثالث أكبر حزب بإسبانيا على تويتر: “نورًا يشرق على قبرك، سيدي الجنرال”.
“لتتقبلك الأرض بنورها. اليوم وأكثر من أي وقت مضى: إنتكساوروندو في قلوبنا، لترقد في سلام”.
Que la tierra te sea leve, mi General. Hoy, más que nunca, Intxaurrondo en nuestro corazón. Descansa en Paz. pic.twitter.com/n81UIUB50B
— Macarena Olona (@Macarena_Olona) February 13, 2021
“لتتقبلك الأرض بلطف أيها الجنرال: اليوم وأكثر من أي وقت مضى. إنتكساوروندو في قلوبنا، لترقد في سلام.
على نفس المنصة نعت أحد أعضاء الحزب التابع لها الموجود في البرلمان الأوروبي جورج لوكساد بقوله “أنر قبره دائمًا”
? El fallecimiento del general Rodríguez Galindo es otra oportunidad que nos regalan las redes sociales para bloquear, denunciar e identificar las cuentas de los que viven y promueven odio a España y sus leyes.
Descanse en paz. Y brille para él la luz perpetua. ??
— Jorge Buxadé (@Jorgebuxade) February 13, 2021
موت الجنرال رودريجز جاليندو فرصة أخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، آن الأوان لنغلق الحسابات الداعية لكراهية إسبانيا وقوانينها كما ندين تلك الحسابات.
فلترقد في سلام وتظل في نور دائم.
أكدت بيلي زابالا، إحدى أخوات الضحايا من الذين ثبت مصيرهم على شاشة التليفزيون في ١٤ فبراير/شباط إنها حاولت التواصل مع رودريجز لحثه على تحمل مسؤوليته عن الألم الذي لحق بعائلتها وأرادت أن يعترف بخطأه لكنها لم تحصل على جواب، تسعى زابالا الآن للمحاسبة الكاملة وتقول: “جاليندو رجل جيش مطيع للأوامر ومن الواضح لي تلقيه أوامر من رؤسائه السياسيين”، وتأمل زابالا أن ينتهي المطاف برئيس الوزراء السابق فيليبي جونزاليس في قفص الاتهام.
قدم خوان ماريا جوريجي حاكم مقاطعة دونوستيا-سان سيباستيان أدلة للمحكمة حول تورط رودريجز في مقتل لاسا وزابالا. بعد مضي عشرين سنة أشعلت كم هائل من التغريدات التي شاركت في تعزية الجنرال بعد ساعات من الإعلان عن وفاته. فشاركت ماريا جوريجي ابنة جوريجي تغريدة:
Aitaren hitz hauek etorri zaizkit, inoiz ahaztuko ez ditudanak:
“Ez dakit nork hilko nauen, edo ETAk edo Galindok berak”.— Maria Jauregi (@MJauregiLasa) February 13, 2021
كلمات أبي جالت في خاطري وهي كلمات لن أنساها ” لا أعلم من سيقتلني هل سيكون على أيدي جماعة إي تي إيه أم من جاليندو نفسه.
كان مصيره على يد جماعة إي تي إيه عام ٢٠٠٠، وأصبحت أرملته مايكسبل لاسا وابنتيهما ماريا من أكبر الأصوات المؤثرة لكبح الكراهية والمطالبة بالعدالة وإعادة حقوق كل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في بلدة باسكي.
اليوم أجدى لنا استعادة كلمات بابلو دي جرييف المقرر الخاص بالأمم المتحدة السابق الخاص بدعوة الحق وإرساء العدالة إعادة الحقوق بعد إتمام مهمته في إسبانيا عام ٢٠١٤.
“The strength of democratic institutions must be measured not by their ability to ignore certain issues, especially those that refer to fundamental rights, but rather by their ability to manage them effectively, however complex and awkward they may be”.
لا يجب قياس قوة المؤسسات الديمقراطية من خلال إمكانياتها في تجاهل قضايا معينة، بالأخص تللك التي تشير إلى الحقوق الأساسية، لكن من خلال قدرتها على إدارتها بفعالية مهما بدت لهم أنها قضايا معقدة وصعبة.