مدينة إسبانيّة تأمل في التغلّب على الأزمة الاقتصاديّة عن طريق “عُملتها الافتراضية” الخاصة

صورة مأخوذة من موقع Pixabay، ومرخّصة بموجب الموقع

تعتمد مدينة تقع في الأندلس في إسبانيا على “العملة الرقمية” كَوَسيلة لإنقاذ التّجارة المحليّة من التباطُؤ الاقتصاديّ الحاد الناجم عن عدّة تدابير للسيطرةِ على انتشارِ كوفيد-19.

تتبنّى مدينة ليبريخا الواقعة في مقاطعة إشبيلية -التي يبلغ عدد سكانها 27000 نسمة- نهجًا مبتكرًا لتحفيز الاقتصاد المحليّ من خلال الاستثمار في عُملتِها الافتراضيّة الخاصّة. تسمى العملة الرقميّة “elio” وتهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة على التأقلم مع متطلبات “الوضع الطبيعي الجديد” من خلال ربط العائلات المحرومة بالتجّار المحليين. كان استخدام هذه العملة الافتراضية المحلية مستوحى من أنظمة الولاء التسويقيّة التي قامت بها مجموعة من سلاسل الشركات الكبيرة، ولكن تم تكييفها للتتناسب مع الشركات الصغيرة.

إليو، “عُملة ليبريخا الجديدة” مرتبطة باليورو وتم الترويج لها من قبل النائب الأول لرئيس البلديّة ومندوب التقنيات الجديدة، ديفيد بيريز، وفريقه، الذين أطلقوا التطبيق خلال فترة الحجر الصحي في عام 2020. تم اختيار اسم “إليو” تكريماً للشخصية التاريخية الأكثر شهرة في المدينة، مُناصِر الإنسانيّة وأوّل مؤلف “لقواعد النحو القشتالي”، إليو أنطونيو دي نيبريجا.

تم اختيار العائلات على أساس الدّخل وتمكنت من الشراء في المحلات التجارية في المنطقة؛ وبالتالي، فإن النظام يشجع الاقتصاد المحلي ويدعم الأسر المحرومة. تم إطلاق عملة “إليو” في نهاية عام 2020 واستخدمت التطبيق أكثر من 600 عائلة.

كل إليو يساوي يورو واحد، ومن أجل استخدام هذه التقنية، يجب على المواطنين المختارين تنزيل التطبيق ودفع نصف تكلفة كل منتج أو خدمة بعملة الإليو، والنصف الآخر باليورو. يجب على كل مستخدم التسجيل في التطبيق ليتمكّن من رؤية المبلغ المتاح لديه أو معرِفة الشركات التي يمكن استخدام هذه التقنية فيها.

تتلقى كل عائلة مِنحًا تتراوح بين 50 و 200 إليو من مجلس المدينة، ويمكنهم استخدام طريقة الدفع هذه فقط في المؤسسات المشاركة. بمجرد إجراء عمليات الشراء والخدمات، يجب على الشركات تقديم الفواتير إلى مجلس المدينة حتى يتمكن من تغيير المبالغ إلى اليورو.

هذه العملة الافتراضية صالحة فقط في ليبريخا. لإطلاق المشروع، تبرع مجلس المدينة بجزء من أموالهِ المخصصة لأنشطة أخرى؛ مثل المهرجانات البلديّة، وقرّر إعطاء الأولوية لمساعدة السكان بدلاً من تنفيذ الأنشطة الأخرى. سمح ذلك للمدينة بإطلاق المشروع بتكلفة 60.000 إليو.

حتى الآن، تم استثمار ما مجموعه 50 ألف يورو في النشاط التجاري في ليبريخا، منها 25 ألف بعملة الإليو، وقد لقيت هذه المبادرة استحسانًا كبيرًا من قبل سكان البلدية. كَما ذَكَرَ التلفزيون الإسباني أن “بعض التجار يخبروننا أن تلك المبادرة وفرّت لهم كثيراً كما ضاعف البعض مبيعاتهم من خِلالها”. لم تكن هذه هي المبادرة التكنولوجية الأولى لمجلس مدينة ليبريخا، حيث يقوم الآن بتوصيل العديد من خدماته من خلال موقع Telegram.

لم تؤدِ الأزمة الاقتصاديّة فقط إلى تدهور بُنية الأنشطة التجارية في إسبانيا خِلال الوباء، بل ساءَ الوضع بالنسبة للمواطن العادي؛ ودَفَعَ عدد كبير من العائلات إلى وضع غير مستقر. يوجد في البلاد الآن 800 ألف شخص إضافي مصنفين على أنهم محرومون نتيجة جائحة كوفيد-19، كَما حَدَثَ “انخفاض تاريخيّ” بنسبة 11% من اقتصاد البلاد في عام 2020.

مثل عملة “إليو”، ظَهَرَت مُبادرات تكنولوجيّة إسبانيّة أُخرى في أوقات الوباء هذه لمساعدة المجتمع، بما في ذلك تطبيق La Noria Social Hub، في مدينة مالقة، والذي يهدف إلى دعم الابتكار والتنمية الإقليمية. وماذا عن تطبيق Got Salt؟ تطبيق يسمح لسكان مناطق مدريد وبرشلونة وفالنسيا بالتواصل للحصول على الدعم المتبادل. تعزز هذه المنصّة الاتصال والتضامن بين المدن المتجاوِرة لتشجيع استدامة المجتمعات.

سينتهي إصدار عملة الإليو في 31 مارس/آذار، ولكن نظرًا لنجاحِهِ، يقوم مجلس المدينة بدراسة عمليات الإطلاق المستقبلية لتلك العملة الافتراضية. بالنسبة لمدينة ليبريخا، فهذا دليل على أن التضامن والتكنولوجيا يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب، وأنّ الطّريق للخروج من الركود الاقتصاديّ سيكون من خلال الرّقمَنة.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.