- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

مكافحة المعلومات المضللة في لغات الأقليات: دروس من حول العالم

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, إثيوبيا, الهند, بوركينا فاسو, الإعلام والصحافة, تقنية, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, لغات, رايزنج فويسز

الصورة من “فيرست درافت نيوز”. مستخدمة بإذن.

ملحوظة المحرر: نُشر [1] المقال التالي بقلم عباس أحمدي في الأصل على موقع “فيرست درافت”. يتم إعادة نشره كجزء من شراكة للندوة عبر الإنترنت في 10 ديسمبر/كانون الأول.

تحسم اللغات التي نتحدثها بشكل كبير وصولنا إلى المعلومات الموثوقة والتحقق من الحقائق التي تفضح أنصاف الحقائق والادعاءات الكاذبة. تتحرى ندوة حصرية من إعداد “فيرست درافت” [2] وجلوبال فويسز كيف يمكن للأقليات اللغوية التغلب على هذا التفاوت في المعلومات.

تعلمنا من عام 2020 أنَ جميع المجتمعات تتصارع مع آثار المعلومات المضللة. في حين أنَ أولئك الذين يتحدثون لغات الأغلبية يمكنهم التحقق من صحة المعلومات والتأكد منها بلغاتهم الأصلية، فإنَ الأمر نفسه لا ينطبق دائمًا على المجتمعات الأخرى. غالبًا ما تعاني لغات الأقليات من ضعف الموارد من قبل المنصات ومنظمات التحقق من الحقائق، مما يزيد من صعوبة معالجة المعلومات وبناء الثقافة الإعلامية في هذه المجتمعات.

كجزء من مبادرة رايزنج فويسز [3]، تحدَث كل من إيدي أفيلا من جلوبال فويسز [4] وماري بوهنر [5] من “فيرست درافت” إلى خبراء من جميع أنحاء العالم لمعرفة كيفية تصدي المجتمعات المحلية لخطر التضليل في لغاتهم الأصلية. من بين هؤلاء راهول نامبوري من فاكت كريسندو [6](Fact Crescendo)، وإندالكاتشيو تشالا [7] من جامعة هاملين في الولايات المتحدة، وكبيناهي تراوري من راديو فرنسا الدولي [8] (RFI) من بوركينا فاسو، الذين شاركوا وجهات نظر حول مواجهة هذا التحدي الفريد من نوعه.

تعتبر الهند موطنًا لنحو 22 لغة رسمية [9] باستثناء اللغة الإنجليزية وما لا يقل عن 500 لغة غير رسمية، مما يجعل من الصعب على مدققي الحقائق والصحفيين والمعلمين ضمان وصول الجميع إلى المعلومات التي تم التحقق منها. كان لانتشار المعلومات الكاذبة تداعيات خطيرة بوجه خاص على البلاد، حيث حرضت الشائعات على شن هجمات [10] وأعمال شغب ضد الأقليات العرقية والدينية [11] وخلفت عشرات القتلى في السنوات الماضية.

يوضح نامبوري أنَ “فاكت كريسندو” [6] (Fact Crescendo) تحارب المعلومات الكاذبة في هذا السياق. تتحقق المنظمة من المعلومات بسبع لغات إقليمية، علاوة على الإنجليزية والهندية، بمساعدة فرق محلية للعثور على الشائعات ومنع انتشارها. تتكون فرق “فاكت كريسندو” (Fact Crescendo) الإقليمية من صحفيين محليين يتحدثون اللغة المحلية ويفهمون بيئاتهم الثقافية والسياسية الفريدة التي يعملون فيها. باستخدام أدوات مثل “كراود تانجل” (CrowdTangle) على فيسبوك، تراقب الفرق مئات المجموعات وحسابات التواصل الاجتماعي لتتبع المعلومات المضللة والكاذبة. تستخدم “فاكت كريسندو” (Fact Crescendo) أيضًا خطوط التبليغ السرية والمجموعات التابعة لواتساب حتى يتمكن مدققو الحقائق من التواصل مباشرة مع المجموعات المحلية وتزويدهم بالمعلومات التي تم التحقق منها بلغاتهم الخاصة.

لا يقتصر الأمر على كيفية انتقال المعلومات المضللة بين اللغات الرئيسية المستخدمة مثل الإنجليزية أو الهندية فحسب، بل يتعلق أيضًا بكيفية وصول المعلومات المضللة من الخارج إلى داخل البلاد. قال نامبوري إنَ الادعاءات الكاذبة حول فيروس كورونا من إيطاليا وإسبانيا انتقلت بسرعة من الإسبانية والإيطالية إلى الإنجليزية والهندية، قبل أن تشق طريقها إلى اللغات الإقليمية. كما تضاف طبقة من السياق المحلي مع كل انتقال سريع، مما يجعل المعلومات المضللة أكثر تصديقًا ويسمح لها بالتردد في المجتمعات اللغوية التي يقل أو ينعدم فيها الوصول إلى المعلومات الموثوقة.

تتنوع إثيوبيا على نحو مماثل عندما يتعلق الأمر باللغات، حيث يوجد ثلاث لغات رئيسية و86 لغة أخرى منطوقة في هذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا. قال إندالكاشيو تشالا من إثيوبيا “تعاني معظم هذه اللغات من نقص الموارد، ولا يجري تدقيق الحقائق فيها”. على الرغم من استخدام العديد من هذه اللغات بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنَ الناطقين بها لا يتمتعون بسهولة الوصول إلى المعلومات التي تم التحقق منها أو الموثوقة.

أدى إغلاق شبكة الإنترنت في منطقة تيغراي الشمالية مؤخرًا بسبب الصراع في البلاد إلى تفاقم مشكلة اللغات منخفضة الموارد، وقال تشالا إنَه أفضى إلى إنشاء “عالمين من المعلومات، حيث لا يعلم الناس الذين يعيشون في منطقة تيغراي ما يجري”. أضاف أنَ الناس هناك لا يمكنهم الوصول إلاَ إلى المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام الإقليمية، مما أدى إلى فهم “غير مترابط” للوضع؛ أولئك داخل تيغراي لديهم منظور مختلف عن أولئك الذين يعيشون في الخارج.

كما شهد تشالا انتشار المعلومات المضللة المتعلقة بالصحة في جميع أنحاء إثيوبيا. انتشرت الادعاءات الكاذبة حول جائحة كوفيد-19 في إثيوبيا بعدة لغات، داخل المجتمعات اللغوية وعبرها على حد السواء. كما سمح الافتقار إلى منظمات تدقيق الحقائق أو الوصول إلى معلومات موثوقة بلغات قليلة الموارد لهذه الشائعات بالتغلغل في المجتمعات الريفية والأقليات اللغوية الأصغر حجمًا.

قال تشالا:” هناك أشخاص من جميع أنحاء إثيوبيا مستعدين للتحقق من الحقائق. لكن غالبًا ما يذهب التمويل الأجنبي إلى أولئك الذين لهم صلات سياسية أو المتحدثين باللغات المهيمنة في المراكز الحضرية“. أضاف أنَ المنصات والشركات الأجنبية بحاجة إلى توظيف متحدثين أصليين بلغات الأقليات للمساعدة في التحقق من المعلومات المتاحة لهذه المجتمعات حتى لا تعتمد على غير المتحدثين الأصليين.

في أماكن أخرى من إفريقيا، يتعامل المتحدثون بلغة الأقلية بامبارا (Bambara) في الجزء الغربي من القارة أيضًا مع قضايا مماثلة تتعلق بتوفير الموارد. قالت كبيناهي تراوري إنه على الرغم من تلقي أعضاء مجتمعات البامبارا لأخبارهم من وسائل الإعلام المحلية على التلفزيون والإذاعة وقد يتجنبون بذلك تسونامي المعلومات المضللة عبر الإنترنت؛ إلاَ أنهم يعتمدون اعتمادًا كليًا على وسائل الإعلام التقليدية. لذلك فإنَ مسؤولية وسائل الإعلام هذه في الإبلاغ عن المعلومات الواقعية أكبر، لأنَ مجتمعات البامبارا لا تتمتع بإمكانية الوصول إلى الإنترنت للتحقق مما يسمعونه. قالت تراوري إنَه على الرغم من أنَ المنظمات المحلية لا تملك حاليًا الموارد اللازمة لنقل المعلومات الواقعية إلى مجتمعاتها، إلاَ أنَ هناك منظمات أجنبية بما في ذلك راديو فرنسا الدولي ماندكان (RFI mandenkan) التي تقوم بتدقيق الحقائق بلغة بامبارا وغيرها من اللغات المحلية.

يقول أفيلا من جلوبال فويسز:” في الأمازون، حيث تتواصل مجتمعات السكان الأصليين في الغالب شفويًا، كان من المهم أن تكون الموارد- خاصة تلك الموجودة حول فيروس كورونا ـ “محلية”. ممَنْ أو ما يمكن الوثوق به في ثقافة ما، قد لا يكون نفسه في ثقافة أخرى. بالتالي فإنَ أخذ ذلك بعين الاعتبار مهم جدًا ضمن الأشياء التي نراها عبر الإنترنت“.

في حين يبذل الأفراد وبعض المنظمات جهدًا لتزويد متحدثي اللغات منخفضة الموارد بمعلومات واقعية، لا تزال الأقليات اللغوية في وضع غير مؤات لمن يتحدثون اللغات السائدة. بينما أصبح العالم أكثر عولمة عبر الإنترنت، لا يزال أولئك الذين يملكون اتصال أقل أو الذين يتواصلون بشكل مختلف يتخلفون عن الركب. يمكن لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي الاستثمار في هذه المجتمعات المحلية لبناء الثقافة الإعلامية حتى يتمكنوا من الوصول إلى المعلومات التي تم التحقق منها بلغاتهم مثل أي شخص آخر.

مع ذلك، تؤكد هذه الأمثلة الواسعة النطاق أيضًا على الحاجة إلى معالجة مسائل أوسع مثل معدلات القراءة والكتابة أو الاتصال بالإنترنت عند تصميم حلول لمواجهة مشكلة المعلومات المضللة في لغات الأقلية. كما يعدَ فهم كيفية تواصل المجتمعات اللغوية أمرًا أساسيًا لبناء البنية التحتية اللازمة لتحسين الثقافة الإعلامية.